أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أكد الجبوري - يوكيو ميشيما: صرخة ضد التغريب/ إشبيليا الجبوري - ت: من اليابانية أكد الجبوري














المزيد.....

يوكيو ميشيما: صرخة ضد التغريب/ إشبيليا الجبوري - ت: من اليابانية أكد الجبوري


أكد الجبوري

الحوار المتمدن-العدد: 8514 - 2025 / 11 / 2 - 04:50
المحور: الادب والفن
    


- الساموراي المعاصر يوكيو ميشيما: صرخة يائسة ضد التغريب.

يستحضر اسم يوكيو ميشيما (1925-1970)() صورةً قويةً ومثيرةً للجدل: صورة محارب، وشاعر جمال، وفيلسوف عاش ومات على ميثاق شرفٍ لا يجرؤ على محاكاته إلا القليلون اليوم. قصته ليست مجرد سردٍ لحياة، بل هي ملحمة روحٍ في صراعٍ دائم، وجسرٌ مأساويٌّ وعظيمٌ بين الحداثة وأعمق جذور التقاليد اليابانية.

وُلد ميشيما باسم كيميتاكي هيراوكا()، واختار اسمه المستعار لإخفاء هويته ككاتب عن عائلته()، ولكن بهذا الاسم بنى صورةً أيقونيةً، نحتتها أعماله بقدر ما نحتتها حياته نفسها. كانت حياته سعيًا دؤوبًا وراء الجمال والبطولة والنقاء، رحلةً شخصيةً قادته إلى استكشاف حدود الفن والجسد والروح.

منذ بداياته الأدبية الناجحة، أظهر ميشيما حساسيةً فريدة، قادرةً على سبر أغوار النفس البشرية بأسلوبٍ نثريٍّ ثريٍّ وعميق. أعمالٌ مثل "اعترافات قناع" (1949)()، و"الجناح الذهبي" (1956)()، ورباعية "بحر الخصوبة" (1969)(). و"الخيول الهاربة" (1969)() و"معبد الفجر" (1970)() و كذلك "تحلل الملاك" (1971)() ليست رواياتٍ بسيطة، بل لوحاتٍ جداريةٍ معقدةٍ لمجتمعٍ متغير، تعكس هواجسه بالجمال الزائل والموت والانحطاط. كانت كتاباته سلاحًا حادًا ودقيقًا، استكشف به طبيعة الهوية والرغبة وهشاشة الوجود.

لكن ميشيما لم يكن مجرد كاتب. جسده، الذي كان هشًا في البداية، أصبح معبدًا منحوتًا من خلال تدريبٍ بدنيٍّ صارم. لم تكن الملاكمة والكندو ورفع الأثقال مجرد رياضاتٍ رياضية، بل كانت وسيلةً لصقل روحه، وللتواصل مجددًا مع مثال المحارب، الساموراي، الذي رآه يتلاشى في اليابان ما بعد الحرب. بالنسبة له، كان الجسد تعبيرًا عن الروح، لوحةً يرسم عليها فلسفته.

كانت فلسفته صرخة يائسة ضد التغريب وفقدان القيم اليابانية التقليدية. كان ميشيما يُبجّل الإمبراطور باعتباره رمزًا مقدسًا لا يُمس لليابان، وكان ينظر برعب إلى الانجراف المادي وفقدان حس التضحية والشرف. أسس (رابطة الدرع)()، وهو جيش خاص مؤلف من شباب وطنيين، "ليس للتخريب"، بل لإيقاظ روح اليابان، وحماية ما رآه عذابًا بطيئًا.

ما يجعل قصة ميشيما لا تُنسى هو فعله الأخير، طقس السيبوكو في 25 نوفمبر 1970(). بعد أن ألقى خطابًا حماسيًا، لم يُسمع بعد، لقوات الدفاع الذاتي، انسحب إلى مكتب القائد وانتحر وفقًا لطقوس الساموراي القديمة. كان فعلًا متطرفًا وصادمًا لا يزال يُفرق ويُبهر حتى اليوم. بالنسبة للبعض، كان فعلًا جنونيًا لشخص مصاب بجنون العظمة؛ بالنسبة للآخرين، كانت خاتمة رائعة ومأساوية لحياة عاشها بثبات تام على مبادئه، محاولة أخيرة يائسة لإخراج بلاده من سباتها.

عود إلى بدء. ماذا تبقى اليوم من قصة يوكيو ميشيما؟ لا يزال صدى نثره القوي باقيًا، والذي لا يزال يُنير مكتبات العالم، كاشفًا عن تعقيدات النفس البشرية. لا يزال استفزاز حياته قائمًا، دعوةً مُزعجةً للتأمل في معنى الأصالة والجمال والتضحية. يُجبرنا ميشيما على التساؤل عن القيم التي تُوجه حياتنا، والبحث عن معنى أعمق في عالم يبدو أنه خالٍ منه بشكل متزايد.

أخيرًا. تُذكرنا شخصيته المُعقدة ومتعددة الأوجه بأن الفن والحياة يمكن أن يتشابكا ليصبحا عملاً واحدًا لا ينفصم. لم يكن يوكيو ميشيما مُجرد مُحارب أو كاتب؛ كان رجلاً سعى بكل ما أوتي من قوة إلى أن يعيش حياة جمالية وفلسفية، ساموراي عصري، حتى في نهايته الأكثر مأساوية، ترك إرثًا لا يزال يتردد صداه، وهو يشكل تحديًا أبديًا لفهمنا للجمال. إن شئتم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Copyright © akka2025
المكان والتاريخ: طوكيــو ـ 11/02/25
ـ الغرض: التواصل والتنمية الثقافية
ـ العينة المستهدفة: القارئ بالعربية (المترجمة).



#أكد_الجبوري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سينما… مع ستانيسلاف ليم -سولاريس- وجهات الاتصال والتواصل (4- ...
- شذرة من رواية -رياح المقاهي الحزينة- لإشبيليا الجبوري - ت: م ...
- سينما… مع ستانيسلاف ليم -سولاريس- وجهات الاتصال والتواصل (4- ...
- سينما… مع ستانيسلاف ليم -سولاريس- وجهات الاتصال والتواصل (3- ...
- تفرد عولمة الدين التكنولوجي/أبوذر الجبوري - ت: من الياباني أ ...
- سينما… مع ستانيسلاف ليم -سولاريس- وجهات الاتصال والتواصل (2- ...
- الطب التلطيفي مقابل-علم نفس المعاناة-/بقلم بيونغ تشول هان -- ...
- سينما… مع ستانيسلاف ليم -سولاريس- وجهات الاتصال والتواصل (1- ...
- سينما… مع ستانيسلاف ليم -سولاريس- وجهات الاتصال والتواصل (1- ...
- تَرْويقَة : -سقطتُ بين ذراعيكِ-/ بقلم دلميرا أغوستيني* - ت: ...
- سينما… إليانور كوبولا... هوليودية الاحتراف/ إشبيليا الجبوري ...
- موسيقى: بإيجاز: الباب الثالث والاخير: هانز فون بولوف: (1871- ...
- موسيقى: بإيجاز: الباب الثاني: هانز فون بولوف: السنوات الوسطى ...
- موسيقى: بإيجاز: الباب الأول: هانز فون بولوف: (1830-1855)- (1 ...
- سينما… فرانكشتاين: بين الخراب والغفران/ إشبيليا الجبوري - ت: ...
- أنطونيو غرامشي و-فلسفة الممارسة- (3-3)/الغزالي الجبوري - ت. ...
- أنطونيو غرامشي و-فلسفة الممارسة- (2-3)/الغزالي الجبوري - ت. ...
- موسيقى: بإيجاز: الباب الأول: هانز فون بولوف: (1830-1855) (1- ...
- أنطونيو غرامشي و-فلسفة الممارسة- (1-3)/الغزالي الجبوري - ت. ...
- موسيقى: بإيجاز:(80) والأخيرة. بيتهوفن: برامز وبيتهوفن: حوار ...


المزيد.....




- كوينتن تارانتينو يعود إلى التمثيل بدور رئيسي
- لونُ اللّونِ الأبيض
- أيقونة صوفية
- تــــابع كل المسلسلات والأفلام الهندي والعربي.. تردد قناة زي ...
- إطلاق ملتقى تورنتو الدولي لفن اليوميات وفلسطين ضيفة الشرف
- افتتاح المتحف المصري الكبير بعد عقدين من الزمن في أرضٍ لا يُ ...
- ماذا حدث عندما ظهر هذا النجم الهوليوودي فجأة بحفل زفاف مستوح ...
- (غموض الأبواب والإشارات السوداء)
- تــــابع كل المسلسلات والأفلام الهندي والعربي.. تردد قناة زي ...
- المتحف المصري الكبير.. هل يعيد كتابة علاقة المصريين بتاريخهم ...


المزيد.....

- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أكد الجبوري - يوكيو ميشيما: صرخة ضد التغريب/ إشبيليا الجبوري - ت: من اليابانية أكد الجبوري