أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - الشهبي أحمد - رقصة الديك المذبوح بعد قرار مجلس الأمن














المزيد.....

رقصة الديك المذبوح بعد قرار مجلس الأمن


الشهبي أحمد
كاتب ومدون الرأي وروائي

(Echahby Ahmed)


الحوار المتمدن-العدد: 8513 - 2025 / 11 / 1 - 04:48
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


ما إن صوّت مجلس الأمن على قراره الجديد بشأن الصحراء المغربية، مؤكداً مرة أخرى دعم مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، حتى سارعت جبهة البوليساريو إلى إصدار بيان بدا كمن يصرخ في الفراغ، متحدثة عن “الحق في تقرير المصير” وعن “مسارات سياسية لا تحترم سيادة القانون”، في مشهدٍ يعيد إلى الأذهان رقصة الديك المذبوح التي لا تعبر عن حياةٍ بقدر ما تفضح لحظة النهاية.

من يقرأ البيان بتمعن يكتشف بسهولة أن الجبهة لا تزال أسيرة خطابٍ متجاوز، يعيد إنتاج لغة السبعينات بكل مفرداتها الإيديولوجية البالية، في زمن تغيرت فيه موازين القوة والمفاهيم الإقليمية. فبينما يمضي المغرب بثبات في ترسيخ نموذج تنموي متجذر في أقاليمه الجنوبية، ومؤطر بمبادرة الحكم الذاتي التي أصبحت تحظى بدعم متنامٍ من القوى الكبرى، تصرّ البوليساريو على الارتماء في أحضان الوهم، متحدثة عن مقترحات "قدمتها للأمم المتحدة"، في محاولة يائسة لإيهام المتابع بأنها ما زالت تمتلك ورقة سياسية فاعلة.

لكن الحقيقة أن البيان الأخير لم يكن سوى صرخة وجودٍ من كيانٍ يعيش أزمة هوية سياسية وتنظيمية خانقة. فبعد أن فقدت الجبهة سندها في مجلس الأمن، وتراجع تأثير داعميها الإقليميين، لم يبق أمامها سوى المناورة الخطابية واستعمال لغة التهديد التي لم تعد تقنع أحداً. وما وصفته بـ"المقاربات أحادية الجانب" ليس سوى غطاء لفظي لعجزٍ متزايد عن مجاراة التحولات الواقعية التي كرّسها المغرب على الأرض دبلوماسياً وتنموياً وأمنياً.

لقد تجاوز المجتمع الدولي اليوم مرحلة النقاش حول من له السيادة، لأن القرار الأخير لمجلس الأمن لم يكتفِ بالتشديد على مركزية مبادرة الحكم الذاتي، بل جعلها الإطار الواقعي والوحيد للحل السياسي الممكن. وهذا التحول ليس تفصيلاً لغوياً، بل إعلانًا صريحًا عن نهاية خطاب المزايدة، وبداية واقع جديد يُبنى على التوافق لا على الوهم.

المفارقة أن البوليساريو، وهي تندد بما تسميه "التضحية بسيادة القانون"، هي أول من انتهك هذا المبدأ عندما قررت حمل السلاح ضد من يفترض أنهم أبناء وطن واحد، ثم حين تحولت إلى أداة في صراعات إقليمية تتجاوزها. وما عاد يخفى على أحد أن ما يسمى بـ"المخيمات" لم تعد سوى فضاءٍ لتكريس البؤس الإنساني والوصاية السياسية، أكثر مما هي رمزٌ لقضية أو مشروع تحرر كما يدّعي خطابها الرسمي.

إن البيان الذي أصدرته الجبهة بعد قرار مجلس الأمن ليس سوى آخر أوراق المناورة قبل السقوط النهائي في عزلةٍ سياسيةٍ خانقة. فهو لم يوجَّه إلى الأمم المتحدة بقدر ما وُجه إلى الداخل المأزوم الذي بدأ يفقد الثقة في قياداته. ومن هنا تأتي نبرة الغضب واليأس التي تخترق النص، كمن يدرك أن العالم مضى إلى الأمام وهو ما زال يتحدث بلسان الأمس.

لقد دخل ملف الصحراء المغربية مرحلة النضج الدبلوماسي والسياسي، ولم يعد في حاجة إلى مناورات خطابية أو شعارات متحجرة. المغرب اليوم لا يتحدث بلغة الحرب، بل بلغة البناء؛ لا يرفع شعارات التحرير، بل يشيّد واقعاً من التنمية والكرامة. وهنا تكمن الفلسفة العميقة للحكم الذاتي: أن تتحول الأرض من موضوع نزاع إلى فضاء حياة.

أما أولئك الذين ما زالوا يصرون على العيش في ظل أوهام الماضي، فليستعدوا لسماع صوت التاريخ وهو يغلق الباب من ورائهم. لأن رقصة الديك المذبوح، مهما بدت صاخبة، لا تؤخر موعد السكون الأخير.

وفي النهاية، هذه اللحظة التاريخية ليست انتصاراً مغربياً على أحد، بل فرصة لتأكيد قدرة الدولة والمجتمع على تحويل النزاعات الطويلة الأمد إلى فضاءات للتوافق والتنمية والسلام. وهي رسالة للعالم: الحلول الواقعية والمبنية على التوافق والمصلحة المشتركة أكثر قدرة على تحقيق الاستقرار والأمن من الشعارات والخيالات السياسية، وأن المغرب جاهز لتقاسم هذا الطريق مع الجميع من أجل سلامٍ دائم في المنطقة.



#الشهبي_أحمد (هاشتاغ)       Echahby_Ahmed#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحيط القصير… أطباء وممرضون وأساتذة تحت أنقاض المنظومة
- صحافة الطبل والغيطة
- أقلام للتلاميذ… وديون للآباء
- أمّة اقرأ لا تقرأ
- رسالة مفتوحة إلى أحمد عصيد: دفاعك عن الحرية… أم هوايتك في اس ...
- الربا حرام… والغيبة من فُنون الجلوس
- المستشفى بعين شاهد على الحدث
- -بين خطابين: حين تتحاور الحداثة والهوية-
- الصحافي الحرباء… حين يكتب اللون لا الحقيقة
- شدولارين: عندما يكتب القلب نفسه ويتطهر بالحبر والحنين
- شدولارين: قراءة نقدية وتحليلية في رواية د. فتحية الفرارجي – ...
- عن البغال التي اعتلت التلال
- ركلة حمار
- مثالب الولادة: صرخة سيوران في وجه العبث
- وصمةُ عارٍ لا تُمحى: فلسطين بين الجوع والخذلان
- حين رفعت المرأة سيفها على الرجل… فمزّقت قلبها
- اذا أردنا إصلاح المجتمع ...من أين سنبدأ؟
- محمد عبد السميع نوح في رواية حركة تنقلات: هجاء السلطة وفضح ا ...
- بوحمارة... حين امتطى المغربَ رجلٌ فوق حمارة
- ثورة الكوميرة: حين صرخ الفقراء فدوّى الرصاص


المزيد.....




- ترامب يعلن عن تجديده لحمام غرفة نوم لينكولن في البيت الأبيض. ...
- سوريا.. تفاصيل قيام أحمد الشرع -بتوبيخ- مقربين بسبب مظاهر ثر ...
- حكم بالسجن 5 أعوام في حق القاضي التونسي أحمد صواب
- بعد استقالة المدعية العسكرية في إسرائيل، هل يُفتح ملف الانته ...
- مضاد غير مسبوق يقاوم 17 من سموم 18 عشر من الأفاعي المعروفة ع ...
- قصف إسرائيلي على خان يونس ونسف مبانٍ في البريج وغزة
- مصادر تكشف لـCNN عن -خطط- أوباما لمواجهة ترامب
- المتحف المصري الكبير.. الشركة المصممة تروي لـCNN كواليس بناء ...
- ترامب: لا أفكر في شنّ ضربات داخل فنزويلا
- -تجاوزت مليار دولار-.. الكشف عن معاملات مالية -مشبوهة- لجيفر ...


المزيد.....

- النظام الإقليمي العربي المعاصر أمام تحديات الانكشاف والسقوط / محمد مراد
- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - الشهبي أحمد - رقصة الديك المذبوح بعد قرار مجلس الأمن