أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - طوفان الأقصى 768 - إيران وتوقيت العودة إلى التخصيب: إستراتيجية -الردع الذكي- في مواجهة واشنطن وتل أبيب















المزيد.....

طوفان الأقصى 768 - إيران وتوقيت العودة إلى التخصيب: إستراتيجية -الردع الذكي- في مواجهة واشنطن وتل أبيب


زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8525 - 2025 / 11 / 13 - 01:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ترجمة وتحليل د. زياد الزبيدي

13 نوفمبر 2025

مقدمة
في مقالٍ تحليلي نشره الصحفي الروسي رافائيل فخرالدينوف في صحيفة «فزغلياد» الإلكترونية بتاريخ 2 نوفمبر 2025 بعنوان «إيران تُظهر توقيتًا مثاليًا في إستئناف برنامجها النووي»، تناول الكاتب بدقة التغيرات العميقة في الموقف الإيراني بعد الهجمات الأميركية والإسرائيلية على منشآتها النووية، مبرزًا كيف إختارت طهران توقيتًا محسوبًا لإستئناف برنامجها، مستفيدةً من التحولات الإقليمية وإنشغال واشنطن وتل أبيب بأزماتهما الداخلية، لتُعيد صياغة معادلة الردع في الشرق الأوسط وفق ما يسميه فخرالدينوف «الردع الذكي» القائم على التكنولوجيا، والمرونة الدبلوماسية، والإستقلال الوطني.
ففي خضم التحولات المتسارعة في الشرق الأوسط، إختارت إيران لحظتها بعناية. فبينما لا تزال تل أبيب وواشنطن تُحاولان ترميم هيبتهما بعد صيفٍ من المواجهات العسكرية والسياسية العاصفة، تعلن طهران عن نيتها «إستعادة جميع المنشآت النووية التي تعرضت لهجمات أميركية وإسرائيلية»، كما قال الرئيس مسعود بَزِشكيان، في تصريحٍ أوردته وكالة «رويترز».

مسقط والرسائل الغامضة

في مستهلّ تقريره، يُشير فخرالدينوف إلى أنّ طهران تلقت عبر سلطنة عُمان رسائل من الغرب تتعلق بإمكانية إستئناف المفاوضات حول البرنامج النووي. ونقلت المتحدثة باسم الرئاسة الإيرانية فاطمة مهاجراني أنّ «الرسالة سُلّمت عبر مسقط، وأنّ التفاصيل ستُعلن لاحقًا». هذه القناة العُمانية ليست جديدة؛ فمنذ إتفاق عام 2015 كانت مسقط تمثل جسرًا غير معلن بين واشنطن وطهران.

لكنّ الموقف لم يخلُ من تضارب؛ إذْ سارعت وكالة «تسنيم» الإيرانية، المقربة من الحرس الثوري، إلى نفي تلك الأنباء، مؤكدةً أنّ «الولايات المتحدة لم تُرسل أي رسائل عبر عُمان». ورغم هذا النفي، بدا واضحًا أن وساطات إقليمية متوازية تتحرك: فوزير الخارجية العُماني بدر البوسعيدي عبّر في مؤتمر «حوار المنامة» عن أمله في إستئناف المفاوضات، بينما قال نظيره القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إنّ الدوحة تعمل لإعادة الطرفين إلى طاولة إتفاقٍ «يعود بالنفع على المنطقة وإيران والولايات المتحدة»، مضيفًا جملة لافتة: «إيران جارٌ لا يمكن تجاهله، وإستقراره ليس ترفًا بل ضرورة».

من الرماد إلى التحدي: طهران تُعلن الترميم والتصعيد

أبرز ما أورده فخرالدينوف هو تصريح الرئيس الإيراني مسعود بَزِشكيان الذي أكّد أن بلاده ستعيد بناء كل المنشآت النووية التي دمرتها الهجمات الأميركية والإسرائيلية، مشددًا على أن «العلم يعيش في عقول علمائنا، وتدمير المباني لا يعوقنا؛ سنُعيد تشييدها بقوة أكبر». بهذا الخطاب، يُحول بَزِشكيان آثار الغارات إلى رمزٍ لنهضةٍ وطنية، توظف فيها إيران الضربات المعادية لتعزيز سردية الصمود.

وفي المقابل، جاء الرد الأميركي متمثّلًا في جولةٍ شرق أوسطية لنائب وزير الخزانة جون هرلي، شملت إسرائيل والإمارات وتركيا ولبنان، لمناقشة «الضغط المالي على إيران». وقد أعلن هرلي بوضوح: «يجب أن نحرم طهران ووكلاءها من الموارد التي يستخدمونها للإلتفاف على العقوبات وتمويل العنف وزعزعة الإستقرار».

هكذا تتحول الدبلوماسية إلى معركة موازية للميادين النووية والعسكرية، حيث توازن إيران بين التحدي الداخلي والردع الإقليمي والمناورة الإقتصادية.

من إتفاق 2015 إلى حرب صيف 2025: عقدٌ من الصراع النووي

يُذكّر فخرالدينوف بأنّ الإنسحاب الأميركي من الإتفاق النووي عام 2018 في عهد دونالد ترامب كان نقطة التحول الكبرى. ذلك الإتفاق الذي حدّ من تخصيب اليورانيوم مقابل رفع العقوبات، إنهار، لتعود العقوبات ثم لتُفرض مجددًا عبر الأمم المتحدة.
وفي يونيو 2025، شنّت إسرائيل هجومًا واسعًا على المنشآت النووية الإيرانية، متهمةً طهران بتطوير برنامجٍ عسكري سري. طالت الغارات والعَمليّات التخريبية قادةً من الحرس الثوري، وعلماءَ نوويين، وقواعد جوية. وردّت إيران بموجة من الهجمات الصاروخية، تبعتها مشاركة أميركية مباشرة في قصفٍ ليلي لمواقع إيرانية في 22 يونيو. وردّت طهران بعد أقل من 24 ساعة بقصف قاعدة «العديد» الأميركية في قطر، معلنةً أنها لا تنوي التصعيد أكثر.
هذه الجولة القصيرة من الحرب كشفت ــ بحسب فخرالدينوف ــ أن إيران أصبحت قادرة على ضرب المصالح الأميركية والإسرائيلية في المدى المتوسط، دون أن تنزلق إلى حربٍ شاملة. حتى الرئيس ترامب نفسه قال بعدها إنّ طهران «أفرغت شحنة غضبها»، مُبديًا أملًا في عودة السلام، لكنه عاد في يوليو ليهدد بضربات جديدة إن استأنفت إيران تخصيبها.

عصر «الردع الذكي»: إيران في قلب سباق نووي جديد

ينقل المقال عن قناة «يوميات الصحفي الإيراني» على تلغرام تحليلاً مفاده أن العالم دخل «عصرًا جديدًا من المنافسة النووية»، حيث لم يعد التفوق مرهونًا بعدد الرؤوس النووية، بل بسرعة الإستجابة ودقة الضربة والتفوق التكنولوجي.

وتُشير القناة إلى أنّ «أمر ترامب بإستئناف التجارب النووية» كان بمثابة إعلان نهاية عهد ضبط التسلح، وأنّ العالم الآن يندفع نحو سباقٍ جديد تشارك فيه الصين وروسيا بقوة، فيما «تفقد إستراتيجيات الردع التقليدية معناها». في هذا السياق، يتحدث فخرالدينوف عن «إستراتيجية الردع الذكي» التي تتبعها طهران: مزيج من القدرات الدفاعية، والتقنيات الفضائية والسيبرانية، والمرونة الدبلوماسية، والإعتماد على الذات الوطنية.

بهذه المعادلة، يرى الكاتب أن إيران لا تستخدم التكنولوجيا كدرعٍ فحسب، بل كأداة لزيادة وزنها في ميزان القوى العالمي، في مرحلة يُعاد فيها رسم الخرائط الجيوسياسية على أنقاض النظام القديم.

إنهيار «الهلال الشيعي» وبحث طهران عن ضمانات جديدة

يُبرز فخرالدينوف تحليل الخبير الروسي أليكسي أنبيلوغوف، رئيس «مؤسسة دعم الأبحاث والمبادرات المدنية – أُسْنُوفَانِيه»، الذي يرى أن مقتل قاسم سليماني في 2020 أطاح بالبنية الأمنية الإقليمية التي بنتها إيران كبديلٍ عن الردع النووي. فبعد غياب سليماني، ضعفت البنية السياسية والعسكرية لما عُرف بـ«الهلال الشيعي» الممتد من طهران إلى بيروت مرورًا بدمشق وبغداد وصنعاء.

ويضيف أنبيلوغوف أن «إنهيار هذه المنظومة كان أحد أسباب الحملة الصيفية ضد المنشآت النووية الإيرانية»، وأنّ «نتنياهو دعا علنًا إلى إسقاط النظام في طهران»، ما جعل البرنامج النووي مسألة بقاء للدولة الإيرانية أكثر من كونه خيارًا إستراتيجيًا.

واشنطن في مأزق الجغرافيا والشرعية

في القسم الأخير من مقاله، يخلص فخرالدينوف إلى أنّ الولايات المتحدة اليوم غير قادرة على شن حرب كبرى في الشرق الأوسط. فالوضع يختلف عن «عاصفة الصحراء» أو غزو العراق عام 2003: «المنطقة تغيّرت جذريًا، والبيت الأبيض لم يعد يملك دعم الممالك الخليجية كما في السابق، وإيران أثبتت أن القواعد الأميركية في مرمى صواريخها».

ويُضيف أن تحريك حاملات الطائرات إلى الخليج أصبح مخاطرة مكلفة، وأنّ الرأي العام الأميركي لن يقبل بسهولة حربًا جديدة في الشرق الأوسط، خصوصًا بعد عقدين من الخسائر في العراق وأفغانستان. وحتى الضربات المحدودة، كما يقول أنبيلوغوف، «لن تنجح في تدمير البنية التحتية النووية الإيرانية المنتشرة في مئات المواقع عبر البلاد».

خلاصة: بين الرماد والقيامة النووية

من خلال رصد تسلسل الأحداث وتحليل المواقف، يظهر أن إيران لم تعد تُفكّر بعقلية الدفاع عن النفس، بل بعقلية إعادة تشكيل النظام الإقليمي. فهي ـ كما يصوغ فخرالدينوف عبارته الختامية ـ تحاول تحويل الضغوط الخارجية إلى رافعةٍ لقوتها الجيوسياسية.

قد يكون هذا ما يُفسّر توصيفه لسياسة طهران بأنها «توقيت مثالي»: فهي تتحرك حين يضيق هامش خصومها، وتُفاوض حين تبدو المبادرة بيدها. وبينما تتحدث واشنطن عن «الضغط» وتلوّح تل أبيب بـ«الضربة الوقائية»، تُجيب طهران ببرودة إستراتيجية: «نُعيد بناء ما هُدم، ونستعد لمرحلة ما بعد الردع التقليدي».
*****
المرجع
. فخرالدينوف، رافائيل. «إيران تُظهر توقيتًا مثاليًا في استئناف برنامجها النووي»، صحيفة «فزغلياد»، 2 نوفمبر 2025.



#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طوفان الأقصى 767 - حرب متعددة الأبعاد: كيف يستخدم نتنياهو ال ...
- طوفان الأقصى 766 - نتنياهو يزرع الفوضى... في بحثٍ محموم عن ح ...
- بمناسبة ثورة أكتوبر الإشتراكية العظمى الجزء 7 والأخير - لماذ ...
- طوفان الأقصى 765 - النفط والماء... كيف تحاول تركيا ترسيخ أقد ...
- بمناسبة ثورة أكتوبر الإشتراكية العظمى الجزء 6 - الشرعية السي ...
- طوفان الأقصى 764 - واشنطن و«سوريا الجديدة»: بين إعادة التدوي ...
- بمناسبة ثورة أكتوبر الإشتراكية العظمى الجزء 5 - ألكسندر سامس ...
- طوفان الأقصى 763 - غزة وأوشفيتز: وجهان لعملة تاريخية واحدة
- بمناسبة ثورة أكتوبر الإشتراكية العظمى الجزء 4 - عشرة أيام هز ...
- طوفان الأقصى 762 - من الأسطورة إلى الإبادة: قراءة في كتاب «م ...
- بمناسبة ثورة أكتوبر الإشتراكية العظمى الجزء 3 - مؤرخ روسي يق ...
- طوفان الأقصى 761 - إغتيال القذافي: جريمة العصر
- بمناسبة ثورة أكتوبر الإشتراكية العظمى - الجزء 2 - أكتوبر غيّ ...
- طوفان الأقصى 760 - إسرائيل تحت «القبّعة» الأميركية
- بمناسبة ثورة أكتوبر الإشتراكية العظمى 1 - أكتوبر العظيم
- طوفان الأقصى 759 - هل يستطيع العراق أن يحلّ محلّ سوريا في من ...
- ألكسندر دوغين - كيف تخطط روسيا لصدم الغرب؟
- طوفان الأقصى 758 - غزة: هذه الأرض النازفة – مراجعة لرواية جو ...
- ألكسندر دوغين: «توماهوك، المقامرة النووية، ووداع ترامب لأمري ...
- طوفان الأقصى 757 - لماذا يخاف ترامب من نتنياهو؟


المزيد.....




- تهريب المخدرات بالمسيرات من المغرب لإسبانيا
- فرنسا تحيي الذكرى 10 لهجمات باريس 2015 وماكرون يشارك في التك ...
- العاصفة كلوديا تتسبب في فيضانات شديدة وانقطاعات في التيار ال ...
- كم سيكلف تغيير اسم البنتاغون؟ تقرير جديد يكشف الأرقام الصادم ...
- -نسور الجمهورية- في الصالات الفرنسية
- نشر رسائل إلكترونية لإبستين واتهامات لترامب بمعرفة الاعتداء ...
- بحضور ماكرون وعائلات الضحايا.. فرنسا تحيي الذكرى الـ 10 لهجم ...
- تقرير: حفتر يقدم الوقود لقوات الدعم السريع مقابل دعم الإمارا ...
- نيويورك تايمز: جلاد الرقة بقبضة العدالة بعد 12 عاما من التخف ...
- مصر.. وزارة التعليم تحقق في -حبس- مدرسة لتلاميذ بسبب الرسوم ...


المزيد.....

- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - طوفان الأقصى 768 - إيران وتوقيت العودة إلى التخصيب: إستراتيجية -الردع الذكي- في مواجهة واشنطن وتل أبيب