أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سعيد مضيه - جهود محمومة لتثبيت حدود إسرائيل التوراتية















المزيد.....

جهود محمومة لتثبيت حدود إسرائيل التوراتية


سعيد مضيه

الحوار المتمدن-العدد: 8538 - 2025 / 11 / 26 - 10:20
المحور: القضية الفلسطينية
    


نتنياهو.. التنمر والترويع بالقنابل والصواريخ الأمريكية

تكثف حكومة نتنياهو الفاشيية الاعتداءات الدموية ضد الشعب الفلسطيني في غزة والضفة وكذلك ضد سوريا ولبنان. ما زال القتل الجماعي حدثا يوميا في هذه الأقطار رغم ان القبول الاضطراري بخطة ترامب، رغم منطوياتها الملغمة، استشرف وقف القتل الجماعي والتدمير الشامل. العنف الدموي، وتسليط المستوطنين على البلدات بالضفة يقتلعون كروم الزيتون ويحرقون البيوت، غدت ممارسات يومية ممنهحة ترعاها الدولة الصهيونية بقيادتها الدينية، وتحظى بالموافقة الصامتة من جانب الإدارة الأميركية. إسرائيل تؤدي بالمنطقة مهمة وظيفية لصالح كارتيل صهيو امبريالي يدمج في مشروع واحد توطيد مواقع الامبراطورية الأميركية بالمنطقة وتوسيع الدولة الصهيونية حتى حدود الدولة التوراتية المزعومة. هكذا، لم تعد تليق لتوصيف الحالة الراهنة مفاهيم الصراع والنزاع وكذلك الخطوط الحمر، والعدوان الغادر او خرق واضح للسيادة. كما لم تعد توفر الحماية القوانين الدولية وحقوق الإنسان والقرارات؛ فالدولة الصهيونية تواصل حربا على مراحل تمليها استراتيجيا محددة، وهي ترى ان الظرف ملائم لإنجازها. ضربت بعرض الحائط بكل الاتفاقات والقوانين الدولية، القوانين المدنية وقوانين الحرب. وحيث انها تزدري بسيادة دول عربية معترف بها دوليا فهي لن تراعي سيادة دولة فلسطينية بجوارها، مسلحة او منزوعة السلاح. شعار حل الدولتين ملهاة.
نجاحات العسكرية الإسرائيلية في مغامراتها العدوانية تزكي مزاعم نتنياهو بانه الوحيد المؤهل بحماية إسرائيل، تغريه إشاعة المحاوف كي ينتزع موافقة الجمهور على مغامراته العدوانية وبقائه بالسلطة، حيث نصب نفسه الحامي الوحيد لإسرائيل من خطر هولوكوست جديد يضمره "النازيون الجدد"، ويعني الفلسطينيين كافة. وحيث يستعد لخوض انتخابات تبقيه في سدة الحكم، فإنه محموم بمنجز يتفوق به على مأثرة بن غوريون، مأثرة فرض حدود إسرائيل الكبرى. بذا يحسم انتصاراته المدعاة في حروبه الثمانية، والتي لم تسفر بعد عن التغيير المطلوب في الشرق الأوسط كما توعد نتنياهو. تيار المراجعة الذي اسسه فلاديمير زئيف جابوتينسكي، ويمضي نتنياهو على هديه، وأقطابه هاجروا من اوروبا الشرقية. وهو معروف بكراهيته لنهج بن غوريون والقيادة الأشكينازية العلمانية. وما إن نجح ميناحيم بيغن في الوصول الى الحكم حتى شرع تياره يروج للصهيونية الدينية ويتقرب من اليهود الشرقيين، الذين عانوا إهمال الحكومات الأشكينازية. استطاع الليكوديون بذلك توسيع قاعدتهم الاجتماعية ونشر أيديولوجيتهم الدينية غلى نطاق واسع..

وداوني بالتي كانت هي الداء
تتغافل الأنظمة العربية عن جرائم الحكومة الفاشية، وربما يبهجها ضرب قوى المقاومة السلمية والمسلحة؛ يرعبها الحراك الشعبي اكثر مما يخيفها العدوان الإسرائيلي. في لبنان، على سبيل المثال، تتفاعل الحملة الداخلية ضد حزب الله مع الهجمات العسكرية الإسرائيلية المتلاحقة؛ تنشط الحملات العسكرية، إذ تعزز مواقع أعداء حزب الله وتعمق الشرخ السياسي داخل لبنان؛ وفي نفس الوقت تغري حملات العداء لحزب الله بتشديد الضربات العسكرية.
شاع في لبنان حقبة من الزمن شعار قوة لبنان في ضعفه، مما أغرى طبقة الحكم بتمكين التبعية للامبريالية، الفرنسية اولا ثم الأميركية؛ وضعت لبنان تحت وصايتها. لم توفر للجيش ما يمكنه من شرف الذود عن سيادة الوطن وكرامة الشعب، خاصة في الجنوب. جاء النشاط المقاوم لحزب الله ينسف النهج المفلس بالاستناد الى الحماية الأجنبية. اثبت حزب الله قدرة المقاومة وإمكانيتها النهوض بالعبء الوطني وتأمين الحماية للبنان؛ طيلة 17 عاما لم تجسر خلالها يد العدوان بالامتداد الى لبنان.
على مدى عقود ثمانية من وجودها انتهكت إسرائيل جميع قرارات الامم المتحدة المتعلقة بفلسطين، انتهكت قرار تقسيم فلسطين، إذ مباشرة بعد صدور قرار التقسيم احتلت ميليشياتها مناطق مخصصة للدولة الفلسطينية. انتهكت مؤخرا قرار المحكمة الدولية العليا. عام 2024 قضت محكمة العدل الدولية بأن احتلال إسرائيل لغزة والضفة الغربية والقدس الشرقية غير قانوني؛ وأن على إسرائيل وقف جميع أعمال البناء الاستيطاني، وإجلاء مستوطنيها، ودفع تعويضات للفلسطينيين، ومنحهم حق العودة. كما أشارت إلى أن جميع الدول والمنظمات الدولية ملزمة قانونًا بعدم مساعدة إسرائيل في مواصلة احتلالها للمنطقة. وتحدت إسرائيل قرار المحكمة الدولية. وهي تتحدى قرار مجلس الأمن الأخير وتواصل اغتيال الفلسطينيين بالجملة في غزة.
في ذات الوقت رفعت قوى التبعية والتخلف في لبنان رؤوسها وتراودها آمال استعادة هيمنتها والعودة الى السيرة المفلسة. فهي مع جميع انظمة التخلف والتبعية العربية تبدي قصر نظر يقعدها عن تامل سلوك غطرسة القوة لو أمكنها القضاء على المقاومة. جميع رسل الامبريالية الأميركية الى لبنان يحجمون عن تقديم ضمانات بانصياع إسرائيل للقرارات والقوانين الدولية – الانسحاب من الأراضي اللبنانية ووقف الاعتداءات. بالضفة الغربية تقرر قوات الاحتلال اقتحام بلدة او منطقة بمدينة فتطلب القيادة العسكرية من عناصر الأمن الفلسطيني التزام مقراتها؛ وفي سوريا تقتحم مناطق ومواقع بدون استئذان؛ وإمعانا في التحدي تشعر اللبنانيين انها ستضرب بالصواريخ المنطقة المستهدفة. هل من ضمان بان لا تطلب إسرائيل من قوات الجيش اللبناني التزام ثكناتها وتقتحم منطقة ما او لبنان بأسره كي تصفي حسابها مع حزب الله؟!
أشعل الم-فاشيون في مجلس الوزراء الإسرائيلي فتيل غضبهم عندما رأوا مجرد إشارة عابرة - مجرد سطر عابر - إلى إمكانية بعيدة للاعتراف بفلسطين قد أُضيفت إلى قرار مجلس الأمن بصدد خطة ترمب. حينئذ جدد نتنياهو نبفسه معارضته للدولة الفلسطينية، وتعهد بأنها لن تتحقق أبدًا.

تغفل الأنظمة الأبوية النوايا العدوانية لحكومة نتنياهو الفاشية وتصمت عن جرائمها بحق الشعب الفلسطيني وشعبي سوريا ولبنان. يُطمْئِن نتنياهو دولا عربية أنها غير مستهدفة مع انه لم يتراجع عن إعلانه حق إسرائيل في التوسع طبقا لحدود إسرائيل التوراتية من الفرات الى النيل؛ في الحقيقة يضمر نفس مصير العدوان المسلح ضد دول عربية اخرى تغط رؤوسها بالرمال. نتنياهو، حسب مزاعمه يخوض ثماني حروب حقق فيها النصر، يبقى عليه ان يحسم الصراع في جبهات القتال، كي ينتقل الى ساحات أخرى.
لم يوقف اندفاعة إسرائيل لإنجاز مشروعها قيم ولا حتى الوفاء لجميل بريطانيا؛ قدمت وعد بلفور ونفذت الوعد من خلال انتدابها على فلسطين. بالمقابل، وحين نضجت ظروف إنجاز الدولة الصهيونية المستقلة، وجهت عصابات الإرهاب الصهيونية ضربات مؤلمة لجنود الانتداب البريطاني وشرطته، الى جانب العرب واليهود المعارضين للصهيونية. وضعت على قائمة اغتيالاتها قيادات منهم وينستون تشرشل، رئيس حكومة الحرب، وبيفن وزير خارجية الحكومة العمالية. الا يقدم ذلك عبرة للمراهنين على صداقة الصهيونيين؟!

مهزلة الثقة بالوساطة الأميركية
وتمعن انظمة التبعية في تمجيد إدارة ترمب، نظرا لما يُزعَم توجهاتها السلمية. في معرض شرحه لامتناعه عن التصويت في مجلس الأمن، أثناء التصويت على خطة ترمب قال المندوب الروسي، فاسيلي نيبينزيا، إن روسيا "أحيطت علمًا بموقف رام الله، وكذلك موقف العديد من الدول العربية والإسلامية التي أيّدت مشروع القرار الأمريكي تجنّبًا لتجدد إراقة الدماء في القطاع. وفي هذا الصدد، اخترنا عدم تقديم مشروعنا الخاص، الذي كان يهدف إلى تعديل المفهوم الأمريكي لجعله متوافقًا مع قرارات الأمم المتحدة الراسخة والمتفق عليها سابقًا.
ألقى المبعوث الروسي باللوم على الولايات المتحدة في "ليّ الأذرع في العواصم أو الضغط على الوفود هنا في نيويورك"، وهو ما قال إنه "لا يمكن وصفه بالعمل بحسن نية".
الأنظمة العربية تمجد ترمب لمساعيه السلمية المزعومة، بينما تواصل إدارته التقليد الامبريالي في التدخل بشئون الدول الأجنبية، حيث يعلن جهارا نوايا الإطاحة بنظام مادورو في فنزويلا ويوجه التهديدات لفنزويلا وكولمبيا، بما يتناقض مع ميثاق الأمم المتحدة. في وضح النهار يوجه ترمب عناصر المخابرات المركزية الأميركية لتنظيم الأعمال التخريبية داخل فنزويلا، الدولة التي نددت بالإبادة الجماعية واعلنت بلا مواربة تضامنها مع الشعب الفلسطيني. لكن انظمة التبعية لا تعد التضامن مع الشعب الفلسطيني جميلا ودينا يستحق السداد.
يردد ترمب مزاعم إخماده ثماني حروب في أنحاء العالم ويسعى لإخماد حرب أكرانيا التي أشعلتها الإدارة الأميركية السابقة. حقيقة الأمر عبر عنها جيفري د. ساكس وسيبيل فارس، إذ كتبا في المجلة الإليكترونية "أحلام مشتركة"، يصفان تواطؤ إسرائيل والولايات المتحدة :
"نعيش في لحظة تاريخية تُعيد إلى الأذهان، بألفة مُرعبة، إرهاب الدولة الذي تجلى في عهد هتلر وفرانكو وموسوليني وبينوشيه وغيرهم من الطغاة الذين حوّلوا القسوة إلى فلسفة حكم. تكمن في جوهر هذه الأنظمة حقيقة واحدة مُدمرة: ينهار القانون لحظة أن يُصبح العنف بديلاً عنه. في هذا الانحدار، تتلاشى الإجراءات القانونية الواجبة، ويُعاد وصف المعارضين السياسيين بـ"الإرهابيين"، ويصبح العنف المبدأ المُنظم للسلطة."
احيا ترمب أحلام هتلر بالنقاء العرقي، وتبني ترامب وميلر، نائب رئيس موظفي البيت الأبيض، أوهام القومية البيضاء والتفوق العرقي للبيض. يجري بالولايات المتحدة تشويه سمعة وسائل الإعلام المستقلة أو تُكمم، وتُستهدف الجامعات بسبب قدراتها النقدية، ويعود كشكل طبيعي مشهد البلطجية ذوي القمصان البنية والخطوات الإوزية وهم يطاردون الآخرين من المهاجرين الملونين.
منحت إدارة ترمب نتنياهو حرية التصرف، علاوة على اضطهاد المتضامنين مع شعب غزة. بعض تجلياتها أجهض مجلس قيادة الجمعية للتاريخية الأمريكية تصويت جمعيتها العامة في يناير2025، بأغلبية 428 صوتًا مقابل 88 لصالح إعلان معارضتهم لـ"إبادة المدارس" (التدمير المتعمد للنظام التعليمي) في غزة. وحدثت واقعة مماثلة في جمعية اللغات الحديثة.
وكتبت آمي هاجوبيان، الأستاذة الفخرية للصحة العالمية في جامعة واشنطن، والتي درّست لسنوات مادة عن الحرب والصحة، مؤخرًا عن كيفية طردها من الجمعية الأمريكية للصحة العامة بعد احتجاجها العلني على قرار مجلسها التنفيذي بوقف النظر في قرار بشأن العدالة الصحية للفلسطينيين.
في هذا السياق تبرز مؤسسة هيريتيج، ا لتي وضع الرئيس ترمب استراتيجيتها، وهي مؤسسةٌ فكريةٌ يمينية، أقرت مخططًا لما أسمته "استراتيجيةً وطنيةً لمكافحة اللاسامية " من خلال التصدي لما وصفته "الحركة الأمريكية المؤيدة للفلسطينيين المعادية بشدة لإسرائيل والصهيونية وأمريكا". في جوهرها، وفيما يُعادل عملًا مسرحيًا سياسيًا فعالًا للغاية تم تسويقه بولاية ماساتشوستس، من بين أماكن أخرى، وصفت تلك المؤسسة خصومها السياسيين بـ "مؤيدي الإرهاب". كما وصفت المنظمات التي تعمل في معارضة أجندتها بأنها "شبكة دعم للإرهاب"، وارتدت عباءة "مكافحة اللاسامية" النبيلة - حتى في الوقت الذي أعادت فيه تعريف اللاسامية بمهارة من كراهية الشعب اليهودي إلى انتقاد التحالف الأمريكي- الإسرائيلي.
في كاليفورنيا، دخل حيز التنفيذ في الأول من يناير الماضي قانون جديد، يُزعم أنه يهدف إلى حماية الطلاب اليهود من التمييز. ومع ذلك، فقد نبه هذا القانون المعلمين إلى احتمال اتهامهم بمعاداة السامية إذا شاركوا معلومات تُعتبر انتقادية لإسرائيل.
تم اختطاف الطالبة التركية، روميسا أوزتورك، التي تدرس بجامعة تافتس، من الشارع على يد عناصر من دائرة الهجرة والجمارك الأمريكية (ICE)، والتهمة الموجهة كتابة مقال رأي في صحيفة الجامعة، يطالب الجامعة بسحب استثماراتها من شركات مرتبطة بإسرائيل، خلص قاضٍ فيدرالي إلى أن وزير الخارجية ماركو روبيو ووزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم انتهكا التعديل الأول للدستور الأمريكي(حرية التعبير) من خلال سياسة استهداف غير المواطنين الذين ينتقدون إسرائيل أو يدعمون الفلسطينيين بالترحيل. كما وجد القاضي أن الأوامر التنفيذية التي أصدرها الرئيس ترامب اعتمدت على تعريف لمعاداة السامية ينتهك التعبير المحمي بموجب التعديل الأول للدستور .
ولكن هل سيُحدث هذا الحكم الفيدرالي أي تأثير؟ وفقًا للقاضي نفسه، "لا يزال تأثير إجراءات الترحيل المُستهدفة هذه، بشكل غير دستوري، يُقيّد حرية التعبير حتى يومنا هذا".

قرار 2803وتطبيقاته
كيف ستتصرف إدارة مارست هذه الانتهاكات للدستور الأميركي والمخولة بصلاحيات مطلقة بقطاع غزة؟ أشاع ترمب عن نفسه سمة التغير المباغت وفظاعة الإجراءات. ان صمت ترامب إزاء الانتهاكات اليومية لاتفاقيات وقف إطلاق النار ينبئ بسوء النوايا.
طعن المندوب الروسي بالأمم المتحدة في ترتيبات ترامب بصدد ما أطلق عليه عملية السلام في غزة. قال المندوب الروسي "في جوهره، يُعطي المجلس مباركته للمبادرة الأمريكية معتمدًا فقط على شرف واشنطن، ونترك قطاع غزة تحت رحمة مجلس السلام وقوة الأمن الإسرائيلية، اللذين لا تزال أساليب عملهما مجهولة لنا. قوة تثبيت الاستقرار لن تنسق مع السلطة الفلسطينية. وأضاف: "قد يُرسّخ هذا فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية، ويُذكّر بالممارسات الاستعمارية والانتداب البريطاني على فلسطين الذي منحته عصبة الأمم، عندما لم تُؤخذ آراء الفلسطينيين أنفسهم في الاعتبار إطلاقًا".
وانطلقت لما خوي، في مقال نشرت بموقع كاونتر بانش الإليكتروني، من خذلان القرار 2803 للأطفال الفلسطينيين. "يحرم القرار الفلسطينيين من حق التصرف السياسي، ويعامل أطفالهم كمشاكل إدارية يجب إدارتها، لا كبشر يجب حمايتهم. سيُحدد مجلس السلام، برئاسة الرئيس نفسه الذي وفّر أسلحة بقيمة 17.9 مليار دولار استُخدمت لقتل هؤلاء الأطفال، مصيرهم دون مشاركتهم.
"تُمثل الإبادة الجماعية المتصاعدة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023 ما يُطلق عليه مبيمبي "سلطة الموت " في أنقى صورها: "إخضاع الحياة لسلطة الموت". قُتل أكثر من 20 ألف طفل فلسطيني، بمعدل طفل كل ساعة لمدة 23 شهرًا (وفقا لإحصائيات منظمة أنقذوا الأطفال، 2025). لكن سياسة الموت لا تقتصر على القتل فحسب؛ بل تشمل تهيئة ظروف تُفقد فيها التمييز بين الحياة والموت أهميته، والقرار 2803 يُرسّخ هذه الظروف بشكل دائم.
"أجيال ثلاثة تعلمت الآن أن القانون الدولي ليس لحمايتهم، بل لإضفاء الشرعية على تدميرهم. ويضمن القرار 2803 أن يدرك عدد لا يُحصى من الناس هذه الحقيقة. ما لم نتوقف عن مناشدة الأنظمة المصممة لقتلهم، ونبدأ في تفكيك الآلية نفسها: ليس الاحتلال فحسب، بل النظام العالمي بأكمله الذي يجعل موت الأطفال الفلسطينيين يبدو منطقيًا ومربحًا وضروريًا."
وإذ يُترك الملايين ليعانوا ويموتوا، تقول المصادر المطلعة ان الجيش الأمريكي وآخرون سيعيدون، على بُعد خطوات قليلة، بناء 58% من غزة التي نهبها المستعمرون بالفعل. لن يقتصر الأمر على إعادة بنائها فحسب، بل سيُحوّلها إلى ثروة عقارية هائلة لترامب وعائلته وعدد لا يُحصى من المستثمرين الأثرياء.
هذا النهب الجامح الذي أعقب إبادة جماعية ناجحة ليس خفيًا، بل عُرض بفخر قبل شهرين.
من المحتمل ألا يظل سكان غزة محاصرين دائمًا في معسكرات الموت المفتوحة. تنص خطة ترامب على أنه سيُسمح لهم بالمغادرة "من خلال ما يُسمى بالمغادرة "الطوعية" إلى بلد آخر". أجل، "التطهير العرقي الطوعي".
استُخدم هذا المصطلح سابقًا لوصف "اختيار" الأمريكيين الأصليين مغادرة أوطانهم والانتقال إلى محميات حيث يكونون أقل عرضة للقتل المباشر على أيدي الغزاة. أما بالنسبة لأولئك الغزيين الذين "يختارون" فسيتم ذلك ووطاة البندقية مصوبة إلى رؤوسهم.
بديل آخر ذكرته صحيفة الغارديان البريطانية، ونقل عنها الكاتب الصحفي، لي كامب، بمجلة كونسورتيوم نيوز الإليكترونية الأمريكية: "تخطط الولايات المتحدة لتقسيم غزة على المدى الطويل إلى "منطقة خضراء" تحت السيطرة العسكرية الإسرائيلية والدولية، حيث تبدأ عمليات إعادة الإعمار، و"منطقة حمراء" تُترك أنقاضًا.
لذا، لن تقتصر الأضرار على المباني فحسب، بل ستشمل أنظمة الرعاية الصحية، وأنظمة الغذاء، وأنظمة المياه. كما ستشمل الدمار أجساد سكان غزة من مختلف الأعمار. كما ستشمل العائلات، والآمال والأحلام. وستشمل المستقبل.
إذا سُمح للغزيين بدخولها يومًا ما، فسيكون ذلك تحت نظام مراقبة فاشية لا يُصدق. في الواقع، تدعو الخطة إلى إنشاء ثماني "مدن ذكية مدعومة بالذكاء الاصطناعي" - ليس لأن المستعمرين مصاصي الدماء يريدون أن يتمتع سكان غزة بأفضل وسائل الراحة التكنولوجية، وأن ينعموا بحياة مترفة. لا، بل لأن "المدينة الذكية" هي مجرد دعاية مبتذلة تُعبّر عن أعلى مستوى من المراقبة يمكن تخيله.
نبوءات تبني تشاؤمها على سطوة أنظمة القمع العربية لصالح الهيمنة الأجنبية، تحرص على خنوع الجماهير العربية. وهذا غير واقعي ولن يحدث. حقا ما اشارت اليه لما خوري من نهج ينقذ البشرية جمعاء: يوضح القرار ٢٨٠٣ أن القانون الدولي لن ينقذ أطفال فلسطين، الأمم المتحدة لن تنقذهم، والدول العربية لن تنقذهم. لين ينقذهم غير الإطاحة التامة بألية الكولنيالية التي تجلب لهم الموت. هذا لا يعني إصلاح الأنظمة التي تُصنف الأطفال إلى مستحقين للحماية ومُستهدفين بالإبادة، بل إلغاءها. لا نناشد القانون الدولي، بل نكشف كيف يعمل كأداة لتدميرهم. لا نطلب الاعتراف من القوى التي تستفيد من موتهم، بل نقيم أشكالًا جديدة من التضامن تتخطى كليا هياكل الإمبريالية، لتدميرها.



#سعيد_مضيه (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مغالطات عن الإسلام يسوّغ الغرب بها مغامراته العدوانية -2
- مغالطات عن الإسلام يسوّغ الغرب بها مغامراته العدوانية
- كاتبة اميركية تفضح خدع إسرائيل
- مآلات وردود أفعال غير محسوبة لحروب التوسع والإلحاق
- هل إسرائيل على حافة انهيار؟ تساءل المؤرخ الإسرائيلي إيلان با ...
- إسرائيل مسلسل حروب وشواحن كراهية وتمييز عنصري
- إرادة لا تُقهر: انتصار روح غزة على عمارة الإبادة الجماعية
- ميلّر مايسترو بروباغاندا الفاشية بإدارة ترمي
- هل أجهزت حرب الإبادة على القانون الدولي كذلك؟
- دولة العدوان تكرر لفنزويلا ما اقترفته ضد العراق
- إدارة ترمب تضطهد منتقدي إسرائيل ، خاصة الأساتذة والطلبة بالج ...
- يتكئون على الدعم الأمريكي:شارون و بوش الابن مثالا
- بين نارين على طريق الآلام
- صفقة ترامب جريمة حرب
- -لن يتكرر أبدا- لشعوب المعمورة كافة
- مكائد صهيو أمبريالية لتصفية الأنروا
- استغلال الاغتيال لفرض الفاشية ممارسة هتلر وموسوليني والآن تر ...
- بصدد دولة إسرائيل الكبرى
- إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2
- إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل


المزيد.....




- وزير خارجية روسيا: موسكو تنتظر أحدث نسخة من اتفاق السلام مع ...
- شاهد بحرينية تستكشف شاطئًا برمال مغناطيسية في قلب جورجيا
- إطلاق سراح 24 تلميذة بعد اختطاف جماعي شمال غرب نيجيريا
- السودان يرد على ورقة مستشار ترامب ويلتزم بتسيهل دخول المساعد ...
- الاحتلال يطلق عملية عسكرية واسعة في طوباس بالضفة الغربية
- ترامب يعدل خطته بشأن أوكرانيا ويؤكد أن لا موعد محددا لاتفاق ...
- تحطم طائرة مساعدات في جنوب السودان ومصرع طاقمها
- مسؤولون إسرائيليون: نحتاج -خطة عملياتية- لنزع سلاح حماس
- وثيقة وقعها بوتين: سنجعل 95 % من سكان أوكرانيا روسًا
- قرقاش: الإمارات لم تنقل أي أسلحة لأطراف حرب السودان


المزيد.....

- الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والموقف الصريح من الحق التاريخي ... / غازي الصوراني
- بصدد دولة إسرائيل الكبرى / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2 / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل / سعيد مضيه
- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سعيد مضيه - جهود محمومة لتثبيت حدود إسرائيل التوراتية