أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سامي ابراهيم فودة - غزة… خيامٌ تقاوم العاصفة وقلوبٌ تصمد رغم الخذلان














المزيد.....

غزة… خيامٌ تقاوم العاصفة وقلوبٌ تصمد رغم الخذلان


سامي ابراهيم فودة

الحوار المتمدن-العدد: 8528 - 2025 / 11 / 16 - 09:27
المحور: القضية الفلسطينية
    


لم تكن غزة يومًا مدينةً عابرة في سجلّ الوجع، لكنها اليوم باتت خريطة واسعة من الخيام، تمتدّ من رفح جنوبًا مرورًا بخانيونس ودير البلح والنصيرات وصولًا إلى غزة المدينة وشمالها المنسي؛ شمالٌ ما زال يحمل آثار الصمود على جبينه، لكنه يعيش عزلةً تشبه النسيان.

في مخيم البريج، كما في النصيرات، وفي خيام رفح المزدحمة، وفي خانيونس المثقلة بالوجع، وفي دير البلح التي خنقها النزوح، وفي غزة التي ما زالت تبحث عن ظلّ حياة، يتشارك النازحون البرد ذاته، والخوف ذاته، والخذلان ذاته. خيامٌ مثقوبة لا تحتمل مطرًا، وأرض طينية تخنق الخطوات، ورياحٌ تطرق الأبواب كأنها تذكّر الناس بأن الشتاء ليس مجرد فصل… بل ابتلاء طويل.

لا مؤسسة جاءت لتمسح دمعة أم.
لا جمعية اقتربت لترى الطين حول أقدام الأطفال.
لا إدارة إيواء تذكّرت أن تحت هذه الخيام بشرًا لهم الحقّ في الدفء والكرامة.

وكأن غزة بكل مخيماتها تقول للعالم:
نحن هنا… لكنكم لا تروننا.

النازحون الذين هُجّروا من بيوتهم صمدوا في وجه الاحتلال، حملوا أطفالهم وأوراقهم القليلة وخرجوا مكرهين، واليوم—وللمرة الثالثة على التوالي—يصمدون مرة أخرى، ولكن في وجه الغياب… غياب السقف، غياب الرعاية، غياب اليد التي تمتدّ بالحد الأدنى من الإنسانية.

في خيمة واحدة قد تجد ثلاثة أجيال يتشاركون بطانيتين. وفي أخرى يجلس طفل قرب شمعة تتنازع معها الريح. وفي ثالثة تحاول امرأة إصلاح سقف ينهار كل ليلة. لكن رغم هذا… لا أحد يسأل:
كيف تعيشون؟ كيف تنامون؟ كيف تحتمون؟

الشتاء لا يفرّق بين البريج والنصيرات، ولا بين رفح وخانيونس، ولا بين غزة ودير البلح، ولا بين شمالٍ تُرك لقدر قاسٍ. كل خيمة في غزة هي قصة صمود جديدة، وكل طفل يواجه المطر فوق رأسه هو شهادة على تقصيرٍ لا يمكن تبريره.

نحن لسنا أرقامًا، ولسنا ظلالًا تمرّ في تقارير الإغاثة.
نحن بشرٌ نريد سقفًا لا ينزف، وملبسًا يحمي، وخيمة لا تنهار، واعترافًا بأننا نستحق الحياة.

يا من بيدكم القرار…
يا من بأيديكم إمكانات وإدارات ومسؤوليات…
تعالوا إلى غزة لا عبر الشاشات، بل عبر أرضها، عبر خيامها، عبر وجوه أطفالها.
انظروا إلى هذه العائلات التي صمدت تحت النار واليوم تصمد تحت المطر.
انظروا إلى من فقدوا كل شيء وما زالوا يقفون لأن الوقوف بات خيارهم الوحيد.

غزة اليوم ليست تبحث عن رفاهية، بل عن حدّ أدنى من الحياة.
وعندما يصل هذا الحدّ إلى مستوى الخيام الممزقة… فهنا لا بدّ أن يتوقف الصمت.

ورغم كل هذا الألم، سيظل النازح في غزة أقوى من الخذلان، وأكبر من المحنة.
سيظل واقفًا…
لأن جذور هذه الأرض لا تموت، ولأن الإنسان فيها خُلِق ليصمد مهما ضاقت السبل.



#سامي_ابراهيم_فودة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المنفى بعد الحرية... وصمة العار على جبين العروبة
- قانون الإعدام بحق الأسرى الفلسطينيين... وصمة عار على جبين ال ...
- ياسر عرفات... القائد الذي لم يرحل والرمز الذي يسكن الذاكرة ا ...
- -حماس والمستوطنات: لعبة جديدة على حساب دماء الشعب الفلسطيني-
- نوفمبر... حين تتعانق الثورة والحرية بين الجزائر وفلسطين
- قصيدة: -نوفمبران… من الأوراس إلى القدس-
- أمريكا… الشريك الكامل في جريمة إبادة غزة
- مروان.. سيف الشمس
- -حين يصبح الموت مشهدًا احتفاليًا، ينهار معنى العدالة-
- -رجلٌ على هيئة وطن-.. في وداع المناضل العقيد عماد أبو حمد
- رواية : وراء القضبان… حكاية صمود
- ترامب وحماس… بين شهادة -الأيزو- ومسرحية التهويد السياسي
- حين تسقط الرؤوس… حماس تبدأ بأكل نفسها
- رواية..الكبسولة الأمنية – أسرار تُبتلع ولا تموت
- القيامة التي قامت... وانطفأت على رقمٍ بائس
- القصيدة.. -ملوك الحرية-
- عامان على النكبة الجديدة… غزة بين الرماد والرجاء
- حين تأخّر الرد… دفعت غزة الثمن: قراءة في مناورة -حماس- أمام ...
- -غزة على صفيح المراوغة: دماء الشعب تُقايض على الطاولة السياس ...
- غزة… في قفص الاتجار والمتاجرة


المزيد.....




- -مش خرابة بيوت-.. حلا شيحة تدعم دينا الشربيني وتوجهت برسالة ...
- من هو قائد الجيش الباكستاني، المشير عاصم منير، الذي حصل على ...
- إندونيسيا تستعد لإرسال قوات لضمان تحقيق الاستقرار في غزة
- مشروع قرار أمريكي لإنشاء قوة دولية في غزة
- المكسيك: عشرات الجرحى أغلبهم من الشرطة في احتجاجات ضد السياس ...
- لبنان يعتزم تقديم شكوى ضد إسرائيل بتهمة بناء جدار على أراضيه ...
- ما فرص نجاح مبادرة الرباعية حول السودان في ظل التصعيد الميدا ...
- شاهد.. لأول مرة علم فلسطين يرفرف على سارية كالغاري الكندية
- -كوب 30-.. احتجاجات للمطالبة بالعدالة المناخية وحماية الكوكب ...
- رامافوزا يقود حملة تنظيف جوهانسبرغ قبيل قمة الـ 20


المزيد.....

- الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والموقف الصريح من الحق التاريخي ... / غازي الصوراني
- بصدد دولة إسرائيل الكبرى / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2 / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل / سعيد مضيه
- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سامي ابراهيم فودة - غزة… خيامٌ تقاوم العاصفة وقلوبٌ تصمد رغم الخذلان