أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حيدر داخل الخزاعي - الاغتراب في العراق أزمة إنتماء في وطن متحول














المزيد.....

الاغتراب في العراق أزمة إنتماء في وطن متحول


حيدر داخل الخزاعي

الحوار المتمدن-العدد: 8333 - 2025 / 5 / 5 - 17:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


شهد العراق تحولات سياسية واجتماعية واقتصادية مختلفة، تسببت بضعف انتماء الافراد لبلدهم، بل وصل الحال حد الانفصال التام لدى البعض، وانعزالهم عن الواقع، ورغم أن هؤلاء لا يعيشون في المنفى أو خارج حدود الوطن، إلا أن الغربة التي يشعرون بها داخل مجتمعهم أشد وطأة من غربة المسافات، هذا الشعور المتناقض يُطلق عليه علماء النفس والاجتماع مصطلح "الاغتراب"، وهو أعمق من مجرد غربة فيزيائية، إنه حالة من الانفصال النفسي والوجودي عن الذات أو عن المحيط أو عن المنظومة العامة للقيم السائدة.
وهذا الاغتراب قد يتمثل بشعور الفرد صعوبة التوافق مع ذاته ويشعر بفقدان الهدف والمعنى في حياته، وقد يكون اجتماعياً، يظهر في شعور الإنسان بالعزلة عن مجتمعه نتيجة التمييز الطبقي أو العرقي أو عدم التقدير، ويظهر أيضاً بشكل ثقافي أو حضاري عندما يشعر الفرد بالغربة عن القيم والعادات السائدة، خصوصاً في ظل التغيرات السريعة التي يشهدها المجتمع في عصر العولمة والتكنولوجيا جعل البعض يعيش صراع الاصالة والمعاصرة.
ولعل أبرز ملامح الاغتراب في العراق ، تتجلى في واقع سياسي مضطرب، ففقدان الثقة بالعملية السياسية، واستشراء الفساد، والشعور بعدم وجود تأثير حقيقي للافراد على الطبقة السياسية والواقع السياسي، هذه العوامل رسخت لدى فئات واسعة من العراقيين اغتراباً سياسياً عميقاً، وتمت ترجمته إلى عزوف الافراد عن المشاركة في الانتخابات، والانسحاب من الشأن العام، وصولاً إلى تبني بعض الاحتجاجات أو المقاطعة التامة للعملية السياسية.
وعلى المستوى الاجتماعي، أسهمت الصراعات الطائفية والإثنية في تمزيق النسيج المجتمعي، مما دفع العديد من الأفراد إلى فقدان الإحساس بالانتماء، وباتت النزعة الفردية تطغى على الروح الجماعية، وتفكك الهوية بات ملموساً لدى جيل تربى في ظل الاضطرابات والحروب.
أما اقتصادياً، فإن نسب البطالة المرتفعة، وسوء توزيع الثروات، وهيمنة الاقتصاد الريعي، كلها عوامل أسهمت في تعميق الشعور بالعجز وانعدام الجدوى لدى كثير من المواطنين، فهناك من يرى نفسه خارج منظومة الإنتاج أو لا يحظى بفرصة حقيقية في هذا البلد، الامر الذي دفع الكثيرين إلى الهجرة خارج البلاد .
اما على الصعيد النفسي، فقد تركت الحروب والاضطرابات الأمنية المتكررة اثاراً سيئة على نفسية الافراد فهناك شعور بفقدان العدالة، والخيبة من الواقع، وتعثر مشاريع الإصلاح، الامر الذي خلق حالة من القلق المزمن، والاكتئاب، بل وصل الحال للتوجه نحو الإدمان أو الانتحار للهروب من الواقع.
إن مواجهة ظاهرة الاغتراب في العراق بحاجة الى إمعان النظر فيها من قبل الجهات المختصة فالمعالجة الحقيقية لا يمكن أن تكون جزئية أو سطحية، بل تتطلب رؤية استراتيجية شاملة تتناول الجوانب النفسية، الاجتماعية، الاقتصادية، الثقافية، والسياسية.
فعلى المستوى النفسي، يجب فتح المجال أمام الأفراد للتعبير عن مشاعرهم ، وتوفير الدعم النفسي والاجتماعي، وتطوير برامج تنمية الذات والهوايات، وتفعيل دور المؤسسات التربوية في بناء الثقة والهوية.
وعلى الصعيد الاجتماعي، لا بد من تعزيز ثقافة التسامح والتفاهم، ، ودعم الأسرة كمؤسسة محورية لبناء الانتماء، إلى جانب برامج ترفيهية وتربوية تعيد ربط الأفراد بمجتمعهم.
وعلى الصعيد الثقافي، لابد من تطوير الخطاب الثقافي بما يوازن بين الأصالة والمعاصرة كما يجب إعادة الاعتبار للمؤسسات التعليمية كحاضنة للهوية، عبر مناهج مرتبطة بالواقع.
أما اقتصادياً، فالحل يبدأ بخلق فرص عمل حقيقية تستند إلى الكفاءة، وتشجيع المشاريع الصغيرة وريادة الأعمال، وإصلاح النظام الضريبي والضمان الاجتماعي لصالح الفئات الهشة، مع مكافحة الفساد الذي هو آفة فتكت بالبلاد.
وفيما يتعلق بالجانب السياسي، فهناك ضرورة لبناء دولة مؤسسات عادلة تحترم الحقوق وتلغي التمييز الطائفي أو العرقي أو المناطقي ، وإشاعة ثقافة المنصب السياسي مسؤولية لا مجرد تشريف ، واعتماد أسس الكفاءة والخبرة بدل القرابة والعشيرة والحزب في اختيار المرشحين ، وتفعيل المحاسبة الشعبية وتأكيد مبدأ الشفافية، ليكون هناك بناء سليم للنظام السياسي.
إن وضع استراتيجية وطنية متكاملة لمواجهة الاغتراب أمر ضروري، يشمل التربية، الصحة النفسية، الإعلام، الاقتصاد، والسياسة، بالتعاون بين الدولة ومنظمات المجتمع المدني والجامعات والمراكز البحثية.
فالاغتراب ليس قدراً، بل نتيجة لواقع يمكن تغييره، والانتماء في المقابل، ليس شعاراً بل شعوراً يبنى من خلال تحقيق العدالة والكرامة الانسانية .



#حيدر_داخل_الخزاعي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق بين استراتيجيات الدولة واستراتيجيات المكونات
- الدولة المختطفة حين تبتلع الحكومات الدولة
- الفلسفة ضرورة وليست ترفاً فكرياً
- الدعاية السياسية اداة تخدير بيد الانظمة
- المكانة الاجتماعية بين القيم الاخلاقية واستعراض المظاهر
- الديمقراطية الترقيعية تتجسد في مشروع قانون الحوافز الانتخابي ...
- بناء الانسان والمجتمع يبدأ بالقراءة
- القلق المجتمعي في العراق بين الانهيار وإعادة البناء
- الحداثة والمجتمعات السائلة
- اثر السلوكيات الثقافة في تشكيل بنية المجتمع
- بلدان المنطقة ومشكلة المنحدر الحرج
- رأس السنة بين مسارين
- استخدام التقنية كوسيلة للهيمنة على الدول
- العبودية الاختيارية للإنسان المعاصر
- البطالة تسونامي يهدد بلداننا
- الانتخابات مفهوم اسيء استعماله
- ضرورة إعادة النظر في القوانين


المزيد.....




- توجيه تهمة -السلوك الجنسي الإجرامي- لشرطي أمريكي اعتدى على ط ...
- مصر.. أول رد رسمي بعد موجة شكاوى قائدي السيارات من جودة الوق ...
- أسباب الفشل الإسرائيلي للتصدي لصاروخ حوثي باليستي استهدف مطا ...
- التلفزيون الجزائري يصف الإمارات بـ-الدويلة المصطنعة- بعد حدي ...
- العدل ترفض دعوى ضد الإمارات والحكومة السودانية تجدد اتهاماته ...
- حكومة نتنياهو تهدد حماس بـ-عربات جدعون- إذا لم تقبل بشروط إس ...
- قوات الدعم السريع تستهدف بورتسودان
- الشرطة الإسرائيلية تعلن إحباط محاولة تهريب أسلحة من الأردن
- ترامب يهاجم الديمقراطيين ويتهمهم بمحاولة عزله
- الجالية الروسية في تونس تحيي عيد النصر


المزيد.....

- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حيدر داخل الخزاعي - الاغتراب في العراق أزمة إنتماء في وطن متحول