أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بديعة النعيمي - -ميري ريغف- وفوبيا جثمان الشهيد يحيى السنوار














المزيد.....

-ميري ريغف- وفوبيا جثمان الشهيد يحيى السنوار


بديعة النعيمي
كاتبة وروائية وباحثة

(Badea Al-noaimy)


الحوار المتمدن-العدد: 8502 - 2025 / 10 / 21 - 12:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


اقترحت "ميري ريغف" مؤخرا إحراق جثة القائد المشتبك الشهيد يحيى السنوار رحمه الله. و "ميري" هذه، وزيرة في حكومة الاحتلال. وحين يصدر اقتراح كهذا بحق جثمان شهيد وقائد فهو لعمري إنما يعبر عن انهيار رمزي كامل، ومرآة تعكس عمق الأزمة الأخلاقية التي تعصف بمجتمع الشتات الذي بدأ يفقد بوصلته الوجودية، وبات يرى في جثمان من أرعبهم "ساحة انتقام أخيرة، وأن النار رمزية ضرورية للشفاء من هذا الرعب".

يعتبر الجسد الميت عبر التاريخ الإنساني، كتلة من الذكريات، رمزه في أهله، في تاريخه، وفي أعدائه أيضا. لذلك فإن من يعتدي على هذا الجسد، إنما ينتقم من صورة الإنسان فيه. وحين تتحدث وزيرة، تمثل الدولة المزعومة التي تدعي الديمقراطية والتحضر، عن إحراق جثمان خصم من وجهة نظرها، فهي بذلك تعلن عن العجز بل وتثبته. لأن القوة التي يرهبها جثمان هي ضعف في أسوأ مراحله..
وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على بنية نفسية مريضة تعيشها المنظومة الصهيونية منذ السابع من أكتوبر/٢٠٢٣. فالصدمة التي مثلها ذلك اليوم المبارك، وما سبقه من إحساس بالخدر الأمني، وما تبعه من انكشاف داخلي، حولت وعي هذا المجتمع إلى بؤرة خوف، عميقة ومفتوحة وتتجدد كل لحظة، بل تتمدد صانعة زلزال نفسي مدمر، وهذه البؤرة لا يطفئها سوى حرق من تسبب بهذا الخوف حتى بعد استشهاده.

فالسنوار القائد المرعب، يجب أن يحرق، كما تقترح تلك الوزيرة، ولا يكفي أن يدفن، بل يجب ألا يدفن أصلا. وهذا تعبير رمزي خطير بأنه حتى لو دفن المرعب فإن الظمأ الرمزي للانتقام لن يتحقق داخليا بعملية الدفن.

لكن هذا الاقتراح أيضا يشي لنا بأشياء أخرى أبرزها هشاشة المعسكر المنتشي بفكرة "النقاء"، بمعنى أن النار ستطهر الواقع من أعدائه، لذلك فهو أي معسكر الصهاينة يعيش خيالا دينيا خالصا، أشبه بطقوس الحرق في القرون الوسطى، حيث كانت النار بالنسبة لهم أداة "تخليص الأرواح".

وعدونا الصهيوني يرهبه دفن قائد مثل السنوار رحمه الله، لأنه لا يريد له مزارا يذكر الآخرين به، بل يطالب بحرقه لظنه الخائب، أنه حين يحرقه سيمحوه من التاريخ، من الذاكرة. دون أن يدرك أن الأبطال لا يحترقون من الذاكرة حتى لو أحرقت أجسادهم، لأن الأجساد قشرة زائلة أما الروح فهي التي تظل منارة لا تحترق ولا تنطفئ.

والعدو إن ظن أنه حين يحرق جثمان الشهيد سيشعر الفلسطيني بأن قائده سحق أو أهين من منطلق أن المحو الرمزي هو النهاية، فقد أساء الظن، لأنه حتى لو تم الحرق الذي اقترحته الوزيرة السادية، فإن ما سيحدث هو عكس ما يتوقعون، لأن هذا الفعل الإجرامي الانتقامي، سيلهب الذاكرة أكثر ويحثها على إنتاج رمز لا يحترق أبدا. والتاريخ يشهد، فكم من قائد مات، فصار موته حياة رمزية تتجاوز الجسد؟ لأن الحرق لا يزيل الأثر، بل غالبا ما يعمقه. في اللاوعي الجمعي، فيتحول إلى دافع، وإلى سردية تعبئة ضد العدو. والاحتلال، بعقليته الأمنية الرمزية، لا يدرك أن كل محاولة لتدمير الصورة تعيد إنتاجها، وتعمق تجذرها، وتنتج جيلا أشد بأسا وأشد تعلقا بالأبطال الذين انقلبوا رموزا، ترشدهم أرواحهم التي لم تحرق إلى طريق المقاومة الذي لن يتوقف إلا بزوال العدو.



#بديعة_النعيمي (هاشتاغ)       Badea_Al-noaimy#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -الخطيئة وعقابها- والرد على حدث رفح ١٩/أكتوبر/&# ...
- الاحتلال يوثق جرائمه بيديه..جثامين مشوهة
- الاحتلال بين التهدئة المعلنة والعدوان المستمر
- مروان البرغوثي..حين يصبح التعذيب أداة لكسر الرموز الوطنية
- القناة -١٤ تحرض..إعدام أو رصاصة
- سلام -ترامب-...هل هو غطاء لمشروع توراتي؟؟
- وداعا صالح الجعفراوي...
- بين قلق الأمم المتحدة وعنف الاحتلال.. من يحمي أطباء غزة؟
- شكرا -عيران-
- غزة تزهر من دم الشهداء
- الزيتون الفلسطيني في مواجهة المشروع الاستيطاني
- من السابع إلى النصر..الحكاية بدأت ولن تنتهي إلا بالتحرير
- في غزة..السرطان والحرب يتنازعان حياة النساء
- ما بعد موافقة حماس..هل يوقف التحالف الأميركي-الصهيوني حربه؟
- من غزة إلى الضفة..هل اقتربت لحظة الانفجار؟؟
- -نيتساريم- و-موراغ- وسيناريوهات التقسيم
- سجن الفقراء.. سياسة الاحتلال الجديدة!
- -ترامب- وسماسرة الحلول..مقايضة السلاح بالكرامة.
- تسونامي المقاطعة الأمنية..ما تنبأ به الشهيد يحيى السنوار
- الفرقعة الأخيرة..خطاب -نتنياهو- بين الانفجار والعزلة


المزيد.....




- الكرملين عن قمة ترامب-بوتين: لا يُمكن تأجيل شيء لم يُحدد موع ...
- نتنياهو يلتقي رئيس المخابرات المصرية.. ومكتبه يكشف ما بحثاه ...
- المفوضية السامية تطالب مصر بإصلاحات محددة وواضحة لتنفيذ مخرج ...
- ترامب يتوعد حماس والحركة تؤكد التزامها بوقف إطلاق النار
- المتاحف الفرنسية تعاني من -ضعف كبير- في أنظمتها الأمنية
- ماكرون يدعو لإشراك أوكرانيا والأوروبيين في قمة ترامب وبوتين ...
- الصين..رجل يتحول الى بطل!
- ساركوزي أول رئيس فرنسي سابق يدخل السجن في الجمهورية الخامسة ...
- عائلتا الصحفيين هيثم ونضال بغزة تترقبان خبرا عن مصيرهما
- ماذا يعني انضمام إيران لاتفاقية -مكافحة تمويل الإرهاب-؟


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بديعة النعيمي - -ميري ريغف- وفوبيا جثمان الشهيد يحيى السنوار