|
دولة العدوان تكرر لفنزويلا ما اقترفته ضد العراق
سعيد مضيه
الحوار المتمدن-العدد: 8500 - 2025 / 10 / 19 - 21:30
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
مانولو دي لوس سانتوسي ترجمة سعيد مضيه
"يُذكرنا الوضع الحالي بصورة مفزعة بالفترة التي سبقت غزو العراق عام ٢٠٠٣. في تلك الحالة، بررت إدارة بوش العمل الأحادي بحجة "أسلحة الدمار الشامل"، لكن هذه كانت مجرد ذريعة. لم تقتصر الأهداف الحقيقية على النفط، بل شملت أيضًا تحقيق أهداف أيديولوجية وسياسية عميقة - الإطاحة بحكومة لإعادة تشكيل سياسات الشرق الأوسط وفرض الهيمنة" يقول مانولو دي لوس سانتوسي مقالة نشرها في 17 الجاري. الكاتب باحث وناشط سياسي. عمل لمدة عشر سنوات في تنظيم برامج التضامن والتعليم لمواجهة نظام العقوبات والحصار الأمريكي غير القانوني.
يزداد التوتر في منطقة البحر الكاريبي مع تكثيف الولايات المتحدة لتهديداتها العسكرية. وتحت ستار "الحرب على المخدرات" الخادع، تنفذ الولايات المتحدة بنشاط مخططًا للتدخل العسكري في فنزويلا، مستخدمةً القوة المميتة ومستعرضةً قوتها بطريقة أدانتها المؤسسات القانونية وقادة المنطقة باعتبارها تهديدًا خطيرًا للنظام الدولي. هذا العدوان ليس عملية إنفاذ قانون؛ إن ما يحدث في فنزويلا هو إنكار للقانون، وإحياء استعماري جديد لمبدأ مونرو، يهدف إلى تحطيم سيادة فنزويلا، والسيطرة على أكبر احتياطيات النفط في العالم، وتثبيت نظام مطيع.
رخصة قتل: استباق اغتيالات دولة شهد التصعيد الحالي استخدامًا مرعبًا للعنف خارج نطاق القضاء. أمرت إدارة ترامب بشن ضربات عسكرية أحادية الجانب ضد سفن خاصة قرب الساحل الفنزويلي، بزعم وقف تهريب المخدرات. ولشن هذه الهجمات المقلقة، نشر الجيش الأمريكي قوة بحرية ضخمة من السفن الحربية والطائرات المسيرة وقوات العمليات الخاصة. أسفرت هذه الضربات عن إعدام ما لا يقل عن 27 شخصًا بإجراءات مختصرة، وذلك وفقًا للتقارير الأخيرة. و*أسفرت أحدث ضربة قاتلة في منطقة البحر الكاريبي* عن "القضاء" على 6 أشخاص آخرين. هذا ليس إنفاذًا للقانون؛ بل هو قتل خارج نطاق القضاء وحملة تُعتبر الآن جزءًا من خطة حرب ضد فنزويلا. وصفت الإدارة الضحايا، دون أدلة دامغة، بأنهم تجار مخدرات و"إرهابيون"، وهو ادعاء، حتى وإن كان صحيحًا، لا يمنح الرئيس الأمريكي أي سلطة قانونية لإعدام من يقرره. تتمتع الحكومة الأمريكية بسلطة قانونية واسعة تخوّل خفر السواحل اعتراض وتفتيش السفن المشتبه في حملها للمخدرات، ثم تحويلها الى المحاكم الأمريكية وفقًا لمتطلبات الإجراءات القانونية الواجبة. على كل حال، في حالة السفن الفنزويلية، تم تجاوز دور الشرطة المُفوض من الكونغرس لخفر السواحل؛ بل استُهدفت طواقمها ببساطة وأُعدمت بقوة عسكرية متفوقة. أدان قادة المنطقة، بمن فيهم الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو، عمليات القتل خارج نطاق القضاء، مما سلّط الضوء على القلق العميق في جميع أنحاء أمريكا اللاتينية من العودة إلى العمل العسكري الأمريكي الأحادي الجانب تحت غطاء سياسة مكافحة المخدرات. كانت المنظمات القانونية ومنظمات حقوق الإنسان صريحة في إدانتها لهذه السياسة الخطرة والعميقة، التي تستبدل إجراءات إنفاذ القانون المعمول بها بالقوة المميتة المتعمدة. وقد أدانت نقابة محامي مدينة نيويورك (NYCBA)، وهي جهة رئيسية في أخلاقيات القانون الدولي، بشدة هذه الإجراءات. وذكرت النقابة صراحةً أنه "نظرًا لأن الهجمات الأخيرة على السفن الفنزويلية وأطقمها لم تكن مصرحًا بها بموجب القانون الأمريكي، وتُشكل انتهاكًا للقانون الدولي المُلزم، فإنها تُعتبر عمليات إعدام بإجراءات مختصرة غير قانونية - جرائم قتل". كما ساجلت بأن هذه الإجراءات تنتهك المبدأ الدولي الأساسي القائل بأنه "لا يجوز حرمان أي شخص من حياته تعسفًا" بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
التصعيد: قاذفات بي-52 والتهديد بالحرب علاوة على الضربات القاتلة، انخرطت الحكومة الأمريكية في استعراض عسكري كبير يُمثل تحديًا مباشرًا للسيادة الفنزويلية. إن رؤية قاذفات بي-52 الأمريكية في المجال الجوي الفنزويلي، وهي تُحلق على مسافة قريبة، يُعد تصعيدًا خطيرًا. لا علاقة لهذه التحريضات الحربية بـ "الحرب على المخدرات" بل لها علاقة وثيقة بتغيير النظام ونهب نفط فنزويلا. إن هذا التوجه المتهور نحو الحرب عمل إجرامي من أعمال العدوان الدولي تبدو الضربات أحادية الجانب التي شنتها إدارة ترامب بطائرات مُسيّرة في منطقة البحر الكاريبي، إلى جانب إنهاء البيت الأبيض لجميع المفاوضات مع فنزويلا، بمثابة مقدمة لعملية تغيير نظام شاملة. هذه لحظة حرجة. يجب أن ندق ناقوس الخطر: نحن حيال خطر اندلاع صراع كارثي جديد في المنطقة. يواصل المسؤولون في حكومة الولايات المتحدة تصعيد الأزمة بخطابات وأفعال عدائية. باستمرار رفض وزير الخارجية ماركو روبيو، استبعاد الخيار العسكري، فهو أحد المهندسين الرئيسيين لسياسة تغيير النظام، مؤكدا أن نظام مادورو أصبح "تهديدا للمنطقة وحتى للولايات المتحدة". كان رد فنزويلا دفاعًا مبدئيًا عن سيادتها. كرر سفيرها لدى الأمم المتحدة، صامويل مونكادا، مرارا ناقوس الخطر على الساحة العالمية، مساجلا بأن الانتشار العسكري الأمريكي في منطقة البحر الكاريبي هو عملية بروباغاندا ضخمة تسعى إلى " مبررات لفبركة صراع" للاستيلاء على ثروة البلاد النفطية. أكد مونكادا أن "الولايات المتحدة تعتقد أن منطقة البحر الكاريبي ملك لها لأنها تستخدم مبدأ مونرو التوسعي منذ أكثر من مائة عام ، وفي الحقيقة لا يعدو سوى بقايا الاستعمار". ودعا الرئيس نيكولاس مادورو واشنطن إلى استئناف الحوار، قائلاً: "دبلوماسيتنا ليست دبلوماسية المدافع والتهديدات، لأن العالم لا يمكن أن يكون عالم ما قبل 100 عام"، وفي نفس الوقت يحشد يعبئ لتدريبات الدفاع الوطني لضمان تهيئة البلاد لأي هجوم مباشر. وحذرت جمعية مدافعي الشراع في نيويورك من أن الهجمات ضد السفن الفنزويلية وما نسمعه من تهديدات المبلغ عنها ضد الحكومة الفنزويلية تنتهك التزامات البلاد بموجب ميثاق الأمم المتحدة، وتخاطر بالتصعيد إلى أعمال عدائية مفتوحة. يُذكرنا الوضع الحالي بصورة مفزعة بالفترة التي سبقت غزو العراق عام ٢٠٠٣. في تلك الحالة، بررت إدارة بوش العمل الأحادي بحجة "أسلحة الدمار الشامل"، لكن هذه كانت مجرد ذريعة. لم تقتصر الأهداف الحقيقية على النفط، بل شملت أيضًا تحقيق أهداف أيديولوجية وسياسية عميقة - الإطاحة بحكومة لإعادة تشكيل سياسات الشرق الأوسط وفرض الهيمنة.
أوجه التشابه مع حرب العراق: النفط، والأيديولوجيا، والخداع على واشنطن أن تتعلم من دروس هذا التاريخ. وعدت إدارة بوش بانتصار سريع في العراق. لكن بدلاً من ذلك، أودت الغزوات والاحتلال بحياة أعداد لا تُحصى من العراقيين، وأسفرت عن مقتل وجرح عشرات الآلاف من الجنود الأمريكيين، وزعزعت استقرار المنطقة. إن فكرة أن الولايات المتحدة قادرة على شن غزوات عسكرية في قلب أمريكا اللاتينية دون رد فعل عنيف هي فكرة غريبة. في حالة فنزويلا، تُشكل "الحرب على المخدرات" ووصف الحكومة بأنها "تهديد" ذرائع كلامية جديدة. مصلحة الولايات المتحدة متعددة الأوجه: فهي تشمل تأمين أكبر احتياطيات نفطية مؤكدة في العالم، وتحقيق الهدف الأيديولوجي والسياسي المتمثل في الإطاحة بحكومة اشتراكية لتأكيد هيمنتها، وإعادة تشكيل سياسات أمريكا اللاتينية. تسعى الولايات المتحدة إلى تفكيك الثورة البوليفارية والقضاء على مركز رئيسي للسياسات المناهضة للإمبريالية في نصف الكرة الأرضية. التصعيد الحالي لا يتعلق بإنفاذ القانون أو مكافحة المخدرات؛ بل يتعلق بتغيير النظام والنهب. في حين أن أعضاء الكونجرس من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، فضلاً عن أصوات مؤثرة بالرأي العام، يتحدثون بشكل متزايد عن عدم قانونية هذه الضربات وغياب المعلومات الموثوقة من الإدارة، فإن هذا الوضع يتطلب المزيد من الإلحاح، فبمجرد صعود سلم التصعيد، فما ان تصعد درجة بالسلّم يغدو مستحيلا العودة للوراء. على المجتمع الدولي أن يُدرك حقيقة هذه الحملة العدوانية: عمل إجرامي من أعمال العدوان الدولي. على العالم واجب الوقوف بوجه هذا التهديد بنشوب صراع كارثي جديد. هذا المقال منقول عن Globetrotter عمل مانولو، كاتب هذا المقال، أثناء إقامته في كوبا لسنوات عديدة، على بناء شبكات دولية للحركات والمنظمات الشعبية. في عام ٢٠١٨، أصبح المدير المؤسس لمنتدى الشعب في مدينة نيويورك، وهو حاضنة حركات مجتمعات الطبقة العاملة لبناء الوحدة عبر خطوط الانقسام التاريخية في الداخل والخارج. كما يتعاون كباحث مع معهد تراي كونتينتال للبحوث الاجتماعية، الذي يرأسه المؤرخ الهندي، فيجاي براشاد ، وهو زميل في منظمة غلوب تروتتر/بيبولز ديسباتش.
#سعيد_مضيه (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إدارة ترمب تضطهد منتقدي إسرائيل ، خاصة الأساتذة والطلبة بالج
...
-
يتكئون على الدعم الأمريكي:شارون و بوش الابن مثالا
-
بين نارين على طريق الآلام
-
صفقة ترامب جريمة حرب
-
-لن يتكرر أبدا- لشعوب المعمورة كافة
-
مكائد صهيو أمبريالية لتصفية الأنروا
-
استغلال الاغتيال لفرض الفاشية ممارسة هتلر وموسوليني والآن تر
...
-
بصدد دولة إسرائيل الكبرى
-
إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2
-
إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل
-
فرادة اليهود وفرادة المحرقة النازية في صلب المشروع الصهيوني-
...
-
فرادة اليهود وفرادة المحرقة النازية في صلب المشروع الصهيوني
-
الحزب الديمقراطي: مهندسو الجبن متواطئون مع الفاشية
-
قرار -الاتحاد من أجل السلام- والجمعية العامة للأمم المتحدة
-
تسونامي زلزال نيويورك 2001 ماثل في الإبادة الجماعية وحروب ال
...
-
مشكلة الأونروا انها تمثل حق العودة، والعودة حق راسخ
-
ترامب يشيع الفاشية في الحياة السياسية والوعي الاجتماعي-2
-
ترامب يشيع الفاشية في الحياة السياسية والوعي الاجتماعي
-
اسرائيل الكبرى استراتيجيا صهيو امبريالية
-
أميركا وبريطانيا وطلعات الطيران التجسسية إسهام مباشر في الإب
...
المزيد.....
-
اعتقال محامٍ يهودي في لندن بتهمة -استفزاز- متظاهرين مؤيدين ل
...
-
الديمقراطية تدعو للتسريع في حوار وطني شامل، ووفد تفاوضي موحد
...
-
ترامب يرد على احتجاجات -لا للملوك- بمقطع من صنع الذكاء الاصط
...
-
-ترامب الملك- يلقي القاذورات على المتظاهرين!
-
شرطة نيويورك: عدد ضخم جدا من المتظاهرين شاركوا في الاحتجاجات
...
-
الوقود يرتفع والأجور تنخفض.. لِـ «نصطف» مع حلفائنا ضد نظام ا
...
-
بلاغ حول حَلْ اتحاد الشيوعيين في العراق
-
Trump’s Military Escalation Against Venezuela Repeats The Ir
...
-
Norman Finkelstein And The Moral Obligation To Shun
-
اشتية يترأس وفد -فتح- في مؤتمر الأحزاب الاشتراكية الأوروبية:
...
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|