علي مارد الأسدي
الحوار المتمدن-العدد: 8508 - 2025 / 10 / 27 - 15:02
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في الدول الفاشلة، ما إن يعتلي بعض المسؤولين كرسي المنصب التنفيذي الأول، حتى تستيقظ في داخلهم نزعات سلطوية نائمة، فتغدو الدولة بكل مؤسساتها مجرد خلفية باهتة "برعاية" أسمائهم وصورهم الشخصية، ومسرحًا كئيبًا لعرض ذكرياتهم الطفولية المشوهة أمام شعب ينتظر منهم الإخلاص في العمل وحفظ الأمانة وتقديم الخدمة، لا أكثر.
هذا الصنف من الأشخاص الذين صعدوا سلم الوظيفة ووصلوا إلى غايتهم عبر خليط من الحظ والكذب والتحايل والاستغلال، يستخدمون موارد الدولة وقنوات الإعلام الرسمية وشبه الرسمية، وجيوشهم الألكترونية الممولة من المال العام، دون ورع، لإشغال الشعب بقصة "الإختيار الإلهي" أو "النجاح الشخصي" في القفز!
وهنا تعمل القوانة المشروخة التي تحفظها الشعوب المغلوبة على أمرها من البدايات الخجولة لأحتفالية يوم ميلادهم، وعرض مشاهد من البيت الأول الذي نشأوا فيه، وتصوير المقعد الخشبي الذي جلسوا عليه، والمدرسة التي كانت شاهدة على "عبقريتهم المبكرة"، ولا تنتهي بحفلات زواج أبنائهم الباذخة، ومشاهد من قصورهم المبنية من أموال الشعب.
وبذلك يتحول الفضاء الوطني العام ويختزل في سيرة ذاتية طويلة، حتى كأن التاريخ قد توقف عند لحظة ظهورهم، وكأن الوطن لا وجود له قبلهم ولا مصير له بعدهم.
بهذا الخطاب العاطفي المصطنع، تذوب الدولة في ظل "الأنا"، ويستبدل العمل الحقيقي الجاد بالعروض المسرحية الهزيلة، ويصبح الشعب الذي يفتقر للكثير، جمهورًا سلبيًا متفرجًا، بدلًا من أن يكون صاحب الحق والسيادة.
إن أخطر ما في هذا السلوك ليس سطحيته وتفاهته وابتذاله فحسب، بل ما ينطوي عليه من سعي حثيث ومتدرج في مضمار صناعة الدكتاتوريات من جديد على حساب بناء مؤسسات الدولة الحديثة.
#علي_مارد_الأسدي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟