أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حيدر داخل الخزاعي - حين تفقد الأشياء قيمتها














المزيد.....

حين تفقد الأشياء قيمتها


حيدر داخل الخزاعي

الحوار المتمدن-العدد: 8521 - 2025 / 11 / 9 - 21:31
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


كثيراً ما يحدونا الحنين إلى الماضي حين نستذكر أشياء ومواقف وذكريات تعبر عن قيمة الأشياء في ذلك الزمان، فقد كانت ذات معنى طالما نفتقده اليوم، فكثير من الأشياء فقدت قيمتها في واقعنا وما عادت كالسابق، ولم تعد تحمل المكانة ذاتها، فالأستاذ كان له هيبته، والشهادة العلمية كانت موضع إجلال، لكنها تحولت إلى ورقة بلا قيمة، وكذلك الوظيفة العامة تحولت إلى مكسب لا خدمة للناس، هذه الأفكار ليست شكوى عابرة، بل مواقف نمر بها وعلامة على وجود خلل في واقعنا.
إن قيمة الأشياء ليست بمظهرها، بل بما تحويه من معنى، فقيمة المدرسة والجامعة بما تقدمانه من تربية وتعليم جيدين، وقيمة القاضي بما يحققه من عدالة، والصداقة بما تعبر عنه من مواقف نبيلة، فحين تضعف المؤسسات وتستبدل المعاني بالمعايير الشكلية يكون ذلك مؤشراً على فساد منظومة القيم، فإذا حلت الواسطة مكان الكفاءة، والولاء محل القانون، وغدا المظهر أكثر أهمية من الجوهر، فهذا يعني أن المنظومة تسير في الاتجاه الخاطئ.
هذا ما نجده في واقعنا، فمن يملك المال ينال تقديراً واحتراماً أكبر، وفي واقعنا السياسي يقدم الولاء على صاحب الخبرة، وفي وسائل التواصل تصبح المشاهدات أهم من الفائدة، وهكذا تكونت لدينا منظومة مشوهة، فالصداقة التي كانت في الماضي شيئاً مقدس تحولت إلى علاقات سريعة قائمة على المصالح والمنافع، ما دام الآخرون يجدون فيك منفعة أحاطوك، وحين الشدة لا تجدهم، فالصداقات الراسخة تم استبدالها بشبكة لتداول المنفعة بدلاً من كونها رابطة تقوم على المشاعر الصادقة.
وكذلك الدين صار هوية أكثر من كونه قيمة أخلاقية، فترتبط قيمته بما نراه من طقوس ومظاهر لا نجد لها أثراً في سلوك الأشخاص، إن الخطاب الديني المعاصر كثيراً ما يقوم على المظاهر والاستعراض بدل التركيز على جوهر الدين وقيمه النبيلة، أما الشهادة فصارت ورقاً بلا مهارة، يبحث صاحبها عن امتياز يناله بلا إتقان، ويتساوى فيها من جد واجتهد مع من حصل عليها دون عناء وتعب.
والحال نفسه في العمل والوظيفة، إذ تحولت الوزارات إلى حصص ومصادر تمويل للأحزاب، ولا علاقة لتولي الوظيفة بالكفاءة والخدمة العامة، فأساس الحصول عليها هو مقدار الولاء، وزادت المنصات ووسائل التواصل من تشويه المشهد وتعقيده، فتحولت الأشياء إلى مظاهر، ما يصور ويعلن يكون ذا قيمة مهما كان محتواه دنيئاً، وذو القيمة الحقيقية لا أثر له ما لم يتداول، حتى في المهن، فالطبيب أو المهندس أو المحامي مهما كان حاذقاً ، فلا تقاس قيمته بخبرته بقدر ما تقاس بما ينشره من صور، وصرنا في زمن السوشيال ميديا لا نرى إلا ما يبرق، متناسين أن ليس كل ما يلمع ذهباً، و صار الكثير يركض وراء الإثارة ولا يعنى بالعمق، فتحولت قيمة الأشياء في نظرنا إلى المظاهر والبحث عن الرخيص، فلا قيمة للأفعال الجيدة والكفاءة، فالأهم هو الولاء والشعارات، وهذا ينذر بفوضى في المعايير.
إنّ استعادة قيمة الأشياء تفرض علينا إعادة النظر في القواعد التي تنتج القيمة، فلكي تكون للشهادة مكانتها لا بد من تعليم وبحث حقيقيين قائمين على نتائج، وتولي الوظيفة يجب أن يكون مقرون بالكفاءة وتقديم خدمة حقيقية للناس، ويقاس الدين بآثاره من صدق وأمانة والتحلي بالفضائل، لا بد من إعادة بناء المفاهيم وفق منهج العقل بعيداً عن الضجيج، فالشعارات لا تبني إنساناً ولا دولة.



#حيدر_داخل_الخزاعي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكم القلة في العراق من ريع الأرض إلى ريع السياسة
- مثلث التأثير في الانتخابات العراقية الإعلام، الهوية، المال ا ...
- هل أقنعت النخبة السياسية العراقيين بالديمقراطية
- إعادة إنتاج الفشل السياسي في العراق.. مأزق تدوير الأزمات
- حين تغزو الشعبوية البرلمان... أزمة التمثيل النيابي في العراق
- هل تقود تل ابيب العالم نحو حرب صفرية
- هل بات النووي ضرورة لبلداننا
- السلام ليس مربحاً
- حين يخون الوطن أبناءه
- الاغتراب في العراق أزمة إنتماء في وطن متحول
- العراق بين استراتيجيات الدولة واستراتيجيات المكونات
- الدولة المختطفة حين تبتلع الحكومات الدولة
- الفلسفة ضرورة وليست ترفاً فكرياً
- الدعاية السياسية اداة تخدير بيد الانظمة
- المكانة الاجتماعية بين القيم الاخلاقية واستعراض المظاهر
- الديمقراطية الترقيعية تتجسد في مشروع قانون الحوافز الانتخابي ...
- بناء الانسان والمجتمع يبدأ بالقراءة
- القلق المجتمعي في العراق بين الانهيار وإعادة البناء
- الحداثة والمجتمعات السائلة
- اثر السلوكيات الثقافة في تشكيل بنية المجتمع


المزيد.....




- الرئيس اللبناني يشدد على التزام بلاده الصارم بمكافحة تبييض ا ...
- السودان: ناجون من الفاشر يتحدثون عن هجمات عرقية نفذتها قوات ...
- اتفاق بين الجمهوريين والديمقراطيين على إنهاء أطول إغلاق حكوم ...
- -الشيوخ الأميركي- يصوت على مشروع قانون لإنهاء الإغلاق الحكوم ...
- ترامب معلقاً على استقالة المدير العام والرئيسة التنفيذية للأ ...
- الرئيس السوري أحمد الشرع يبدأ زيارة رسمية للولايات المتحدة
- استقالة المدير العام لبي بي سي وسط جدل بشأن وثائقي عن ترامب ...
- شويغو يرأس وفدا روسيًا إلى مصر لإجراء محادثات عسكرية
- الانتخابات العراقية.. وعود متكررة وتراجع في نسب المشاركة
- السودان.. بين فبركة الصور وفرص وقف الحرب


المزيد.....

- تقديم وتلخيص كتاب " نقد العقل الجدلي" تأليف المفكر الماركسي ... / غازي الصوراني
- من تاريخ الفلسفة العربية - الإسلامية / غازي الصوراني
- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حيدر داخل الخزاعي - حين تفقد الأشياء قيمتها