أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صادق حسن الناصري - اتفاق العراق وتركيا ..نفط مقابل ماء أم شراكة تنموية؟














المزيد.....

اتفاق العراق وتركيا ..نفط مقابل ماء أم شراكة تنموية؟


صادق حسن الناصري
(Sadeq Alnasseri)


الحوار المتمدن-العدد: 8518 - 2025 / 11 / 6 - 02:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في الثاني من نوفمبر 2025 شهدت العاصمة أنقرة توقيع اتفاقٍ محوري بين العراق وتركيا يُعدّ الأول من نوعه منذ عقود في مجال التعاون المائي وجاء هذا الاتفاق بعد مفاوضات مطوّلة امتدت لأشهر طويلة وأثار الإعلان عنه جدلاً واسعًا في الأوساط السياسية والإعلامية بين من يراه صفقة “نفط مقابل ماء” ومن يعتبره خطوة استراتيجية نحو بناء شراكة اقتصادية وتنموية متوازنة.

ولابد من ذكر بأنه ومنذ عقود عانى العراق من تراجع خطير في وارداته المائية القادمة من تركيا نتيجة السدود التركية الضخمة على نهري دجلة والفرات ومع تفاقم الجفاف وتراجع الأراضي الزراعية خلال السنوات الأخيرة أصبحت معالجة أزمة المياه ضرورة وطنية ملحّة وبالمقابل تسعى تركيا إلى توسيع نفوذها الاقتصادي في العراق واستثمار قدراتها في مجالات الإنشاء والطاقة والمياه بما ينسجم مع سياستها الإقليمية القائمة على القوة الناعمة الاقتصادية .

وجاءت تفاصيل الاتفاق الجديد وفق ما أعلنته المصادر الرسمية بانه سيتم تشكيل لجنة عراقية تركية مشتركة تتولى إدارة وتنفيذ مشاريع البنية التحتية المائية بما يشمل بناء سدود صغيرة ومتوسطة وشبكات ريّ حديثة ومشاريع حصاد مياه الأمطار وكذلك تمويل المشاريع عبر الإيرادات النفطية العراقية المصدّرة إلى تركيا بحيث يُخصّص جزء من العائدات لتمويل الشركات التركية المنفذة وإتاحة المجال أمام الشركات التركية للدخول في مناقصات تنفيذ المشاريع بالتعاون مع القطاع الخاص العراقي وايضا التزام الجانب التركي بزيادة معدلات الإطلاقات المائية إلى العراق خلال مواسم الجفاف وفق آلية مراقبة مشتركة.

وعلى الرغم من عدم ذكر عبارة النفط مقابل الماء رسميًا إلا أن البنية المالية للاتفاق تربط بوضوح بين صادرات النفط العراقي وتمويل المشاريع المائية التركية داخل العراق وبين الاقتصاد والسياسة وقراءة في الدلالات من الناحية الاقتصادية يمثل الاتفاق خطوة عملية لتجاوز الجمود في ملف المياه فالعراق يعاني من نقص استثمارات هائل في قطاع المياه وتدهور شبكات الريّ والسدود في حين تملك تركيا خبرة هندسية ومؤسسية واسعة في هذا المجال ولكن البعد السياسي لا يقل أهمية إذ يتيح الاتفاق لتركيا تعزيز حضورها داخل العراق في وقت تسعى فيه بغداد إلى تنويع شراكاتها بعد سنوات من الاعتماد شبه الكامل على الشركات الغربية والإيرانية.

أما بالنسبة لبغداد فالاتفاق يمنح حكومة السوداني فرصة لتقديم إنجاز ملموس في ملف شائك مستفيدة من ربط النفط بالماء لتأمين تمويل سريع لمشاريع البنى التحتية التي طال انتظارها وعندما نسأل هل هو حقًا “نفط مقابل ماء”؟ نرى بأن الجواب سيعتمد على زاوية اخرى ومن منظور مالي بحت نعم إذ يتم استخدام عائدات النفط العراقي كمصدر مباشر لتمويل مشاريع مائية بإشراف تركي ومن منظور سياسي استراتيجي الجواب لا، لأنه لا يتضمن تبادلًا مباشرًا لمورد مقابل آخر وإنما اتفاقًا استثماريًا يربط النفط كوسيلة تمويل بالتعاون المائي كهدف تنموي وبالتالي يمكن وصفه بأنه نموذج تمويل بالنفط مقابل شراكة مائية تنموية أكثر من كونه صفقة تجارية بسيطة.

وبالنسبة الى المكاسب ستكون بتحسين الأمن المائي العراقي من خلال مشاريع عملية بدل الاكتفاء بالمفاوضات السياسية وتنشيط الاقتصاد العراقي عبر إدخال الشركات التركية وخبراتها الهندسية وتعزيز العلاقات الثنائية وإعادة الثقة بين البلدين بعد سنوات من التوتر وايضا تخفيف الضغط الإقليمي عبر تحويل ملف المياه من نزاع إلى تعاون اقتصادي بينما ستكون التحديات والمخاوف بخشية بعض المراقبين من أن يؤدي الاعتماد على الشركات التركية إلى نفوذ مفرط في قطاع حيوي وغياب الضمانات المائية حيث ان تركيا لم تقدّم التزامات محددة بالكميات المائية ما يجعل العراق رهينة لحسن النوايا السياسية وهناك قد يكون تراجع في صادرات النفط أو أسعار السوق وهذا يعيق تمويل المشاريع.

ويمكن القول إن الاتفاق بين العراق وتركيا يمثّل تحوّلًا نوعيًا في إدارة ملف المياه إذ دمج الاقتصاد بالسياسة في معادلة جديدة حيث يكون النفط كوسيلة والماء كغاية ورغم ما يحمله من فرص حقيقية لمعالجة الأزمة المائية إلا أنه يحمل أيضًا مخاطر إذا لم يُدار بعقلانية وشفافية والرهان الآن على قدرة العراق في تحويل الاتفاق من صفقة محدودة إلى شراكة استراتيجية لبناء دولة حديثة قادرة على حماية مواردها وتنميتها وعلى تركيا أن تثبت أنها شريك تنموي لا مجرد مستفيد اقتصادي .



#صادق_حسن_الناصري (هاشتاغ)       Sadeq_Alnasseri#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كثرة صور المرشحين.. ديمقراطية مشوهة أم استعراض انتخابي؟
- هل الدعاية الانتخابية طريق إلى الفوز أم مجرد تبذير؟
- مع انطلاق الحملات الانتخابية العراقيون بين الأمل والشك .
- مهند… قضية وطن
- غياب التيار الصدري عن البرلمان فراغ سياسي يعمّق أزمة الثقة .
- حين يُشترى الصوت يموت الاختيار .
- بين بيروت وبغداد أمريكا تدير الأزمات ولا تحلّها .
- الأهوار تقترب من فصل النهاية
- اليوم… أين سوريا من الدولة وهل أضاعوا الفرصة؟
- التشويه الإعلامي للحشد .. أداة جديدة في الحرب الناعمة
- مشروع قانون حرية التعبير ... رصاصة في قلب الديمقراطية العراق ...
- حرائق الكوت مأساة تتكرر وسؤال لا يُجاب …
- خور عبد الله عنوان جديد للخيانة السياسية!
- الصدر يُقاطع الانتخابات ، بيان جديد يضع شروط الإصلاح الحقيقي ...
- وعي الناخب مفتاح التغيير
- بين المقاطعة والمشاركة… من يرسم ملامح الأغلبية القادمة؟
- عِبرة من التاريخ … أين هم الآن؟
- نصيحة إلى المرشحين في الانتخابات المقبلة
- خمسون عامًا في سراب الحداثة مراجعة فكرية لمثقف مخدوع
- المنافقون والخانعون بين التبعية والتضليل


المزيد.....




- قضاة محافظون بالمحكمة العليا الأمريكية -ينتقدون بشدة- رسوم ت ...
- الفلبين تعلن حالة الطوارئ بسبب الإعصار -كالمايغي-
- سقوط الفاشر وأثره على سياسة واشنطن بالسودان
- تحقيق يكشف تمويل شركة -إكسون- حملات تضليل مناخي
- غزة بعد الحرب.. تفاصيل العيش في خيم
- سوريا.. جملة -انا استخبارات ولاك- بفيديو رجل يهدد شرطي تشعل ...
- الفلبين: أكثر من 140 قتيلا عقب إعصار -كالمايغي- ورئيس البلاد ...
- السلطات الأوروبية تُفكك شبكة احتيال بالعملات المشفرة
- -هجمات الدببة- تثير ذعرا.. واليابان تنشر قوات من الجيش
- -صقور ترامب- نحو إسقاط مادورو.. وروسيا تلوّح بالصواريخ


المزيد.....

- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صادق حسن الناصري - اتفاق العراق وتركيا ..نفط مقابل ماء أم شراكة تنموية؟