نزار فجر بعريني
الحوار المتمدن-العدد: 8534 - 2025 / 11 / 22 - 11:17
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
المتابع الموضوعي لمجريات المنتديات التي تُقام في مناطق سيطرة "إقليم كردستان العراق" لايمكن أن يتجاهل طبيعة الدور الذي تقوم به أطراف متعددة على الصعد السياسية والإعلامية والثقافية لدعم مشروع قسد الانفصالي.
أشهر قليلة تفصل "منتدى السليمانية السنوي التاسع" في الفترة من 16 إلى 17 أبريل 2025 (١) عن منتدى اليوم- "منتدى السلام والأمن في الشرق الأوسط" ١٩٢٠ نوفمبر الجاري- و الأهداف والهموم مشتركة:
افضل السبل والوسائل لدعم جهود قيادات إقليم "روجافاي كردستان " (شمال وشرق سوريا الديمقراطي) من أجل البقاء و الديمومة.
ليس خارج السياق، وصل السيد "مظلوم عبدي" صباح يوم الأربعاء ١٩ نوفمبر ٢٠٢٥ إلى مقر انعقاد "منتدى السلام والأمن في الشرق الأوسط" ( MEPS 2025) في الجامعة الأمريكية بمدينة دهوك في جنوب كردستان العراق، وهو مؤتمر سنوي، تنظّمه الجامعة الأمريكية التي أسسها ويرأسها الدكتور "برهام صالح"، الرئيس العراقي الأسبق، منذ عام 2019، وتشهد نسخة 2025 انعقاد دورته الخامسة على مدار يومين، بمشاركة موسّعة من الفاعلين وصنّاع القرار الداعمين لمشاريع الأقاليم الكردية في المنطقة وبدور فاعل ل"هوشاري زيباري" وقيادة أربيل، ومن المقرر أن تشهد أنشطة اليوم الثاني من أعمال المنتدى تقييما وشرحا مستفيضا من قبل القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، وجلسة حوارية للرئيسة المشتركة لدائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا إلهام أحمد.
رغم ما حصل من تطوّرات سياسية على صعيد ملّفات الصراع على سوريا، وما كشفته من حصول السلطة الجديدة على دعم إقليمي ودولي وشعبي سوري لمشروع إعادة توحيد الجغرافيا والسلطة وحصر امتلاك السلاح بيد مؤسسات دولة مركزية موحّدة، ورغم كلّ ما حصل من لقاءات ومفوضات واتفاقيات بين الحكومة السورية و قسد، خاصة اتفاقية ١٠ آذار، لا يوجد حتى الآن خطوة تنفيذ واحدة على خارطة طريق اتفاق ١٠ آذار، ولا يوجد في أطروحات قيادات الإقليم أيّة إشارة للتنازل عن تحقيق الهدف الرئيسي - نظام سياسي لامركزي، يشرعن وجود كيان قسد المستقل، ويسمح بإقامة كيانات انفصالية في الساحل والسويداء!
هو الاستنتاج الذي تبيّن موضوعيته أبرز أفكار خطاب قيادات "الإقليم" السياسية والعسكرية منذ منتصف يناير، وتتضمّن خليطا من أكاذيب البروباغندا الإعلامية والسياسية، و تسعى لتغييب الأهداف الواقعية المتوخّاة، وتضليل الرأي العام السوري والعالمي.
لنتابع بعض ما جاء في خطاب "الجنرال" مظلوم عبدي، قائد قسد:
١الإدّعاء أنّ "ما تحتاجه سوريا اليوم لا يمكن تحقيقه عبر القتال، بل من خلال مفاوضات وطنية شاملة"، بينما الحقيقة هي أن الذي تحتاجه سوريا وفقا لاستراتيجية قسد التفاوضية هو أن تقبل دمشق بشروط قسد، لكي تكون شريكا في العملية السياسية والدستورية وقيادة سوريا، وهي لا تتنازل عن هدفها المركزي، وتستعدّ للقتال دفاعا عن شروطها!
٢ الادّعاء أنّ "اتفاق العاشر من مارس شكل منعطفا مهما بإغلاق الطريق أمام محاولات تقسيم سوريا ومنع انزلاقها إلى حرب أهلية"، بينما الحقيقة هي أنّ نجاح الهجوم المضاد لهجوم لفلول قسد وأسد يوم الخميس السادس من آذار (رغم ماحصل من مجازر ضد المدنيين، وكان يمكن تجنّبها او تقليلها إلى الحدود الدنيا، وقد أعلنت السلطة تحمّلها مسؤولية بعض جوانب فشل حماية المدنيين) هو الذي أغلق الطريق... وفرض على قسد الموافقة على بنود الاتفاق يوم السبت.
٣الإدّعاء أنّ "مرحلة الحوار الحالية تواجه معوقات كبيرة، أبرزها انعدام الثقة بين الطرفين، واستمرار المخاطر على حيي الشيخ مقصود والأشرفية في حلب، إلى جانب إجراءات حكومية أقصت أطرافا مختلفة، ما ولد مخاوف إضافية، وكذلك عدم تحقق عودة المهجرين قسرا إلى ديارهم مثال ذلك عدم تأمين عودة مهجري عفرين وتل أبيض وسري كانيه"، غير كاف، ويغيّب السبب الرئيسي للفشل، وما نتج عنه في سياق معارك السيطرة على الساحل السوري والسويداء، هو تمسّك قيادة قسد بأجندات مشروعها، ورفض سلطة دمشق المستمر لمشروع اللامركزية السياسية واندماج قسد ككتلة عسكرية، وبقاء سلطة الإدارة الذاتية على حالها!!
٤ الإدّعاء بأنّ "الإدارة الذاتية وقسد بمؤسساتها كافة المشكّلة في شمال وشرق سوريا لا تشكلان خطرا على أي جهة"، غير واقعي، وهي تحتل حوالي ٢٥ % من مساحة سوريا، وتفرض سلطتها بقوّة السلاح على ملايين السوريين الرافضين والمتضررين من مشروعها، وتمارس كلّ أشكال نهب الثروات الوطنية. إضافة إلى ذلك، ما تزال تشكّل خطرا وجوديا على الأمن القومي التركي، وترفض قياداتها نداء عبد الله أوجلان، الداعي إلى التخلّي عن السلاح ، والاندماج في مؤسسات الدولة الوطنية. فوق كلّ ذلك، ومن أجل الحفاظ على كيانها الجيوسياسي، تدعم كلّ أشكال وأدوات القوى الانفصالية في الساحل السوري والسويداء، وتهدد بذلك الأمن القومي والوطني السوري، و تفشّل جهود حماية السلم الأهلي... وهي تتقاطع في نهجها وسياساتها مع مجهود حكومة الكيان الاسرائيلي.
٥ الحقيقة الواقعية الوحيدة التي تضمّنها خطاب عبدي هي أنّ "سوريا لن تعود إلى النظام المركزي بعد كل ما جرى خلال 15 عاما من الحرب، وأن هذه مسألة محسومة بالنسبة لشعوب شمال وشرق سوريا"، وهي تؤكّد موضوعية الاستنتاجات السابقة، وتوضّح طبيعة الهدف المركزي في استراتيجية قسد تجاه قضايا الصراع على شكل النظام السياسي ومصير الكيان الجيوسياسي السوري، وعدم التنازل عنه بأي ثمن، حتى لو وصل الصراع إلى درجة المواجهات العسكرية الشاملة!!
يبدو جليا أنّ استراتيجية قسد لتثبيت مرتكزات كيان " روجافاي كردستان " وتعميمه في الساحل والسويداء بنسخ "طائفية / علمانية" في ظل نظام "اللامركزية السياسية"، يُشكّل تهديدا مباشرا لمقوّمات الأمن السور، وأنّ الدعم الذي تقدّمه قيادات إقليم كردستان العراق يمثّل تدخّلا مباشرا في شؤون سوريا الداخلية، ويتعارض مع مصالح العراقيين الوطنية المشتركة وموجّبات الأمن القومي العراقي، ناهيكم عن التركي، وموجّبات الاستقرار الإقليمي.
(١)-
استضافت الدراسات الإقليمية والدولية (IRS) في الجامعة الأمريكية في العراق، السليمانية (AUIS)، منتدى السليمانية السنوي التاسع في الفترة من 16 إلى 17 أبريل 2025، وقد ركّزت نقاشات محاور اليوم الثاني على عنوان " القضية الكردية والتغيّرات السياسية في سوريا "، بحضور وزير الخارجية العراقي الأسبق "هوشي زيباري" أحد أبرز عرّابي مشروع " إقليم كردستان العراق"، و "الرئيسة المشتركة لدائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية" السيدة "إلهام أحمد".
في مداخلاتها المتعددة، طرحت السيدة إلهام أحمد بوضوح ما يشكّل عناصر استراتيجية متكاملة، حددت الهدف المركزي لجهود لقيادات "إقليم شمال وشرق سوريا" بإقامة نظام "اللامركزية السياسية"، وبيّنت طبيعة أدوات تحقيقه، وطبيعة شروط الصراع التي تسوّغ قيامه ، ورسمت خارطة الحلفاء والخصوم، وملامح خطط العمل، وقد حصلت على نصائح ودعم الحضور، خاصة السيد الزيباري، عرّاب مشروع "كردستان العراق"!
١ الهدف الرئيسي هو إقامة نظام سياسي لامركزي،(نسخة فدرالي، وفقا للظروف السورية) ، يُشكّل المظلّة السياسية والدستورية للحفاظ على مرتكزات الكيان الجيوسياسي القسدي الأساسية- الجيش والسلطة والسيادة، ويسمح بقيام كيانات سياسية مستقلة في الساحل والسويداء تحت شعارات حقوق المكوّنات . تقول "إلهام أحمد" : " نرى أن سوريا لايجب أن تعود إلى مرحلة ٢٠١١، ويجب أن تكون لا مركزية، وتعطي حقوق كافة المكونات في المجتمع السوري."
من نافل القول أنّ الذي لا تريد إلهام أحمد العودة إليه قبل ٢٠١١ هو وجود دولة سورية مركزية موحّدة كما أوضح خطاب مظلوم عبدي، ولم يكن عندها مشكلة مع سلطة الأسد وسياساتها التي فشّلت سوريا وساهمت في تقسيمها. على العكس، كيان إلهام أحمد" الديمقراطي " هو ثمرة السياسيات الأسدية ، وتورّط الأسد شخصيا في مشروع تقسيم سوريا ، وكان الإقليم وسلطته شريك الأسد في مشروع التقسيم الذي تبلورت خارطته السياسية بعد ٢٠٢٠،وكان من الطبيعي أن ينتج سقوط سلطة الأسد أكبر التحديات الوجودية للإقليم وسلطة إلهام أحمد، ولا تخفى دوافع تحميل مركزية الدولة الموحّدة مسؤولية سياسات السلطة الأسدية لتبرير وتسويغ مشروع التقسيم تحت يافطة اللامركزية السياسية القسدي !!
٢المسوّغات والمبررات:
أ-"حاليا الواقع الموجود...الدروز هي إدارة خارج نطاق الإدارة الجديدة..العلويون يعانون...شمال وشرق سوريا لا تزال في ظل الإدارة الذاتية...إدلب كذلك نفس الأمر ، هناك فئة تحكم إدلب...والمناطق السورية الأخرى نفس كذلك الأمر...بمعنى ، الواقع الموجود بشكل طبيعي يخلق حالة جديدة لرسم نظام سوريا الجديد".
ب-" الظروف السياسية الموجودة تفرض اللامركزية...نحن رأينا ما حدث في الساحل قبل فترة ..مجازر أرتُكبت .."
ت- العوامل التاريخية:
"هي ليست المرّة الأولى التي يتمّ المطالبة بها من قبل الشعب السوري...بنظام لا مركزي ...
في الخمسينيات كان هناك مطالب...وقبلها، وقت الانتداب الفرنسي، سوريا كانت عدّة دول صغيرة ضمن هذه الجغرافيا...بمعنى، أن سوريا لها تجارب في "اللامركزية"...
٣ لوحة الخصوم والأعداء:
أ-"الرئيس أحمد الشرع يعارض فكرة الفدرالية أو اللامركزية، ويقول أنّه لا يحظى بقبول شعبي، ولا يخدم مصلحة سوريا."
ب" تركيا ترى أنّ الفدرالية في ظاهرها مشروع ديمقراطي طموح، لكن في جوهرها نزعة و مشاريع انفصالية.."
ت-"هناك معلومات تقول بأنّ الانسحاب الأمريكي من شمال شرق سوريا سيكون خلال شهرين."
٤الشركاء والأدوات :
"حاليا، الدروز ، رافضين للنظام المركزي ، العلويين، رافضين للنظام المركزي ...نسبة كبيرة من السنة العلمانيين في سوريا .الفئة العلمانية في سوريا ... نسبة كبيرة من السوريين هم علمانيون... المسيحيون...نفس كذلك الأمر ...وبالتالي ، الغالبية العظمى في سوريا ، يطالبون بسوريا لا مركزية.
٥الخطط:
"رفض اللامركزية يعني الدخول في صراعات جديدة ."
وقد أشارت "إلهام أحمد" إلى وجود خطتين،" أ" و" ب".
"الخطط الموجودة لدينا هي المحافظة على ما هو موجود ....وسنسعى لأنّ ننخرط في الداخل السوري أكثر...وسنكون مشاركين بأيّة عملية تحدث ...وسنضغط في هذا الاتجاه ...كي لايكون لدينا خيارات أخرى ...نحن نصرّ على أن يكون هناك تفاهما سياسيا في سوريا حول حكم تشاركي. مطالب بأن نكون مشاركين في وضع الدستور السوري. وأن نكون مشاركين في الإدارة ...وأن نرسم معا( مع بعض) معالم سوريا الجديدة ."
من الجدير بالذكر أنّه ، بعكس ما يدّعيه خطاب السيدة أحمد، وتروّجه بروباغاندا قسد ومسد، الخلاف الجوهري مع سلطة دمشق ليس حول شكل النظام السياسي السوري، والحرص على بناء نظام ديمقراطي، بل الخلاف يرتبط بتناقض الرؤى والمصالح حول مصير الكيان الجيوسياسي السوري . في حين تسعى سلطة دمشق لإعادة توحيد الجغرافيا والسلطة، وحصر امتلاك السلاح بيد مؤسسات دولة مركزية موحّدة، يعمل مشروع قسد على الحفاظ على وقائع التقسيم الموجودة حاليا ، بما يسمح بقيام كيانات سياسية مستقلة في الساحل السوري والسويداء،في ظل نظام لامركزي،يشكّل الإطار السياسي والدستوري لشرعنة بقاء سلطة إقليم "شمال وشرق سوريا"، ويحافظ على امتيازات قيادات قسد القنديليّة !
#نزار_فجر_بعريني (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟