أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - علي ابوحبله - قراءة في الاتفاق الفلسطيني والتوازنات الإقليمية المقبلة














المزيد.....

قراءة في الاتفاق الفلسطيني والتوازنات الإقليمية المقبلة


علي ابوحبله

الحوار المتمدن-العدد: 8507 - 2025 / 10 / 26 - 12:01
المحور: القضية الفلسطينية
    


بقلم: المحامي علي أبو حبلة
يشكل الاتفاق الفلسطيني الأخير لتسليم إدارة قطاع غزة إلى “لجنة تكنوقراطية مؤقتة” محطة مهمة في مسار ما بعد الحرب، لكنه لا ينفصل عن معادلة القوة التي تكرّسها إسرائيل بدعم أميركي مباشر. ففي الوقت الذي يسعى فيه الفلسطينيون إلى استعادة الوحدة وبناء إدارة وطنية تحفظ النظام السياسي، تتحرك إسرائيل لإعادة هندسة المشهد بما يضمن بقاء السيطرة الفعلية في يدها، عبر فرض معاييرها على تشكيل القوة الدولية المزمع نشرها في القطاع وتحويلها إلى أداة لضبط الأمن بما يخدم مصالحها الاستراتيجية.
هذا الاتفاق، رغم رمزيته، يأتي في إطار “تسوية اضطرارية” أكثر من كونه تحولًا سياديًا، في ظل غياب توازن الردع وتعدد الوسطاء وتنامي النفوذ الخارجي في رسم مستقبل غزة السياسي والإداري.
توحيد الموقف الفلسطيني حول لجنة التكنوقراط يعكس محاولة لاحتواء الانقسام وتحييد الخلاف الأيديولوجي بين الفصائل، غير أنّ هشاشة البنية التنظيمية للاتفاق تبقى واضحة في غياب تحديد واضح للصلاحيات بين اللجنة والسلطة الفلسطينية، والطابع المؤقت للّجنة الذي يُبقي الباب مفتوحاً أمام صراعات النفوذ وتأخير بناء مؤسسات حكم مستدامة. كما أن التمويل المشروط بالإشراف الدولي يربط الإعمار بالالتزام السياسي، ما يعيد إنتاج التبعية الاقتصادية ويحد من حرية القرار الفلسطيني.
في المقابل، تكشف المواقف الأميركية والإسرائيلية عن مسعى لإعادة تعريف مفهوم “الحياد الدولي”، فتصريحات وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بأن “القوة الدولية يجب أن تضم دولًا ترتاح إليها إسرائيل” تمثل انقلاباً على مبدأ الحياد، وتحويلاً لبعثات الأمم المتحدة من أدوات لحماية المدنيين إلى أدوات لضمان الأمن الإسرائيلي.
إخضاع القوة الدولية للمعايير الإسرائيلية يحمل تداعيات خطيرة: سياسياً، سيؤدي إلى تكريس مفهوم “السيادة المُدارة” في غزة؛ أمنيًا، سيحوّل القوة الدولية إلى ذراع رقابية تحد من أي نشاط مقاوم؛ وقانونيًا، يخلق سابقة خطيرة تسمح لقوة احتلال بالتأثير في تشكيل بعثات دولية، ما يتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن.
أما الوساطة المصرية، فتأتي ضمن مسعى لتثبيت مكانة القاهرة كوسيط لا يمكن تجاوزه في أي تسوية تخص غزة، بما يعزز دورها الإقليمي ويحافظ على استقرار حدودها الشرقية. لكن هذا الدور يواجه تحديات متشابكة تتعلق بالموازنة بين الشروط الأميركية والإسرائيلية من جهة، والتطلعات الفلسطينية من جهة أخرى، إضافة إلى التنافس الإقليمي حول إعادة الإعمار وتفادي تحوّل غزة إلى عبء أمني واقتصادي على مصر.
في المقابل، تواصل الولايات المتحدة دعمها غير المشروط لإسرائيل، وتربط إعادة الإعمار بعملية سياسية تفرغ السيادة الفلسطينية من مضمونها، ما يجعلها شريكاً في فرض الهيمنة لا وسيطاً نزيهاً. هذا الانحياز الأميركي المتكرر يقوّض الثقة بمؤسسات الأمم المتحدة ويعمّق الفجوة في النظام الدولي، في وقت تتعرض فيه وكالة “الأونروا” لضغوط تهدف لتصفية قضية اللاجئين وضرب أحد أعمدة الشرعية الدولية للقضية الفلسطينية.
الخيارات الفلسطينية تبقى صعبة، إذ إن القبول بالشروط الإسرائيلية يعني الانخراط في معادلة “الإدارة بلا سيادة”، ما يفقد السلطة الفلسطينية مشروعيتها أمام شعبها. لذلك، من الضروري أن يستند الموقف الفلسطيني إلى رؤية وطنية شاملة تقوم على إعادة تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية، والتحرك القانوني والدبلوماسي لتثبيت الحقوق السيادية، وبناء تحالفات جديدة توازن النفوذ الأميركي – الإسرائيلي، وتعزيز المقاومة السياسية والاقتصادية بديلاً عن الانقسام الداخلي.
في المحصلة، لا تكمن خطورة المرحلة في من يدير غزة بل في من يمتلك القرار الفلسطيني المستقل. فإما أن يتحول الاتفاق المؤقت إلى مدخل لبناء شراكة وطنية حقيقية تحفظ السيادة وتعيد الاعتبار للمشروع الوطني، أو يبقى مجرد إدارة للأزمة وفق معايير إسرائيلية تكرّس واقع القوة وتعيد إنتاج الاحتلال بأدوات دبلوماسية جديدة



#علي_ابوحبله (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما بين الحرية والمصيدة (رحلة ليلى بين الفكر والقانون)
- القاهرة مركز الحراك الفلسطيني: جهود مصرية لتوحيد الموقف قبل ...
- المشروع الأمريكي في غزة... وصاية جديدة أم إعادة إعمار مشروطة ...
- إسرائيل لا تملك صلاحية تغيير الوضع القانوني للأراضي الفلسطين ...
- زيتون على حافة النار رواية توثيقية تحليلية عن الصمود الفلسطي ...
- شعب يريد الحياة
- استقالة تساحي هنغبي تهز حكومة نتنياهو: تصدع داخلي وأزمة ثقة ...
- زيارة أفيخاي أدرعي إلى طولكرم: قراءة ميدانية واستراتيجية في ...
- الحركة التعاونية: رافعة للاقتصاد الوطني بين الواقع المشوّه و ...
- حين سرقوا الوطن
- غزّة: لعنة الجغرافيا وذاكرة التاريخ — بين ديمومة الصراع ووحد ...
- نوبل للسلام في اختبار القيم: ماريا ماتشادو وانهيار المعايير ...
- من يحكم غزة بعد الحرب؟ بين الإقصاء الوطني وضرورات الوحدة الا ...
- أنقذوا الأسرى الفلسطينيين من جحيم السجون الإسرائيلية
- بين الماضي والحاضر والمستقبل في ظل انعدام الثقة وقراءة التار ...
- ترامب: لو كان بمقدور إسرائيل سحق حماس لفعلت ذلك
- توني بلير بين كوسوفو وغزة: محاولات إعادة التدوير في مشهد فلس ...
- ميليشيا -أبو شباب- وفلسطنة الصراع: تهديد للوحدة الوطنية الفل ...
- اتفاق شرم الشيخ... سلام بلا أطراف وشرق أوسط بلا فلسطين
- مؤتمر شرم الشيخ: مسرحية سياسية على حساب القضية الفلسطينية


المزيد.....




- مسيّرات روسية تضرب كييف ليلا.. وزيلينسكي يطالب بصواريخ باتري ...
- الجيش الإسرائيلي ينسحب من منطقة بغزة للبحث عن رفات جندي قُتل ...
- ماذا نعرف عن الفاشر التي أعلن -الدعم السريع- السيطرة على آخر ...
- قوات الدعم السريع تعلن سيطرتها على مدينة الفاشر في السودان
- التوتر يبلغ ذروته مع تصاعد الضربات الإسرائيلية على لبنان.. ف ...
- هل سيطرت قوات الدعم السريع فعلا على الفاشر؟
- -عندما تحتاج إنجاز الأمور بسرعة-.. شركة ألمانية تسوق لرافعة ...
- مليشيا كولومبية تهدد بقتال الولايات المتحدة
- الكرملين يندد بمحاولات -تقويض- الحوار مع واشنطن
- -محكمة غزة الدولية-: إسرائيل ترتكب إبادة جماعية ضد الفلسطيني ...


المزيد.....

- بصدد دولة إسرائيل الكبرى / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2 / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل / سعيد مضيه
- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني / سعيد مضيه


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - علي ابوحبله - قراءة في الاتفاق الفلسطيني والتوازنات الإقليمية المقبلة