بديعة النعيمي
كاتبة وروائية وباحثة
(Badea Al-noaimy)
الحوار المتمدن-العدد: 8526 - 2025 / 11 / 14 - 13:22
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كان لهجوم السابع من أكتوبر/٢٠٢٣ الفضل في إذابة الثوابت لمنظومة الجيش الصهيوني من الداخل، حيث أظهرت التقارير أن الآلاف من الجنود المنتسبين للخدمة الدائمة باتوا يسعون للتسريح المبكر، ويعزون ذلك إلى أسباب منها إرهاق الحرب، تردي ظروف الخدمة، وشعور متزايد بعدم الشرعية والتجاهل من الجانب السياسي.
وفقا لقناة "١٢ العبرية" طالعنا هذا الخبر مؤخرا "يواجه الجيش واحدة من أخطر الأزمات التي شهدها في السنوات الأخيرة، إذ يطلب آلاف العسكريين الدائمين تسريحا مبكرا ولا يرغبون في مواصلة خدمتهم، هذه ظاهرة واسعة النطاق تشمل جميع الرتب والمستويات. وراء هذه الظاهرة عوامل متعددة، فإلى جانب الاستنزاف الناجم عن الحرب وظروف العسكريين، هناك الضرر الناجم عن نزع الشرعية وتصريحات السياسيين، إضافة إلى ذلك فأن طريقة إجراء بعض التعيينات الأخيرة في الجيش تثير مخاوف من أن الجيش أصبح أكثر تشابها مع الشرطة".
في الوقت نفسه، يعترف الجيش بنقص كبير في العنصر البشري من جنود وضباط ، الأمر الذي يشكل تهديدا لجهوزية ما تسمى بالمؤسسة الأمنية. وأضافت تقارير أيضا بأن عشرات الضباط من حاملي الرتب القريبة من العقيد والمقدم، قاموا بتقديم استقالاتهم هذا العام.
ما يعنيه هذا بالنسبة للسابع من أكتوبر، أن يوم الاقتحام الذي مثل نقطة تحول للمشهد الميداني، شكل أيضا نقطة تحول داخلي بالنسبة لجيش الشتات، وأن المؤسسة المفترضة لما يسمى ب "لدفاع الوطني" دخلت في حالة أزمة هوية خطيرة تهدد استمرارها في صيغتها المعتادة.
وباختصار، إن ما يبدو ظاهريا معركة ضد حركة مقاومة، هو في الواقع امتداد لمعركة داخلية، فالجنود لا يرغبون في البقاء، وضباط يغادرون، وقيادة تدرك حجم المشكلة (ومن بينها رئيس الأركان إيال زامير الذي يعنى شخصيا بالقضية بشكل مكثف كما نقلت القناة ١٢.
وهكذا فإن دولة الاحتلال لم تصل إلى أزمتها الحالية إلا بسبب سياساتها الممتدة عبر أعوام من حصار غزة، والتضييق على أهلها، وقصفها المتكرر، إلى الاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى، والضغط المستمر على الفلسطينيين في الضفة الغربية والداخل، كل هذا مهد لانكشاف هشاشتها من الداخل. فجاء السابع من أكتوبر ليكشف حجم هذه الهشاشة في منظومتها "الأمنية" التي تواجه اليوم كما ذكرنا آنفا، نزيفا في الجنود والضباط، وتراجعا في الثقة، وارتباكا في القيادة.
ونراها اليوم وقد انطبق عليها المثل الشعبي الذي يقول "جاجة حفرت على راسها عفرت".
#بديعة_النعيمي (هاشتاغ)
Badea_Al-noaimy#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟