أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان فلو - عِبْرَ الحٕوار: ماذا يعني تكوين سلام بين روج آفَا وأنقرة؟














المزيد.....

عِبْرَ الحٕوار: ماذا يعني تكوين سلام بين روج آفَا وأنقرة؟


مروان فلو

الحوار المتمدن-العدد: 8505 - 2025 / 10 / 24 - 09:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عِبْرَ الحٕوار: ماذا يعني تكوين سلام بين روج آفَا وأنقرة؟


مقدمة: سلامٌ مشروط بالصدق
في تصريحٍ لافت، قالت إلهام أحمد، الرئيسة المشتركة لدائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا:
«إذا كانت تركيا صادقة بشأن السلام، فنحن دائمًا منفتحون على الحوار… استقرار سوريا يعني استقرار تركيا والمنطقة بأكملها. نريد أن تكون علاقاتنا مع جيراننا قائمة على السلام، وليس الاحتلال أو الإقصاء» (1).
هذا التصريح لا يأتي في فراغ، بل في لحظة سياسية تتقاطع فيها خطوط النار مع محاولات إعادة رسم الخرائط الأمنية في شمال سوريا. هو إعلان نوايا من جهة، ورسالة اختبار للصدق من جهة أخرى.
فما الذي تعنيه هذه الدعوة للحوار؟ وما إمكاناتها في ظلّ واقعٍ يتّسم بالشكّ المتبادل والخطاب المتوتر؟

أولاً: مصداقية السلام وامتحان النوايا
تضع إلهام أحمد شرطًا واضحًا: «إذا كانت تركيا صادقة بشأن السلام». أي أن الانفتاح قائم، لكن الثقة ليست مجانية.
ففي مقابلة سابقة، قالت أحمد: «الوضع الآن أفضل مما كان عليه، هناك هدوء، لا عدائية، وننظر إلى ذلك بإيجابية ونأمل أن يكون دائماً وليس مؤقتاً» (2)، إلا أنها أضافت أن هذا الهدوء ما زال هشًّا (3).
إنّ معيار المصداقية هنا يتجاوز الخطاب إلى السلوك. فبينما تتحدث أنقرة عن “تهدئة” و“عودة الاستقرار”، ما تزال مناطق شمال سوريا تشهد تحركات عسكرية تركية متقطعة وهجمات بطائرات مسيّرة ضد مواقع مرتبطة بالإدارة الذاتية (4).
لذلك، فإن السؤال الجوهري الذي تطرحه أحمد ضمناً هو:
هل يمكن لتركيا أن تنتقل من إدارة الأزمة إلى بناء السلام؟
الجواب لا يتوقف على النوايا فقط، بل على استعداد الطرفين لبناء ثقة متبادلة تتجاوز ذاكرة الحرب.

ثانياً: الأمن المشترك… من المفهوم إلى السياسة
حين تربط أحمد بين استقرار سوريا واستقرار تركيا، فهي تطرح رؤية استراتيجية لأمنٍ متكامل لا متقابل.
فمنظورها يقوم على أن التهديدات لا تُحلّ بالاجتياحات بل بالمعالجة السياسية، وأن زعزعة الأمن في شمال سوريا لا يمكن إلا أن ترتدّ على الأمن التركي نفسه (1)(4).
من ناحية أخرى، ترى الإدارة الذاتية أن الاعتراف المتبادل هو الطريق نحو الاستقرار الطويل الأمد، بينما تعتبر تركيا أي شكل من أشكال الحكم الذاتي تهديدًا لوحدة أراضيها.
هنا تكمن المفارقة:
أنقرة تسعى إلى «منطقة آمنة» تحميها من المخاطر الأمنية.
بينما تسعى روج آفا إلى «اعتراف سياسي» يحميها من الإقصاء.
وبين «الأمن» و«الاعتراف» تظلّ فجوة التفاهم قائمة، تحتاج إلى جسرٍ تبنيه الوساطة الدولية أو المبادرات الإقليمية، إذا كانت هناك نية فعلية للسلام.

ثالثاً: السلام لا يقوم على الاحتلال أو الإقصاء
حين تقول إلهام أحمد «نريد علاقاتنا مع جيراننا قائمة على السلام، وليس الاحتلال أو الإقصاء» (1)، فهي تُقدّم معادلة أخلاقية وسياسية في آنٍ واحد.
هذه الجملة تختصر تجربة السنوات الماضية:
احتلال، تهجير، عمليات تغيير ديموغرافي، وانسداد سياسي. (5)(6)
من هنا، فإن خطاب الإدارة الذاتية لا يكتفي بالمطالبة بوقف العدوان، بل يسعى إلى تحويل منطق القوة إلى منطق الشراكة.
فهي تدعو إلى سلامٍ «بنّاء» لا «سلبي» — أي سلام يخلق واقعاً جديداً من التعاون والاعتراف، لا مجرد هدنة مؤقتة.
لكن تطبيق هذه الرؤية يتطلب ما هو أكثر من الخطابات: يحتاج إلى ضمانات دولية، وآليات مشتركة، وتفاهمات قانونية تحمي الحقوق وتمنع تكرار التجارب المؤلمة.

رابعاً: من الخطاب إلى السياسة
لتحويل هذا الخطاب إلى مسارٍ سياسي واقعي، يمكن تصور مجموعة خطوات عملية:
اتفاق تهدئة شامل بين تركيا والإدارة الذاتية، بإشراف دولي، يختبر جدّية الطرفين في وقف العمليات العدائية.
فتح قنوات مزدوجة للحوار تشمل أنقرة، دمشق، وممثلي المكونات المحلية، لخلق بيئة تفاوضية أوسع وأقل هشاشة.
خطة لإعادة النازحين واللاجئين بضمانات أممية، تضع حدّاً لاستخدامهم كورقة ضغط سياسية.
إدماج الإدارة الذاتية في المسار الدستوري السوري بما يضمن مشاركة جميع المكونات دون تمييز أو إقصاء.
إطلاق مشاريع اقتصادية وتنموية مشتركة في المناطق الحدودية لتعزيز الترابط بين المجتمعات المحلية، وتقويض دوافع الصراع.
هذه الخطوات قد تشكّل أرضية واقعية لبناء سلام متوازن، يقوم على الاحترام المتبادل لا على التفوّق الأمني.

خاتمة: سلامٌ للأرض والناس
ليس تصريح إلهام أحمد مجرد دعوة إلى التفاوض، بل إعلان عن مفهوم جديد للسلام في الشرق الأوسط، يقوم على مبدأ أن «الاستقرار لا يُشترى بالقوة».
إذا أدركت تركيا أن استقرارها يمرّ عبر شراكات سياسية لا عبر الحدود العسكرية، وإذا استطاعت الإدارة الذاتية تحويل خطابها السلمي إلى مشروع سياسي عملي، فقد يكون الباب مفتوحاً لسلامٍ حقيقي طال انتظاره.
فالمنطقة بحاجة إلى صدقٍ سياسي قبل أيّ اتفاقٍ سياسي، وإلى إرادة حياةٍ أقوى من إرادة السلاح.
سلام روج آفا وتركيا، إن تحقّق، سيكون سلاماً تتنفسه المنطقة بأكملها — سلاماً لا يُفرض، بل يُبنى.
++++++++++++++؛+؛&&&
المراجع
“Ilham Ahmed: We Seek Peaceful Relations with Neighboring Countries”, Kurdistan24, 22 Oct 2025.
“Rojava official says no more hostile actions from Turkey”, Rudaw, 20 Apr 2025.
“Ilham Ahmed Confirms U.S.-Mediated Calm Between SDF and Turkey Amid Fragile Detente”, North Press, 8 Apr 2025.
المرجع نفسه (1).
“Turkey talks peace while attacking Rojava, says AANES’s Ilham Ahmed”, Medya News, 15 Jan 2025.
“Preliminary statement condemning the Turkish state for committing war crimes and crimes against humanity in Rojava – ELDH”, 5 Feb 2025.



#مروان_فلو (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انطلقت في مدينة القامشلي بشمال شرق سوريا فعاليات الدورة التا ...
- تركيا أمام مفترق التاريخ: إما التحالف مع الكُرد أو السقوط في ...
- جانبولاط باشا (Canbolat Bey) — بين التاريخ والرواية الشعبية
- سوريا بين توازنات الإقليم ورهانات الداخل: صراع الحكم وبناء ا ...
- المناطق الكُُردية في سوريا... بين السيطرة التركية والعجز الم ...
- إلى أين تسير الأمور في سوريا؟ قراءة في مواقف سيبان حمو والمش ...
- كردستان الأناضول: الإمارات الكردية وأصول العثمانيين بين الرو ...
- الملف السوري يتغيّر: اتفاق مبدئي بين قسد ودمشق لدمج القوات… ...
- ترامب و-الفرصة الأخيرة-: قراءة في مبادرة شرم الشيخ واحتمالات ...
- قسد والحكومة المؤقتة: آلية تنفيذ لقرار مجلس الأمن 2254 أم مس ...
- زيارة الشرع إلى موسكو: سوريا بين استعادة السيادة وترسيخ النف ...
- الاتفاق الأمريكي السوري: بين مشروع الدمج وإعادة تشكيل السلطة ...
- مناف طلاس وتسليح -قسد-: معركة إعادة تشكيل الجيش السوري وتحدّ ...
- من التفاهمات العسكرية إلى التحول الدستوري.. مسار جديد للأزمة ...
- قراءة تحليلية في تصريحات الجنرال مظلوم عبدي: هل تدخل سوريا ط ...
- حين يتحوّل الدين إلى سلاح… حان وقت الثورة على الإيديولوجيا ا ...
- المركزية: الطريق الأقصر إلى الاستبداد الجديد في سوريا
- بين الاندماج والانفصال: لا حل دون سوريا لا مركزية أو فدرالية
- نهاية المركزية السورية: من الإنكار إلى حتمية اللامركزية
- سوريا على مفترق حاسم: واشنطن تعود إلى دمشق... و«قسد» على طري ...


المزيد.....




- شاهد كيف كرّم زعيم كوريا الشمالية قتلى جنوده الذين حاربوا إل ...
- فتح الأجواء الإفريقية.. فرصة استثمارية بمليارات الدولارات تت ...
- اجتماع دول -تحالف الراغبين- في لندن.. صواريخ بعيدة المدى لكي ...
- مقتل 25 شخصاً في حريق حافلة جنوب الهند إثر اصطدام دراجة ناري ...
- اعتقد السكان أنه مسلح فاستدعوا الشرطة.. إصابة جندي ألماني بع ...
- زوجة مروان البرغوثي تطلب من دونالد ترامب السعي لدى إسرائيل ل ...
- ماذا يعني فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية المحتلة؟ ...
- أوروبا تقر حزمة جديدة من العقوبات على روسيا
- انقطاع خوادم -إيه دبليو إس- يؤثر سلبا على الأسرّة الفارهة ال ...
- تعرف على مسار التوتر المتصاعد بين أميركا وفنزويلا


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان فلو - عِبْرَ الحٕوار: ماذا يعني تكوين سلام بين روج آفَا وأنقرة؟