أكد الجبوري
الحوار المتمدن-العدد: 8513 - 2025 / 11 / 1 - 20:54
المحور:
الادب والفن
…
…
…. لماذا نكتب؟
نكتب... حسنًا، ولكن لماذا نكتب؟ نكتب غالبًا لإرسال رسالة، للتواصل مع الآخرين أو مع ضمائرنا، لننجو بأنفسنا، لنترك شيئًا من أنفسنا، أو لنتجنب أن يراها أحد، لنُظهرها لأي شخص. لنتجنب أن نُكتشف. لنُرى. لنُعترف. لنتحدث مع شخص ما. الكتابة تُعبّر عن نفسها بشكل هائل. وأنت تفعل ذلك من أجل نفسك. لتجنّب الخوف، بدافع الحدس، لسرد قصتك، للوصول إلى أعماق الأمور، لإيجاد طريق آخر، لألمٍ باقٍ، لحلمٍ لن يزول، لنؤمن مجددًا، لكي لا نستسلم الآن، لنمنح أنفسنا الشجاعة، لنبكي حبرًا، لنتوقف عن البكاء، لمرور الوقت... لإيقافه. نكتب... نكتب قبل كل شيء لننجو من الغباء. لكننا نكتب أيضًا أشياءً غبية، لنتجنب الاعتراف بالحقيقة. لنقول ما يجب أن نقوله... نكتب. نكتب لسببين: لأنفسنا أو للحب... الكتابة وسيلة لتمديد الوقت الراهن، اللحظة المناسبة، اللحظة العابرة. الكتابة تعني تجاوز عتبة، البحث عن الحياة، التقاط فكرة أو عاطفة. الكتابة ليست دائمًا وسيلة للإضافة؛ أحيانًا تكون وسيلة للإزالة، التبسيط، التعمق. لكن أحيانًا، ونأمل ألا يكون الأمر كذلك، يكاد يكون من المستحيل ردع فكرة خاطئة، أو جعل القارئ يتصالح مع النص المكتوب، الأفكار مع النوايا، الأفكار مع الناس، الصفحة البيضاء مع الأفكار.
الحقيقة أننا نكتب دائمًا تقريبًا على الرمال... نكتب لنمحي. حتى لا يبقى فينا أثر. أو حتى تصبح مشاعرنا راسخة، أو على الأقل نأمل أن نترك أثرًا... أو أن نطردها إلى الأبد من أفكارنا، من مشاعرنا. نكتب لتنظيم أفكارنا، لإيجاد معنى في الفوضى، لهزيمة العدم الذي يتقدم. نحن نكتب. نكتب لنتجنب إهمال أنفسنا، ولنتجنب التوقف عند المظاهر، ولنردّ الجميل، ولنلمس قلوب الآخرين. الكتابة وسيلة لإخراج الأصوات الداخلية، بينما القراءة، من جهة أخرى، وسيلة لاستقبال الأصوات الخارجية. نكتب إذًا لننظر إلى داخلنا، لنكتشف ما هو خارجي، لنحتفظ بالذكريات. نكتب... لنحرر عقولنا، لنتواصل مع الناس، لننفيس عن مكنوناتنا، لنطلق العنان لمشاعرنا، لنعبّر عن أنفسنا بحرية... الكتابة وسيلة لترتيب قلوبنا.
الكتابة أشبه بترك وصية عن أنفسنا، حقيقية، أصيلة، صادقة، من خلال أفكار غير منقحة وغير مشروطة، لنترك للأجيال القادمة ما كنا عليه حقًا في حياتنا. الكتابة أشبه بالحياة. نكتب بإفراط، بل وبسوء. غالبًا ما نكتب لنهزم الزمن. لنكسبه. ونخسر. لكن في أحيان أخرى، نضيع الوقت ببساطة. وقت مقابل وقت. نكتب بحثًا عن اللانهاية... حياة لا نهائية. هذا ما يُسمى بالكتابة... باختصار، تكتب للنسيان... أو لكي لا تنسى أبدًا….
…
…
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Copyright © akka2025
المكان والتاريخ: طوكيــو ـ 11/01/25
ـ الغرض: التواصل والتنمية الثقافية
ـ العينة المستهدفة: القارئ بالعربية (المترجمة).
#أكد_الجبوري (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟