أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - صادق حسن الناصري - الامام علي الانسان .














المزيد.....

الامام علي الانسان .


صادق حسن الناصري
(Sadeq Alnasseri)


الحوار المتمدن-العدد: 7227 - 2022 / 4 / 23 - 18:36
المحور: المجتمع المدني
    


العالم اليوم يعيش في حركة متلاطمة من التناقضات المتصادمة التي حولته إلى كومة متناثرة من البؤس والظلم والانحطاط، فهو عالم عنصري تتحكم فيه الأقليات عبر إبادة الأكثرية بالاستغلال والاحتكار .

عالم يتحكم فيه استبداد الحكومات الفردية التي تلخص كل شعوبها في فرد يستبيح أنفسهم وأموالهم، واستبداد الأقليات في حكومات نخبوية متلبسة بلباس الديمقراطية تحتكر عناصر القوة والنفوذ والمال وتفرض عناصر الاستهلاك المعولم والإعلام المضلل والإباحية ذات الوجه الليبرالي على أكثرية فقيرة ساحقة..

عالم تحركه الدوافع المادية البحتة وطموح السلطة والسيطرة، فأنتج العنف والعنف المضاد؛ ليعيش العالم دوامات متراكمة من الحروب الدموية يغذيها جشع الرأسمالية المتهافتة على إنتاج القتل والدمار، ببيع أسلحتها المتطورة جداً في قتل الإنسان ودمار الأرض؛ إذ تتم التضحية بكل البشرية من أجل اقتصاد رأسمالي ينتج الاحتباس الحراري طمعاً في حفنة من المال..

كلنا نريد استرجاع التاريخ الحي الذي يرسم لنا ملامح الأمل والتفاؤل في هذه الحياة، التاريخ الذي يعيد كرامة البشر ويؤكد إنسانيتهم..

وهنا نتحدث عن حياة الإمام علي بن أبي طالب (ع) وهي قطعة زمنية نقرأها في ثرائها بقيمة زمنية تتجاوز الحسابات العادية؛ لأنها أنتجت تراثاً معيارياً كبيراً يتجاوز بعطائه تاريخ الكثير من الحضارات والأمم؛ لأن هذه الفترة الزمنية أنتجت عطاءات ميدانية كبيرة تعجز الكثير من المفاهيم الحاضرة عن استيعاب دلالاتها الحاضرة والممتدة إلى المستقبل..

فالقيمة عند الإمام علي (ع) كانت للإنسان الذي يمثل هدف الحياة وبالتالي فإن كل موارد الحياة هي في خدمته، وتدور في إطار حياته الأخلاقية والاجتماعية؛ إذ لا توجد عند الإمام (ع) قيمة تمايز أخرى، كالعشائرية والعنصرية والطبقية، فيقول (ع): (الذليل عندي عزيز حتى آخذ الحق له والقوي عندي ضعيف حتى آخذ الحق منه).

ويقول (ع) أيضاً: (الناس صنفان إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق).

إنه حضور إنساني كبير في قلب استوعب الجميع فدافع عن الفقير والمظلوم والمسلم والمسيحي والأبيض والأسود..

يقول (ع): (والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها جُلب شعير ما فعلته).

دافع عن معارضيه فأخذوا يتآمرون عليه وهم في حمايته، وهو يعلم أنهم يتآمرون عليه؛ لأنه (ع) لا يسبق الجناية بالعقاب، وبذلك رسم الإمام (ع) منهجاً سياسياً يحفظ ويحمي للإنسان حريته في التعبير عن رأيه والوصول إلى الحق باختياره، إذ لم تكن السياسة عنده (ع) إلا مبادئ أخلاقية وإنسانية ودينية، وليست وسيلة نفعية تبرر فيها الغاية الوسيلة، فلم يكن (ع) ليضحي بهذه المبادئ ولو كانت تؤدي إلى شهادته، لأنها الأصل الذي يهدف إلى امتداد القيم وترسخها في عمق ضمير التاريخ البشري.

كان زهده (ع) هو نزع لكل عوامل النفوذ والقوة التي تحرك في الإنسان عناصر الجشع والطمع والطغيان؛ فبهذا الزهد الخالص يصبح الحاكم منسجماً مع الحق الإنساني متصادماً مع النزوع نحو أهواء الباطل؛ فالسلطة النهمة تؤدي إلى الفساد السياسي والاستبداد المطلق والعنف الدامي.. وزهده (ع) قمة الواقع التطبيقي لحاكم عادل تتمثل فيه المبادئ التي تصبح رمز قوته في بناء السعادة والعدالة الإنسانية ويقول (ع): (وإن دنياكم عندي لأهون من ورقة في فم جرادة تقضمها، ما لعلي ولنعيم يفنى ولذة لاتبقى نعوذ بالله من سبات العقل وقبح الزلل وبه نستعين).

لقد أثبتت معظم النماذج والأنظمة السياسية أنها غير قادرة على إيجاد انسجام اجتماعي وسياسي بين السلطة والأمة، وتحقيق العدالة الاجتماعية، والحفاظ على الحقوق الفردية والعامة، بل إنها قادت الناس في معظم الحالات إلى نتائج كارثية؛ إذ يفتقد معظم هذه النماذج القدرة التشريعية الكاملة باعتبارها أنظمة وضعية تتداخل فيها المصالح الفردية والحزبية في التشريع، وتفتقد القدرة على التطبيق الجيد؛ إذ مع السلطة يطغى الفرد، وتسيطر عليه الانتهازية التي تجعله يضحي بكل المبادئ من أجل الحفاظ على السلطة.

لكننا في قراءتنا لتاريخ أمير المؤمنين (ع) بدقة وموضوعية وتجرد يمكننا أن نكتشف المنهج السياسي الإنساني المنصف للجميع دون تمييز لفئة على فئة؛ فهو الذي رفض المبايعة من طريق المساومة على المبادئ، لأجل حصد الأنصار المتدافعين على المصالح السلطوية، فهو منهج إنساني يحمي المظلوم، ويدافع عن حقوق الإنسان في الأمن والحرية، ولا يمارس سياسة القوة من أجل فرض الإكراه القانوني لتحقيق الضبط السياسي في الدولة..

نعم، كان يمكن أن يستمر هذا النهج وهذا النموذج ويستثمره العالم الإنساني على طول التاريخ، لو وجد إنسان ومجتمع يتفهم بعمق الهدف ويستوعب غاياته ويسمو في مبادئه بعد أن يتجرد من أهواء الدونية ومصالحه الأنانية ويتنازل عن مطامعه المطلقة في السلطة والمال.

يمكن للإنسانية عندما يتراكم فيها ويرتفع المستوى الفكري، وتنضج عقلانيتها، أن تفهم بعد مرور آلاف السنين، وتناوب الحضارات، منهج الإمام علي (ع) في الحكم والحياة، إذ هو وجد في زمن لا يستوعبه وفي حدود تقصر العقول الضيقة عن فهمه.

ما أحوجنا اليوم إلى نموذج ومنهج الإمام علي بن أبي طالب (ع) لإنقاذ العالم من الانحدار السريع نحو الاستبداد والفقر والحروب والأنانية المطلقة.



#صادق_حسن_الناصري (هاشتاغ)       Sadeq_Alnasseri#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما أشبه اليوم بالبارحة
- الشعب يريد وطن
- مبادىء الحسين
- موعد من خلال الشباك
- الاحزاب السياسية وعقدة التفرد بالسلطة
- رفحاء بين الظلم وسرقة اموال الشعب
- الحريات في العراق ... الى أين
- متى يتخلص العراق من الخونة والمتأمرين
- ال سعود وعقدة الشرف
- ماذا بعد قرار منع استيراد الخمر
- هل فهم العراقيون الدرس ...
- المستقبل المجهول بين المواطن والمسؤول
- الحشد المقدس والاعلام المأجور
- هل أعدتم هيبة الدولة بدماء الابرياء
- هل هذه عقوبة من أنتفض ضد الفاسدين
- الى أين تذهبون بالعراق ايها المنافقون
- ثورة الاحرار تُسقط الاحزاب
- أخطر رجل بالعالم
- العراق الى أين
- حرية الاعلام والصحافة في العراق مهددة بالقتل


المزيد.....




- إسرائيل لواشنطن: سننتقم من السلطة الفلسطينية إذا أصدرت الجنا ...
- إسرائيل تبلغ واشنطن بأنها ستعاقب السلطة الفلسطينية إذا صدرت ...
- إسرائيل تحذر أمريكا: سنعاقب السلطة الفلسطينية حال أصدرت الجن ...
- السعودية.. حكم بسجن مناهل العتيبي 11 عامًا ومنظمات حقوقية تط ...
- اعتقال 300 محتج بجامعة كولومبيا وأنصار الاحتلال يهاجمون اعتص ...
- الأمم المتحدة: حجم الدمار في غزة هائل وأكبر من أوكرانيا
- من حرب غزة لأوكرانيا.. حرية التعبير في فرنسا تحت مقصلة العقو ...
- مسؤولان إسرائيليان: تل أبيب تنازلت عن مطلبها بفرض قيود على ع ...
- بريطانيا تبدأ احتجاز المهاجرين لترحيلهم إلى رواندا
- تمكين «ذوي الهمم» الأوراق المطلوبة للتقديم على شقق ذوي الاحت ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - صادق حسن الناصري - الامام علي الانسان .