أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان فلو - قراءة تحليلية في تصريحات الجنرال مظلوم عبدي: هل تدخل سوريا طور التسوية اللامركزية؟















المزيد.....

قراءة تحليلية في تصريحات الجنرال مظلوم عبدي: هل تدخل سوريا طور التسوية اللامركزية؟


مروان فلو

الحوار المتمدن-العدد: 8493 - 2025 / 10 / 12 - 19:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مقدمة: بين ضجيج الإعلام وممرات السياسة الهادئة
تعيش سوريا اليوم حالة سياسية دقيقة تتقاطع فيها المشاريع الإقليمية مع مبادرات محلية تبحث عن تسوية تعيد التوازن إلى البلاد بعد أكثر من عقد من الحرب.
وفي خضم الضخ الإعلامي الممنهج الذي تقوده بعض المنصات المحسوبة على المحور التركي – القطري – السعودي، برزت تصريحات القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية (الجنرال مظلوم عبدي) كوثيقة سياسية تعبّر عن تحولات نوعية في مقاربة الملف السوري من الداخل، وتكشف عن ملامح تسوية سورية – سورية قد تكون الأهم منذ عام 2011 (1).
1. من المواجهة إلى التفاوض: دمشق تفتح الباب على استحياء
كشف عبدي أنه التقى بوزير الدفاع ورئيس الاستخبارات السورية على انفراد في دمشق، وأن الاجتماعات الأخيرة أفضت إلى اتفاق شامل لوقف إطلاق النار واستمرار الحوار على مستوى رفيع (2).
هذا التصريح، وإن بدا فنياً، يحمل دلالات سياسية عميقة؛ إذ يشير إلى أن دمشق لم تعد تتعامل مع "قسد" كخصم ميداني بل كطرف سياسي معترف به ضمن المعادلة السورية.
فالاعتراف الضمني هذا يعني أن الدولة السورية، رغم تحفظاتها، بدأت تدرك أن شمال وشرق سوريا بات مكوناً سياسياً وعسكرياً لا يمكن تجاوزه.
كما أن مشاركة عبدي في اجتماعات مغلقة داخل دمشق تؤكد أن مرحلة المواجهة العسكرية المفتوحة قد انتهت لصالح الحوار المؤسسي، ولو على مستوى أولي (2).
2. اللامركزية بين المفهوم والمصير
أشار عبدي إلى وجود تفاهم على مبدأ اللامركزية، مع بقاء الخلاف حول تفسير المصطلحات (2).
وتُعد هذه الجملة جوهرية لأنها تضع النقاش في سياقه الحقيقي: لم يعد السؤال "هل تُطبّق اللامركزية؟"، بل أصبح "ما شكلها وحدودها؟".
دمشق تميل إلى اللامركزية الإدارية الموسّعة، بينما تطالب الإدارة الذاتية بـلامركزية سياسية دستورية تضمن صلاحيات تشريعية وتنفيذية في الأقاليم.
ومع ذلك، فإن مجرد قبول النظام بطرح الفكرة يعكس تحولاً استراتيجياً في بنيته الذهنية والسياسية، حيث بات يدرك أن استمرار المركزية الصارمة هو ما فجر الاحتجاجات في الأصل (1).
3. اتفاق 10 آذار والدستور الجديد
أكد عبدي وجود تفاهمات لإدراج بنود اتفاق 10 آذار ضمن الدستور السوري الجديد (3).
ويعد هذا الاتفاق وثيقة مرجعية تؤكد على الاعتراف بالإدارة الذاتية، ودمج القوات المحلية ضمن الجيش السوري، والاعتراف بالتعدد القومي والديني في البلاد.
إدراج هذه البنود في الدستور المقبل سيشكل أول اعتراف رسمي بالتعددية السياسية والإدارية في سوريا منذ الاستقلال، وسيفتح الباب أمام ولادة نظام سياسي مرن يمكنه استيعاب التنوع القومي والمناطقي، وهو ما فشلت الأنظمة السابقة في تحقيقه (3).
4. دمج القوات… مشروع وطني أم مناورة تكتيكية؟
أوضح عبدي أنه تم التوصل إلى تنسيق شفهي بشأن دمج قوات سوريا الديمقراطية في الجيش السوري، وأن دمشق ترغب بالاستفادة من خبرات هذه القوات العسكرية (2).
هذه الخطوة، إن تحققت فعلاً، ستعيد رسم ملامح المؤسسة العسكرية السورية التي عانت من الانقسام والولاءات المتعددة منذ 2012.
لكنّ نجاح الدمج يتوقف على طبيعة العلاقة المستقبلية بين المركز والمناطق؛ فهل ستكون "قسد" ضمن هيكل الجيش المركزي التقليدي، أم ستحتفظ بخصوصيتها كقوة محلية تحت إشراف وطني؟
الإجابة عن هذا السؤال ستحدد ما إذا كان الدمج بداية لبناء جيش وطني موحد، أم مجرد تسوية ظرفية هدفها امتصاص الضغوط الدولية (2)(3).
5. البعد الإنساني والسياسي لملف المهجرين
دعا عبدي أهالي عفرين ورأس العين وتل أبيض إلى الاستعداد لعودة آمنة إلى ديارهم، مؤكداً أن الهدف هو "العودة الكريمة والآمنة" (3).
هذا الطرح لا ينفصل عن مشروع أوسع لإعادة التوازن الديمغرافي في الشمال السوري، بعد سياسات التهجير القسري والتتريك التي شهدتها تلك المناطق.
ويمكن قراءة الدعوة أيضاً على أنها رسالة إلى تركيا والمجتمع الدولي بأن "قسد" قادرة على إدارة ملفات إنسانية معقدة بما يتجاوز منطق الميليشيا إلى منطق المؤسسة المدنية – الأمنية المتكاملة (3).
6. واشنطن والتحالف الدولي: شريك في الظل
قال عبدي إن واشنطن والتحالف الدولي مهتمان بملف الشيخ مقصود والأشرفية (4)، وهو تأكيد على استمرار الدعم الغربي للإدارة الذاتية رغم انشغال الولايات المتحدة بملفات عالمية أخرى.
الاهتمام الأمريكي بهذا الملف يشي بأن واشنطن لا تنوي الانسحاب الكامل من شرق الفرات، بل تسعى لترسيخ معادلة "الاستقرار عبر اللامركزية"، في مواجهة النفوذ الروسي والإيراني المتزايد (4).
كما أن إبداء عبدي دعمه لرفع قانون قيصر خلال اجتماع الحسكة (3) يشير إلى أنه يسعى لتقديم نفسه كـ"وسيط واقعي" يمكنه تسهيل التفاهم بين واشنطن ودمشق، بما يخفف العقوبات ويفتح باب الإعمار المشروط.
7. تركيا بين العداء والبراغماتية
قال عبدي إن قنوات التواصل مع تركيا لا تزال مفتوحة، وإن "أنقرة يمكنها دعم الاتفاق السوري – السوري إذا رغبت" (3).
يُعد هذا التصريح تحولاً لافتاً في خطاب "قسد"، إذ يشير إلى أن الحركة باتت تدرك ضرورة كسر معادلة العداء المطلق مع أنقرة لصالح براغماتية سياسية تتيح التفاهم على ملفات أمنية وإنسانية مشتركة.
فالواقع الميداني والضغوط الاقتصادية والسياسية على تركيا يجعلها تبحث عن مخارج تفاوضية تحفظ ماء الوجه وتقلّص وجودها العسكري المباشر.
من هنا، يمكن أن يكون الحوار غير المعلن بين قسد وأنقرة مقدمة لصفقة ثلاثية (دمشق – أنقرة – الإدارة الذاتية) بضمان روسي، تعيد ترسيم السيطرة في الشمال (3).
8. ملامح النظام السوري المقبل: من المركزية إلى التشاركية
صرّح عبدي بأن ملفات الرقة ودير الزور والحسكة مرتبطة بشكل نظام الحكم في سوريا، وأن "الانسحاب منها غير قابل للنقاش" (2).
هذا الموقف يؤكد أن الإدارة الذاتية تسعى لأن تكون طرفاً مؤسساً في الدولة السورية الجديدة، لا مجرد مكوّن إداري تابع.
إنه رفض لأي تسوية تُعيد إنتاج المركزية السابقة، وتأكيد على أن اللامركزية السياسية باتت أمراً واقعاً لا رجعة عنه.
بناءً على ذلك، يمكن القول إن المرحلة المقبلة ستشهد تحول سوريا إلى نموذج من "اللامركزية التشاركية"، حيث تتوزع السلطات التنفيذية والتشريعية على الأقاليم وفق معادلة جديدة تحفظ وحدة البلاد وتنوعها في آن (1)(2).
خاتمة: ملامح تسوية بطيئة ولكن ثابتة
من مجمل تصريحات مظلوم عبدي، يمكن استنتاج أن سوريا تتجه نحو تسوية بطيئة ولكن حقيقية، عنوانها الحوار الداخلي، وركيزتها اللامركزية، وأداتها الاعتراف المتبادل بين دمشق والإدارة الذاتية.
نجاح هذه التسوية مرهون بعوامل ثلاثة:
تحرر دمشق من الوصاية الإقليمية وخاصة النفوذ التركي.
استمرار الدعم الأمريكي والدولي لقسد كقوة استقرار ميدانية.
قدرة الأطراف السورية على تحويل التفاهمات الميدانية إلى نصوص دستورية ملزمة.
إن تحقق ذلك، فقد نشهد في السنوات القليلة المقبلة ولادة جمهورية سورية جديدة – متعددة الهويات، لا مركزية الحكم، قائمة على شراكة المكونات لا على هيمنة طرف واحد.
حينها فقط، يمكن القول إن الحرب السورية انتهت سياسياً، ولو لم تنتهِ تماماً عسكرياً.
++++++++++++++++&&&
المراجع
عبدي، مظلوم. (2025). تصريحات مغلقة في دمشق حول مسار التسوية السياسية السورية. أرشيف الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا.
عبدي، مظلوم. (2025). اجتماع دمشق: اتفاق على وقف إطلاق النار واستمرار الحوارات مع النظام السوري. وكالة هاوار للأنباء – مقابلة خاصة.
عبدي، مظلوم. (2025). مخرجات اجتماعات الحسكة بشأن إدراج اتفاق 10 آذار والدستور السوري الجديد. مركز الإعلام في قوات سوريا الديمقراطية.
عبدي، مظلوم. (2025). ملف الشيخ مقصود والأشرفية والتنسيق مع التحالف الدولي. التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب – تقرير إعلامي.



#مروان_فلو (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين يتحوّل الدين إلى سلاح… حان وقت الثورة على الإيديولوجيا ا ...
- المركزية: الطريق الأقصر إلى الاستبداد الجديد في سوريا
- بين الاندماج والانفصال: لا حل دون سوريا لا مركزية أو فدرالية
- نهاية المركزية السورية: من الإنكار إلى حتمية اللامركزية
- سوريا على مفترق حاسم: واشنطن تعود إلى دمشق... و«قسد» على طري ...
- من زيارة توماس باراك إلى الحسكة: هل تصحو إرادات الاستقرار عل ...
- صراع الشمال السوري: لعبة الدمى الكبرى على حافة الهاوية
- الانتخابات السورية 2025: خطوة على رمال الانتقال السياسي المت ...
- الكُرد في باكستان: فصلٌ مُهمٌّ منسيٌّ من تاريخنا
- اتفاق حماس – إسرائيل: بوابة محتملة نحو تسويات جديدة في الشرق ...
- إسرائيل الكبرى وكُردستان الكبرى: بين الحقيقة والوهم الجيوسيا ...
- المشروع الكُردي في سوريا والردع التركي... صراع السياقات والم ...
- سوريا نار تحت الرماد : عودة الإرهاب وصراع الجيوسياسة وتفتت ا ...
- الأمير إبراهيم باشا الملي: زعيم قبلي كردي بين السلطنة والحدا ...
- اللامركزية في سوريا: جدلية السلطة المركزية وضغوط التحالفات ا ...
- -مجرد قبائل وقرى-.. قراءة في خطاب التفكيك الأمريكي للمنطقة
- اتفاق 10 آذار بين الانتهاء والتمديد: مناورة سياسية أم مشروع ...
- ترامب في الأمم المتحدة: استهتار أم استراتيجية لإلغاء الأمم ا ...
- نحو دمشق: تهديد صريح ورسالة مفتوحة من قوات سوريا الديمقراطية
- سوريا بين وحدة الدولة ومطالب اللامركزية: معركة الشمال والجنو ...


المزيد.....




- الإمارات تعزي قطر في وفاة 3 دبلوماسيين بحادث شرم الشيخ
- شاهد.. فلسطينيون يهرعون للحصول على المساعدات من الشاحنات الم ...
- وكالة: إيران لن تشارك في قمة شرم الشيخ بمصر رغم تلقيها دعوة ...
- قمة شرم الشيخ: مصر تستضيف قادة العالم لإنهاء حرب غزة
- وثائق مسربة تكشف عن تعزيز دول عربية للتعاون العسكري مع إسرائ ...
- اشتباكات دامية بين باكستان وأفغانستان.. تضارب في حصيلة القتل ...
- لبنان يستعد لتقديم شكوى إلى مجلس الأمن ضد إسرائيل
- عشرات القتلى باشتباكات بين باكستان وأفغانستان وإسلام آباد تت ...
- سباق الرئاسة في غينيا يشتعل.. 50 حزبا و16 مستقلا يعلنون ترشح ...
- مسعد بولس: السلام في الكونغو -مسار طويل لا يُدار بمفتاح-


المزيد.....

- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان فلو - قراءة تحليلية في تصريحات الجنرال مظلوم عبدي: هل تدخل سوريا طور التسوية اللامركزية؟