أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان فلو - سوريا نار تحت الرماد : عودة الإرهاب وصراع الجيوسياسة وتفتت الدولة















المزيد.....

سوريا نار تحت الرماد : عودة الإرهاب وصراع الجيوسياسة وتفتت الدولة


مروان فلو

الحوار المتمدن-العدد: 8482 - 2025 / 10 / 1 - 13:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مقدمة
يدخل المشهد السوري اليوم مرحلة جديدة وخطيرة مع عودة التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) الذي يسعى لإعادة بناء نفسه في بيئة خصبة لفكره المتطرف. يتقاطع هذا الإحياء مع واقع معقد يتمثل في وجود فصائل داخل ما يسمى "الجيش العربي السوري" تتغذى من ذات البيئة الأيديولوجية التي أنجبت داعش، الأمر الذي يضاعف التهديدات الأمنية والسياسية.
وعلى الرغم من إدراك المجتمع الدولي – الولايات المتحدة والتحالف الدولي وإسرائيل – خطورة هذا المشهد، إلا أن ردودهم تتسم بالتقاعس والرهان على إدارة الأزمة بدلاً من حلّها. يطرح هذا التردد أسئلة محورية:
من صنع هذه الكيانات الإرهابية؟ ولماذا يجري توظيفها بهذا الشكل؟
إن دعم بعض الأطراف لقيادات متطرفة، مثل أحمد الشرع (الجولاني سابقاً)، يعكس تكراراً لذات الأخطاء الاستراتيجية التي ارتُكبت مع بشار الأسد حين اعتقد أنه قادر على توجيه التناقضات الدولية إلى ما لا نهاية.
تذهب هذه الورقة إلى أن سوريا تتجه نحو حروب جديدة بلا حدود واضحة، مدفوعة بصراعات استراتيجية عميقة. سنستعرض أولاً جذور الإرهاب في سوريا، ثم نناقش إحياء داعش وتواطؤ الفاعلين المختلفين، قبل الانتقال إلى احتمالات تفتت الدولة السورية وما يترتب على ذلك من تداعيات.

أولاً: الجذور التاريخية للإرهاب في سوريا
لا يمكن فهم عودة الإرهاب في سوريا دون العودة إلى سياق الحرب الأهلية السورية وتقاطعها مع الحركات الجهادية العالمية. فقد نشأ داعش من الفرع العراقي لتنظيم القاعدة ووجد في الفوضى السورية منذ 2011 بيئة ملائمة للتمدد (٨). ومن هناك تمدد إلى ليبيا ومصر وأفغانستان وجنوب شرق آسيا، مرتكباً مجازر وعمليات استعباد وقتل جماعي استهدفت بالدرجة الأولى المسلمين أنفسهم – شيعة وسنة – إلى جانب الأقليات الدينية والعرقية (٣).
شكّل التحالف الدولي ضد داعش عام 2014، وضم 79 دولة إلى جانب الناتو والاتحاد الأوروبي، وتمكن من هزيمة التنظيم عسكرياً: استعادة الأراضي العراقية بحلول ديسمبر 2017، والقضاء على آخر معاقله في الباغوز بسوريا في مارس 2019 (٢).
لكن الانتصارات العسكرية لم تُزل البنية الأيديولوجية العميقة لداعش. ووفق وزارة الخارجية الفرنسية، لا يزال التنظيم خطراً عالمياً من خلال خلايا نائمة في العراق وسوريا، وفروع نشطة في إفريقيا وآسيا، ودعاية متطورة، وقدرته على استغلال هشاشة الأوضاع السياسية لإعادة إحياء نفسه (٢).

ثانياً: إحياء داعش وتواطؤ الفاعلين
إعادة بناء البنية الإرهابية
يعيد داعش اليوم بناء شبكاته في مدن سورية عدة، مستفيداً من فراغات السلطة والدعم الاجتماعي واللوجستي. ما كشفه المحققون الدوليون من وثائق – جوازات، استمارات تجنيد، وأرشيف يزيد عن 59 ألف صفحة – يؤكد أن التنظيم حافظ على سجلات دقيقة حتى وهو يخسر معاقله (٣). هذه البنية المعلوماتية تشكل قاعدة صلبة لإعادة نشاطه.
العناصر المتطرفة داخل المؤسسات الرسمية
الأخطر هو اختلاط الأوراق بين "المؤسسات الرسمية" و"الجماعات المتطرفة". فبعض الفصائل المنضوية تحت ما يسمى الجيش العربي السوري هي في حقيقتها امتداد لأجواء التطرف ذاتها التي أنجبت داعش (٥)(٦). خلال سنوات الحرب، تبنت جماعات معارضة مواقف أكثر تشدداً أو حافظت على روابط مع شبكات جهادية (٧)، وتم لاحقاً دمج بعضها في هياكل أمنية دون مراجعة أيديولوجية، ما أنتج بيئة هشة يسهل استغلالها.

ثالثاً: تقاعس المجتمع الدولي
على الرغم من الأدلة المتزايدة على تجدد داعش وتغلغل التطرف داخل المؤسسات، فإن المجتمع الدولي يتعامل مع الوضع بشلل استراتيجي. فالولايات المتحدة والتحالف الدولي وإسرائيل يدركون الخطر، لكن أولوياتهم المتناقضة جعلتهم يتركون الأزمة تتفاقم. فبعد تحرير 7.7 مليون شخص من سيطرة داعش (٢)، لم يُستكمل الانتقال إلى مرحلة مكافحة التمرد والاستقرار، مما سمح للخلايا الإرهابية بالعودة.

رابعاً: من يصنع الإرهاب ولماذا؟
يظل السؤال الجوهري: من صنع هذه الجماعات الإرهابية ولماذا؟
تاريخياً، استخدمت قوى كبرى جماعات مسلحة غير حكومية كـ"وكلاء" لتغيير التوازنات دون تدخل عسكري مباشر. في الحالة السورية، ولّد الغزو الأمريكي للعراق ثم قمع الثورة السورية بيئة فراغ أمني غذّى هذه الجماعات (٨).
تخدم هذه الأدوات أغراضاً متعددة: زعزعة استقرار خصوم، السيطرة على مناطق استراتيجية، وتبرير التدخل العسكري. وهنا تنطبق استعارة "الخروف" – تسمين الجماعات المسلحة لاستخدامها لاحقاً كأضحية أو ورقة ضغط.

خامساً: الحروب القادمة وتفتت سوريا
انهيار المركزية ورفض السلطة
الانتخابات البرلمانية المقبلة في سوريا ستفتقر لمشاركة مناطق الشمال الشرقي (قسد) والجنوب، ما ينزع عنها أي شرعية شاملة. يترجم هذا التفتت سياسياً ما هو قائم أمنياً وإدارياً. فالدروز في الجنوب طالبوا بحق تقرير المصير وحماية دولية (١)، والمنطقة الساحلية اتجهت لتأسيس مجالس سياسية وعسكرية مستقلة، حتى في ظل النفوذ الروسي (٤).
هياكل حكم موازية
مع استمرار دمشق في قرارات أحادية، ستنشأ حكومات موازية: برلمانات، وزارات، وربما كيانات مستقلة. قسد تدير بالفعل مناطقها، بينما الجنوب والساحل يتجهان نحو الحكم الذاتي. هذا التفتت يخدم قوى دولية ترى أن "سوريا مجزأة" أفضل من "سوريا موحدة" قد تتحالف مع خصومها (١)(٤).

خاتمة وتوصيات
تتجه سوريا نحو مشهد كارثي: عودة داعش، تغلغل التطرف في المؤسسات، وتقاعس دولي يكرر أخطاء الماضي. إن السماح لهذه الديناميكيات بالتصاعد سيؤدي إلى تفكك الدولة السورية وانتشار الإرهاب إلى ما وراء حدودها.
لتجنب الأسوأ، على المجتمع الدولي أن يتبنى استراتيجية متماسكة تشمل:
عمليات منسقة ضد بؤر داعش مع تقليل الأضرار الجانبية.
بناء هياكل حكم شاملة تمنح حكماً ذاتياً حقيقياً ضمن إطار فيدرالي.
محاسبة جميع الأطراف على جرائم الحرب.
انخراط دبلوماسي شامل مع جميع الفاعلين المحليين والإقليميين.
البديل – ترك الأمور على حالها – يعني انهيار سوريا تماماً وتحولها إلى بؤرة دائمة للفوضى والإرهاب.

+++++++++++++&&&

المراجع
(١)"اشتباكات جنوب سوريا (يوليو 2025)"، ويكيبيديا، 14 يوليو 2025.
(٢) "هل هزم تنظيم داعش؟"، وزارة أوروبا والشؤون الخارجية (فرنسا)، نوفمبر 2019.
(٣) "داعش/تنظيم الدولة الإسلامية"، اللجنة الدولية للعدالة والمساءلة.
(٤) "اشتباكات آذار 2025 في سوريا"، ويكيبيديا، 8 مارس 2025.
(٥)"الجيش العربي السوري"، ويكيبيديا.
(٦) "جيش سوريا الحر"، ويكيبيديا.
(٧) "المعارضة السورية (2011-2024)"، ويكيبيديا.
(٨) "الحرب الأهلية السورية"، ويكيبيديا.
(٩) "الإرهاب في سوريا"، ويكيبيديا.



#مروان_فلو (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأمير إبراهيم باشا الملي: زعيم قبلي كردي بين السلطنة والحدا ...
- اللامركزية في سوريا: جدلية السلطة المركزية وضغوط التحالفات ا ...
- -مجرد قبائل وقرى-.. قراءة في خطاب التفكيك الأمريكي للمنطقة
- اتفاق 10 آذار بين الانتهاء والتمديد: مناورة سياسية أم مشروع ...
- ترامب في الأمم المتحدة: استهتار أم استراتيجية لإلغاء الأمم ا ...
- نحو دمشق: تهديد صريح ورسالة مفتوحة من قوات سوريا الديمقراطية
- سوريا بين وحدة الدولة ومطالب اللامركزية: معركة الشمال والجنو ...
- الوجه الجديد للاستبداد: تحليل نقدي لسياسات النظام السوري الج ...
- بين تهديد السلاح وتبدّلات الجغرافيا السياسية: شمال شرق سوريا ...
- تصعيد تركيا ضد الإدارة الذاتية في سوريا: بين التحذيرات والمو ...
- بين الحماية والتسوية: لماذا تتباين استراتيجيات قسد والدروز ف ...
- زيارة الشيباني إلى واشنطن: شروط تعجيزية ووساطات لانتزاع التأ ...
- سوريا بعد الأسد: صراع القانون الدولي والمصالح الإقليمية في م ...
- تصنيف الميليشيات العراقية إرهابياً: تداعيات جيوستراتيجية ومخ ...
- انعطافة أميركية حادة في سوريا: قراءة في قرار إبعاد الدبلوماس ...
- سوريا على مفترق الطرق: رؤية مجلس سوريا الديمقراطية لمستقبل د ...
- عمّان الثلاثي والجنوب السوري: بين وعود السويداء وصواريخ إسرا ...
- من الدوحة إلى أنقرة: رسائل الاستهداف الإسرائيلي وحدود الرد ا ...
- سوريا بين وهم الوحدة وحقيقة الانقسام: هل يكسر القرار 2254 حل ...
- ملامح المشهد السوري بين رؤية مناف طلاس واستحقاقات المرحلة ال ...


المزيد.....




- تظاهرات المغرب: ضرب سيدة مسنة وإحراق سيارة شرطة؟
- حماس تواصل دراسة مقترح ترامب وإسرائيل تصعد عسكريا في مدينة غ ...
- ماذا لو نجح الاتحاد الأوروبي في إقراض أوكرانيا 140 مليار يور ...
- إسرائيل تعترض -أسطول الصمود- المتجه الى غزة وتبث مقطعًا للحظ ...
- ماذا دار في أول اتصال بين ترامب وأمير قطر بعد التعهد بالدفاع ...
- الجيش الأمريكي يبدأ تقليص قواته في العراق وإعادة تموضع البقي ...
- +++ تطورات اعتراض إسرائيل لـ-أسطول الصمود- المتجه إلى غزة ++ ...
- كيف تابع الإعلام الغربي احتجاجات -جيل زد 212- في المغرب؟
- المغرب : هل تفلح الحكومة في احتواء الإحتجاجات ؟
- تغطية خاصة: هل خرجت الاحتجاجات الشبابية في المغرب عن نطاق ال ...


المزيد.....

- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان فلو - سوريا نار تحت الرماد : عودة الإرهاب وصراع الجيوسياسة وتفتت الدولة