سامي ابراهيم فودة
الحوار المتمدن-العدد: 8535 - 2025 / 11 / 23 - 09:38
المحور:
الادب والفن
وُلدتِ يا زهراءُ فجرَ التاسِعِ من نوفمبَرْ،
كالضوْءِ ينثالُ من رحمِ القدَرْ.
سبعِيّةٌ جئتِ… لكنّكِ أسبقُ من العمرِ،
وأعمقُ من لحظاتٍ تُقاسُ بصفحاتِ الدّهرْ.
يا زهرةً هطلتْ على الدنيا سريعًا،
ثمّ ارتفعتْ كالدّعاءِ حين يَبلُغُ السَّحَرْ.
وفي حضّانةِ المستشفى،
وقفت بيسان تبكيكِ بقلقِ الأمومةِ،
ويحملُ جدُّكِ قلبَه بين يدَيهِ
كي لا ينهارَ من الألمِ المستعِرْ.
أسبوعٌ كاملٌ كانت فيه الآهاتُ ترتفع،
والدعواتُ تنهمرُ كالمطر…
حتى أتى يومُ السادسَ عشرَ من نوفمبَر، 2025،
فمالتْ روحُكِ نحو السّماء،
كأنَّ الملَك قال لها: عودي… فما عاد في الدنيا لكِ مقرّ.
ارتقيتِ بصمتٍ رقيقٍ،
كشمعةٍ انطفأتْ،
وكأنّ الفقدَ خُطّ على صفحاتِ القلوبِ
بمدادٍ من وجعٍ لا يُحصَرْ.
كنتِ بِكرَ إبراهيم وبيسان،
فرحتَهما الأولى،
وكنْتِ لحفيدتكِ — أو لجدّكِ —
هبةً من نورٍ
تحملين أسماء المستقبل
وتُزهرين في القلبِ كلّما اشتدّ السَّفَرْ.
وحين رحلتِ…
سقط من أعينهم عمرٌ كامل،
وصار الليلُ أطولَ،
والصمتُ أعمقَ من أيِّ صبرْ.
حَمَلكِ إبراهيم يا صغيرتَهُ،
وفي ساعدَيه ارتجفتِ الأرضُ،
والأحبةُ حوله يودّعون النورَ
وهم يعلمونَ أنّ القلبَ حين يُكسَرُ
لا يُصلِحهُ إلّا وعدُ لقاءٍ في حضنِ الجنانِ
يوم يُبعثُ البشرْ.
إلى مقبرةِ البريج مضى،
وبيسان خلفه،
وتسيرُ خلفه القلوبُ كأنّها تتعثّرُ بالفقد،
وأنتِ في صدرِ جدّتكِ رائحةُ روحٍ،
تبحثُ عنكِ في الهواءِ
كأنّ النسمةَ قد تحمل شيئًا منكِ وتعتذرْ.
ألقى عليكِ نظرةَ الوداعِ الأخيرة،
وما كانت نظرة…
بل حياةٌ تسلّم نصفَها للتراب،
ونصفَها الآخر للسماء كي يصبِرْ.
يا زهراءُ…
نامي هناكِ مطمئنّة،
فالجنّةُ يا صغيرتي أرحمُ،
وأوسعُ من دنيا ضاقتْ على والديكِ
وعلى قلبِ جدّتكِ — أو جدِّك —
بعد رحيلكِ الذي لا يُغفَرْ.
نامي…
فأنتِ الآن أجملُ من سكنتِ السّماء،
وهم على وعدٍ…
أن يلتقوا بكِ حين يأذنُ اللهُ
ويهدأُ القلبُ… ويكتملُ القدَرْ.
#سامي_ابراهيم_فودة (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟