أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان فلو - العام الذي لم يكتمل















المزيد.....

العام الذي لم يكتمل


مروان فلو

الحوار المتمدن-العدد: 8543 - 2025 / 12 / 1 - 07:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


فشل الحكومة المؤقتة في دمشق بعد عام على تسلّمها السلطة: قراءة تحليلية في معايير الشرعية الدولية ومتطلبات الانتقال السياسي
مقدمة
بعد مرور عامٍ كامل على وصول الحكومة المؤقتة في دمشق بقيادة أحمد الشرع إلى السلطة، تتضح مجموعة من الحقائق السياسية والقانونية التي تعكس إخفاق هذه الحكومة في تحقيق الحد الأدنى من معايير الاعتراف الدولي، وفي تأمين قاعدة قبول شعبي واسعة داخل البلاد.
فبرغم محاولات توظيف الإعلام، وتنشيط القنوات السياسية الإقليمية، والظهور بمظهر "الدولة الحاضرة"، فإنّ مفهوم الشرعية في القانون الدولي يقوم على معايير موضوعية لا يمكن تجاوزها أو الالتفاف عليها. والواقع السوري الحالي لا يُظهر أيّ تقدّم فعلي في استيفاء هذه المعايير، بل ربما يكشف عن إعادة إنتاج أنماط حكم سابقة ولكن بلبوسٍ جديد أكثر دينيّة وفصائلية (١).
هذا المقال يقدّم تحليلاً أكاديمياً منظّماً لهذه الإشكالية، عبر دراسة معايير الاعتراف الدولي، وتقييم أداء الحكومة المؤقتة خلال عامها الأول، وشرح أسباب فشلها البنيوي، ثم تقديم خارطة طريق موضوعية وممكنة للشرعية السياسية.

أولاً: الشرعية في القانون الدولي ومعايير الاعتراف بالحكومات
تعتمد الدول والمنظمات الدولية في الاعتراف بالحكومات الجديدة على أربع مجموعات معيارية واضحة ومتفق عليها عملياً (٢):
1. السيطرة الفعلية على الإقليم
وتتضمن:
السيادة على الحدود الدولية.
القدرة على تطبيق القانون.
إدارة المحافظات والمؤسسات.
وحدة القرار الأمني والإداري.
2. احتكار العنف ووحدة السلاح
لا يمكن الاعتراف بأي حكومة تعتمد في بقائها على فصيل مسلح مصنّف دولياً أو جماعات غير مندجية (٣).
وحدة السلاح ليست خياراً سياسياً بل شرطاً قانونياً.
3. الشرعية الدستورية أو الانتخابية
ينبغي أن تصل الحكومة عبر:
انتخابات حرة،
دستور معترف به،
أو تفويض شعبي واسع.
الحكومات القائمة على "قوة الأمر الواقع" لا تُمنح شرعية دولية إلا إذا حدث انتقال دستوري تدريجي ومدعوم شعبياً.
4. القبول الشعبي الواسع
يشمل:
غياب الاحتجاجات الكبرى،
وجود إدارة فعالة،
استقرار اقتصادي،
انسجام وطني بين المكونات.
هذه العناصر تُفهم كأساس لشرعية الحكم داخلياً وخارجياً (٤).

ثانياً: تقييم أداء حكومة دمشق المؤقتة خلال عام من السلطة
بعد مراجعة المعايير المذكورة، نجد أن الحكومة المؤقتة لم تحقق أيًّا من الشروط الجوهرية الأربعة. ويمكن تقسيم مواطن الفشل إلى محاور رئيسية:
1. غياب السيطرة الكاملة على الإقليم
لا تملك الحكومة سيادة على الحدود، ولا قدرة تنفيذ قانون موحدة، ولا منظومة إدارة فعالة لجميع المحافظات (٥).
بل إن النفوذ على الأرض يتجزأ بين قوى محلية، ومجالس متنازعة، وفصائل ذات أجندات مختلفة.
2. استمرار الفصائلية وغياب جيش موحّد
تستمر جماعات مثل هيئة تحرير الشام في فرض نفوذها في مناطق عدة، ما يجعل الحكومة عاجزة عن احتكار القوة أو بناء مؤسسة عسكرية وطنية موحدة (٦).
هذا العامل وحده كافٍ لرفض الاعتراف القانوني، لأنه يُظهر أن الدولة "كيان فصائلي" لا "سلطة سيادية".
3. انعدام الشرعية الدستورية والانتخابية
وصل الشرع للحكم عبر:
القوة المفروضة بالأمر الواقع،
تحالفات فصائلية،
انتخابات محدودة وغير رقابية،
غياب دستور متوافق عليه،
غياب مشاركة وطنية شاملة (٧).
لا توجد دولة في العالم تعترف بحكومة نشأت بهذه الطريقة دون إصلاحات جوهرية.
4. ضعف القبول الشعبي وتزايد الاحتجاجات
تشهد مناطق مختلفة موجات غضب من العلويين والدروز والكُرد والسنة، ومدن متمردة ترفض قرارات الإدارة المركزية (٨).
كما تعاني الحكومة من:
هشاشة مؤسساتية،
قلة الخدمات،
أزمة اقتصادية خانقة،
تآكل الثقة العامة.
القبول الاجتماعي شرط لبناء دولة وليس مجرد مؤشر سياسي.

ثالثاً: لماذا فشلت الحكومة في تحصيل الاعتراف الدولي؟
1. الزيارات والتنسيق لا تعني الاعتراف
حتى الدول التي دعمت الشرع إعلامياً لم تمنحه اعترافاً دبلوماسياً رسمياً، ولم تقبل سفراء يمثّلونه (٩).
التواصل الأمني والسياسي يُعدّ "تنسيقاً"، لا "اعترافاً" وفق الأعراف الدولية.
2. غياب الشروط الصلبة للشرعية
لا سيطرة،
لا وحدة سلاح،
لا دستور،
لا انتخابات،
لا استقرار،
لا قبول شعبي (١٠).
من دون هذه الشروط، لا يمكن لأي دولة قبول حكومة جديدة كبديل عن الشرعية القديمة.
3. التشابه مع نماذج حكم سابقة
السلطة الحالية — وإن رفعت خطاباً دينياً — تعيد إنتاج نمط حكم قائم على:
الهيمنة الأمنية،
اللعب على التوازنات،
الاستئثار بالقرار،
تغييب المؤسسات،
وتقديم "الطاعة" على "التمثيل" (١١).
هذا يعيد سوريا إلى نموذج مشابه لحقبة الأسدين ولكن بغطاء جديد.

رابعاً: السيناريو الوحيد للحصول على الاعتراف الدولي
لا يمكن للحكومة الحالية أن تصبح شرعية ما لم تدخل في مسار انتقال سياسي واضح وصارم.
ويمكن تلخيص العناصر الأساسية في خارطة طريق زمنية:
المرحلة الأولى: (خلال 6–12 شهراً)
تفكيك هيئة تحرير الشام والفصائل المصنفة. (١٢)
توحيد السلاح تحت وزارة دفاع مدنية.
وقف الاعتقالات والممارسات الأمنية.
فتح الساحة السياسية للمكونات كافة.
المرحلة الثانية: (خلال 12–24 شهراً)
تشكيل لجنة دستور جديدة بمشاركة الكُرد والدروز والسنة والعلويين والمسيحيين وغيرهم...
صياغة دستور يحدد صلاحيات السلطات ويضمن فصلها.
تأسيس محكمة دستورية وهيئة انتخابات مستقلة بإشراف أممي.
المرحلة الثالثة: (خلال 24–48 شهراً)
انتخابات حقيقية برعاية الأمم المتحدة.
حكومة وحدة وطنية، انتقالية، لها تفويض دولي وشعبي.
برامج عدالة انتقالية ومصالحة وطنية.
بداية الاعتراف الدولي التدريجي.
بدون هذه الخطوات، ستبقى الحكومة في دمشق سلطة أمر واقع لا أكثر.

خاتمة
لقد أخفقت الحكومة المؤقتة بقيادة الشرع خلال عامها الأول في تحقيق الاعتراف الدولي أو بناء شرعية داخلية متماسكة. وتستمر اليوم في اللعب على الحبال بين الفصائلية، والتجييش الطائفي، والخطاب الديني، والتقلب السياسي، دون تقديم أيّ مسار جاد للإصلاح أو الانتقال.
إنّ الدول لا تعترف بحكومات لا تسيطر على أرضها، ولا تملك سلاحها، ولا تمثل شعبها، ولا تملك دستوراً جامعاً.
وإنّ استمرار الحكومة الحالية في تجاهل المعايير الدولية والشعبية سيقودها — لا محالة — إلى العزلة، وربما الانهيار، ما لم تنخرط في عملية انتقال وطني حقيقية تُشرك الجميع بلا استثناء.
+++++++++++++++++++++++&&&
قائمة المراجع
(١) تحليل مقارن لمفهوم الشرعية في القانون الدولي وتطبيقاته في حالات النزاعات.
(٢) مبادئ الاعتراف بالحكومات وفق معايير الأمم المتحدة والأعراف الدبلوماسية.
(٣) تقارير دولية حول أثر الفصائل المسلحة على شرعية الحكومات.
(٤) دراسات حول أثر القبول الشعبي والاستقرار الداخلي على الشرعية.
(٥) تقارير محلية عن ضعف الإدارة المركزية السورية بعد عام من تولي الحكومة الجديدة.
(٦) تقارير حول نفوذ هيئة تحرير الشام وتأثيرها على الشرعية الدولية.
(٧) تحليل لآليات وصول الحكومات عبر قوة الأمر الواقع.
(٨) تقارير اجتماعية حول الاحتجاجات في المكوّنات السورية المختلفة.
(٩) دراسة مقارنة بين الاتصالات السياسية والاعتراف الدبلوماسي الفعلي.
(١٠) تقرير شامل حول معايير الاعتراف وعدم تحققها في الحالة السورية.
(١١) دراسات سياسية عن إعادة إنتاج نماذج الحكم السابقة بلبوس ديني.
(١٢) معايير نزع السلاح وإعادة الدمج في عمليات السلام الدولية (DDR).



#مروان_فلو (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجزيرة في وثائق 1919: موقعها بين حدود سوريا التاريخية وسياس ...
- إعادة هندسة الإقليم عبر المقاربة الديمقراطية الكُردية: تحليل ...
- أوجلان… هندسة الوعي الجمعي وصياغة الجيل الكُردستاني الجديد
- زيارة اللجنة البرلمانية التركية إلى جزيرة إمرالي: الدلالات ا ...
- تعليم اللغة الكُردية في باكور (شمال كردستان/تركيا): بين القي ...
- الطائفية السياسية في الساحل السوري – قراءة في صراع السلطة وا ...
- مظلوم عبدي والدستور السوري الجديد: رؤية شاملة لحقوق المكونات
- الدستور السوري الجديد ورؤية الإدارة الذاتية: قراءة في مطالب ...
- تداعيات تصريحات القائد العام لقسد مظلوم عبدي حول مستقبل المف ...
- من الدولة الكمالية إلى الدولة التعددية: تحليل بنيوي لموقع أو ...
- تحوّل الدولة التركية نحو مقاربة تفاوضية: قراءة في إصرار دولت ...
- تحوّل المزاج الدولي تجاه قوات سوريا الديمقراطية ودلالاته على ...
- منتدى دهوك وتحولات المشهد الكُردي السوري: قراءة تحليلية في ...
- ماذا حصل في منتدى دهوك «السلام والأمن في الشرق الأوسط» (MEPS ...
- سلام هشّ وتوافق مشروط: قسد ودمشق بين شفا الدمج والتوتر
- مظلوم عبدي و الهام أحمد في باشور كُردستان: رؤى جديدة لمستقبل ...
- بين قومية بهجلي وسلطة أوجلان: هل يتجه خطاب MHP إلى تسوية كرد ...
- القرار 2799 تحت المجهر: دعوة أممية لإعادة التوازن السياسي و ...
- اغتيال العقيد سامي الحنّاوي ودور هرشو البرازي ضمن التفاعلات ...
- الشرق، الجنوب، والأقليات: خريطة دمشق في مرمى الرقابة الأميرك ...


المزيد.....




- بعد مكالمة ترامب.. الرئيس الفنزويلي مادورو يظهر علنا منهيا ت ...
- زوجان حققا 600 ألف دولار من الاحتيال في كازينو أسترالي، كيف ...
- حان الوقت للانغماس الكامل وبدء مرحلة الشتاء الخاصة بك
- أميركا تطوّر قنبلة جديدة خارقة للتحصينات.. لماذا الآن؟
- ترامب يجري اتصالا مع مادورو وسط تصاعد الضغط الأمريكي على فنز ...
- رامابوزا يعتبر تصريحات ترامب بخصوص استهداف البيض في جنوب أفر ...
- الجيش الأميركي يعلن تنفيذ عملية ضد تنظيم الدولة بالتعاون مع ...
- الجيش واتهامات الكيماوي.. هل تجاوز البرهان الخط الأحمر؟
- ترامب يكشف فرص التوصل لاتفاق بين روسيا وأوكرانيا
- رغم ضربات الكاريبي.. ترامب يجري اتصالا مع نيكولاس مادورو


المزيد.....

- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان فلو - العام الذي لم يكتمل