رانية مرجية
كاتبة شاعرة ناقدة مجسرة صحفية وموجهة مجموعات
(Rania Marjieh)
الحوار المتمدن-العدد: 8521 - 2025 / 11 / 9 - 13:48
المحور:
الادب والفن
بين الرملةِ ورامَ الله
يمتدُّ صليبٌ من ضوء،
تَعلّقَ عليهِ قلبي منذَ بدء الخليقة،
فلم أمُت، ولم أنزلْ،
بل بقيتُ أُضيءُ للعابرين طريقَهم،
كشمعةٍ في كنيسةٍ قديمةٍ
تحرسُها أرواحُ الشهداء.
الرملةُ...
ليست مدينةً، بل إنجيلٌ من طين،
تَتَلى آياتُه على وجوهِ النسوةِ
وهنَّ يغسلنَ الذاكرةَ بماءِ الزيتون.
هناكَ، سمعتُ أمي تُصلّي،
وفي دعائها اختلطتْ التراتيلُ
بأذانِ الظهر،
ففهمتُ أنَّ اللهَ واحدٌ،
لكنّ الناسَ يختلفون في طريقةِ الحنين إليه.
رامُ الله...
وجهٌ آخرُ للقيامة،
مدينةٌ تعرفُ أنَّ كلَّ صباحٍ
هو نهوضٌ من حجرِ القبرِ نحو النور.
تُعَلِّمُني أنَّ الحريةَ لا تُوهَب،
بل تُكتَبُ على الجدارِ كما نُقِشَتِ الوصايا،
بالنارِ والحلمِ والإصرار.
وأنا بينهما،
امرأةٌ تُمسكُ بيدِ التاريخِ
وتُربّتُ على كتفِ الوجع،
كمنْ تقولُ له:
اصبرْ، فالخلاصُ ليسَ وعدًا بعيدًا،
بل بدايةُ كلِّ نبضةٍ في القلب.
يا رملةَ الميلاد،
يا حضنَ البشارة،
منكِ تَعلَّمْتُ أنَّ الفقرَ ليسَ عارًا
بل طريقٌ إلى النقاء.
ومن رام الله تَعلّمتُ أنَّ الخوفَ لا مكانَ له
في قلوبِ الذينَ يَحمِلونَ القيامةَ في عيونِهم.
أنا ابنةُ الأرضِ التي باركَها المسيحُ بخطاه،
ابنةُ النورِ الذي لم يُطفِئْهُ احتلال،
ابنةُ الحنينِ الذي لا ينكسرُ ولو دُفنَ ألفَ مرّة.
أُؤمنُ أنَّ كلَّ جدارٍ سيقع،
وكلَّ جرحٍ سيُزهرُ قمحًا،
وأنَّ كلَّ دمعةٍ على ترابِ فلسطين
هي معموديّةٌ جديدةٌ للعالم.
وسلامٌ على الرملة،
حينَ تُقرعُ أجراسُها ويُجيبُها الأذان.
وسلامٌ على رام الله،
حينَ تُغنّي للغيمِ ولا تنسى الأرض.
وسلامٌ على الأمهاتِ اللواتي يَخْبِزنَ الأمل،
وعلى الأطفالِ الذينَ يرسُمونَ القمرَ بالحجارة.
وسلامٌ على الإنسان،
في أيّ دينٍ كان،
حينَ يَزرعُ في صدرِهِ شجرةَ عدالةٍ
بدلَ أنْ يحملَ حجرًا.
فيا أيُّها العالم،
أنا لستُ خرافةً من شرقٍ متعب،
ولا قصةَ دمٍ تُروى في نشراتِكم.
أنا ابنةُ هذه الأرض،
صلبتني الحروبُ ألفَ مرة،
لكنّي قُمتُ من كلِّ رمادٍ،
وكتبتُ على الهواء:
المسيحُ لم يُصلَبْ وحده — نحنُ أيضًا نُقامُ كلَّ صباح.
#رانية_مرجية (هاشتاغ)
Rania_Marjieh#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟