أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان فلو - زيارة الشرع إلى موسكو: سوريا بين استعادة السيادة وترسيخ النفوذ الروسي















المزيد.....

زيارة الشرع إلى موسكو: سوريا بين استعادة السيادة وترسيخ النفوذ الروسي


مروان فلو

الحوار المتمدن-العدد: 8497 - 2025 / 10 / 16 - 00:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مقدمة

في زيارة وُصفت بأنها “الأكثر رمزية منذ عام 2015”، وصل الرئيس السوري أحمد الشرع إلى موسكو في أول جولة خارجية له بعد توليه السلطة، في خطوة عكست عمق التحوّل الجاري في دمشق ورغبتها في إعادة تعريف العلاقة مع حليفتها الأهم خلال سنوات الحرب.
ورغم الطابع البروتوكولي للزيارة، إلا أن خلف الكواليس دارت نقاشات تعيد رسم ملامح التوازن بين السيادة السورية والمصالح الروسية.

تحوّل ما بعد الأسد: من التبعية إلى إعادة التموضع

منذ انتقال السلطة إلى أحمد الشرع، بدأت ملامح مرحلة جديدة تتشكّل في سوريا. فالرئيس الجديد الذي جاء بعد عقد من الحرب والانقسام، حاول أن يرسل إشارات واضحة بأن “عهد الوصاية الخارجية انتهى”، دون أن يدخل في مواجهة مباشرة مع موسكو أو طهران.
يقول دبلوماسي روسي سابق:

“الشرع جاء ببراغماتية عالية، يدرك أن روسيا لا تزال ضرورية، لكنه لا يريد أن يبدو تابعًا لها.”


زيارة موسكو كانت الخطوة الأولى لتأكيد هذا التوجه — “سيادة محسوبة” تحافظ على الدعم الروسي ولكن من موقع شراكة لا تبعية.

موسكو: الحفاظ على بوابة المتوسط

بالنسبة للكرملين، لا تمثل سوريا مجرد حليف، بل قاعدة ارتكاز استراتيجية في الشرق الأوسط.
القواعد الروسية في طرطوس وحميميم باتت خطًا أحمر، إذ توفر لموسكو منفذًا دائمًا إلى البحر المتوسط ونقطة ضغط في مواجهة الناتو وتركيا وإسرائيل.
خلال اللقاء بين الشرع والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، جدد الأخير التأكيد على أن “الاتفاقيات العسكرية ستبقى سارية المفعول”، مضيفًا أن “روسيا ملتزمة بدعم استقرار سوريا وسيادتها، لكن ضمن شراكة استراتيجية راسخة”.

تحليل مراقبين في موسكو يشير إلى أن بوتين يسعى لتثبيت المكاسب التي حققتها بلاده منذ تدخلها العسكري عام 2015، وتحويلها من نفوذ عسكري مؤقت إلى حضور سياسي واقتصادي دائم.

دمشق: اختبار الاستقلال في حضرة الشريك الأكبر

على الجانب السوري، سعى أحمد الشرع خلال الزيارة إلى إبراز صورة رئيس يمسك بزمام المبادرة.
خطابه أمام مجلس الأعمال الروسي–السوري ركّز على “إعادة تعريف العلاقة بين البلدين” وضرورة “احترام السيادة السورية الكاملة في القرارات الوطنية”.
مصدر قريب من الوفد السوري قال :

“الشرع يدرك أن السوريين في الداخل والعالم العربي يريدون رئيسًا لا يتلقى التعليمات من الخارج. لذلك كانت الزيارة محاولة لطمأنة الداخل قبل الخارج.”


هذه اللغة، التي لم تكن مألوفة في عهد بشار الأسد، عكست تحوّلًا في الذهنية الرسمية السورية نحو قدر من الاستقلال السياسي، ولو في الإطار الرمزي.

من الحماية العسكرية إلى الشراكة الاقتصادية

التفاهم الاقتصادي كان حجر الزاوية في الزيارة.
ففي الوقت الذي عرضت فيه موسكو مشاريع لإعادة الإعمار في مجالات الطاقة والنقل والموانئ، تعهّدت دمشق بضمان استمرار الامتيازات الروسية في قطاعي النفط والغاز، إضافة إلى تطوير مناطق صناعية مشتركة في الساحل السوري.

يعلّق خبير الاقتصاد الروسي ألكسندر شوميلين على ذلك بالقول:

“العلاقة بين موسكو ودمشق انتقلت من منطق الحماية مقابل الولاء، إلى منطق المصالح الاقتصادية المتبادلة. روسيا اليوم تبني نفوذها في سوريا عبر الاستثمارات لا الدبابات.”


بهذا الشكل، باتت المعادلة الجديدة واضحة: النفوذ الروسي مقابل الإعمار التدريجي، لا الحماية مقابل البقاء في السلطة كما كان في السابق.

الملف الشائك: مصير بشار الأسد

من أكثر النقاط حساسية في الزيارة كان ما تسرّب عن طلب الشرع من موسكو تسليم بشار الأسد، أو على الأقل منعه من لعب أي دور سياسي في المرحلة القادمة.
مصادر دبلوماسية أكدت أن الطلب كان “رمزيًا أكثر من كونه عمليًا”، الهدف منه تأكيد أن “العهد السابق انتهى بلا رجعة”.
في المقابل، رفضت موسكو الفكرة، لكنها لم تدافع عن الأسد كما كانت تفعل في الماضي.

يقول محلل سياسي روسي إن “موقف الكرملين بات براغماتيًا: لا مانع من طيّ صفحة الأسد، شرط أن تبقى المصالح الروسية مصونة.”

هذه المعادلة تفتح الباب أمام مرحلة “ما بعد الأسد” بغطاء روسي، دون قطيعة أو مواجهة.

رسائل إلى الإقليم والعالم

الزيارة لم تكن موجّهة إلى روسيا وحدها، بل إلى أطراف متعددة:

إلى إيران: رسالة مفادها أن سوريا الجديدة لن تكون ساحة نفوذ إيراني مطلق، وأن موازين القوى ستُعاد صياغتها.

إلى الغرب: روسيا تقول إنها مستعدة للحوار حول مستقبل سوريا، لكن لا يمكن استبعادها من أي تسوية.

إلى العرب: دمشق تسعى للعودة إلى محيطها العربي من موقع مستقلّ، وتعتبر موسكو بوابتها التفاوضية نحو ذلك.

إلى الداخل السوري: محاولة لترسيخ صورة الشرع كرئيس وطني لا تابع لأي محور، خصوصًا في ظلّ الإرهاق الشعبي من سنوات الحرب والارتهان للخارج.

سيناريوهات المرحلة القادمة

تتفق معظم التقديرات على أن العلاقة الروسية–السورية ستتخذ في الأشهر المقبلة شكل شراكة مضبوطة بتوازن دقيق.
ومن المرجح أن تشهد المرحلة القادمة:

1. توسّعًا في الاستثمارات الروسية في البنى التحتية والطاقة والمرافئ.


2. فتح قنوات تواصل جديدة مع الغرب والعرب عبر موسكو كوسيط غير مباشر.


3. تصعيدًا غير معلن مع إيران إذا شعرت طهران أن نفوذها السياسي والعسكري يتراجع.


4. تقليصًا تدريجيًا للوجود العسكري الروسي لصالح حضور اقتصادي طويل الأمد.


خاتمة: سيادة تحت سقف التفاهم

زيارة أحمد الشرع إلى موسكو مثّلت لحظة مفصلية في مسار السياسة السورية بعد الحرب.
دمشق أرادت أن تقول إنها استعادت قرارها الوطني، وروسيا أرادت أن تثبت أنها لا تزال شريك القرار في المنطقة.
النتيجة ليست قطيعة ولا تبعية، بل توازن جديد قلق يعيد رسم معادلة “النفوذ مقابل السيادة”.

وفي ظل هذا التوازن، تبدو سوريا مقبلة على مرحلة مختلفة:
مرحلة إدارة التحالفات بدل الارتهان لها — بين موسكو التي تسعى للاستمرار، ودمشق التي تحاول أن تبدأ من جديد.



#مروان_فلو (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاتفاق الأمريكي السوري: بين مشروع الدمج وإعادة تشكيل السلطة ...
- مناف طلاس وتسليح -قسد-: معركة إعادة تشكيل الجيش السوري وتحدّ ...
- من التفاهمات العسكرية إلى التحول الدستوري.. مسار جديد للأزمة ...
- قراءة تحليلية في تصريحات الجنرال مظلوم عبدي: هل تدخل سوريا ط ...
- حين يتحوّل الدين إلى سلاح… حان وقت الثورة على الإيديولوجيا ا ...
- المركزية: الطريق الأقصر إلى الاستبداد الجديد في سوريا
- بين الاندماج والانفصال: لا حل دون سوريا لا مركزية أو فدرالية
- نهاية المركزية السورية: من الإنكار إلى حتمية اللامركزية
- سوريا على مفترق حاسم: واشنطن تعود إلى دمشق... و«قسد» على طري ...
- من زيارة توماس باراك إلى الحسكة: هل تصحو إرادات الاستقرار عل ...
- صراع الشمال السوري: لعبة الدمى الكبرى على حافة الهاوية
- الانتخابات السورية 2025: خطوة على رمال الانتقال السياسي المت ...
- الكُرد في باكستان: فصلٌ مُهمٌّ منسيٌّ من تاريخنا
- اتفاق حماس – إسرائيل: بوابة محتملة نحو تسويات جديدة في الشرق ...
- إسرائيل الكبرى وكُردستان الكبرى: بين الحقيقة والوهم الجيوسيا ...
- المشروع الكُردي في سوريا والردع التركي... صراع السياقات والم ...
- سوريا نار تحت الرماد : عودة الإرهاب وصراع الجيوسياسة وتفتت ا ...
- الأمير إبراهيم باشا الملي: زعيم قبلي كردي بين السلطنة والحدا ...
- اللامركزية في سوريا: جدلية السلطة المركزية وضغوط التحالفات ا ...
- -مجرد قبائل وقرى-.. قراءة في خطاب التفكيك الأمريكي للمنطقة


المزيد.....




- -كتائب القسام- تصدر بيانا لتوضيح سبب عدم تسليم جميع رفات الر ...
- بعد تهديد ترامب.. وزير دفاع إسرائيل يطلب إعداد خطة لـ-هزيمة ...
- ترامب يهدّد حماس: -بكلمة واحدة-.. إسرائيل قد تعود للحرب في غ ...
- برنامج تغذية خاص ومتابعة طبية دقيقة.. هكذا تُؤهّل إسرائيل ال ...
- المغرب.. أحكام سجن حتى 15 عاما لمدانين بالعنف والتخريب
- موريتانيا: هل ينجح الحوار الوطني؟
- روسيا تقول إنها مستعدة للوساطة بين مالي والجزائر لحل الخلافا ...
- هل اعتقلت حماس ياسر أبو الشباب؟
- -ما وراء الخبر- يناقش أهداف زيارة أحمد الشرع لروسيا
- ماذا سيجني الشرع من زيارته لموسكو؟


المزيد.....

- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان فلو - زيارة الشرع إلى موسكو: سوريا بين استعادة السيادة وترسيخ النفوذ الروسي