أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حيدر داخل الخزاعي - حين يخون الوطن أبناءه














المزيد.....

حين يخون الوطن أبناءه


حيدر داخل الخزاعي

الحوار المتمدن-العدد: 8350 - 2025 / 5 / 22 - 01:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لطالما يردد الحكام في بلداننا شعار الخونة، لنعت من لا يمتثلون لسلطتهم ، ولا يدينون بالولاء لهم ، لكن لم نسمع شعار خيانة الوطن لأبناءه؟
لا شك أن الوطن يمثل فضاءً للانتماء، فهو الحضن الذي يحتوي أبناءه، والمكان الذي يشعرهم بالأمان والكرامة والعدالة، لكن، قد يتحول هذا الكيان إلى مصدر للأذى بدل الأمان، وإلى سلطة للقهر بدل الرعاية، وإلى سبب للهروب بدل دافع للبقاء؟ في هذه اللحظة ، نستطيع أن نقول إن الوطن قد خان أبناءه، وإن رابط العلاقة بينهما قد مُزق.
إن خيانة الوطن لأبناءه ليست خطاباً عاطفياً، بل هي توصيف لحالة واقعية تحدث حين تعجز الدولة، بوصفها تجسيداً قانونياً للوطن، عن توفير الحقوق الأساسية لمواطنيها، أو تتورط في انتهاكها، وتتجلى هذه الخيانة بأشكال متعددة، تبدأ من الفساد المستشري الذي ينهب مقدرات الشعوب ويمنع توزيع الثروات بعدالة، مروراً بالاستبداد السياسي الذي يقمع الحريات ويكمم الأفواه، ولا تنتهي عند التمييز الاجتماعي والديني أو الإهمال المتعمد للفئات المهمشة، فحين تتحول العدالة إلى امتياز لمن يملك النفوذ، فحينها يكون الوطن قد خذل أبناءه وخانهم.
إن أشد أشكال خيانة الوطن لأبناءه هو فقدانهم الأمل، حين يشعر المواطن أن المستقبل مسدود أمامه ، وأن محاولاته للنجاح داخل بلده محكومة بالفشل ما لم يركن إلى المحسوبية أو يغادر البلاد، ومن يفعلها، لا يعتبر قد خان وطنه، بل هي شكل من أشكال النجاة، فمن يخاطرون بأرواحهم وسط أمواج البحار والمحيطات، ويجتازون الحدود والغابات، لا يفعلون ذلك طمعاً في حياة مترفة، بل يهربون من واقع مؤلم ، ومن أوطان طردتهم ببطالة طويلة الأمد، ونظم تعليمية متهالكة، وفرص لا تعترف بالكفاءة ولا تفتح الأبواب إلا لأبناء النخب.
وليس الهروب إلى الخارج أسوار الوطن هو المأساة الوحيدة، فثمة خيانة صامتة تحدث داخل الحدود ، حيث يضطر المواطنون إلى ممارسة نوع من "المنفى الداخلي"، يعيشون غرباء في أوطانهم، مقصيين عن مراكز القرار، لا صوت لهم في تحديد مصيرهم، ولا نصيب لهم في ثروات بلادهم، وهذا النوع من الاغتراب الوجودي يولد شعوراً بالغضب والمرارة، ويؤسس لنوع من الانفصال النفسي والثقافي عن فكرة الوطن ، وحينها يثبت بأن الوطن قد خان أبناءه وبالجرم المشهود.
فخيانة الوطن لأبنائه تفرغ "الوطنية" من معناها، فالوطن ليس مجرد تراب أو علم يرفرف أو نشيد يعزف ، او شعار يرفع، بل منظومة قيم، وقوانين عادلة، ومساحة للعيش بكرامة. وحين تُختزل الوطنية في شعارات جوفاء، أو تُستخدم كأداة لإسكات النقد، فإنها تتحول إلى قيد بدل أن تكون انتماءً حقيقياً، ومن هذا المنطلق، فإن من ينتقد وطنه من موقع الحرص، أو يطالب بالإصلاح من موقع المواطنة، لا ينبغي أن يُتهم بالخيانة، بل يُفترض أن يُنظر إليه باعتباره ضميراً حياً ، على الاخرين سماع صوته ، بدل تخوينه فهو ابن لهذا الوطن ولا يكون الابن عاقاً في أغلب أحيانه.



#حيدر_داخل_الخزاعي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاغتراب في العراق أزمة إنتماء في وطن متحول
- العراق بين استراتيجيات الدولة واستراتيجيات المكونات
- الدولة المختطفة حين تبتلع الحكومات الدولة
- الفلسفة ضرورة وليست ترفاً فكرياً
- الدعاية السياسية اداة تخدير بيد الانظمة
- المكانة الاجتماعية بين القيم الاخلاقية واستعراض المظاهر
- الديمقراطية الترقيعية تتجسد في مشروع قانون الحوافز الانتخابي ...
- بناء الانسان والمجتمع يبدأ بالقراءة
- القلق المجتمعي في العراق بين الانهيار وإعادة البناء
- الحداثة والمجتمعات السائلة
- اثر السلوكيات الثقافة في تشكيل بنية المجتمع
- بلدان المنطقة ومشكلة المنحدر الحرج
- رأس السنة بين مسارين
- استخدام التقنية كوسيلة للهيمنة على الدول
- العبودية الاختيارية للإنسان المعاصر
- البطالة تسونامي يهدد بلداننا
- الانتخابات مفهوم اسيء استعماله
- ضرورة إعادة النظر في القوانين


المزيد.....




- فيديو يظهر لحظة اغتيال مرشحة لمنصب عمدة في المكسيك أمام أنصا ...
- ما جديد التحقيقات حول الهجوم الذي خلّف قتيلين يعملان في السف ...
- عناصر الاستخبارات المركزية الأمريكية يطلقون النار على سيارة ...
- صافي الهجرة إلى بريطانيا ينخفض إلى النصف تقريبا في سنة 2024 ...
- تقرير: حرائق الأمازون لعام 2024 تتسبب في أكبر خسارة للغابات ...
- نتنياهو يستدعي الوفد المفاوض من الدوحة بعد فشل المفاوضات مع ...
- -الكلمات القاسية من بريطانيا لا تكفي، ترامب وحده قادر على كب ...
- بينهم كاهن.. تفكيك شبكة اعتداءات جنسية على الأطفال في فرنسا ...
- برج ترامب في دمشق: مشروع عقاري فاخر بواجهة ذهبية (صورة)
- إعلام عبري: إسرائيل تعيد جميع أعضاء وفدها في الدوحة بسبب جمو ...


المزيد.....

- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حيدر داخل الخزاعي - حين يخون الوطن أبناءه