أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - سعيد مضيه - إرادة لا تُقهر: انتصار روح غزة على عمارة الإبادة الجماعية















المزيد.....

إرادة لا تُقهر: انتصار روح غزة على عمارة الإبادة الجماعية


سعيد مضيه

الحوار المتمدن-العدد: 8508 - 2025 / 10 / 27 - 14:33
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


"يدرك الغزيون أن حرب إسرائيل كانت في نهاية المطاف محاولة لتدميرهم كبشر – لتبديد الروح، تشويه الثقافة، تأليب بعضهم على بعض، وفي نهاية الأمر استئصال الجوهر الأساس لفلسطينيتهم". يقيّم الدكتور رمزي بارود صمود الغزيين تحت وطأة الإبادة الجماعية.
على مدار العامين الماضيين، هيمنت غزة بلا انقطاع على خوارزمياتي لوسائل التواصل الاجتماعي، وخاصةً أصوات الغزيين العاديين، مُظهرةً مزيجًا من المشاعر المتمحورة حول مبدأين اساسيين: الحزن والتحدي.
لطالما ميّز الحزن الحياة في غزة لسنوات عديدة، نتيجةً للحروب الإسرائيلية المتتالية، والحصار المتواصل، والقصف المُعتاد. إلا أن العامين الماضيين، اللذين اتسما بالإبادة الجماعية والمجاعة، أعادا تعريف هذا الحزن بطريقة تكاد تكون غير مفهومة للفلسطينيين أنفسهم.
نعم، لقد عانت فلسطين من مجازر عديدة قبل النكبة، وأثناءها، ومنذ ذلك الحين - التدمير المأساوي للوطن الفلسطيني. لكن تلك المجازر كانت في العادة عرضية، تميزت كل منها بظروف تاريخية محددة. كل منها مُدمج في النفسية الجماعية الفلسطينية كدليل على الوحشية الإسرائيلية، ولكن أيضًا كدليل على الصمود الدائم لشعب.
نشأتُ في مخيم للاجئين في غزة حيث كنا نُحيي ذكرى كل مجزرة بالمسيرات والإضرابات العامة والتعبيرات الفنية. عرفنا الضحايا وخلدناهم من خلال الهتافات والكتابات السياسية والشعر وما شابه.
تغير كل ذلك بصورة جذرية خلال حرب الإبادة التي شنتها إسرائيل على غزة في العامين الماضيين. في يوم واحد- 31 أكتوبر/تشرين الأول 2023- قتل الجيش الإسرائيلي 704 فلسطينيين، منهم 120 في مخيم جباليا للاجئين وحده. قنابل منفردة كانت ستبيد المئات بضربة واحدة، غالبًا في المستشفيات أو ملاجئ اللاجئين أو مدارس الأمم المتحدة. كانت المجازر تحدث كل يوم، في كل مكان.
لم يكن هناك وقتٌ للتأمل في أيٍّ من هذه المجازر، أو للدعاء للضحايا، أو حتى لدفنهم بالكرامةٍ اللائقة. كل ما استطاع الغزيون فعله هو محاولة التشبث بالحياة، ودفن أحبائهم في مقابر جماعية، واستخدام أيديهم العارية لاستخراج الجرحى والقتلى من تحت ألواح الخرسانة الضخمة وجبال الأنقاض. لا يزال الآلاف في عداد المفقودين. قُتل وجُرح حوالي ربع مليون غزّي.
سيستمر العدد في الارتفاع، ويتفاقم حجم الدمار، حتى في الوقت الراهن بعد أن انخفض معدل القتل. ولكن لماذا إذن، لا تزال صفحاتي على مواقع التواصل الاجتماعي تُظهر الفلسطينيين يحتفلون علنًا بانتصارهم؟ لماذا يواصل أطفال غزة، رغم هزالهم وإرهاقهم بسبب المجاعة، أداء رقصات الدبكة التقليدية؟ ماريا حنون، ابنة الخامسة، وواحدة من كثيرين تـركوا تأثيرا في غزة، لماذا تواصل إلقاء أشعار محمود درويش وإرسال رسائل نارية إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تقول أن غزة لن تُهزم أبدًا؟
القول بأن "بنية الغزيين مغايرة " تبخيس فظيع. كرست السنوات العشرين الماضية أبحاثا أكاديمية حول تاريخ شعب فلسطين، مع التركيز بشكل كبير على غزة، وما زلت أجد إرادتهم الجماعية مثيرة للغبطة؛ يبدو أنهم اتخذوا بوعي قرارًا مشتركًا: معايير هزيمتهم أو انتصارهم منفصلة تمامًا عن تلك التي تقيم بها وسائل الإعلام في تغطيتها للحرب.
هذه المعايير متجذرة في المقاومة كخيار أساسي. القيم الأساسية مثل الكرامة والعزة والصبر، من بين قيم أخرى، هي المعايير التي تحكم بها غزة على أدائها. بهذه المعايير العميقة الجذور، انتصر شعب القطاع وقد كابد الإبادة الجماعية والمجاعة في هذه الحرب.
نظرا لتجاهل هذه القيم في الغالب أو إساءة تفسيرها لدى تغطية الحرب، فقد وجد الكثيرون رد فعل غزة على وقف إطلاق النار، استجابة مربكة من سرور وحفاوة لا مثيل لهما. كان ساطعا حقا مشهد الأمهات ينتظرن بحفاوة كبيرة إطلاق سراح أبنائهن في خان يونس، جنوب غزة، هتافات مريرة وزغاريد وتصفيق في آن معا . إحدى الأمهات أوضحت بدقة المفارقة لأحد المراسلين: الدموع من أجل الأبناء والبنات الذين صرعوا في الحرب، والزغاريد من أجل المفرج عنهم.
على كل حال يندر ان تدرك أنباء الميديا تعقيدات نموذج نجاة غزة. خلص البعض، بمن فيهم المحللون العسكريون الإسرائيليون، إلى أن بنيامين نتنياهو قد خسر الحرب لأنه فشل في تحقيق أي من أهدافه المعلنة. ويتحدث آخرون عن نوع من النصر الإسرائيلي لمجرد أن إسرائيل تمكنت من محو غزة بأكملها تقريبًا وقطاع كبير من سكانها.
يستخدم كل جانب الأرقام والحقائق لدعم ادعاءاته؛ مع ذلك، ينظر الفلسطينيون في غزة إلى هذا الوضع بأسلوب مغاير بصورة جذرية؛. يدرك الغزيون أن حرب إسرائيل كانت في نهاية المطاف محاولة لتدميرهم كبشر – لتبديد الروح، تشويه الثقافة، تأليب بعضهم على بعض، وفي نهاية الأمر استئصال الجوهر الأساس لفلسطينيتهم
يحتفل الغزيون تحديدًا لأنهم يعلمون أن إسرائيل قد فشلت. بزغت الأمة الفلسطينية بهوية عميقة الجذور؛ سواء في غزة أو في أي مكان آخر. الطفل الذي يغني للشهداء، شغيلة الدفاع المدني يرقصون الدبكة لرفاقهم الراحلين، والمرأة التي تستخدم حطام دبابة ميركافا الإسرائيلية المدمرة لنشر غسيلها - هذه الصور جميعا تتحدث عن أمة يوحدها حبها للحياة والتزامها الشديد بقيم مشتركة، قيم الشجاعة والشرف والمحبة.
لدى محاولة الوصول الى خلاصة أكثر دقةً وعقلانية، انتهى بعض المحللين إلى أن إسرائيل لم تنتصر في الحرب، وأن الفلسطينيين لم يُهزموا. وحيث ان بالإمكان تقدير هذه المقاربة المتوازنة ضمن شروط القراءة الاستراتيجية لوقف إطلاق النار، إلا أنها تظل خاطئًة تمامًا لدى تفهمها في سياق الثقافة الشعبية الفلسطينية. الناس العاديون يرون البقاء والاستمرارية وتأكيد الذات أبرز علامات النصر على إسرائيل، الدولة التي لا تتردد في اللحوء الى الإبادة الجماعية لتحقيق مكاسب سياسية مؤقتة. ببساطة جوهر انتصارهم يكمن في هذا: بقاؤهم.
...............................
أصدرمزي بارود ستة كتب. سيصدر كتابه القادم "قبل الطوفان" عن دار نشر "سفن ستورز برس". ومن بين كتبه الأخرى "رؤيتنا للتحرير"، و"كان والدي مقاتلًا من أجل الحرية"، و"الأرض الأخيرة".
موقعه الإلكتروني https://www.ramzybaroud.net



#سعيد_مضيه (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ميلّر مايسترو بروباغاندا الفاشية بإدارة ترمي
- هل أجهزت حرب الإبادة على القانون الدولي كذلك؟
- دولة العدوان تكرر لفنزويلا ما اقترفته ضد العراق
- إدارة ترمب تضطهد منتقدي إسرائيل ، خاصة الأساتذة والطلبة بالج ...
- يتكئون على الدعم الأمريكي:شارون و بوش الابن مثالا
- بين نارين على طريق الآلام
- صفقة ترامب جريمة حرب
- -لن يتكرر أبدا- لشعوب المعمورة كافة
- مكائد صهيو أمبريالية لتصفية الأنروا
- استغلال الاغتيال لفرض الفاشية ممارسة هتلر وموسوليني والآن تر ...
- بصدد دولة إسرائيل الكبرى
- إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2
- إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل
- فرادة اليهود وفرادة المحرقة النازية في صلب المشروع الصهيوني- ...
- فرادة اليهود وفرادة المحرقة النازية في صلب المشروع الصهيوني
- الحزب الديمقراطي: مهندسو الجبن متواطئون مع الفاشية
- قرار -الاتحاد من أجل السلام- والجمعية العامة للأمم المتحدة
- تسونامي زلزال نيويورك 2001 ماثل في الإبادة الجماعية وحروب ال ...
- مشكلة الأونروا انها تمثل حق العودة، والعودة حق راسخ
- ترامب يشيع الفاشية في الحياة السياسية والوعي الاجتماعي-2


المزيد.....




- حزب العمّال يجدّد إدانته للمحاكمات الجائرة ويدعو إلى التصدي ...
- -حزب الشعوب- يعلن استكمال حزب العمال أولى مراحل عملية السلام ...
- ماذا يعني انتخاب الأيرلنديين رئيسة جديدة من أقصى اليسار؟
- تأسس بهدف إقامة دولة للأكراد.. تعرف على حزب العمال الكردستان ...
- النظام يقصي معارضيه من الانتخابات.. فمتى تتوحد المعارضة الجا ...
- فلسطين: التحرير، وليس الصهيونية الليبرالية
- جريمة تهجير طائفي جديدة… والأمن شريك لا غائب
- اليسارية كاثرين كونولي رئيسة لإيرلندا بنسبة كبيرة من الأصوات ...
- تقرير أولي حول: “انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة ضد حراك جيل ...
- مشكلات الدعارة


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - سعيد مضيه - إرادة لا تُقهر: انتصار روح غزة على عمارة الإبادة الجماعية