حيدر داخل الخزاعي
الحوار المتمدن-العدد: 8518 - 2025 / 11 / 6 - 21:58
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عرف العراق على امتداد تاريخه الحديث أشكالاً مختلفة من الهيمنة الطبقية، اتخذت هيئة حكم أوليغارشيات (أقليات) تتكيف مع بنية الدولة وتحولاتها، ففي العهد العثماني ثم الملكي، تشكل تحالف اجتماعي–سياسي من كبار ملاك الأراضي وشيوخ العشائر وفئة من الشخصيات البيروقراطية، أتاح لهم ممارسة نفوذهم عبر منظومة قانونية وانتخابية مفصلة على مقاسهم، وسمح ذلك بتمثيل لأبناء الطبقات الأرستقراطية، لحماية امتيازاتهم الاقتصادية من إعفاءات ضريبية، وحرية تصرف بالأرض ..الخ.
وبعد 1958 لم تنكسر الأوليغارشية بقدر ما أعادت ترتيب صفوفها، فقد انتقل مركز الثقل إلى تحالف عسكري–بيروقراطي، ثم شدد حزب البعث القبضة عبر نظام الحزب الواحد والأجهزة الأمنية ومنطق ان لم تكن معي فأنت ضدي، فاستمر مبدأ تركز السلطة والثروة وإن تغيرت واجهته الاجتماعية.
وفي العام 2003 وبعنوان العراق الجديد وتحت شعار التعددية والانتخابات، لم يتغير الكثير، فضعف المؤسسات وطبيعة الاقتصاد الريعي المتخلف ووجود شبكات النفوذ جعلت ذلك الوعد يتحول في الكثير من الأحيان إلى تعددية شكلية، فنظام المحاصصة رسخ تقاسم الدولة ومنافعها بين قوى حزبية وعائلية، وعمقها أكثر قوانين انتخابية وبنية حزبية تكرس منطق الزعامة الشخصية، وساعدها في ذلك موارد تمويل سياسية غير شفافة، وإعلام مسيس يرسخ الهويات الفرعية (العشائرية والمناطقية والطائفية) لإدامة الولاءات، وتحولت السياسة إلى سوق لتبادل المنفعة، فهناك أصوات يتم مقايضتها بوظائف وخدمات ومقاولات، وتوزع الوزارات والموازنات بوصفها حصص، فالوجوه ذاتها يتم تدويرها من دون تغيير في قواعد الحكم، فشرعية صناديق الانتخاب ظلت بلا شرعية إنجاز، وتغيرت أقنعة الأوليغارشية من الإقطاع الزراعي إلى الحزب الواحد وصولاً إلى المحاصصة، لكن جوهرها تركيز الموارد والقرار بيد قلة قادرة على ترتيب القواعد لصالحها.
ان الخروج من هذه الحلقة يتطلب نقل الشرعية من الإجراءات الشكلية إلى النتائج الواقعية عبر إصلاحات تعيد بناء الدولة وفق مبادئ العدالة وتشريع القوانين وفي مقدمتها قانون انتخاب وأحزاب يفتحان المجال لتداول البرامج لا الأشخاص، وشفافية تمويل الحياة السياسية، وإعلام مسؤول وهيئات رقابة فاعلة، وفوق ذلك كله تحويل علاقة الدولة بالمجتمع من احتواء قائم على الوساطة عقد حقوقي يقاس بالأثر والخدمة والعدالة.
#حيدر_داخل_الخزاعي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟