أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - هدى زوين - الرواية الغامضة بين زمنين














المزيد.....

الرواية الغامضة بين زمنين


هدى زوين
كاتبة

(Huda Zwayen)


الحوار المتمدن-العدد: 8545 - 2025 / 12 / 3 - 22:48
المحور: حقوق الانسان
    


تمضي السنوات وتتراكم الفصول، وكأننا نعيش داخل رواية غامضة لا نعرف من كتبها ولا إلى أين ستقودنا نهايتها. وبين صفحات الزمن، نقف اليوم أمام مقارنة صادمة: لماذا يبدو الماضي أرحم من حاضر يدّعي التقدّم لكنه يزداد تعقيدًا وضياعًا؟

في الأزمنة الماضية، وبرغم بساطتها وقلة الإمكانات، كان الناس يحملون قلوبًا أوضح من المرايا، وضمائر أشبه بالميزان الذي لا يميل عن الحق. كان الصدق قيمة، والنخوة فعلًا يوميًا، والوفاء عادة لا تحتاج إلى تذكير. كانت الأخلاق هي القوة الناعمة التي تحكم العلاقات، وتضع حدًا لأي انحراف قبل أن يبدأ.

أمّا اليوم، فالصورة تختلف تمامًا. اختلطت فيها العقول حتى بات بعضها يُحاكي الشيطان بدهاءٍ مريب؛ عقول تبحث عن طرق مختصرة للوصول، ولو على حساب غيرها. عقول تستبدل الحكمة بالتحايل، وتُزيّن الباطل كأنه الطريق الأسهل. ومع هذه العقول، ظهرت نفوس ضعيفة تهوى اللهو واللعب، تبحث عن المتعة السريعة، وتعيش اللحظة بلا تفكير في الغد، وكأن المسؤولية عبءٌ يجب الهروب منه.

هذا التغيّر لم يكن بسيطًا، بل شكّل شرخًا في بنية المجتمع. أصبح الإنسان يضع قناعًا للصباح، وآخر للمساء، وثالثًا للعامة، ورابعًا للخواص. تعددت الوجوه، وتقلّصت الثقة، وازدادت الضوضاء حتى صارت الحقيقة صوتًا خافتًا يضيع وسط صراخ المظاهر.

وفي هذا الخليط العجيب، تحوّل واقعنا إلى رواية غامضة؛ أحداثها لا تسير بخطّ مستقيم، وأبطالها يتبدّلون وفق مصالحهم، وفصولها مليئة بالانعطافات الحادة التي لا يمكن توقّعها. أصبحنا نبحث عن الخير كما يبحث المسافر عن بصيص ضوء في آخر الليل، نشتاق إلى زمن كان الرجل فيه يُعرف بثباته، والمرأة بقيمها، والطفل ببراءته.

لكن رغم كل ذلك، يبقى الأمل حاضرًا، مهما اشتدّ الضباب. فالقيم الأصيلة لا تُدفن بسهولة، والضمير إذا نام يمكن أن يستيقظ، والإنسان مهما انحرف يستطيع العودة إلى الطريق الصحيح. كل ما نحتاجه هو وقفة مع الذات، وصدق في المراجعة، وإرادة تُعيد ترتيب ما بعثرته الأيام.

إن الرواية الغامضة التي نعيشها اليوم ليست نهاية الحكاية، بل فصل من فصولها. وما زال بإمكاننا كتابة الفصل الأجمل… إذا اخترنا أن نعود إلى إنسانيتنا الأولى.



#هدى_زوين (هاشتاغ)       Huda_Zwayen#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أعاصير الغربان: نبوءةُ عاصفةٍ تحوّلُ مصير الأوطان
- الرداء الأبيض...من نور البداية إلى سكون الرحيل
- من فلسطين إلى لبنان الجنوب… أرض وهوية لا تنكسر
- أزمة وطن في دائرة مغلقة
- محطات الإنسان في رحلة الحياة
- الفصول تعود... والبشر يرحلون عن أنفسهم
- الإنسانية المنكسرة في زمن السرعة
- الوطن بيتنا الكبير: التآخي طريق الكرامة والحرية
- جوهر الرجولة بين البقاء والاندثار
- بين الغابة والمدينة… ضياع الإنسانية في عصرنا
- الكورد: شعب الجبال وروح الحرية
- السلام ثمرة العدالة
- أصوات الفن المسلوبة: من الإبداع إلى الإهمال
- في حضرة الجنوب… الأرض تكتب أسماء شهدائها...
- الحياة ومعادلة التوازن الإنساني..
- العمل شرف لا ينتظر الوظيفة
- الصفقات الهستيرية: دائرة مفرغة من الفساد والتكرار
- هل فقدنا ثقافة الحوار في بيوتنا؟
- ملفات كتبت بدماء العدالة المؤجلة.
- أزمة بشر...


المزيد.....




- مدير سجن ليبي يمثل أمام الجنائية الدولية بتهم التعذيب والقتل ...
- إسرائيل تدعي عزمها فتح معبر رفح بالاتجاهين بعد استعادة جثامي ...
- الجيش يحبط هجوما على بابنوسة واتهامات جديدة للدعم السريع بجر ...
- جورجيا.. أمهات مناضلات يناشدون بالحرية للمعتقلين السياسيين
- لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان تناقش التقرير الدوري الثان ...
- بالأسماء والوقائع.. إهمال طبي متعمد يفتك بالأسرى الفلسطينيين ...
- رئيس البرلمان العربي: حقوق الإنسان أحد مرتكزات بناء مجتمعات ...
- العنصرية وغلاء المعيشة من أبرز أسباب مغادرة الناس المملكة ال ...
- العفو الدولية تتهم الدعم السريع بارتكاب جرائم حرب في مخيم زم ...
- -هيئة الأسرى-: التجويع والإهمال الطبي مستمران في سجون الاحتل ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - هدى زوين - الرواية الغامضة بين زمنين