أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - حميد كوره جي - أسباب ضعف السلع الاستهلاكية في الاتحاد السوفيتي















المزيد.....

أسباب ضعف السلع الاستهلاكية في الاتحاد السوفيتي


حميد كوره جي
(Hamid Koorachi)


الحوار المتمدن-العدد: 8517 - 2025 / 11 / 5 - 15:09
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


لم يكن ضعف إنتاج السلع الاستهلاكية في الاتحاد السوفيتي (مثل السيارات والتلفزيونات وما شابه) مجرد نتيجة للأولوية المطلقة للقطاع العسكري، بل كان فشلاً منهجيًا متأصلًا في طبيعة النظام الاقتصادي المخطط مركزيًا نفسه. فبينما كان الإنفاق العسكري الهائل عاملًا رئيسيًا في تحويل الموارد، كشفت آليات التخطيط المعيبة وغياب حوافز السوق عن العيوب الأيديولوجية التي حكمت على النظام بالفشل في تلبية احتياجات المواطنين، مما أدى إلى الندرة المزمنة وتدهور الجودة، وساهم في انهيار الدولة.


الاقتصاد المخطط مركزيًا وعيوبه الأساسية
اعتمد ستالين في عقيدته على أن النظام ليس مجرد وسيلة لتطبيق الاشتراكية، بل أداة استراتيجية لتحويل دولة زراعية إلى قوة صناعية عظمى تُعرف بـ ”رأسمالية الدولة"، وذلك عبر تنفيذ الخطط الخمسية التي تعتمد فيها الدولة بشكل كامل على التحكم بالإنتاج والتوزيع.

افتقر هذا النظام إلى أدوات السوق التقليدية مثل الأسعار المتغيرة الناتجة عن العرض والطلب. فبسبب ثبات الأسعار، ظهرت أزمة نقص دائم في السلع الأساسية، مما أرهق المستهلكين.

كانت مكافآت المديرين والعمال تعتمد على تحقيق "حصص كمية" تضعها البيروقراطية المركزية، دون النظر إلى جودة المنتجات أو تلبية احتياجات المستهلك. هذا التركيز المفرط على الكم دفع إلى إنتاج سلع عديمة الفائدة، مثل تصنيع ثريات ضخمة لتلبية متطلبات الحصة من حيث الوزن. وبهذه الطريقة ظهر جليًا أن المستهلك الحقيقي للنظام لم يكن المواطن العادي، بل "الدولة" ذاتها.

ضعف الجودة والتراجع التكنولوجي كانا نتائج طبيعية لغياب المنافسة وانعدام الحوافز المشجعة على الإبداع والابتكار، مما أظهر عيوبًا هيكلية عميقة في النظام ذاته.
أولويات الاتحاد السوفيتي كانت واضحة في تفضيله القطاع العسكري على المجالات الأخرى، حيث وجه موارد ضخمة نحو تشكيل قوة عسكرية عظمى. هذا التوجه نتج عنه تهميش كبير للصناعات المدنية التي لم تتمكن من الاستفادة من التطور التقني المرتبط بالقطاع العسكري.

حسب التقديرات الواردة، في السبعينيات كان الاتحاد السوفيتي يخصص ما بين 12% و15% من ناتجه القومي الإجمالي للإنفاق الدفاعي، وهو ما أضر بشكل ملحوظ بجوانب أخرى مثل السلع الاستهلاكية والخدمات الأساسية من بينها الصحة. وقد قدرت وكالة المخابرات المركزية الأميركية هذه النسبة بين 12% و14%، بينما تشير مصادر أخرى إلى أنها وصلت إلى 15% في تلك الفترة، وانخفضت قليلاً لتصل إلى 13% خلال الثمانينيات.

هذا التركيز على الإنفاق العسكري استنزف موارد مهمة كالعمالة والمواد الخام والتقنيات، مما أدى إلى تراجع واضح في إنتاج السلع الاستهلاكية وتدهور الزراعة والرعاية الصحية والتعليم وغيرها من القطاعات الحيوية التي تخدم الحياة اليومية للمواطنين.


التكلفة البيئية والإنسانية (بحر آرال)

تُعد كارثة بحر آرال مثالًا مأساويًا على استعداد النظام لتجاهل العواقب البيئية والإنسانية في سبيل الأهداف الإنتاجية.
تم تحويل مجرى الأنهار لري مساحات شاسعة لزراعة القطن، الذي لم يكن للاستخدام المدني فحسب، بل كان استراتيجيًا لإنتاج مواد كيميائية حيوية تستخدم في تصنيع المتفجرات والبارود للآلة العسكرية.

أدى تجفيف البحر إلى كارثة بيئية (تدمير النظام البيئي) وإنسانية (انتشار الأمراض الخطيرة وتزايد العيوب الخلقية) بسبب العواصف الترابية المحملة بالملح والملوثات.

الحياة اليومية للمستهلك السوفيتي كانت تتميز بمعاناة مستمرة نتيجة للنقص الحاد في السلع الأساسية مثل الدقيق والقهوة، إذ كانت رفوف المتاجر خالية بشكل كبير مقارنةً بما هو موجود في الدول الغربية. امتلاك ما يُعرف بالسلع المعمرة كان يُعتبر ترفًا بعيد المنال؛ فعلى سبيل المثال، في عام 1972، لم تتجاوز نسبة الأسر التي تمتلك سيارة 2%، بينما وصلت هذه النسبة في الولايات المتحدة إلى 76%. بالإضافة إلى ذلك، كانت تكلفة السيارة تعادل دخل سنتين كاملتين للعامل العادي، وتتطلب الانتظار على قوائم طويلة.

خلال فترة حكم بريجنيف، المسمى بـ "عصر الركود"، شهد الاقتصاد السوفيتي تباطؤًا ملحوظًا نتيجة لإهدار الموارد واستمرار التخلف في المجال التكنولوجي. أما في عهد البيريسترويكا، فقد جاءت إصلاحات غورباتشوف متأخرة وغير كافية لتحسين الأوضاع بشكل حقيقي، بل أسهمت في زيادة النقص ببعض المنتجات، الأمر الذي أثار استياء الشعب وساهم في انهيار الاتحاد السوفيتي.

الدروس المستفادة
لقد أثبتت التجربة السوفيتية أن نظامًا اقتصاديًا يفتقر إلى المساءلة، ويُهمل احتياجات مواطنيه اليومية، ويقمع الحوافز والابتكار لصالح التخطيط المركزي والأهداف العسكرية، محكوم عليه بالفشل المنهجي، مهما بلغت قوته العسكرية.


مراجع:

الحرب الباردة - كلية التربية ابن رشد - جامعة بغداد

youtube.com
الثورة الصناعية في الإتحاد السوفيتي و تحويل أوكرانيا لدولة صناعية

alarabiya.net
هكذا صعدت قوة الاتحاد السوفيتي.. إعدامات ومجاعات

ar.wikipedia.org
الاتحاد السوفيتي - ويكيبيديا

academia-arabia.com
الجهود الروسية في إصلاح قطاع الصناعة



youtube.com
الحياة في الإتحاد السوفيتي و قصة سقوط الإتحاد السوفييتي



الشخصية السوفيتية - آثار الاتحاد السوفيتي في العقول | وثائقية دي دبليو

- YouTube
gate.ahram.org.eg
الاقتصاد الاشتراكي السوفييتي: مؤشرات الإخفاق - الأهرام اليومي

en.wikipedia.org
Perestroika - Wikipedia

political-encyclopedia.org
البيريسترويكا - Perestroika - الموسوعة السياسية

saaid.org
البيريسترويكا: تفكير جديد لبلادنا والعالم - صيد الفوائد

alqaheranews.net
بين الانهيار وحلم العودة.. 31 عامًا على سقوط الاتحاد السوفيتي - القاهرة الاخبارية

ar.wikipedia.org
البيريسترويكا في جمهورية كازاخستان السوفيتية - ويكيبيديا



#حميد_كوره_جي (هاشتاغ)       Hamid_Koorachi#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأهمية المستمرة لكتاب -رأس المال- في عصر الرقمنة
- الشوفينية الفارسية أمام تحديات العقلانية والأممية
- حقبة الركود السوفيتية
- بين مزيج الأمواج والذكريات
- ركود الأغنية العربية: بين أسطورة الماضي وتحديات الحاضر
- أزمة اليسار في العالم العربي: تحديات الهيمنة القومية والليبر ...
- ضرورة تحريم التقية: بين رخصة الضرورة وخطرها على المجتمع
- اختلاف الآراء في اشتراكية الاتحاد السوفييتي السابق
- ثلاثة قرون من الجمود: كيف دفع العرب والمسلمون ثمن حظر آل عثم ...
- تآكل الليبرالية
- اعتراف دون إيقاف حرب الإبادة
- بيت ليس للتحديث
- حول موت التراجيديا في الفن المعاصر
- لتخلّد نار بروميثيوس
- هل الصين بلد اشتراكي؟
- قصيدة الشرق الأوسط
- تحولات النظام العالمي ومستقبل الغرب
- سيرة صلاح نيازي الذاتية: امتاع ومؤانسة
- صراع العقل والوحي: نظرة عميقة إلى الشرق والغرب
- أغنية الفلاح الأخيرة


المزيد.....




- محمد نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية ي ...
- المتحف الكبير.. بين تلميع الفرعون وصناعة الهوية (1-2)
- حرية الصحافة بالمغرب: تكميم وخنق واعتقال
- مشروع قانون التعليم العالي بين: رهان خوصصة الجامعة وتطلعات م ...
- الشباب قيود الأخلاق التقليدية وما تتيحه التكنلوجيا الحديثة م ...
- أوقفوا هجمات ترامب على فنزويلا وأمريكا اللاتينية: بيان المكت ...
- أكثر من عام رهن الحبس الاحتياطي.. تجديد حبس أشرف عمر 45 يومً ...
- رسالة أوجلان.. كيف تؤثر على العملية السياسية في تركيا؟
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- زهران ممداني: شيوعي معادي للسامية؟


المزيد.....

- كراسات شيوعية(الفرد والنظرة الماركسية للتاريخ) بقلم آدم بوث2 ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كراسات شيوعية (العالم إنقلب رأسًا على عقب – النظام في أزمة)ق ... / عبدالرؤوف بطيخ
- الرؤية الرأسمالية للذكاء الاصطناعي: الربح، السلطة، والسيطرة / رزكار عقراوي
- كتاب الإقتصاد السياسي الماويّ / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية(النمو السلبي: مبدأ يزعم أنه يحرك المجتمع إلى ا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كراسات شيوعية (من مايوت إلى كاليدونيا الجديدة، الإمبريالية ا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كراسات شيوعية (المغرب العربي: الشعوب هى من تواجه الإمبريالية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علم الاعصاب الكمي: الماركسية (المبتذلة) والحرية! / طلال الربيعي
- مقال (الاستجواب الدائم لكورنيليوس كاستورياديس) بقلم: خوان ما ... / عبدالرؤوف بطيخ
- الإمبريالية والاستعمار الاستيطاني الأبيض في النظرية الماركسي ... / مسعد عربيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - حميد كوره جي - أسباب ضعف السلع الاستهلاكية في الاتحاد السوفيتي