أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - محمد عبد الكريم يوسف - ‏الوظيفة العامة: تنقذ من الفقر أم تقود إليه؟















المزيد.....

‏الوظيفة العامة: تنقذ من الفقر أم تقود إليه؟


محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث

(Mohammad Abdul-karem Yousef)


الحوار المتمدن-العدد: 8513 - 2025 / 11 / 1 - 12:17
المحور: قضايا ثقافية
    


‏الوظيفة العامة: تنقذ من الفقر أم تقود إليه؟ دراسة تحليلية في ضوء العدالة الاجتماعية والسياسات الاقتصادية المعاصرة


‏---

‏🔹 الملخص:

‏تُعدّ الوظيفة العامة من أهم مصادر الدخل والاستقرار الاجتماعي في المجتمعات الحديثة، إذ تمثل أحد أشكال الضمان الاقتصادي للفرد. غير أن التحولات الاقتصادية والسياسات الحكومية المتقلبة جعلت من الوظيفة العامة سلاحًا ذا حدين؛ فهي في بعض الدول أداة لمكافحة الفقر والبطالة، وفي أخرى وسيلة لتكريس الفقر بسبب تدني الأجور وضعف الحوافز وغياب العدالة في توزيع الدخل. تهدف هذه الدراسة إلى تحليل العلاقة بين الوظيفة العامة ومستوى الفقر، من خلال مقاربة اجتماعية-اقتصادية تُبرز العوامل التي تجعل الوظيفة العامة إما وسيلة للخلاص من الفقر أو سببًا في استدامته.


‏---

‏🔹 المقدمة:

‏الوظيفة العامة ليست مجرد عمل يؤديه الفرد في خدمة الدولة، بل هي نظام اقتصادي واجتماعي يعكس طبيعة العلاقة بين المواطن والدولة، ويحدد شكل العقد الاجتماعي بينهما. ومع ازدياد معدلات البطالة وتراجع فرص القطاع الخاص في كثير من الدول النامية، أصبحت الوظيفة العامة الملاذ الأخير أمام الطبقات الفقيرة والمتوسطة.
‏لكن السؤال المركزي هو: هل ما زالت الوظيفة العامة قادرة على إنقاذ الفرد من الفقر، أم أنها باتت فخًا يجعله رهينًا لراتب محدود وثابت لا يواكب تكاليف المعيشة المتصاعدة؟


‏---

‏🔹 أولًا: الوظيفة العامة كوسيلة لمكافحة الفقر

‏1. الاستقرار المالي والاجتماعي:
‏الوظيفة العامة تمنح العاملين شعورًا بالأمان الوظيفي والاستقرار المالي، من خلال دخل ثابت وتأمينات اجتماعية وصحية، وهي بذلك تؤدي دورًا وقائيًا ضد الفقر.
‏تشير دراسات البنك الدولي (World Bank, 2022) إلى أن الوظائف الحكومية في الدول ذات الدخل المنخفض تظل أحد أهم أدوات تقليص الفجوة الطبقية.


‏2. العدالة في توزيع الفرص:
‏عبر آليات التوظيف القائمة على المسابقة والشفافية، يمكن للوظيفة العامة أن تسهم في تحقيق العدالة الاجتماعية، ما دامت الدولة تلتزم بمبادئ الكفاءة والمساواة.


‏3. الضمان الاجتماعي:
‏في كثير من الأنظمة، تضمن الوظيفة العامة معاشًا تقاعديًا وتأمينًا ضد المرض والعجز، ما يحمي الأسر من السقوط في دائرة الفقر عند الأزمات الاقتصادية.




‏---

‏🔹 ثانيًا: الوظيفة العامة كآلية لإعادة إنتاج الفقر

‏1. تدني الأجور وارتفاع تكاليف المعيشة:
‏في ظل التضخم وغلاء الأسعار، أصبحت الأجور في القطاع العام في كثير من الدول النامية غير كافية لتأمين الاحتياجات الأساسية. ويؤدي هذا إلى “فقر الموظفين” رغم استمرارهم في العمل.
‏يؤكد تقرير منظمة العمل الدولية (ILO, 2021) أن 30% من العاملين في القطاع العام في الدول النامية يعيشون عند خط الفقر أو دونه.


‏2. غياب الحوافز الإنتاجية:
‏البيروقراطية والرتابة في العمل الحكومي تحدّ من الإبداع، مما يجعل الموظف محاصرًا بدخل ثابت دون فرص حقيقية للترقي أو التحسين، ما يكرّس حالة "الركود الطبقي".


‏3. الاعتماد المفرط على الدولة:
‏في كثير من الاقتصادات الريعية، يؤدي الاعتماد على التوظيف الحكومي إلى تراجع المبادرات الفردية والقطاع الخاص، مما يزيد العبء على الدولة ويُضعف الاقتصاد الكلي.




‏---

‏🔹 ثالثًا: التحليل المقارن بين الدول النامية والمتقدمة

‏في الدول المتقدمة (كالدنمارك وكندا)، ترتبط الوظيفة العامة بسياسات رفاه اجتماعي قوية، وأجور عادلة، مما يجعلها وسيلة فعالة للحد من الفقر.

‏في المقابل، في الدول النامية (كسوريا، ومصر، واليمن)، تمثل الوظيفة العامة عبئًا على الموازنة العامة، وغالبًا ما تكون الأجور دون خط الكفاية المعيشية، ما يجعلها عاجزة عن إنقاذ العاملين من الفقر.



‏---

‏🔹 رابعًا: مقترحات إصلاحية

‏1. ربط الأجور بمؤشرات التضخم وكلفة المعيشة.


‏2. تعزيز الإنتاجية وربط الترقيات بالأداء.


‏3. إصلاح الهياكل الإدارية لتقليص الفساد والمحسوبية.


‏4. إطلاق برامج دعم موازية للموظفين ذوي الدخل المحدود.


‏5. إدماج التكنولوجيا والتحول الرقمي لتحسين الكفاءة وتقليل النفقات.


‏---

‏🔹 الخاتمة:

‏الوظيفة العامة كانت عبر التاريخ صمام أمان ضد الفقر، لكنها في ظل التحولات الاقتصادية الراهنة أصبحت مهددة بأن تتحول إلى "فقر مستقر". الحل لا يكمن في إلغاء الوظيفة العامة، بل في إعادة تعريفها من حيث الأجور، والعدالة، والكفاءة، والكرامة الإنسانية. إن وظيفة لا تتيح للإنسان حياة كريمة، لا يمكن اعتبارها خلاصًا من الفقر، بل هي شكله المقنّع.


‏---

‏🔹 المراجع:

‏1. World Bank (2022). Public Sector Employment and Poverty Reduction in Developing Countries. Washington, D.C.


‏2. International Labour Organization (ILO) (2021). World Employment and Social Outlook: Trends 2021. Geneva.


‏3. Rawls, J. (1971). A Theory of Justice. Harvard University Press.


‏4. Sen, A. (1999). Development as Freedom. Oxford University Press.


‏5. United Nations Development Programme (UNDP) (2020). Human Development Report 2020: The Next Frontier – Human Development and the Anthropocene. New York.


‏6. عبد العزيز، أحمد (2020). الوظيفة العامة بين الاستقرار والفقر: دراسة تحليلية. مجلة الاقتصاد والتنمية العربية، العدد (15).


‏7. الخطيب، ناصر (2021). الأجور والعدالة الاجتماعية في القطاع العام العربي. مجلة دراسات اقتصادية عربية، جامعة القاهرة.




#محمد_عبد_الكريم_يوسف (هاشتاغ)       Mohammad_Abdul-karem_Yousef#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ‏قراءة في قصيدة -إذا- للشاعر روديارد كبلنغ
- ‏اللامرئي في مهنة التعليم: التعب الإدراكي لدى المدرس
- ‏استعمال -لغة الطهر- لتبرير -أفعال القهر-
- العلم لا يموت والعالم لا يُحال إلى التقاعد، والعقول العظيمة ...
- ‏مؤتمر الأقليات في الشرق الأوسط: الأهداف الاستراتيجية لإسرائ ...
- ‏مفهوم التنويم المغناطيسي واستحضار الأرواح في مسرحية الدكتور ...
- ‏عبق من ذكراه....فواز أذكي منارة علم للأجيال
- الدكتور فاوستوس وتجسيد فكره في السياسة الدولية
- قراءة نقدية شاملة لقصيدة «مايا» – نزار قباني
- نيكولو باغانيني: عازف الكمان الإيطالي الذي باع روحه للشيطان ...
- الربيع العربي من البلطجية إلى الشبيحة إلى الدبيحة: تاريخ موج ...
- ‏حان الوقت لتوحيد شمال شرقي سوريا مع بقية سوريا
- دلالات استحضار روح هيلين طروادة في مسرحية الدكتور فاوستوس
- القداسة والهيمنة: لماذا تُستخدم القداسة كواجهة للهيمنة على ا ...
- وداعاً أسطورة علم الفيزياء الصينية: تشن نينغ يانغ
- التفشير في العلاقات الإنسانية: هل هو مقبول أم غير مقبول؟ ‏
- ‏صورة اليهودي في تاجر البندقية لشكسبير واليهودي المالطي لمار ...
- ‏فرنسا التي لا تغفر مرة ثانية
- اتصال الرابعة صباحًا
- ‏الدكتور فاوستوس لمارلو وتجسيد فكره في السياسة الدولية


المزيد.....




- شاهد.. شرطة واشنطن تعتقل عدة أشخاص -مارسوا سلوكا مشينًا- وتف ...
- فيتنام: تحذير من تجاوز هطول الأمطار 700 مليمترًا.. وفيضانات ...
- سوريا: وزير الداخلية يرحب بدمج -الضباط المنشقين- بالوزارة له ...
- ما الذي يجعل -الرعب النسائي الدموي- مختلف عن روايات الرعب ال ...
- خفض المساعدات الغذائية الأمريكية يدفع بنوك الطعام للاستعداد ...
- كيف ردت ناسا.. كيم كاردشيان لا تصدق هبوط الإنسان على القمر
- أطباء بلا حدود: آلاف السودانيين في دائرة الخطر بعد سقوط الفا ...
- هآرتس: تسريب فيديو سدي تيمان أداة اليمين ضد -الدولة العميقة- ...
- إدارة الطاقة لا الوقت.. 9 عادات يومية تساعدك على القيادة بنج ...
- المتحف المصري الكبير.. أكبر مجموعة أثرية للحضارة القديمة


المزيد.....

- الفاكهة الرجيمة في شعر أدونيس / د. خالد زغريت
- المفاعلة الجزمية لتحرير العقل العربي المعاق / اسم المبادرتين ... / أمين أحمد ثابت
- في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي / د. خالد زغريت
- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت
- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت
- الكتابة بالياسمين الشامي دراسات في شعر غادة السمان / د. خالد زغريت
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - محمد عبد الكريم يوسف - ‏الوظيفة العامة: تنقذ من الفقر أم تقود إليه؟