أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - محمد عبد الكريم يوسف - الدبلوماسية بعين رجل أعمال: كيف حوّل دونالد ترامب البيت الأبيض إلى -لوحة إعلانات-؟















المزيد.....

الدبلوماسية بعين رجل أعمال: كيف حوّل دونالد ترامب البيت الأبيض إلى -لوحة إعلانات-؟


محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث

(Mohammad Abdul-karem Yousef)


الحوار المتمدن-العدد: 8529 - 2025 / 11 / 17 - 02:50
المحور: قضايا ثقافية
    


ملخص: يدرس هذا المقال كيف استخدم الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، سلطته ومنصبه الدبلوماسي لتسويق وترويج مصالح شركته الخاصة، "مؤسسة ترامب" (Trump Organization). من خلال تبني نهج "الدبلوماسية القائمة على الصفقات" (Transactional Diplomacy)، لم يقم ترامب فقط بتحدي قواعد البروتوكول التقليدية، بل طمس الحدود الأخلاقية والقانونية بين المصلحة العامة والخاصة. يركز التحليل على حالات استضافة الوفود الأجنبية في ممتلكاته وكيف أثر ذلك على الصورة الدولية للدبلوماسية الأمريكية، ليخلص إلى أن ترامب أسس لنموذج جديد تُصبح فيه الدبلوماسية أداة تسويق عالمية.

1. المقدمة: "أمريكا أولاً"... والـ "Golf Club" ثانياً!
في عالم الدبلوماسية التقليدية، يُفترض أن يكون القائد السياسي مُحصّناً تماماً عن تضارب المصالح، وأن تُدار العلاقات الخارجية من خلال مبانٍ حكومية محايدة وذات هيبة. أما الرئيس دونالد ترامب، فكسر هذا العرف، ليصبح أول رئيس أمريكي يحول أماكن إقامته الترفيهية الفاخرة إلى ساحات دبلوماسية رئيسية (Davis, 2025).
كان ترامب يرى الرئاسة امتداداً لـ "العلامة التجارية ترامب". وإذا كان الهدف الرئيسي للدبلوماسية هو تعزيز مصالح الدولة، فقد كان يرى أن مصلحة الدولة (America First) تتفق تماماً مع مصالح عائلة ترامب المالية. هذا التداخل خلق تحدياً بروتوكولياً وأخلاقياً فريداً: متى ينتهي الرئيس ويبدأ رجل الأعمال؟

2. استراتيجية "التسويق الرئاسي" في الممتلكات الخاصة
اعتمد ترامب على عدة تكتيكات ذكية (ومثيرة للجدل) في استخدام نفوذه الدبلوماسي للترويج لشركاته:
2.1. "منتجع البيت الأبيض الشتوي" (Mar-a-Lago) ☀️
بدلاً من استضافة القادة الأجانب في المقر الرئاسي التقليدي "كامب ديفيد"، كان ترامب يختار منتجعه الخاص "مارالاغو" في فلوريدا بشكل متكرر للاجتماعات رفيعة المستوى.
التأثير التسويقي: حضور قادة عالميين مثل رئيس وزراء اليابان أو الصين في المنتجع الفاخر ليس مجرد اجتماع، بل هو تأييد بروتوكولي مجاني لـ "العلامة التجارية ترامب". هذا يرفع من قيمة العقار ويجذب المزيد من العملاء والأعضاء الراغبين في التواجد في "مسرح التاريخ". هذا السلوك يخترق البروتوكول الذي يفرض فصل المهام الرسمية عن الممتلكات الشخصية (Gorman & Stanley, 2020).
2.2. "جولة الغولف الدبلوماسية" (Golf Diplomacy) 🏌️‍♂️
ملاعب الغولف التابعة لـ "مؤسسة ترامب" في فرجينيا ونيوجيرسي لم تكن مجرد أماكن للراحة، بل تحولت إلى مواقع لعقد اجتماعات غير رسمية.
الرسالة الدبلوماسية: قضاء السفير أو القائد الأجنبي وقتاً طويلاً في أحد نوادي الغولف الخاصة بترامب كان يُرسل إشارة واضحة: لتكسب ود الرئيس، استثمر في علامته التجارية. فقد كانت الوفود الأجنبية تحجز فعالياتها في فنادق ترامب بالرغم من توافر خيارات حكومية أفضل (CREW Report, 2025). وهذا ما يُطلق عليه "التسويق بالإشارة" (Signaling Marketing)، حيث يدفعون مقابل الوصول.
2.3. دبلوماسية "المعادن الثمينة والصفقات" 🤝
لقد أعاد ترامب تعريف مهمة الدبلوماسي الأمريكي. فبدلاً من التركيز فقط على القيم والمساعدات، أصبحت الأولوية للصفقات الاقتصادية البحتة.
النموذج الأفريقي: في تعامله مع القارة الأفريقية، ركز ترامب على شعار "التجارة لا المساعدات"، وربط القرارات الدبلوماسية بالفرص الاستثمارية المتعلقة بالمعادن والموارد، وهو ما يعكس عقلية رجل الأعمال الذي يرى في السياسة الخارجية سوقاً يجب استغلالها لتعظيم الأرباح، سواء لأمريكا أو لـ "مؤسسة ترامب" (Arabic Post, 2025).

3. المناقشة: تضارب المصالح كـ "عرض ترويجي"
إن سلوك ترامب لم يمثل مجرد تضارب مصالح، بل كان استراتيجية تسويق عالمية مكثفة. لقد حوّل البروتوكول الرئاسي إلى "فرصة دعاية مجانية" لمنتجاته:
الشرعية الدبلوماسية للترفيه: إضفاء الشرعية على ممتلكاته كـ "مقرات حكومية فعلية"، مما يعزز مكانتها كوجهات للنخبة عالمياً.
خلق ضغط غير مباشر: أصبح هناك "طلب بروتوكولي غير رسمي" على الدبلوماسيين الأجانب لإقامة فعالياتهم في فنادق ترامب للحصول على فرصة أفضل للتأثير على القرار الأمريكي.
هذا النمط من "الرأسمالية الدبلوماسية" هو خروج صريح عن مبدأ "مخصصات الحكومة" (Emoluments Clause) في الدستور الأمريكي، والذي يهدف إلى منع المسؤولين من الحصول على هدايا أو مدفوعات من حكومات أجنبية دون موافقة الكونغرس (Drezner, 2020).

4. الخاتمة: نهاية الخط الفاصل
في الختام، قد يُنظر إلى تسويق دونالد ترامب لمنتجات شركاته عبر الدبلوماسية كـ "أسوأ كابوس بروتوكولي"، ولكنه كان، في الوقت ذاته، "أفضل حملة تسويقية" على الإطلاق لمؤسسته. لقد أزال ترامب الخط الفاصل بين "مكتب الرئيس" و "مكتب الرئيس التنفيذي" (CEO)، وأثبت أن الأدوات الدبلوماسية (مثل اللقاءات والزيارات الرسمية) يمكن أن تُستخدم كأصول رأسمالية. يبقى الإرث الدائم لهذه الحقبة هو أن الدبلوماسية الحديثة باتت مرآة تعكس ليس فقط مصالح الدولة، بل أيضاً المحفظة الاستثمارية لقادتها.

المراجع

CREW Report. (2025, March 10). Tracking Trump’s visits to his properties and other conflicts of interest.
Davis, W. (2025, March 27). Twenty-two Trump-branded real estate projects will be developed in foreign countries during Trump’s presidency. Citizens for Responsibility and Ethics in Washington (CREW).
Drezner, D. W. (2020). The Tweets that Roared: Donald Trump, Twitter, and the Remaking of American Foreign Policy. Oxford University Press. (لتحليل إطار "الدبلوماسية القائمة على الصفقات").
Gorman, J. C., & Stanley, D. (2020). Protocol and Personality: The Impact of Trump’s Twitter Diplomacy on International Norms. Journal of Public Diplomacy and Communication, 4(2), 45-62. (لتحليل خرق قواعد البروتوكول).



#محمد_عبد_الكريم_يوسف (هاشتاغ)       Mohammad_Abdul-karem_Yousef#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ‏الاختراقات المخيفة للهندسة الوراثية
- ‏الظلام القادم من النور: عندما تنحرف الثورات عن مسارها – درا ...
- النص الكامل لمقابلة نورا أودونيل مع الرئيس ترامب
- مهارات في الحكمة لم نتعلمها في المدرسة
- ‏الرياضيات واللسانيات: تلاقي المنطق والمعنى
- ‏الأسلحة الجيوفيزيائية … إلى أين؟
- المرأة بين الرفض والتمرد في ديوان نزار قباني -يوميات امرأة ل ...
- ‏الأسلحة البيوتقنية... إلى أين؟ ‏
- ‏قراءة في نص نزار قباني: -حبيبتي تتعطر بالنفط-
- ‏المجتمع مرآة أخلاقية للسلطة ‏
- أنماط الدولة الحديثة: المركزية، اللامركزية، الفيدرالية، والك ...
- قراءة في قصيدة -ريتا- للشاعر محمود درويش
- أثر الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة لعام 2025
- ‏قراءة بلاغية وجمالية في قصيدة -لمن طلل بين الجدية والجبل- ل ...
- ‏عندما يتحول الإعلام (مهنة نبيلة) إلى إعلان (مهنة تجارية):
- ‏الظلام القادم من النور: عندما تنحرف الثورات عن مسارها ( ...
- المساحة بين فنون الاتصال وعلوم الاتصال
- ‏دكتاتورية المعلومات
- الفيروسات المختبر وتتحول إلى سلاح
- ‏سهرة جميلة مع حبيبتي الروبوت


المزيد.....




- إسرائيل.. غارة على صور وتوصية بحرب على لبنان
- إسرائيل تقتل مسؤولا في حزب الله جنوب لبنان
- سوريا.. الكشف عن موعد محاكمة المتهمين في -انتهاكات الساحل-
- مقاتلات إف35 للسعودية: صفقة خلافية بين ترامب وإسرائيل
- شاهد..كيف لحقت الكونغو الديمقراطية بالملحق العالمي على حساب ...
- سوريا.. اشتباكات بين القوات الحكومية وقسد في ريف الرقة
- اليمن.. إحباط مخطط حوثي لتنفيذ اغتيالات في عدن
- واشنطن تحشد قرب فنزويلا.. أحدث حاملة طائرات تصل الكاريبي
- إيران تلجأ إلى تلقيح السحب وسط جفاف تاريخي لم تشهده البلاد م ...
- بعد 800 إفادة.. لجنة التحقيق الحكومية عاجزة عن دخول السويداء ...


المزيد.....

- قصة الإنسان العراقي.. محاولة لفهم الشخصية العراقية في ضوء مف ... / محمد اسماعيل السراي
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الأنساق الثقافية للأسطورة في القصة النسوية / د. خالد زغريت
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الفاكهة الرجيمة في شعر أدونيس / د. خالد زغريت
- المفاعلة الجزمية لتحرير العقل العربي المعاق / اسم المبادرتين ... / أمين أحمد ثابت
- في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي / د. خالد زغريت
- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت
- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت
- الكتابة بالياسمين الشامي دراسات في شعر غادة السمان / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - محمد عبد الكريم يوسف - الدبلوماسية بعين رجل أعمال: كيف حوّل دونالد ترامب البيت الأبيض إلى -لوحة إعلانات-؟