أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حيدر داخل الخزاعي - الانتخابات والعدالة جدلية الشرعية والمشروعية














المزيد.....

الانتخابات والعدالة جدلية الشرعية والمشروعية


حيدر داخل الخزاعي

الحوار المتمدن-العدد: 8522 - 2025 / 11 / 10 - 17:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يقع البعض في اللبس حين يتعامل مع الانتخابات على أنها مرادف للديمقراطية، أو يختزل العدالة الاجتماعية في شرعية السلطة، فالديمقراطية لا تقتصر على الانتخابات، والعدالة لا تعني مجرد توزيع الثروة، فالاقتراع وسيلة لتنظيم التداول السلمي للسلطة ومنع الاستبداد، بينما تمثل العدالة الاجتماعية غاية تقاس بمدى تحقيق الإنصاف وتكافؤ الفرص، والسؤال الجوهري هو كيف يمكن تنظيم العلاقة بين الانتخاب كوسيلة والعدالة كغاية؟
ظل مفهوم العدالة محوراً للجدل منذ الفلسفة القديمة، بين من يرى فيها نظاماً يحفظ التوازن الاجتماعي كافلاطون، ومن ربطها بالإيمان والفضيلة كأوغسطين وتوما الأكويني، ومع الفلسفة الحديثة، انتقل التركيز إلى علاقة العدالة بالدولة والعقد الاجتماعي، فهوبز جعلها مقترنة بالأمن، ولوك ربطها بحماية الحقوق، وروسو بالمساواة والإرادة العامة، وكانط بالواجب الأخلاقي، وهيجل بتجسيد العقل في الدولة، اما ماركس فقد انتقد عدالة السوق واعتبرها أداة هيمنة، بينما طرح رولز العدالة كإنصاف في توزيع الفرص، وخالفه نوزيك وهايك بتأكيد حرية السوق والملكية، أما والزر وفرير وسن، فوسعوا المفهوم ليشمل القدرات، والاعتراف والتمثيل.
ان وجود الانتخابات يؤسس لشرعية المدخلات، فهي التي تحدد من يقرر وكيف يحاسب، لكنها لا تضمن النتائج بحد ذاتها، بينما تمثل العدالة شرعية المخرجات أي ماذا تحقق السلطة وكيف توزع المنافع والمسؤوليات، ولهذا تعمل الانتخابات والعدالة في مستويين متكاملين، فالأولى تقيد السلطة إجرائياً والثانية تقومها أخلاقياً، فالديمقراطية ليست مجرد صناديق اقتراع، بل منظومة تحكمها بيئة اللعبة السياسية من نظام انتخابي وإعلام ومال وقانون، وإذا صممت هذه العناصر لتقليل اختلال القوة وتعزيز النقاش العام أصبحت الانتخابات وسيلة لتحقيق العدالة، أما إذا اختلت تحولت إلى أداة لإعادة إنتاج اللامساواة.
قد تتمكن بعض السلطات غير المنتخبة من تحقيق جوانب من العدالة كتوفير الوظائف أو الخدمات، لكنها تفتقر إلى ركائز أساسية مثل الكرامة والوكالة، فالكرامة تتمثل بأن يعامل الإنسان كمواطن حر لا تابع للسلطة، والوكالة تعني قدرته على المشاركة في تقرير مصيره واختيار من يحكمه بحرية تامه، فحين تنتزع هذه القدرة يصبح ما تقدمه السلطة من عدالة منقوصة، لأنها تمنح المعيشة لكنها تحجب المشاركة، وتوفر الرعاية لكنها تسلب الإنسان حقه في أن يكون شريك في القرار، لأن العدالة لا تقاس بالسلع فقط بل بمشاركة الإنسان في تقرير مصيره، كما أن العدالة التي تمنحها سلطة لا تخضع للمحاسبة لا يمكن الوثوق بدوامها، لأن ما نعده عادلاً لا يقرره فرد أو جهة واحدة، بل يقوم على نقاش عام يشارك فيه الجميع، ولهذا فإن العدالة من دون انتخابات قد تكون مؤقتة وهشة وقابلة للتراجع.
كما ان الانتخابات ضرورية لكنها غير كافية لتحقيق العدالة، فحين يختل توازن القوة بفعل المال أو الإعلام، تعيد الانتخابات إنتاج اللامساواة، وعندما تختزل السياسة في مجرد تفويض عابر يوم الانتخابات، تصبح السلطة بلا رقابة حقيقية، مما يمنح النخب قدرة واسعة على التصرف دون مسائلة.
وحين تغيب المشاركة المستمرة تضعف الرقابة والمساءلة، وإذا غابت المؤسسات تصبح العدالة هبة لا حق، لذلك تحتاج الانتخابات إلى مؤسسات تشاركية ورقابية تجعل التمثيل ممارسة حقيقية للعدالة لا مجرد شعار انتخابي.
يمكن القول إن العلاقة بين الانتخابات والعدالة تقوم على توازن دقيق، إذ تمنح الانتخابات شرعية البداية من خلال تحديد من يقرر وكيف يحاسب، وتمنح العدالة شرعية الاستمرار عبر نتائج منصفة قابلة للتبرير، فيما يمنح النقاش العمومي شرعية التبرير التي تربط الناس بقراراتهم وتمنحهم إحساس المشاركة والوكالة.
فالانتخابات ليست العدالة لكنها شرط ضروري لحمايتها من التعسف، والعدالة ليست الانتخابات لكنها معيار شرعية السلطة وسبب قبولها الطوعي ، فالشرعية الحديثة مثلث يقوم على اقتراع يحد من السلطة، وعدالة تختبر أثرها، ونقاش عمومي يحدد الطريق بينهما ومن دون هذا التوازن نقع إما في ديمقراطية شكلية بلا إنصاف أو وصاية عادلة ظاهرية بلا كرامة سياسية، وكلاهما لا يصنع مجتمع عادل ولا سلطة شرعية تطاع عن رضا.



#حيدر_داخل_الخزاعي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين تفقد الأشياء قيمتها
- حكم القلة في العراق من ريع الأرض إلى ريع السياسة
- مثلث التأثير في الانتخابات العراقية الإعلام، الهوية، المال ا ...
- هل أقنعت النخبة السياسية العراقيين بالديمقراطية
- إعادة إنتاج الفشل السياسي في العراق.. مأزق تدوير الأزمات
- حين تغزو الشعبوية البرلمان... أزمة التمثيل النيابي في العراق
- هل تقود تل ابيب العالم نحو حرب صفرية
- هل بات النووي ضرورة لبلداننا
- السلام ليس مربحاً
- حين يخون الوطن أبناءه
- الاغتراب في العراق أزمة إنتماء في وطن متحول
- العراق بين استراتيجيات الدولة واستراتيجيات المكونات
- الدولة المختطفة حين تبتلع الحكومات الدولة
- الفلسفة ضرورة وليست ترفاً فكرياً
- الدعاية السياسية اداة تخدير بيد الانظمة
- المكانة الاجتماعية بين القيم الاخلاقية واستعراض المظاهر
- الديمقراطية الترقيعية تتجسد في مشروع قانون الحوافز الانتخابي ...
- بناء الانسان والمجتمع يبدأ بالقراءة
- القلق المجتمعي في العراق بين الانهيار وإعادة البناء
- الحداثة والمجتمعات السائلة


المزيد.....




- فيديو معدّل لخطاب ترامب عُرض قبل عام يطيح بمسؤولين في BBC ال ...
- نتنياهو يلتقي كوشنر في القدس.. ومسؤول إسرائيلي يكشف ما قد ين ...
- مصر: انطلاق التصويت في المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النوا ...
- بركان كيلاويا يثور مجددا ويقذف نوافير الحمم بارتفاع 330 مترا ...
- دراسة: المشافي الألمانية غير مستعدة بشكل جيد للحروب والأزمات ...
- -قانون قيصر- عقوبات أمريكية قاسية على سوريا.. ماذا نعرف عنها ...
- فرنسا: ناجية من اعتداءات 13 نوفمبر تروي لفرانس24 تفاصيل ليلة ...
- محكمة فرنسية تأمر بإخلاء سبيل الرئيس السابق ساركوزي ووضعه تح ...
- استقالة مدير عام شبكة -بي بي سي- ورئيسة قسم الأخبار بعد اتها ...
- الإمارات لا ترجح المشاركة في القوة الدولية لحفظ الاستقرار بق ...


المزيد.....

- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حيدر داخل الخزاعي - الانتخابات والعدالة جدلية الشرعية والمشروعية