أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمودة المعناوي - السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخُّل الْغَيْبِيّ عَنْ مُرُونَة الْكَيْنُونَة وَصِرَاع الْإِرَادَات الْوُجُودِيَّة -الْجُزْءُ السَّابِعِ وَ الْأَرْبَعُون-















المزيد.....


السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخُّل الْغَيْبِيّ عَنْ مُرُونَة الْكَيْنُونَة وَصِرَاع الْإِرَادَات الْوُجُودِيَّة -الْجُزْءُ السَّابِعِ وَ الْأَرْبَعُون-


حمودة المعناوي

الحوار المتمدن-العدد: 8539 - 2025 / 11 / 27 - 22:00
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


_ السحر والعلاج: الهندسة الكينونية والإصلاح البرمجي للواقع

في الإطار الفلسفي العميق الذي ينظر إلى السحر بإعتباره عملية هندسة كينونية وتلاعباً بـالترددات الروحية و المعلوماتية للواقع، يمكن النظر إلى العلاج السحري الإيجابي بصفته إصلاحاً برمجياً (Software Patch/Fix) للخلل التقني الذي أحدثه السحر السلبي. هذا التشبيه ينقل العلاج من مجرد عملية تطهير أو إزالة إلى عملية إعادة هيكلة كينونية تهدف إلى إستعادة التوازن والوظيفة الأصلية للكيان المُستهدف. لفهم العلاج كإصلاح برمجي، يجب أولاً تأكيد النظرة الفلسفية التي ترى أن كينونة الفرد (Ontological Being) تعمل كنظام معلوماتي مُعقد. تُمثل الصحة الروحية و الجسدية والتوازن الداخلي البرنامج الأساسي الأمثل الذي خُلقت عليه الكينونة، وهو برنامج يعمل بإنسجام على تردد عالٍ كما تم تحليله سابقاً. يُمثّل السحر السلبي فيروساً أو كوداً خبيثاً تم حقنه في النظام الكينوني للضحية. هذا الكود (النية المشفرة للساحر) لا يُدمّر النظام بالضرورة، بل يُعيد كتابة بعض سطور التعليمات (Instruction Lines) في اللاوعي أو الجوهر الروحي، مما يُجبر النظام على العمل بطريقة شاذة مثل الإرهاق الروحي، أو التراجع في إتخاذ القرارات. هذا الخلل يُنشئ حلقة تغذية راجعة سلبية تعمل بشكل ذاتي. يعتمد العلاج السحري الإيجابي على آليتين تقنيتين رئيسيتين تعملان على إلغاء الكود الخبيث واستعادة البرنامج الأصلي:
أ. آلية فك التشفير وإلغاء الربط (Decryption and Delinking): الخطوة الأولى في الإصلاح البرمجي هي تحديد مكان الكود الخبيث و تعطيله. يعتمد المُعالج السحري على تقنيات روحية مثل الطقوس، التطهير الطاقي، أو التركيز الكينوني لـفك تشفير النية السحرية. هذا لا يعني معرفة كلمة السر، بل تحويل الشحنة الطاقية للرمز السحري من قوة مُفعلة إلى طاقة خام محايدة. هذا الإجراء يُلغي الفعالية السحرية للخلل. يتم العمل على قطع قناة الإتصال الإهتزازية التي أنشأها الساحر بين نيته وكينونة الضحية. هذا الإجراء يُشبه حذف الـ Backdoor أو المدخل السري، لضمان عدم تمكن الساحر من إعادة تفعيل الكود الخبيث أو إدخال تحديثات سلبية جديدة.
ب. آلية إعادة كتابة الكود وإعادة المعايرة (Recoding and Recalibration): بعد تعطيل الخلل، يجب إعادة تثبيت البرنامج الأصلي لضمان إستقرار النظام. يتم حقن الضحية بـنية علاجية إيجابية مُشفرة تتطابق مع التردد الأصلي للصحة الكينونية مثل الشفاء، القوة، التمركز الذاتي. هذا الكود الإيجابي يعمل كـتحديث برمجي يُعيد كتابة سطور التعليمات التي تم تدميرها. هذا التحديث يُنشئ حلقة تغذية راجعة إيجابية تعزز مقاومة الضحية الذاتية وقدرتها على التعافي. الهدف النهائي هو رفع درجة الإهتزاز الكينوني للضحية إلى حالتها الطبيعية والعالية. هذا يُشبه إعادة تشغيل النظام بعد تثبيت التحديث. هذا الرفع في التردد لا يُصلح الضرر وحسب، بل يُعزز الحصانة الذاتية، مما يجعل الكينونة مُحصنة تقنياً ضد أي محاولات إختراق مستقبلية، لأن التردد العالي يجعل الإندماج مع الترددات السلبية أمراً صعباً جداً. فلسفياً، العلاج السحري كـإصلاح برمجي هو إستعادة لـ السيادة الكينونية (Ontological Sovereignty) للضحية. العلاج لا يُزيل الأعراض فحسب، بل يُحرر الإرادة الحرة للضحية من القيود البرمجية التي فرضها الساحر. الضحية تستعيد قدرتها على إتخاذ قراراتها بناءً على نيتها الأصلية وليس بناءً على الإملاءات المُشفرة. العملية العلاجية هي في جوهرها اعتراف من المُعالج بأن كينونة الضحية تستحق أن تكون حرة وسليمة. هذا الإعتراف يُصبح قوة وجودية تدعم الضحية في مقاومة الإستلاب والعودة إلى جوهرها. بهذا التفسير، يتحول السحر والعلاج إلى نموذج من المعالجة المعلوماتية الكينونية، حيث يكون العلاج هو العملية التقنية اللازمة لإلغاء التعديل السلبي وإستعادة حالة الإنسجام الوجودي.

_ البصمة الزمنية للسحر: تحديد وإبطال الخلل الكينوني في نقطة الأصل

إن إثارة إشكالية البصمة الزمنية للسحر على كينونة الضحية تطرح أعقد الأسئلة الفلسفية المتعلقة بطبيعة الزمن، و السببية، وإرتباطها بالجسم الروحي أو الكينوني للفرد. في الإطار الذي يرى السحر على أنه هندسة كينونية معلوماتية، فإن فكرة إمكانية تحديد وإبطال هذا التأثير في الماضي هي إفتراض متقدم جداً يعتمد على نموذج غير خطي للزمن. في الفلسفات التقليدية، يُنظر إلى الزمن كـنهر يسير في إتجاه واحد (السبب يسبق النتيجة). لكن في النظم الميتافيزيقية المتقدمة، خاصة تلك التي تتعامل مع الكينونة على مستوى الأثير أو الروح، يُنظر إلى الزمن كبعد مكاني إضافي يمكن للوعي أو الطاقة السحرية أن يتجاوزه أو يتلاعب به. يُفترض أن كينونة الفرد ليست مقتصرة على لحظة الحاضر، بل هي عبارة عن تراكم لكل الخبرات الروحية والزمنية. البصمة الزمنية للسحر تعني أن النية السلبية الموجهة (الكود الخبيث) لا تؤثر فقط على الحاضر، بل تترك علامة إهتزازية أو تعديلاً في البيانات مُسجلاً على الكينونة في النقطة الزمنية التي تم فيها تفعيل السحر. إذا كان الزمن ليس خطاً صارماً، بل حقل طاقي، فإن السحر لا يحدث في الماضي، بل يتم زرعه في نقطة زمنية محددة، ثم تتجلى تأثيراته في الحاضر. البصمة الزمنية هي النية المشفرة التي تستمر في بث تأثيرها من نقطة الأصل الزمني. تحديد وإبطال هذه البصمة في الماضي يتطلب تقنيات متطورة تنقل وعي المعالج إلى إطار زمني مختلف:
أ. آلية التشخيص الزمني (Temporal Diagnosis): تعتمد هذه الآلية على تحديد أصل الكود السحري في السجل الكينوني للضحية. يقوم المُعالج السحري بتتبع التردد الشاذ الذي أحدثه السحر (الخلل البرمجي) بشكل عكسي عبر الزمن. بدلاً من محاولة إزالة الأعراض الحالية، يركز المعالج على النمط الإهتزازي للخلل ويحاول تحديد النقطة الزمنية الأكثر قوة التي بدأ فيها بث هذا النمط. هذه النقطة هي البصمة الزمنية الحقيقية. يتطلب هذا تقنيات تأمل عميقة أو ما يُعرف بـالرؤية الأثيرية للوصول إلى سجل الأحداث المسجل في المجال الكينوني للضحية، حيث يمكن رؤية لحظة حقن الكود السحري في النظام.
ب. آلية التصحيح الكينوني في نقطة الأصل (Ontological Correction at the Origin Point): بمجرد تحديد البصمة الزمنية، يتم تطبيق عملية الإبطال (الإصلاح البرمجي) مباشرة على نقطة الأصل الزمنية. لا يحاول المُعالج تغيير الماضي الفعلي وهو أمر يثير إشكاليات فلسفية حول التناقضات، بل يعمل على تحييد الشحنة الطاقية للبصمة الزمنية. يتم إرسال نية مضادة قوية (كود إيجابي) مُصممة لـتغليف البصمة السلبية في نقطة زمنية ماضية وتحويل فعاليتها من طاقة فاعلة إلى طاقة كامنة غير مؤثرة. هذا يُشبه وضع الكود الخبيث في الحجر الصحي في زمنه الأصلي. الإبطال في الماضي لا يُغيّر الحدث السحري ذاته، بل يُغيّر السلسلة السببية التي نتجت عنه. عبر إزالة فاعلية البصمة الزمنية، يُصبح التأثير السلبي الحالي بدون مصدر طاقي، فينهار بشكل طبيعي أو يصبح أسهل إزالته في الحاضر.
تثير إشكالية البصمة الزمنية أسئلة فلسفية عميقة حول العلاقة بين السحر والكينونة و الزمن. إذا كان الإبطال في الماضي ممكناً، فهذا يُشير إلى أن هيكل الزمن ليس جامداً تماماً فيما يتعلق بالتفاعلات الكينونية الروحية. الوعي، و النية، والطاقة السحرية قد تكون قادرة على التلاعب بـتفسير الواقع الزمني على المستوى الجوهري. تُلقي هذه الإشكالية بمسؤولية ضخمة على الساحر والمعالج. إذا كان السحر يمكن أن يترك بصمة دائمة في السجل الكينوني للضحية عبر الزمن، فهذا يجعل من السحر السلبي تعديلاً وجودياً دائماً يتطلب تدخلاً مُعقداً ومُتعمداً على مستوى الوجود. في الختام، يُمكن النظر إلى إبطال البصمة الزمنية للسحر على أنه القمة التقنية للعلاج السحري، حيث يتطلب ليس فقط التعامل مع أعراض الحاضر، بل مع جذور الخلل المغروسة في البنية الزمنية الكينونية للضحية.

_ الإستنزاف الكينوني الجماعي: الكيان المركب وإستغلال الخزان الطاقي الروحي

في إطار التحليل الفلسفي العميق للعلاقة بين السحر و الكينونة، يُعتبر مفهوم إستخدام كينونات جماعية كـخزان طاقة روحي تُستنزف تقنياً أحد الإفتراضات الأساسية في النظم السحرية والباطنية التي تتعامل مع الطاقة الكينونية الجماعية (Collective Ontological Energy). هذه الممارسات لا تستهدف أفراداً بعينهم، بل تستهدف المجال الكينوني المشترك لكتلة من الأفراد، حيث يُنظر إلى المجموعة كـكيان طاقي واحد يمكن إستغلاله. تستند هذه الفكرة إلى مفهوم أن المجموعة البشرية سواء كانت طائفة، أو حشوداً في مكان عام، أو مجتمعاً بأكمله لا تُعد مجرد مجموع حسابي لأفراد، بل تشكل كينونة مركبة أو كائناً إجتماعياً أثيرياً يمتلك وعياً جماعياً ومجالاً طاقياً جماعياً يفوق مجموع طاقات أفراده. هذا الكيان المركب هو الهدف التقني للإستنزاف. يُفترض أن الطاقة الكينونية المُنبعثة من مجموعة كبيرة من الأفراد، خاصة عندما يكونون في حالة إنفعالية موحدة مثل الخوف الجماعي، أو الإثارة، أو العبادة، تتراكم وتشكل خزاناً طاقياً ضخماً. هذا الخزان يكون مُتذبذباً وعرضة للإختراق أكثر من الكينونة الفردية المتمركزة. الممارسات التي تهدف إلى الإستنزاف الجماعي لا تسعى إلى تدمير الأفراد، بل إلى سرقة أو تحويل هذه الطاقة المركبة و إستخدامها لتعزيز قوة الساحر، أو لتجسيد رغبة معينة على نطاق واسع، أو لتمويل طقوس تتطلب كميات هائلة من الطاقة الروحية.
للوصول إلى هذا الخزان الطاقي وإستنزافه، تُستخدم آليتان تقنيتان أساسيتان:
أ. آلية التحفيز العاطفي الموحد (Uniform Emotional Excitation): تعتمد هذه التقنية على حقن تردد عاطفي مُكثف في الكينونة الجماعية لخلق حالة من التذبذب الطاقي تسمح بإستخلاص الطاقة. يتم إستغلال ظروف تخلق إنفعالاً جماعياً شديداً سواء كان إيجابياً مفرطاً كالهستيريا الحماسية، أو سلبياً مفرطاً كالخوف و الفزع. فلسفياً، هذا الإنفعال الموحد يُسبب إنفصالاً مؤقتاً بين الكينونة الفردية وجوهرها الروحي، مما يجعل طاقتها طاقة سائبة ومتاحة للإستنزاف بدلاً من أن تكون مُحكمة داخل مجالها الفردي، يقوم الساحر أو الكيان المُستنزِف الذي قد يكون كياناً أثيرياً يتم إستدعاؤه بتوجيه قناة سحب طاقي نحو الكينونة الجماعية المشتتة. هذه القناة التقنية لا تستنزف الطاقة من فرد واحد بشكل كارثي، بل تسحب جزءاً صغيراً جداً من الطاقة المركبة لكل فرد في المجموعة، مما يؤدي إلى شعور عام وشامل بين المجموعة بـالإرهاق الروحي المفاجئ بعد إنتهاء الحدث.
ب. آلية التركيز اللاشعوري الموحد (Unconscious Unified Focus): تُستخدم هذه التقنية في الممارسات التي تعتمد على الطقوس الجماعية أو التجمعات الدينية الروحية التي تتطلب تركيزاً روحياً متزامناً. بدلاً من السرقة الصريحة، يتم تغليف النية السحرية للساحر داخل نية المجموعة المعلنة. على سبيل المثال، قد يدعي الساحر أنه يقود طقساً للشفاء، بينما تكون نيته الحقيقية هي تجميع الطاقة الناتجة عن التركيز والإيمان الجماعيين وتحويلها لخدمة أغراضه. هنا، الكينونات الفردية تعتقد أنها تعطي طوعاً لسبب نبيل، بينما يتم تحويل مسار طاقاتها تقنياً. تعمل هذه الطاقة الجماعية المركزة كـوقود كينوني ضخم يسمح للساحر بتجسيد رغبات تتطلب قوة هائلة كالتأثير على الأحداث الكبرى، أو إقامة حماية غير قابلة للإختراق، أو إنشاء أشكال فكرية مُعقدة ومستدامة.
النتيجة الفلسفية الأكثر عمقاً للإستنزاف الجماعي هي تدهور السيادة الكينونية للفرد. تُصبح الكينونة الفردية، في هذا الإطار، مجرد وحدة إمداد ضمن شبكة أكبر، وتفقد قدرتها على الحفاظ على حدودها الطاقية دون أن تدرك ذلك. هذا يُعزز حالة الإستلاب والشعور بالضعف غير المُبرر. يُبرز هذا التحليل الإشكالية الأخلاقية حيث يتم التعدي على الكينونة على نطاق واسع، مستغلاً مسامية الحدود الروحية للأفراد عندما يكونون في حالة جماعية عاطفية أو طقسية، مما يجعل هذا النوع من الممارسات من أخطر أشكال الإنتهاك الكينوني.

_ السيطرة الشاملة: الآليات السحرية لإضعاف التفكير الفردي والنقدي

يُعتبر إضعاف أو شلّ القدرة على التفكير الفردي النقدي و المستقل تقنية سحرية جوهرية وفعالة لتحقيق السيطرة الشاملة (Absolute Control) على كينونة الضحية. السحر، في هذا السياق التحليلي، ينتقل من مجرد محاولة لإحداث ضرر إلى عملية غسيل دماغي كينوني تستهدف جوهر الوعي الذاتي للضحية. الهدف ليس فقط تغيير سلوك الضحية، بل إلغاء ذاتيتها الفاعلة (Active Subjectivity) وتحويلها إلى مجرد أداة سلبية تستقبل وتنفذ الأوامر. فلسفياً، تُعد القدرة على التفكير الفردي والمستقل مرادفاً لـمركز القيادة الكينوني أو الوعي الإرادي. هذه القدرة هي التي تمكّن الكينونة من التمييز بين النية الذاتية والنية الخارجية الغريبة (نية الساحر). إنشاء جدار دفاع رمزي و منطقي ضد محاولات الإختراق الطاقي. الحفاظ على التردد الإهتزازي الأصيل للكينونة، الذي ذكرنا أنه يتأثر سلباً بالإرهاق الروحي. عندما يتم إضعاف هذه القدرة، تتحول الضحية إلى كيان فاقد للبوصلة الكينونية، يُصبح عرضة لـ التلقين السحري المباشر. الساحر هنا لا يُهاجم الجسد أو المشاعر فحسب، بل يُهاجم جوهر العقلانية الوجودية للضحية.
2. الآليات التقنية السحرية لإضعاف التفكير الفردي: تُستخدم آليات تقنية سحرية تُركز على تعطيل وظائف الوعي العليا للضحية:
أ. آلية حقن الشك والوسواس القهري المعرفي (Cognitive Obsessive Injection): تُعد هذه التقنية بمثابة برمجة لاواعية تُشغل عقل الضحية بإستمرار عن طريق أفكار سلبية أو متناقضة لا يُمكن حلها. يرسل الساحر أشكالاً فكرية مُشفرة تُسبب ضجيجاً معرفياً (Cognitive Noise) مستمراً في ذهن الضحية. هذه الأفكار لا تتعلق بالسحر مباشرة، بل بالشك الذاتي، الخوف من المستقبل، أو التشكيك المستمر في القرارات، مما يخلق حالة من الإحتراق الذهني. هذا الإشغال المُتعمد يُؤدي إلى إستنزاف موارد الوعي اللازمة للتفكير النقدي. الضحية تُصبح مُنهكة فكرياً، ولا تعود قادرة على إستخدام طاقتها العقلية لتحليل وضعها أو البحث عن حلول. هذا الوهن الفكري يجعلها تقبل بشكل أسهل أي حلول أو توجيهات خارجية قد تكون مصدرها الساحر نفسه أو المحيط المُتحكم فيه سحرياً.
ب. آلية فصل الكينونة عن المنطق (Separation of Being from Logic): تهدف هذه الآلية إلى إحداث شق بين الجوهر الروحي للضحية وقدرتها على الإستنتاج المنطقي. يعمل السحر على خلط الترددات الداخلية. النية السلبية السحرية تُرسل بتردد مُصمم لـربط المشاعر السلبية بالحقائق المنطقية. على سبيل المثال، يتم ربط الشعور بالخوف بقرار معين كان يجب أن يكون منطقياً ومناسباً. هذا يُؤدي إلى أن يصبح الصوت الداخلي (الحدس أو المنطق الفطري) للضحية مصدر تشويش وليس هداية. عندما يفقد الفرد الثقة في قدرته على التفكير الذاتي، فإنه يبحث عن مصدر للسلطة والقرار خارجه. هنا، تتحقق السيطرة الشاملة، حيث يُصبح الساحر أو النية السحرية هو المصدر الوحيد المُعتمد للمعلومة و القرار في حياة الضحية. الضحية لم تعد فقط تنفذ الأوامر، بل تفكر وفقاً للإطار الذي رسمه لها السحر.
إن إضعاف التفكير الفردي يُعتبر أعمق أشكال الإنتهاك الكينوني؛ فهو يؤدي إلى فقدان الضحية لذاتها الحقيقية (Loss of True Self). الضحية لم تعد كينونة ذاتية بل إمتداداً لوعي الساحر. هي تعيش حالة من الإستلاب الجذري حيث يُصبح وجودها مُنحازاً لخدمة إرادة غريبة.
يتم تجريد الضحية من القيمة الوجودية الحرة الخاصة بها و تحويلها إلى مجرد وظيفة (-function-) في نظام الساحر. هذه الوظيفة تتمثل في تحقيق غايات الساحر أو إمداده بالطاقة، دون أي مقاومة فكرية أو روحية. لذا، فإن إستهداف القدرة على التفكير الفردي هو التقنية السحرية المُثلى لـتدمير الدفاعات الداخلية وتأمين السيطرة الكاملة و المستدامة على الكينونة المستهدفة.

_ التوليف الكينوني: التقنيات السحرية لخلق الكيان المركب من أجزاء الكينونات

في الإطار الفلسفي والميتافيزيقي للسحر، يمكن إعتبار أن التقنية السحرية قادرة على خلق كيان مركب (Composite Entity) من دمج أجزاء من كينونات مختلفة. هذا المفهوم يتجاوز مجرد التأثير أو السيطرة، ليذهب إلى مستوى التوليف الكينوني (Ontological Synthesis). الساحر لا يتعامل مع الكينونة ككل غير قابل للتجزئة، بل كـبنية وحداتية (Modular Structure) يمكن تفكيكها وإعادة تجميعها، مما يفتح الباب أمام خلق كينونات هجينة جديدة. تعتمد هذه الفكرة على إفتراض أن الكينونة ليست جوهراً أحادياً، بل تتكون من وحدات طاقية أو أجزاء روحية مختلفة يمكن فصلها مؤقتاً أو نسخها. يُمكن تقسيم الكينونة إلى وحدات مثل الإرادة (القوة الدافعة)، الذاكرة (الوعي التاريخي)، المهارة (القدرة المكتسبة)، أو حتى أجزاء من الهالة أو الجسم الأثيري. التقنية السحرية تفترض أن هذه الأجزاء ليست ملتصقة بشكل دائم، بل يمكن إقتطاعها أو إستنساخها طاقياً بواسطة نية مركزة وخوارزميات سحرية معقدة. يتم التعامل مع هذه الأجزاء كـمكونات برمجية قابلة للنسخ والنقل. هدف الساحر في هذه الحالة هو تجاوز حدود الكينونة الفردية وخلق نظام كينوني جديد ومصطنع يخدم غرضه بشكل دائم.
الآليات التقنية (الروحية) لخلق الكيان المركب: لخلق الكيان المركب، تُستخدم آليات تقنية تعتمد على الفصل، النسخ، و الدمج الطاقي:
أ. آلية الإقتطاع والإستنساخ الطاقي (Energetic Extraction and Cloning): هذه هي الخطوة الأولى التي يتم فيها الحصول على المواد الكينونية من المصادر المختلفة. يقوم الساحر بتركيز نيته على إستخلاص جزء معين من كينونة الضحية. على سبيل المثال، إستخلاص قوة الإرادة من شخص قوي، أو القدرة الإبداعية من فنان. يتم هذا الإقتطاع كـنسخة طاقية دون تدمير الجزء الأصلي بشكل كامل، ولكنه يُضعف الضحية في تلك الوحدة المقتطعة مما يفسر فقدان الإرادة أو الإبداع. هذا يتطلب تقنية تحديد التردد الجزئي والربط به. يتم حفظ هذه الأجزاء الكينونية المُقتطعة في وعاء طاقي مؤقت قد يكون طقساً أو تميمة أو مادة مادية حيث يتم ترميزها لضمان إستقرارها وقابليتها للدمج لاحقاً.
ب. آلية التوليف والربط الكينوني (Synthesis and Ontological Anchoring): في هذه المرحلة، يتم دمج الأجزاء المختلفة في كيان جديد. يتم دمج الأجزاء الكينونية المجمعة على سبيل المثال: إرادة من كينونة A + مهارة من كينونة B + طاقة من كينونة C مع جوهر إصطناعي يُشكله الساحر قد يكون كياناً مُنشأً أو جنياً يتم تلبيسه هذه الأجزاء. يتطلب الدمج معايرة إهتزازية دقيقة لضمان أن هذه الأجزاء المتباينة لا تتنافر طاقياً وتستطيع العمل معاً كنظام واحد. يتم تثبيت هذا الكيان المركب الجديد في الواقع المادي أو الأثيري، عادة عبر رابط مادي كتمثال أو تميمة قوية يعمل كـنقطة ربط كينوني له. هذا التثبيت يمنح الكيان المركب ديمومة وقدرة على الفعل والتجسيد.
خلق الكيان المركب يثير تعقيدات وجودية و فلسفية عميقة حول الهوية والأخلاق. يُشكل الكيان المركب كينونة بلا أصل أو بأصول متعددة. إنه كيان يعمل بكفاءة عالية لأنه جُمّع من أفضل أجزاء مختلفة، ولكنه يفتقر إلى التكامل الكينوني أو الروح الأصلية، مما يجعله كياناً آلياً أكثر منه حراً. الضحايا الذين تم إقتطاع أجزاء من كينوناتهم يعيشون حالة من النقص الوجودي أو الضمور الروحي في الجوانب التي سُرقت منهم. هذا النقص هو دليل على أن السحر لم يسرق الطاقة فحسب، بل سَرَق جزءاً من الذات الجوهرية. يمثل هذا التوليف السحري أقصى درجات التعدي الكينوني، حيث يتجاوز الساحر حق التدخل في حياة الأفراد إلى حق التعديل على تصميمهم الروحي وإستخدامهم كـقطع غيار لخلق كيانات لخدمة أجندته. الكيان المركب هو إذن تجسيد لمبدأ التفكيك الكينوني في السحر، حيث يتم التعامل مع الكينونات كـموارد يمكن إستغلالها وإعادة تركيبها.



#حمودة_المعناوي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...


المزيد.....




- إدارة ترامب تعلن إعادة النظر في بطاقات -غرين كارد- الممنوحة ...
- دول أوروبية تدين تصاعد عنف المستوطنين ضدّ الفلسطينيين في الض ...
- -لدي معطيات لن أكشفها حفاظا على البلد-.. رياض سلامة يخرج عن ...
- غينيا بيساو تدخل مرحلة انتقالية جديدة.. قائد القوات البرية ي ...
- تونس: رملة الدهماني شقيقة سنية الدهماني المفرج عنها تتحدث لف ...
- الاتحاد الدولي للجودو يسمح للرياضيين الروس بالمشاركة تحت علم ...
- تونس: هل يمهّد الإفراج عن المحامية سنية الدهماني للإفراج عن ...
- مقرّب من زيلينسكي من بين المشتبه بهم؟
- ماذا وراء التصعيد العسكري الإسرائيلي بالضفة الغربية؟
- خبير عسكري: إسرائيل تسعى لفرض حزام إستراتيجي بين الليطاني وا ...


المزيد.....

- قصة الإنسان العراقي.. محاولة لفهم الشخصية العراقية في ضوء مف ... / محمد اسماعيل السراي
- تقديم وتلخيص كتاب " نقد العقل الجدلي" تأليف المفكر الماركسي ... / غازي الصوراني
- من تاريخ الفلسفة العربية - الإسلامية / غازي الصوراني
- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمودة المعناوي - السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخُّل الْغَيْبِيّ عَنْ مُرُونَة الْكَيْنُونَة وَصِرَاع الْإِرَادَات الْوُجُودِيَّة -الْجُزْءُ السَّابِعِ وَ الْأَرْبَعُون-