أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - بمناسبة ثورة أكتوبر الإشتراكية العظمى الجزء 7 والأخير - لماذا أُلغي عيد 7 نوفمبر؟















المزيد.....

بمناسبة ثورة أكتوبر الإشتراكية العظمى الجزء 7 والأخير - لماذا أُلغي عيد 7 نوفمبر؟


زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8522 - 2025 / 11 / 10 - 13:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



مقدمة

في مقالٍ منشورٍ على موقع AMIC.ru بعنوان «ولا كلمة عن الثورة: ما الذي كان يُحتفل به في 7 نوفمبر ولماذا أُلغي هذا العيد؟» (نُشر في 7 نوفمبر 2024)، يطرح الكاتب سؤالًا يبدو بسيطًا، لكنه يحمل أبعادًا أعمق تتجاوز التقويم والمراسيم الرسمية: لماذا تضاءلت ذكرى أحد أعظم أحداث القرن العشرين في الوعي الروسي حتى صار يوم 7 نوفمبر مجرّد ذكرى عسكرية باهتة؟

في هذه الدراسة التحليلية نعيد قراءة المقال، ونستخلص منه دلالاته السياسية والإجتماعية، ونفكّك الرموز التي أحاطت بتحوّل هذا اليوم من مناسبة وطنية كبرى إلى مجرّد سطرٍ في رزنامة «أيام المجد العسكري».



أولًا: ما الذي كان يُحتفى به في 7 نوفمبر؟

يُذكّر المقال بأن يوم 7 نوفمبر كان في الأصل عيد الثورة الاشتراكية العظمى التي وقعت في ليلة 25–26 أكتوبر 1917 (حسب التقويم اليولياني القديم) حين أطاح العمال والجنود والبحارة بالحكومة المؤقتة في بتروغراد (سانت بطرسبورغ حاليًا)، وأقاموا سلطة السوفيات التي إستمرت أكثر من سبعين عامًا.
«إنتهت الإنتفاضة المسلحة للعمال والجنود والبحارة بالسيطرة على القصر الشتوي»، يقول الكاتب، مشيرًا إلى لحظة الميلاد الرمزي لعصرٍ جديد.


وبعد عامٍ واحدٍ فقط، تحوّلت روسيا إلى التقويم الغريغوري، فإنتقلت تواريخ المناسبات كلها، ولهذا أصبح الإحتفال بـ«ثورة أكتوبر» في نوفمبر.
«لذلك يتم الإحتفال بثورة أكتوبر في نوفمبر لا في أكتوبر»، كما يوضح الكاتب.

كان هذا اليوم أهم عيد في الإتحاد السوفياتي، يُحتفل به أكثر من رأس السنة نفسها. كانت تُقام في الساحة الحمراء عروضٌ عسكرية ضخمة، وتتبعها مسيرات ومهرجانات في كل المدن. وحتى عام 1992 كان الروس يحصلون على يومي عطلة رسميين في 7 و8 نوفمبر.

كان هذا العيد تعبيرًا عن هويةٍ جماعية وشرعيةٍ ثورية، لا مجرد مناسبة سياسية. إنه يومٌ كانت الدولة بأكملها تُعيد فيه تعريف ذاتها أمام شعبها والعالم.


ثانيًا: ماذا تغيّر بعد سقوط الإتحاد السوفياتي؟

يوضح المقال أن التحوّل لم يكن مفاجئًا، بل جاء على مراحل:

1. بعد فشل إنقلاب أغسطس 1991، فقد الحزب الشيوعي سلطته، وبدأت روسيا تتحول نحو الرأسمالية.


2. في عام 1995، قررت السلطات أن يُصبح يوم 7 نوفمبر يوم المجد العسكري تخليدًا لعرض الجيش في الساحة الحمراء عام 1941 أثناء الحرب الوطنية العظمى.


3. في عام 1996، غيّر الرئيس بوريس يلتسين الاسم مرة أخرى إلى يوم الوفاق والمصالحة، في محاولةٍ لتهدئة التوتر بين أنصار النظام القديم والجديد.


4. ثم جاء قرار فلاديمير بوتين في أوائل الألفية الجديدة بنقل العطلة الرسمية من 7 إلى 4 نوفمبر، تحت إسم يوم الوحدة الشعبية، تخليدًا لحدث 1612 حين توحّد الروس لطرد الغزاة البولنديين.
يقول الكاتب: «في عام 1995 أصبح 7 نوفمبر يومًا للمجد العسكري، وبعد عامٍ غيّر يلتسين إسمه إلى يوم المصالحة والوفاق، ثم نقله بوتين إلى 4 نوفمبر تحت إسم يوم الوحدة الشعبية».

لم يكن هذا الإلغاء قطيعة فجائية، بل إعادة هندسةٍ رمزية تدريجية. جرى تفكيك المعنى الثوري وإستبداله بمعنى قومي محافظ، لتتناسب رموز الدولة الجديدة مع سرديتها السياسية.


ثالثًا: هل سُرق العيد فعلاً؟

يرى الكاتب أن كثيرين «يعتقدون أن هذا اليوم قد سُرق منهم».
«بعض الناس متأكدون تمامًا أن اليوم المجيد قد سُرق منهم»، كما ورد في المقال.


لكن هذه ليست «سرقة» بالمعنى المادي، بل إستبدال للذاكرة الجماعية.

من الناحية النفسية: الأعياد الكبرى تمنح الشعوب شعورًا بالهوية والإستمرارية. وحين تُلغى، يشعر الناس بأن جزءًا من ذاكرتهم أنتُزع منهم.

من الناحية السياسية: إعادة كتابة المناسبات تعني إعادة كتابة الشرعية. فبعد الثورة، كان 7 نوفمبر يومًا لتمجيد التغيير. أما بعد 1991، صار التغيير نفسه مرفوضًا في الخطاب الرسمي.

من الناحية الرمزية: كل عيد يحمل «رواية رسمية». حين تتغير الرواية، يُعاد ترتيب الرموز بما يخدم السلطة الجديدة.


رابعًا: المفارقة التاريخية – من ثورة إلى ذكرى عسكرية

يؤكد المقال أن 7 نوفمبر لم يعد عيدًا رسميًا، لكنه ما زال يُعتبر أحد أيام المجد العسكري تكريمًا لعرض 1941. إلا أنه لم يعد يتمتع بأي تفرد، إذ توجد في التقويم الروسي 19 مناسبة مشابهة. أما ذكرى الثورة ذاتها، فلم تعد تُذكر إلا في أوساط كبار السن وبعض الشيوعيين الذين يخرجون في مسيرات رمزية. «لا وجود لأي عيد رسمي بعد الآن... أما جوهر الإحتفال فيتذكره فقط الجيل الأكبر سنًا»، كما يختم المقال.


وبالنتيجة، تحوّل يوم الثورة من حدثٍ مؤسس إلى أرشيف إحتفالي هامشي. التاريخ الحي أصبح مادة متحفية تُستدعى في مناسبات محدودة، دون أي طاقة رمزية حقيقية.


خامسًا: دلالات أعمق

1. التاريخ ليس سردًا واحدًا: ما جرى ليوم 7 نوفمبر يُثبت أن التاريخ يُعاد إنتاجه وفق من يملك أدوات السرد والسلطة.


2. الذاكرة الإجتماعية هشّة: حين تتغير الأجيال والنظام السياسي، تُستبدل الرموز ويُعاد تعريف الماضي.


3. السيطرة على الأعياد هي شكل من أشكال الحكم: فالأعياد تحدد ما يجب أن نتذكره وكيف نتذكره.


خاتمة

من خلال قراءة مقال AMIC.ru يمكن القول إن إلغاء عيد 7 نوفمبر لم يكن قرارًا إداريًا بسيطًا، بل تعبيرًا عن تحوّلٍ عميق في هوية الدولة الروسية. من دولة ثورية أممية إلى دولةٍ قومية محافظة، ومن مجتمعٍ يحتفل بالتمرد إلى مجتمعٍ يحتفي بالوحدة والإستقرار.

ويبقى السؤال مفتوحًا: هل يمكن إحياء الذاكرة الثورية بعد أن تحولت إلى جزءٍ من الأرشيف الرسمي؟ أم أن الزمن الجديد قد حسم أمره، فإستبدل الثورة بالتوافق، والتاريخ بالشعار، والذاكرة بالحنين؟


*****

المرجع:
مقال «ولا كلمة عن الثورة: ما الذي كان يُحتفل به في 7 نوفمبر ولماذا أُلغي هذا العيد؟»، موقع AMIC.ru،
7 نوفمبر 2024.



#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طوفان الأقصى 765 - النفط والماء... كيف تحاول تركيا ترسيخ أقد ...
- بمناسبة ثورة أكتوبر الإشتراكية العظمى الجزء 6 - الشرعية السي ...
- طوفان الأقصى 764 - واشنطن و«سوريا الجديدة»: بين إعادة التدوي ...
- بمناسبة ثورة أكتوبر الإشتراكية العظمى الجزء 5 - ألكسندر سامس ...
- طوفان الأقصى 763 - غزة وأوشفيتز: وجهان لعملة تاريخية واحدة
- بمناسبة ثورة أكتوبر الإشتراكية العظمى الجزء 4 - عشرة أيام هز ...
- طوفان الأقصى 762 - من الأسطورة إلى الإبادة: قراءة في كتاب «م ...
- بمناسبة ثورة أكتوبر الإشتراكية العظمى الجزء 3 - مؤرخ روسي يق ...
- طوفان الأقصى 761 - إغتيال القذافي: جريمة العصر
- بمناسبة ثورة أكتوبر الإشتراكية العظمى - الجزء 2 - أكتوبر غيّ ...
- طوفان الأقصى 760 - إسرائيل تحت «القبّعة» الأميركية
- بمناسبة ثورة أكتوبر الإشتراكية العظمى 1 - أكتوبر العظيم
- طوفان الأقصى 759 - هل يستطيع العراق أن يحلّ محلّ سوريا في من ...
- ألكسندر دوغين - كيف تخطط روسيا لصدم الغرب؟
- طوفان الأقصى 758 - غزة: هذه الأرض النازفة – مراجعة لرواية جو ...
- ألكسندر دوغين: «توماهوك، المقامرة النووية، ووداع ترامب لأمري ...
- طوفان الأقصى 757 - لماذا يخاف ترامب من نتنياهو؟
- ألكسندر دوغين: الصراع الأوكراني أشعله دعاة العولمة؛ وروسيا، ...
- طوفان الأقصى 756 - غزة اليوم هي غيتو وارسو بالأمس
- طوفان الأقصى 755 - غزة كما تراها روسيا: عن المعايير المزدوجة ...


المزيد.....




- أريانا غراندي تتألق بفستان على طراز الأميرات مزين بالفراشات ...
- تحليل.. أحمد الشرع -الجهادي- السابق يتوج تحوله الاستثنائي بز ...
- إعصار قوي فونغ-وونغ يجتاح الفلبين مخلفا 8 قتلى و1 مليون و400 ...
- إيران: الاتهامات بشأن محاولة اغتيال السفيرة الإسرائيلية في ا ...
- لماذا قد تحسم الانتخابات البرلمانية مستقبل حكم السيسي؟
- أوكرانيا: مدينة خيرسون تعيش تحت رعب المسيرات الروسية
- فوز قاتل لباريس سان جرمان على ليون يعيده لصدارة الدوري الفرن ...
- شهيدان بنيران الاحتلال بغزة وتسليم جثامين 15 أسيرا فلسطينيا ...
- مؤسسة بريطانية تطلق مبادرة لاستعادة دور الزكاة كـ-أداة عدالة ...
- ما وراء -الود العسكري- بين روسيا وأوغندا؟


المزيد.....

- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - بمناسبة ثورة أكتوبر الإشتراكية العظمى الجزء 7 والأخير - لماذا أُلغي عيد 7 نوفمبر؟