أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - محمد عبد الكريم يوسف - ‏الأسلحة الجيوفيزيائية … إلى أين؟















المزيد.....

‏الأسلحة الجيوفيزيائية … إلى أين؟


محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث

(Mohammad Abdul-karem Yousef)


الحوار المتمدن-العدد: 8526 - 2025 / 11 / 14 - 02:03
المحور: قضايا ثقافية
    




‏---

‏الملخّص

‏يشير مفهوم «الأسلحة الجيوفيزيائية» إلى استخدام أدوات تقنية أو علمية للتأثير عمدًا على أنظمة طبيعية (المناخ، المناخ المحلي، القشرة الأرضية، الغلاف الأيوني، إلخ) لأغراض عسكرية أو استراتيجية. هذا الميدان يجمع بين خيال الحرب وواقع البحث العلمي: من محاولات تعديل الطقس إلى نظريات عن «أسلحة زلزالية» أو استخدام نبضات كهرومغناطيسية لإحداث أضرار واسعة. هذا المقال يراجع الأدلة العلمية والوقائع المعروفة، يميّز بين ما هو ممكن علميًا وما هو خيالي أو مؤامراتي، ويعرض المخاطر السياسية والبيئية والقانونية، مع توصيات حوكمة وسياسات للحد من الاستخدام الضار.


‏---

‏1. تعريفات وخلفية تاريخية قصيرة

‏تُعرّف الأسلحة الجيوفيزيائية عمومًا بأنها تقنيات تستهدف عناصر من النظام البيئي أو الجيوفيزيائي لبلوغ هدف عسكري (إحداث فيضانات، تغيير هطول الأمطار، إثارة زلازل، تعطيل شبكات الاتصالات عبر نبضات كهرومغناطيسية، إلخ). بعض أشكال التدخل هذه ليست جديدة (قنابل اختراق التربة في الحرب العالمية الثانية تُسمى «earthquake bombs» لكنّها لم تُصمَّم لخلق زلازل طبيعية وإنما لتدمير بنى تحتية صلبة).

‏منذ السبعينيات أعقبت مفاوضات دولية تبنّي المجتمع الدولي معاهدة تحظر الاستخدام العدائي لتقنيات تعديل البيئة ذات التأثير الواسع والطويل الأمد («ENMOD»)، وهو إطار أساسي لكنه قديم أمام تقدم التكنولوجيا الحديثة.



‏---

‏2. ماذا من الممكن علميًا — وما هو خيال مؤامراتي؟

‏ما هو واقعي/ممكن علميًا

‏1. تعديل الطقس المحلي (cloud seeding): تقنيات مثل تبخير أو بثّ محسنات تكثف الماء (فضلات فضة/أيونات) أو استثارة ظروف تكون السحب لزيادة هطول الأمطار مورست ولا تزال تُطبّق في بلدان عدة لأغراض زراعية ومدنية—وقد توسّعت تجاربها لتغطياتٍ إقليمية كبيرة (مثال: الصين وتوسيع عمليات تلقيح السحب). هذا احتمال يمكن توظيفه أيضًا بطرق ذات تبعات استراتيجية إن استُخدم لأغراض تعطيل محاصيل أو تهييج شحّ مياه لدى طرف آخر. لكن تأثيراته المحددة واسعة النطاق ومتحكم فيها بصعوبة.


‏2. نبضات كهرومغناطيسية (EMP) وتدمير البنى التحتية الإلكترونية: أسلحة قادرة على توليد نبضات قوية يمكنها إتلاف أو تعطيل الأجهزة الإلكترونية والبنى التحتية. هذا مجال عسكري ناضج نسبيًا ويُعتبر تهديدًا جيوتقنيًا حقيقيًا لأنه لا يتطلّب «تعديلًا للطقس» بل استهدافًا للبنى الحسّاسة. (مناقشة تقنية/أمنية—دون تفاصيل تشغيلية).



‏ما هو بعيد الاحتمال أو خرافي/مؤامراتي

‏1. الأسلحة الزلزالية (tectonic weapons): فكرة وجود جهاز قادر على تحريك قشرة الأرض مقصودًا لخلق زلازل خطيرة تبقى ضمن التكهنات أو نظريات المؤامرة. لم تُعرض أدلة موثوقة على وجود آلات قادرة على تحفيز زلازل كبيرة بعيدة عن مناطق النشاط التكتوني أو تجاوز الطبيعة المعقدة للطاقة المختزنة في الصدوع. إجراء تجارب «اهتزازية» صغيرة يبيّن حدود الأثر ولا يدعم فرضية التحكم في الزلازل الكبرى.


‏2. التحكّم بالعواصف الكبرى أو الأعاصير باستخدام مرافق مثل HAARP: منشآت بحوث أيونية مثل HAARP تُستخدم لدراسة الغلاف الأيوني وليس لتوليد أعاصير أو زلازل؛ المزاعم بقدرتها على «خلق أعاصير» فاقت السلامة العلمية وقد نُفندت على نطاق واسع من قبل الخبراء ووسائل التحقّق الصحفي. لا توجد تقنيةٍ معروفة اليوم تتيح التلاعب بالعواصف الحرارية على مقياس إعصار كامل بطريقة مدروسة عسكريًا.




‏---

‏3. لماذا إذن القلق؟ المخاطر الواقعية

‏حتى مع ضعف الأدلة على وجود «أسلحة زلزالية» عملاقة، ثمة مخاطر حقيقية تجعل المسألة ذات أهمية أمنية وإنسانية:

‏1. الأسلحة التفكيكية والتقنيات المزدوجة الاستعمال: تقنيات تعديل الطقس أو نبضات EMP تُستخدم لأغراض مدنية/سلمية ويمكن إعادة توظيفها في سياق عسكري؛ هذا التعارض بين الاستخدامات المدنية والعسكرية يجعل الرقابة صعبة.


‏2. التأثيرات العابرة للحدود والإثارة الدبلوماسية: تغيير هطول الأمطار أو تعديل تدفقات الأنهار قد يؤثر على دولٍ جوار ويثير نزاعات على الموارد المائية، ويقود إلى أزمة دبلوماسية أو تصعيد عسكري. تقنيات الطقس الإقليمية قد لا تبقى مقصورة داخل حدود الدولة المنفّذة.


‏3. الحوادث وسوء الفهم: تجربةٌ علمية أو اختبارٌ عسكري يمكن أن يُساء تفسيره لدى طرفٍ آخر على أنه هجوم، ما قد يؤدي إلى تداعيات أمنية خطيرة. كما أن التأثيرات البيئية قد تكون غير متوقعة وطويلة الأمد.


‏4. الأسلحة الإلكترونية والجيوإلكترونية: تعطيل الاتصالات، شبكات توزيع الكهرباء، أو منظومات التحكم يمكن أن يعطل دولًا بأكملها ويُعدّ تهديدًا جيوفيزيائيًا من نوع جديد قائم على البنية التحتية (وغير متصل بمناخ أو قشرة أرضية).




‏---

‏4. الإطار القانوني الدولي والحلزونات المتاحة

‏معاهدة ENMOD (1977) تحظر الاستخدام العدائي لتقنيات تعديل البيئة ذات التأثير الواسع أو الطويل الأمد. هذا إطار قانوني مهم لكنه قد يحتاج تحديثًا لمواجهة تقنيات العصر مثل التلاعب المناخي المنظم أو العمليات الجيوإلكترونية المعاصرة.

‏التحدّي الرقابي: كثير من أعمال «تعديل الطقس» تُنفّذ لأغراض زراعية أو مدنية (مثال: برامج تلقيح السحب) ما يجعل التفريق بين نشاط مدني ونشاط عسكري صعبًا، ويستدعي معايير شفافية وإبلاغ دولي. تقارير صحفية وأدلة على توسّع عمليات التعديل المناخي (مثلاً في الصين) تبيّن الحاجة إلى حوار إقليمي ودولي حول المعايير.



‏---

‏5. توصيات سياساتية للحوكمة والحد من المخاطر

‏1. تحديث ENMOD وإجراء حوار دولي متجدد: مراجعة نصوص المعاهدة لتعالج الفجوات الجديدة (الأسلحة الإلكترونية واسعة النطاق، التلاعب الاستراتيجي بالهطول، اختبارات جيوإلكترونية) وإدخال آليات إشعار وشفافية إلزامية.


‏2. آليات إشعار ومراقبة شفافة للأنشطة المناخية الواسعة: قاعدة بيانات دولية تُبلّغ الأعمال الكبيرة مثل برامج تلقيح السحب المكانية الكبيرة، مع تقييمات بيئية وإشعارات للدول المتضرّرة المحتملة. (أدلة ميدانية تُشير إلى توسّع بعض البرامج الكمّية).


‏3. حظر الاستخدام العسكري للتقنيات المدنية الحسّاسة: قواعد واضحة تمنع إعادة توظيف أنظمة الطقس أو المراصد الأيونية لأغراض هجومية. كما ينبغي تعزيز معايير تشغيل مرافق بحثية عالية التأثير لتجنب إساءة التفسير.


‏4. بناء قدرات فنية للتحقّق وتعزيز الشفافية العلمية: شبكات من المراقبة المناخية والجيولوجية المستقلة قادرة على رصد تغيّرات غير طبيعية والتمييز بين ظواهر طبيعية وتجارب بشرية. هذا يقلّل مخاطر سوء الفهم ويزيد من المساءلة.


‏5. حملة توعية علمية ضد نظريات المؤامرة مع الاحتفاظ بالمساءلة: تفنيد المزاعم التي تفتقر إلى دليل (مثل الاتهامات بأن منشآت أيونية تُنشئ أعاصير أو زلازل) يساعد على تقليل الاحتقان الشعبي، لكن لا يُعفي الحكومات من الشفافية والمسؤولية العلمية.




‏---

‏6. خاتمة — إلى أين؟

‏الوجهة لم تَحسم بعد: الأسلحة الجيوفيزيائية قد تبقى إلى حدّ كبير في نطاق الاستخدامات التقليدية والقابلة للقياس (EMP، تعطيل البنى التحتية، تعديل محلي للطقس)، بينما تظل أفكار «التحكّم بالزلازل» أو «خلق أعاصير» تلقى اهتمامًا إعلاميًا ونظريًا أكثر منها دعمًا علميًا موثوقًا. لكن تحوّل أي تقنية من مدنية إلى عسكرية ممكن، ومع تعاظم التنافس الجيوسياسي وتقدّم القدرات التكنولوجية، يزداد احتمال أن تدخل هذه القضية ضمن أولويات الأمن الدولي. لذلك يُعدّ تحديث الأطر القانونية الدولية، وبناء شفافية علمية، وتعزيز آليات المراقبة المتعدّدة الأطراف من أدوات الحماية الضرورية لمنع تحول التقنيات الجيولوجية أو المناخية إلى أدوات حرب ودمار.


‏---

‏مراجع مختارة للقراءة والتحقق

‏Convention on the Prohibition of Military´-or-Any Other Hostile Use of Environmental Modification Techniques (ENMOD). (1977).

‏University of Freiburg — legal analysis: The ENMOD Convention.

‏South China Morning Post — "A fleet of cloud seeding drones increased rainfall..." (May 4, 2025).

‏The Guardian — reporting on China s weather modification plans (2020–2025 coverage).

‏HAARP official: About HAARP — project de-script-ion and scientific aims.

‏Reuters fact-check — debunking claims that HAARP modified specific hurricanes.

‏Wikipedia — Tectonic weapon (نقاش حول النظريات والحقائق والافتراضات).



#محمد_عبد_الكريم_يوسف (هاشتاغ)       Mohammad_Abdul-karem_Yousef#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرأة بين الرفض والتمرد في ديوان نزار قباني -يوميات امرأة ل ...
- ‏الأسلحة البيوتقنية... إلى أين؟ ‏
- ‏قراءة في نص نزار قباني: -حبيبتي تتعطر بالنفط-
- ‏المجتمع مرآة أخلاقية للسلطة ‏
- أنماط الدولة الحديثة: المركزية، اللامركزية، الفيدرالية، والك ...
- قراءة في قصيدة -ريتا- للشاعر محمود درويش
- أثر الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة لعام 2025
- ‏قراءة بلاغية وجمالية في قصيدة -لمن طلل بين الجدية والجبل- ل ...
- ‏عندما يتحول الإعلام (مهنة نبيلة) إلى إعلان (مهنة تجارية):
- ‏الظلام القادم من النور: عندما تنحرف الثورات عن مسارها ( ...
- المساحة بين فنون الاتصال وعلوم الاتصال
- ‏دكتاتورية المعلومات
- الفيروسات المختبر وتتحول إلى سلاح
- ‏سهرة جميلة مع حبيبتي الروبوت
- ‏من شخصنة السلطة إلى بناء الدولة: قراءة في فكر فرانسيس فوكوي ...
- ‏الاستبداد لا يقوم إلا على شعب مستعدّ له، ولا يزول إلا بشعب ...
- ‏الدمى الجنسية بين الأخلاق والضرورة
- ‏صناعة تجارة -الرقيق الأبيض-: آلياتها، دوافعها، وتداعياتها و ...
- الدنيا ملك لمن يستيقظ باكراً
- التحرش الجنسي في مرحلة الماجستير والدكتوراه


المزيد.....




- لحظة اندلاع حريق هائل في معبد صيني.. فيديو يظهر ما حدث للمبن ...
- لحظة سقوط صواريخ روسية ضخمة على كييف في أكبر هجوم منذ أسابيع ...
- شاهد.. عائلات في غزة تعاني جراء غرق خيامها بسبب الأمطار الغز ...
- أضواء الشفق القطبي النادرة تضيء السماء في شمال الصين
- معاناة مرضى السكري في مصر
- ماذا يقول النازحون من الفاشر عن الفظائع التي شهدتها المدينة؟ ...
- -تركيا لا تتجه غرباً، بل الغرب من يتّجه نحو تركيا-- في جولة ...
- تحذيرات أممية: السودان يعيش حربًا بالوكالة وسط نزوح جماعي وم ...
- باكستان تعلن توقيف خلية إرهابية مرتبطة بـ-طالبان باكستان- بع ...
- أوكرانيا: هجوم روسي -ضخم- بصواريخ ومسيرات على العاصمة كييف


المزيد.....

- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الأنساق الثقافية للأسطورة في القصة النسوية / د. خالد زغريت
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الفاكهة الرجيمة في شعر أدونيس / د. خالد زغريت
- المفاعلة الجزمية لتحرير العقل العربي المعاق / اسم المبادرتين ... / أمين أحمد ثابت
- في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي / د. خالد زغريت
- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت
- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت
- الكتابة بالياسمين الشامي دراسات في شعر غادة السمان / د. خالد زغريت
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - محمد عبد الكريم يوسف - ‏الأسلحة الجيوفيزيائية … إلى أين؟