نبيل محمد سمارة
(Nabil Samara)
الحوار المتمدن-العدد: 8544 - 2025 / 12 / 2 - 19:48
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
تتجه الأنظار إلى الحديث عن زيارة للبابا إلى لبنان، وهي زيارة تُقدَّم على أنها خطوة رمزية لدعم السلام والتعايش في بلد يختزن تاريخاً من التنوع الديني والثقافي. غير أنّ القراءة الواقعية للمشهد اللبناني، وما يمرّ به من أحداث يومية، تجعل هذه الزيارة أقرب إلى حدث بروتوكولي لا يملك القدرة على التأثير في جوهر الأزمة.
فلبنان يعيش اليوم تحت وطأة اعتداءاتٍ متكررة تتعرض لها مناطقه الجنوبية من قبل إسرائيل، ما يجعل حياة المدنيين عرضة للخطر، ويضع الدولة بأكملها في حالة استنفار دائم. وفي ظل هذا الواقع المشتعل، تبدو زيارة أي شخصية دينية—مهما علا شأنها—عاجزة عن تقديم شيء ملموس يغيّر معادلة الأرض، أو يوقف الاعتداءات، أو يخفف معاناة الناس اليومية.
فالقدرة على تغيير المشهد الأمني والسياسي لا تقع ضمن صلاحيات رجال الدين، حتى لو كانوا بمكانة البابا، لأن جذور الأزمة في لبنان مرتبطة بصراع إقليمي ودولي معقّد، وبميزان قوة لا تُعالجه الكلمات الطيبة ولا الزيارات الرمزية. ومن الطبيعي أن يتساءل اللبنانيون: ما جدوى هذه الزيارة إذا كانت لا تحمل أدوات ضغط حقيقية ولا تغيّر في مسار الأحداث؟
إنّ السلام الذي يحتاجه لبنان اليوم لا يُبنى بالتصريحات، بل بوقف الاعتداءات وانسحاب جيش الاحتلال من الحدود اللبنانية وضمان حماية المدنيين ودعم قدرات الدولة على حفظ أمنها وسيادتها. وكل ما دون ذلك يبقى في إطار المجاملة السياسية أو الرسالة الروحية التي لا تملك قوة التنفيذ.
ختاماً، تبقى زيارة البابا—مهما كانت نواياها طيبة—غير ذات أثر أمام واقع لا يُغيّرُه إلا الفعل السياسي والضغط الدولي الفعلي. أما اللبنانيون، فهم اليوم بحاجة إلى ما هو أبعد من الرمزية: بحاجة إلى حماية، وإلى موقف عالمي واضح يوقف الاعتداءات المستمرة، قبل أي زيارة أو لقاء.
#نبيل_محمد_سمارة (هاشتاغ)
Nabil_Samara#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟