أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - صادق حسن الناصري - خمسون عامًا في سراب الحداثة مراجعة فكرية لمثقف مخدوع














المزيد.....

خمسون عامًا في سراب الحداثة مراجعة فكرية لمثقف مخدوع


صادق حسن الناصري
(Sadeq Alnasseri)


الحوار المتمدن-العدد: 8382 - 2025 / 6 / 23 - 00:15
المحور: قضايا ثقافية
    


خمسون عامًا في سراب الحداثة ، مراجعة فكرية لمثقف مخدوع

على مدى عقود كنت كما كثير من أبناء جيلي أؤمن أن العلمانية الغربية والحداثة التي جاءت بها هي السبيل الوحيد إلى النهوض والتقدم وأنها الأفق الذي لا بد أن نسير إليه مهما كانت التضحيات.

كنت أراها خلاصًا من الاستبداد وفتحًا لأبواب الحرية والعقل والتفكير العلمي لكنني اليوم بعد خمسين عامًا من الغرق في هذا السراب أعود لأراجع نفسي وأعترف بكل مرارة أنني خُدعت.

لطالما رفعت الحداثة الغربية شعار الحرية لكنها حرية انتقائية تمنح لمن يخدم مصالحها وتُسلب ممن يختلف معها علمانية تتشدق بفصل الدين عن الدولة لكنها توظف الدين حين يخدم مصالحها وتقمعه حين يهدد سلطتها.

ديمقراطية لا تتردد في دعم الأنظمة الاستبدادية إن كانت تابعة وتؤلب على الأنظمة المستقلة إن خرجت عن الطوع ، أين هي القيم إذًا؟ أليست مجرد أدوات ناعمة لتكريس السيطرة والهيمنة؟

لقد شاهدنا كيف سقط القناع عن وجه الحداثة في لحظات الأزمات وفي الحروب وفي التعامل مع قضايا المسلمين وفي ازدواجية المعايير ، كنا نظن أن الإنسان هو محور هذه الحضارة فإذا به الإنسان الغربي فقط وكل ما عداه مجرد هامش.

أعترف أنني كنت من بين أولئك الذين نظروا بإعجاب مفرط إلى كل ما يأتي من الغرب وكنا نستهزئ بموروثنا ونرى فيه عبئًا يجب التخلص منه وندعو إلى القطيعة مع تراثنا بدعوى العقلانية والانفتاح لكن ما الذي جنيناه؟
لقد نزعنا عن أنفسنا جذورنا وتغربنا ثم اكتشفنا أننا لم نُقبل في الحداثة ولا عدنا إلى أصالتنا بقينا معلّقين في الفراغ بلا هوية ولا يقين.

كنا نُحسن الظن بالعلمانية الغربية ونحسبها طريقًا للنهضة فإذا بها طريق إلى الفراغ الروحي والعبث القيمي وكنا نظن أن نزع القداسة عن الدين يحرر العقل فاكتشفنا أنه يسلب الإنسان ذاته ويحوّله إلى آلة استهلاك.

حين أقول إنني أعود القهقرى فلا أعني تراجعًا إلى الوراء بالمعنى السلبي بل أعود إلى جذوري إلى منبعي إلى ما طُمست معالمه تحت غبار التغريب ،أعود إلى الدين لا كعقيدة طقوسية بل كنظام حياة كرؤية كونية متكاملة. أعود لأبحث عن الذات التي ضيّعتها في متاهات التنظير الغربي.

هذه ليست دعوة للانغلاق أو رفض الآخر بل دعوة لإعادة النظر للتصالح مع الذات للتمييز بين ما هو عالمي إنساني وما هو أداة للهيمنة ، فقد آن لنا أن نبني مشروعنا الحضاري من داخلنا لا من خلال استنساخ تجارب لم تُخلق لنا.

لقد خدعت، نعم، وخدع كثيرون معي منذ خمسون عامًا قضيتها أركض خلف أوهام الحداثة أروّج لمفاهيم لم تُثمر إلا الخواء لكني اليوم أملك شجاعة الاعتراف وأحمل يقينًا جديدًا بأن الخلاص لا يكون باستيراد أجوبة الغير بل بالبحث الصادق عن الحقيقة داخل الذات في تراثنا وفي إيماننا وفي قيمنا الأصيلة.

وقد لا أملك وقتًا لأرى الثمار لكن لعلّ من بعدي يُكمل الطريق… لا منبهرًا بل بصيرًا … مع التحية .



#صادق_حسن_الناصري (هاشتاغ)       Sadeq_Alnasseri#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المنافقون والخانعون بين التبعية والتضليل
- معركة الوعي وسقوط الأقنعة
- هل تغيرت موازين القوى بالمنطقة
- حين تصبح المأساة عادةً يومية
- هل ستعود القمة بفوائد على العراق
- بعد القمة هل سيكون العراق وحيداً
- اهمية الانتخابات والتنافس الديمقراطي
- مستقبل الأحزاب السياسية في العراق
- اضراب المعلمين في العراق
- التيار الصدري والانتخابات القادمة
- ماذا بعد… تأخير رواتب الموظفين!!
- الحكومة الفاسدة.. سرطان ينخر جسد الدولة والمجتمع
- الجفاف التحدي البيئي والاقتصادي والاجتماعي
- طريق الحسين طريق العزة والكرامة طريق الاحرار
- شحة المياه وتقصير المسؤول
- الامام علي الانسان .
- ما أشبه اليوم بالبارحة
- الشعب يريد وطن
- مبادىء الحسين
- موعد من خلال الشباك


المزيد.....




- أفغانستان: حكومة طالبان تكافح الجفاف بانشاء قناة على نهر أمو ...
- إسرائيل - إيران: من الحرب المفتوحة إلى حرب الظل
- طهران تنفي العودة إلى محادثات جديدة مع واشنطن
- بعد ثلاثين عاما من الصراع : اتفاق سلام بين الكونغو الديمقراط ...
- نجل أحد الرماة السنغاليين يرفع دعوى قضائية ضد فرنسا بتهمة إخ ...
- بزشكيان يدعو لوقف -التساهل- مع إسرائيل
- الاتحاد الأوروبي: عنف المستوطنين بالضفة يجب أن يتوقف فورا
- حماس تطالب بتحقيق دولي في قتل المجوعين بعد تقرير هآرتس
- عاجل | كاتس: وجهت الجيش لإعداد خطة بشأن إيران تضمن الحفاظ عل ...
- شاهد لحظة إضرام رجل النار داخل مقصورة مترو أنفاق مزدحمة بالر ...


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - صادق حسن الناصري - خمسون عامًا في سراب الحداثة مراجعة فكرية لمثقف مخدوع