أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان فلو - الاتفاق الأمريكي السوري: بين مشروع الدمج وإعادة تشكيل السلطة في سوريا















المزيد.....

الاتفاق الأمريكي السوري: بين مشروع الدمج وإعادة تشكيل السلطة في سوريا


مروان فلو

الحوار المتمدن-العدد: 8496 - 2025 / 10 / 15 - 08:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قراءة تحليلية

شهدت دمشق خلال الأسابيع الأخيرة تطوراً سياسياً لافتاً وغير معلن على نطاق واسع، تمثّل في مفاوضات مباشرة بين ممثلين عن قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ووفد من الحكومة السورية برئاسة أحمد الشرع، بوساطة وإشراف أميركيين مباشرين. وقد أفضت هذه المحادثات إلى تفاهم سياسي – عسكري جديد يُعدّ الأهم منذ اتفاق آذار/مارس الماضي، ويُتوقع أن يفتح الباب أمام مرحلة مختلفة في إدارة الأزمة السورية.( ‎(1

أولاً: ملامح الاتفاق الجديد

يؤكد الاتفاق، وفق مصادر مطّلعة في دمشق وأربيل، أنه ليس اتفاق استسلام أو انحلال لأي طرف، بل محاولة لصياغة شراكة متوازنة بين قسد والدولة السورية، على أساس إعادة هيكلة وطنية واسعة بإشراف أمريكي.

يتمحور حول النقاط الآتية:

1. دمج مؤسسات قسد في الإطار الوطني دون المساس بهويتها التنظيمية.

لن يُلغى الطابع المحلي للإدارة الذاتية، بل سيتم دمج هياكلها العسكرية والأمنية ضمن إطار وطني موسّع مع احتفاظها بخصوصيتها التشغيلية. وسيجري تشكيل "مجلس دفاع وطني" يضم قيادات من قسد، ومسؤولين من دمشق، وبعض ممثلي المعارضة المعتدلة.( ‎( 2


2. إدخال قادة قسد في مفاصل الدولة المركزية

سيتولى قادة من قسد مناصب فعلية ضمن وزارات الدفاع والداخلية والاستخبارات، ما يُعتبر اعترافاً رسمياً لأول مرة بشرعية الوجود العسكري والسياسي لقسد داخل الدولة السورية. ( ‎( 3


3. حكم لامركزي موسّع
الاتفاق لا يهدف إلى إعادة المركزية القديمة، بل إلى تأسيس نظام لا مركزي سياسي وإداري، يمنح المناطق الكُردية والعربية في شمال وشرق سوريا سلطة إدارة مواردها المحلية، مع تنسيق محدود مع دمشق في ملفات الأمن والسياسة الخارجية. ( ‎( 4


4. إعادة هيكلة قطاع الأمن والجيش
سيتم إنشاء قيادة مشتركة جديدة تحت اسم “القيادة السورية المشتركة”، تكون فيها قسد العمود الفقري للقوات المسلحة، مع دمج فصائل عربية محلية من دير الزور والرقة والحسكة. ( ‎(5


5. إطار اقتصادي مستقل نسبياً
المناطق الواقعة تحت إدارة قسد ستحتفظ باستقلالها المالي والاقتصادي النسبي، بما في ذلك إدارة الموارد النفطية والزراعية، مع تقاسم جزئي للعائدات في إطار صندوق تنمية وطني تشرف عليه هيئة اقتصادية مشتركة. ( ‎( 6

ثانياً: جوهر المشروع الأمريكي

الولايات المتحدة، وفق ما تؤكده مصادر دبلوماسية، هي المهندس والضامن الرئيس للاتفاق. وقد أُعدّت خطوطه بالتعاون بين وزارة الخارجية والبنتاغون، وبمشاركة باحثين من معهد واشنطن ومعهد كلينتون لدراسات الشرق الأوسط. ( ‎( 7

الهدف الأمريكي لا يقتصر على تسوية داخلية، بل يتضمن استراتيجية أوسع لإعادة تشكيل المشهد السوري:

الحد من النفوذ الإيراني والتركي
ترى واشنطن أن توحيد مؤسسات الدولة السورية ضمن إطار جديد خاضع لتوازنات داخلية هو السبيل لوقف التمدد الإيراني، وإجهاض الذرائع التركية للتدخل العسكري. ( ‎( 8

إعادة بناء الدولة من الداخل
بدلاً من تغيير النظام بالقوة، تسعى واشنطن إلى إعادة هندسته تدريجياً، بحيث تتوزع مراكز القرار وتُعاد صياغة السلطة على أساس مؤسساتي تشاركي، تقوده شخصيات سورية براغماتية من الجانبين. ( ‎(9

تحويل قسد إلى شريك استراتيجي دائم
تعتبر واشنطن قسد القوة الأكثر انضباطاً وتنظيماً في سوريا، القادرة على إدارة مناطقها عسكرياً واقتصادياً بفعالية، لذلك تُراد أن تكون الركيزة الأساسية لأي مشروع استقرار مستقبلي. ( ‎(10

ثالثاً: التوازن الجديد – قسد كقوة مركزية

من الناحية الواقعية، قسد هي الطرف الذي يمتلك السيطرة الفعلية على معظم شمال وشرق سوريا، وتدير المؤسسات المدنية والعسكرية والأمنية والاقتصادية هناك ومنذ زمن طويل.
فهي تسيطر على ما يزيد عن ثلث مساحة البلاد، وعلى أهم الموارد النفطية والزراعية والمائية. وتملك هياكل إدارية مستقلة وفاعلة، وقوة عسكرية منظمة تُقدّر بأكثر من 60 ألف مقاتل. ( ‎(11

ولذلك، فإن دخول قسد في أي اتفاق لا يعني خضوعها، بل تحوّلها إلى شريك من موقع القوة، خصوصاً أن دمشق باتت تدرك أن لا استقرار بدون تفاهم مع هذه القوة التي فرضت توازن ردع واضح شمالاً وشرقاً.

أما اقتصادياً، فقد رسّخت الإدارة الذاتية نموذجاً اقتصادياً شبه مستقل يقوم على:

إدارة الموارد المحلية عبر هيئات مدنية تابعة للإدارة الذاتية.

اعتماد نظام تبادل داخلي بعيد عن مركزية المصرف المركزي في دمشق.

فرض رسوم وتنظيم للعقود النفطية والزراعية ضمن سلطة محلية مستقلة. ( ‎(12


وبذلك، فإن الدمج المقترح لا يعني إعادة تبعية اقتصادية للمركز، بل تحويل العلاقة إلى شكل من أشكال "الكونفدرالية الاقتصادية" داخل الدولة الواحدة، بحيث تبقى الإيرادات ضمن المناطق المنتجة مع مساهمة نسبية في الميزانية الوطنية.

رابعاً: مواقف الأطراف الإقليمية

تركيا: ترى أن المشروع الأميركي هو تهديد مباشر لمصالحها، إذ يمنح شرعية لقسد ويُنهي مبررات التدخل التركي شمال سوريا. وتشير تقارير إلى أن واشنطن وجّهت تحذيراً لأنقرة بعدم التصعيد، مؤكدة أن المرحلة المقبلة "ليست مجالاً لحروب جديدة". (‎(13

إيران وحزب الله: يعتبران الاتفاق خطوة لعزلهما عن الملف السوري وتقييد حركتهما في الممر البري الممتد من طهران إلى المتوسط. وقد بدأا فعلاً بتحريك بعض الفصائل في البادية تحسباً لأي تغيير ميداني كبير. ( ‎(14

روسيا: تتعامل بحذر، وتنتظر لترى ما إذا كانت الهياكل الجديدة قادرة على تحقيق استقرار فعلي قبل تحديد موقفها النهائي. موسكو لا تمانع اللامركزية، لكنها ترفض الوجود الأميركي الدائم في الشمال. ( ‎(15

خامساً: نحو نظام سوري جديد

إذا ما نجح تنفيذ الاتفاق، فسيكون التحول الأكبر منذ اندلاع الصراع السوري. فبدلاً من نظام مركزي مهيمن، ستولد بنية سياسية جديدة تُعيد تعريف السلطة الوطنية السورية، وفقاً لثلاث ركائز:

1. جيش وطني موحد بهيكل قيادي مشترك
يكون لقسد الدور المركزي فيه، بما يعزز مفهوم الوطنية العسكرية على حساب الولاءات الطائفية أو الفصائلية.( ‎(16


2. لامركزية سياسية وإدارية واقتصادية
تُمكّن المناطق من إدارة شؤونها بنفسها، مع احتفاظ دمشق بدور رمزي في السيادة والتمثيل الخارجي. ( ‎(17


3. شراكة أميركية – سورية دائمة
لضمان استقرار الترتيبات الجديدة، ومنع انهيار التفاهم تحت ضغط القوى الإقليمية. (‎(18

سادساً: هل ينجح الاتفاق؟

النجاح ليس مضموناً بعد، لكنّ عوامل القوة تميل لصالح قسد. فهي تمسك بالأرض والموارد وتملك غطاءً أميركياً سياسياً وعسكرياً. كما أن سكان شمال وشرق سوريا باتوا أكثر ارتباطاً بمؤسساتها الإدارية من مؤسسات دمشق، وهو ما يمنحها شرعية داخلية متنامية. ( ‎(19

ورغم المخاطر، فإن المشروع الحالي يبدو الفرصة الواقعية الأولى لإعادة بناء الدولة السورية من الداخل، من دون إسقاط النظام بالقوة أو ترك البلاد رهينة للصراع الإقليمي.
إنها مرحلة إعادة تعريف سوريا: من دولة أحادية المركز إلى دولة تقوم على الشراكة والتوازن، حيث قسد ليست جزءاً من الحل فحسب، بل محور الحل نفسه. ( ‎(20


+++++++++++++++++&&&

المراجع

(1) تقارير إعلامية من دمشق وأربيل، أيلول–تشرين الأول 2025.
(2) وكالة North Press، “مفاوضات دمشق–قسد”، 10/03/2025.
(3) مصدر دبلوماسي أميركي – أربيل، 25/09/2025.
(4) وثيقة الإدارة الذاتية حول “نظام اللامركزية الموسعة”، 2024.
(5) مركز جسور للدراسات – “خارطة القوى العسكرية في سوريا”، تموز 2025.
(6) تقرير معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، 2025.
(7) وزارة الخارجية الأميركية – ملف سوريا، آب 2025.
(8) معهد كلينتون لدراسات الشرق الأوسط، تقرير “إعادة هندسة الدولة السورية”، 2025.
(9) مقابلة مع مسؤول سابق في البنتاغون، قناة PBS، 09/2025.
(10) تقرير قوات التحالف الدولي حول “استقرار شرق الفرات”، 2025.
(11) إحصائيات المرصد السوري لحقوق الإنسان، 2025.
(12) هيئة الاقتصاد في الإدارة الذاتية، تقرير دوري، نيسان 2025.
(13) صحيفة المونيتور، “أنقرة وقلقها من مشروع الدمج السوري”، 2025.
(14) مركز المشرق للدراسات الاستراتيجية، “ردود الفعل الإيرانية”، 2025.
(15) تحليل لصحيفة كوميرسانت الروسية، 2025.
(16) مشروع “القيادة الوطنية المشتركة” – وثيقة أولية، تموز 2025.
(17) الدستور السوري المقترح بصيغته اللامركزية – نسخة معدلة، أيلول 2025.
(18) السفارة الأميركية في عمان، بيان حول “خطة الاستقرار السوري”، 2025.
(19) إحصاءات داخلية للإدارة الذاتية – مكتب العلاقات، 2025.
(20) تحليل خاص – قسم الدراسات السياسية، تشرين الأول 2025.



#مروان_فلو (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مناف طلاس وتسليح -قسد-: معركة إعادة تشكيل الجيش السوري وتحدّ ...
- من التفاهمات العسكرية إلى التحول الدستوري.. مسار جديد للأزمة ...
- قراءة تحليلية في تصريحات الجنرال مظلوم عبدي: هل تدخل سوريا ط ...
- حين يتحوّل الدين إلى سلاح… حان وقت الثورة على الإيديولوجيا ا ...
- المركزية: الطريق الأقصر إلى الاستبداد الجديد في سوريا
- بين الاندماج والانفصال: لا حل دون سوريا لا مركزية أو فدرالية
- نهاية المركزية السورية: من الإنكار إلى حتمية اللامركزية
- سوريا على مفترق حاسم: واشنطن تعود إلى دمشق... و«قسد» على طري ...
- من زيارة توماس باراك إلى الحسكة: هل تصحو إرادات الاستقرار عل ...
- صراع الشمال السوري: لعبة الدمى الكبرى على حافة الهاوية
- الانتخابات السورية 2025: خطوة على رمال الانتقال السياسي المت ...
- الكُرد في باكستان: فصلٌ مُهمٌّ منسيٌّ من تاريخنا
- اتفاق حماس – إسرائيل: بوابة محتملة نحو تسويات جديدة في الشرق ...
- إسرائيل الكبرى وكُردستان الكبرى: بين الحقيقة والوهم الجيوسيا ...
- المشروع الكُردي في سوريا والردع التركي... صراع السياقات والم ...
- سوريا نار تحت الرماد : عودة الإرهاب وصراع الجيوسياسة وتفتت ا ...
- الأمير إبراهيم باشا الملي: زعيم قبلي كردي بين السلطنة والحدا ...
- اللامركزية في سوريا: جدلية السلطة المركزية وضغوط التحالفات ا ...
- -مجرد قبائل وقرى-.. قراءة في خطاب التفكيك الأمريكي للمنطقة
- اتفاق 10 آذار بين الانتهاء والتمديد: مناورة سياسية أم مشروع ...


المزيد.....




- الأميرة رجوة الحسين في لندن..أناقة كلاسيكية بلمسات عصريّة
- ما هو مصير قطاع غزة بعد وقف إطلاق النار؟
- معضلة جثث الرهائن في غزة.. نبرة التهديد والوعيد عادت مجددا م ...
- شعب مدغشقر يطالب ماكرون بالاعتذار ويتهم سياسته -بالوصاية الن ...
- حكومة لوكورنو الثانية مهددة بالسقوط مجددا.. وتغييرات إقليمية ...
- غزة: هل تحارب إسرائيل حماس عبر ميليشيات مسلحة؟
- إندونيسيا في حالة إنذار بيئي خشية تلوث إشعاعي
- اقتحامات بأنحاء الضفة والاحتلال يقتل فلسطينيا ضربا شمال القد ...
- بين الاستعراض ودفع الثمن.. ماذا وراء الظهور الجديد لـ-أبو شب ...
- مطالبات لماكرون بالاعتذار للشعب الملاغاشي


المزيد.....

- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان فلو - الاتفاق الأمريكي السوري: بين مشروع الدمج وإعادة تشكيل السلطة في سوريا