أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - محمد عبد الكريم يوسف - ‏عبق من ذكراه....فواز أذكي منارة علم للأجيال














المزيد.....

‏عبق من ذكراه....فواز أذكي منارة علم للأجيال


محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث

(Mohammad Abdul-karem Yousef)


الحوار المتمدن-العدد: 8510 - 2025 / 10 / 29 - 11:50
المحور: قضايا ثقافية
    


‏عبق من ذكراه....فواز أذكي منارة علم للأجيال:

‏في ذكرى رحيل العالم الجيولوجي السوري فواز الأذكي،
‏ نُحيي ذاكرته ونُضيء على مسيرته، صديقي الذي لطالما قال بجديه وبإخلاص:

‏> «إذا لم تضِف شيئاً إلى هذا العالم فأنت زيادة عليه».
‏وفيما يلي مقالٌ يُحاول أن يجمع بين إنسان فذّ، وعالم متفانٍ، ورؤية تربوية تركت بصمة لا تُمحى.




‏---

‏النشأة والخلفية

‏ولد فواز الأذكي في سوريا، في منطقة الجبال الساحلية بمحافظة اللاذقية، حيث الطبيعة والحجر والصخر كانوا خلفية يومية لحياةٍ تُنَشَّأ بين أحضان الجغرافيا المتنوعة. من هناك، نشأ معشقاً للصخور، والجبال، والآثار التي تخبّئها الأرض.
‏ولم يكن تخصصه في الجيولوجيا مجرد اختيار مهني، بل كان انخراطاً في فضولٍ عميق تجاه ما تحت أقدامنا من طبقاتٍ وتحفٍ وحجارةٍ تحمل تاريخ الأرض.


‏---

‏المسيرة المهنية والبحثية

‏من أبرز إنجازات الأذكي تأسيسه لمتحف الجيولوجيا في قريته قسمين (قرب اللاذقية) — متحف فواز الأذكي للجيولوجيا — الذي افتُتح عام 2002، داخل منزله، محوّلاً ما كان مسكناً إلى منارةٍ علمية وثقافية.
‏في هذا المتحف جمع آلاف العينات من الصخور والمعادن والحفريات السورية، ووفر مساحة تعليمية وترفيهية للطلاب والباحثين والزوار.
‏كما أجرى أبحاثاً هامة في الحفريات، ومن ضمنها ما نشره عام 2016 بعنوان “Global Discovery of Dinosaur Fossils in Syria” تحت اسم فواز الأذكي، الذي أشار فيه إلى اكتشاف بقايا ديناصورات في الساحل السوري، مما يُعد إضافة نوعية للمشهد الجيولوجي في الشرق الأوسط.


‏---

‏رؤيته وعبارته القائلة

‏عبارته التي استعملها في لوحته التعريفيّة للمتحف تقول:

‏> «If I don’t add something to this universe, so I am something addition in it».
‏هذا القول يلخّص فلسفته: أن وجود الإنسان بلا إضافة – بلا أثر إيجابي – هو عبء أو زيادة، لا قيمة له. وقد عاش حياتَه وفق هذه الرؤية: تعليم، بحث، مبادرة، وأكثر من ذلك: تحويل بيئته المحلية إلى منبع للمعرفة والعطاء.
‏في أحدى المرات طلبت منه شرح العبارة الانكليزية وشرحها كما بالعربية فطلبة منه تعديل كلمة addition لكن القدر كان أسرع منا.




‏---

‏أثره في التعليم والمجتمع

‏كان يسعى لجعل علم الجيولوجيا ليس مقتصراً على أعدادٍ أو مختبراتٍ، بل جزءاً من الثقافة العامة، من جغرافيا البيئة إلى سياحة الجيولوجيا.

‏خصّص المتحف للزوار الدخول مجّاناً، كرسالة بأن المعرفة حقٌّ عام وأن العلم لا ينبغي أن يكون امتيازاً فقط.

‏من خلال نشاطه البحثي والميداني، ساهم في إبراز سوريا على خارطة الجيولوجيا والحفريات، وأعطى طلابه والمجتمع المحلي فرصة أن يرى قيمة الأرض التي يسكنها، ويُفكر في المحافظة عليها.



‏---

‏ما نحتفظ به من صديقي فواز

‏بصفتي صديقاً له، أحتفظ بعدّة صور في الذاكرة:

‏جلوسه بهدوء وهو يُوري طلابه قطعة صخر نادرة، وكأنها رسالة من الماضي.

‏حماسه حين يشرح لفريق زوّار كيف تشكّلت سلسلة جبال الساحل، وكأنها جزء من حكاية كبرى.

‏تواضعه حين يتقبّل سؤالاً بسيطاً، ويشير إلى أن كلّ شيء في الطبيعة يمكن أن يُعلّمنا.

‏ابتسامته الخفيفة حين يرى طفلاً يكتب أول ملاحظة علمية في المتحف، ويقول: «ها هو يُضيف شيئاً».



‏---

‏رسالة للمستقبل

‏برحيله، لا ننهي مسيرته، بل نبدأ نحن جزءاً منها. فوظيفتنا اليوم أن نُواصل الإضافة — بالبحث، بالتعليم، بالحفاظ على الطبيعة — كما كان يفعل هو.
‏ولكي نكرّمه حقّاً، علينا أن نسترجع عبارته: «إذا لم تضِف شيئاً إلى هذا العالم فأنت زيادة عليه»، ونحولها إلى عمل يوميّ — في دراستنا، في عملنا، في علاقتنا مع الأرض والناس.


‏---

‏خاتمة

‏وداعاً أخي الفاضل فواز الأذكي، لكن ليس وداعاً للنشاط الذي زرعته، ولا للنور الذي أضفته. رحلتَ جسداً، لكن تركتَ بصمة لا تمحى: في الصخور، في المتحف، في عيون الطلاب، وفي الذاكرة.
‏شكراً لك لأنك علمتنا أن الأرض ليست أمراً مما نمرّ عليه، بل هي بوّابة معرفة، وهي دعوة لأن نُسيّر بخطوات من يعلم أن دوره ليس أن يكون مجرد وجود، بل إضافة ذات معنى.
‏إلى اللقاء… وسنلتقي حين نُضيف.



#محمد_عبد_الكريم_يوسف (هاشتاغ)       Mohammad_Abdul-karem_Yousef#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدكتور فاوستوس وتجسيد فكره في السياسة الدولية
- قراءة نقدية شاملة لقصيدة «مايا» – نزار قباني
- نيكولو باغانيني: عازف الكمان الإيطالي الذي باع روحه للشيطان ...
- الربيع العربي من البلطجية إلى الشبيحة إلى الدبيحة: تاريخ موج ...
- ‏حان الوقت لتوحيد شمال شرقي سوريا مع بقية سوريا
- دلالات استحضار روح هيلين طروادة في مسرحية الدكتور فاوستوس
- القداسة والهيمنة: لماذا تُستخدم القداسة كواجهة للهيمنة على ا ...
- وداعاً أسطورة علم الفيزياء الصينية: تشن نينغ يانغ
- التفشير في العلاقات الإنسانية: هل هو مقبول أم غير مقبول؟ ‏
- ‏صورة اليهودي في تاجر البندقية لشكسبير واليهودي المالطي لمار ...
- ‏فرنسا التي لا تغفر مرة ثانية
- اتصال الرابعة صباحًا
- ‏الدكتور فاوستوس لمارلو وتجسيد فكره في السياسة الدولية
- ‏هل ستقبل إسرائيل بالواقع الراهن في
- ‏التجذير السياسي في العلاقات بين الدول: مقاربة تحليلية للعوا ...
- ‏العوامل التي ستقود إلى فشل اتفاقية وقف إطلاق النار بين حماس ...
- ‏الاستنساخ إلى أين؟ الجرأة على الحدود الممنوعة
- مزامير السياسة الأميركية في الشرق الأوسط
- الأسباب الخفية للحروب: من حرب أسبرطة وأثينا إلى داحس والغبرا ...
- حدود وآفاق الهندسة الجينية في عصر الانفجار المعرفي


المزيد.....




- كوريا الجنوبية تمنح ترامب تاجًا ملكيًا كأحد أفراد العائلة ال ...
- نم بحذر.. تجربة مبيتٍ في فندق بطابع المهرّجين سيّئ الصيت في ...
- كيتي بيري تخطف الأنظار بإطلالة فستان أحمر أنيق في باريس
- إسرائيل تعلن استئنافها وقف إطلاق النار في غزة بعد غارات ليلي ...
- نحو 100 قتيل في غزة خلال أقل من 12 ساعة.. والجيش الإسرائيلي ...
- بعد أكثر من مئة عام.. العثور على زجاجة تحمل رسائل جنود أسترا ...
- ابن مروان البرغوثي يقول إن إسرائيل يستهدفون والده لأنهم يرون ...
- صور أقمار اصطناعية تظهر أجساماً يُرجح أنها تعود لجثث بشرية ف ...
- إسرائيل تُعلن -إعادة تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار-، وكاتس يؤك ...
- ملفات حقوقية وسياسية شائكة تلقي بظلالها على أول زيارة لميرتس ...


المزيد.....

- الفاكهة الرجيمة في شعر أدونيس / د. خالد زغريت
- المفاعلة الجزمية لتحرير العقل العربي المعاق / اسم المبادرتين ... / أمين أحمد ثابت
- في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي / د. خالد زغريت
- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت
- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت
- الكتابة بالياسمين الشامي دراسات في شعر غادة السمان / د. خالد زغريت
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - محمد عبد الكريم يوسف - ‏عبق من ذكراه....فواز أذكي منارة علم للأجيال