أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - شينوار ابراهيم - الوعي وصدى الكون في داخلي














المزيد.....

الوعي وصدى الكون في داخلي


شينوار ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 8503 - 2025 / 10 / 22 - 23:35
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أقف أحيانًا تحت سماء مظلمة تحيط بي النجوم وأشعر بأن الصمت ليس مجرد غياب الأصوات بل حالة حية من الوعي. في هذه اللحظة يظهر داخلي كما هو، بلا قناع أو طبقات زائفة ويسألني: من أنا ؟ ليس الجسد الذي أملكه أو الاسم الذي أطلقه عليّ الآخرون، بل الوعي ذاته الذي يشعر يفكر يختبر كل لحظة بكل عمقها.
الوجود لا يقتصر على ما نراه أو نلمسه، بل يمتد في الداخل، في المسافة بين الفكر والإحساس، حيث يصبح كل لحظة صدى للكون كله. هناك أرى أن كل شيء بداخلي هو جزء من نفس الواقع الذي يحيط بي وأن وعيي ليس شيئًا منفصلًا بل استمرار مباشر للكون في داخلي.
كل تجربة شعور فكرة هي طبقة من الواقع تتراكب على الأخرى وهنا أعي أن حياتي ليست خطًا مستقيمًا من لحظة إلى أخرى بل شبكة متشابكة من الوعي والوجود الذي يتخلل كل ثانية. الزمن ليس شيئًا خارجًا عني بل يدور في داخلي مع كل نفس وفكرة. الماضي لا يمكن أن أعيشه والمستقبل مجرد تصويرات أما الحاضر نفسه فهو الماضي بالفعل ... كل لحظة أعيشها تصبح بعد ثوانٍ جزءًا من الماضي. وكل لحظة هي انعكاس للوجود كله.
أحيانًا يبدو لي أن وعيي يحمل في طياته كل ما مضى من الكون وكل ما سيأتي وأن كل فكرة تتشكل في داخلي هي تكرار للنبض الأزلي الذي يربط بين الحياة والموت بين الظل والنور. وهنا يصبح الصمت حواريًا والفراغ مكانًا للتجربة واللحظة نافذة لرؤية الكل لا كخارج عني بل كجزء حي ينبض بداخلي.
أرى أن كل ما أمر به ليس منفصلًا عن الكل. إدراكي للعالم يشكل العالم كما يظهر لي والعالم بدوره يتشكل بما أعيه. الحياة ليست مجرد أحداث عابرة بل هي عملية مستمرة من الإدراك والفهم والشعور. في هذا الحضور تتلاشى الحدود بين داخلي وخارجي بين نفسي والعالم ويصبح كل شيء مرتبطًا ومتناسقًا.
وعيّي وربما الشيء الوحيد الذي يبقى يشكل العالم وليس العكس. أنا موجود فقط عندما أشعر وأفكر وأكتشف. كل ما أراه هو انعكاس لما في داخلي لكنه انعكاس غني وممتلئ بكل ما كان وسيكون وما هو حاضر الآن.
عندما يهدأ ذهني وتصبح أفكاري أكثر وضوحًا أشعر بالوحدة الكاملة. ليست فكرة نظرية بل حقيقة أعيها: أنا جزء من استمرار الوجود لست مجرد مراقب بل تعبير حي عن الكينونة نفسها.
عندما تخبو الأصوات وتنحسر الظلال يبقى السؤال الذي يطرح نفسه بلا انقطاع: من أنا في هذا الكون الواسع؟ هل أنا مجرد جسد يمر عبر الزمن أم وعي ينبض بلا انقطاع يختبر الحياة بكل أشكالها؟ هل كل ما أراه وأشعر به هو حقيقتي وحدود كياني أم أنه انعكاس لشيء أكبر أوسع وأقدم مني يتجاوز إدراكي ويشكل وجودي بطريقة لا أستطيع أن أحتويها بالكلمات؟
الوعي الذي أمتلكه ليس مجرد أداة للإدراك بل هو الجسر الذي يربطني بكل ما كان بكل ما هو آتٍ وكل ما هو حاضر. إنه رابط حي بين الماضي والمستقبل بين اللحظة الحالية وما هو أبدي. وفي كل لحظة أشعر بأن وجودي ليس منفصلًا عن العالم بل جزء منه موجة في بحر الوجود الذي يحيطني ويحتويني.
أدرك الآن أن كل تجربة كل شعور وكل فكرة هي مرآة لشيء أكبر وأن الوعي ليس نقطة محددة بل طيف مستمر يتداخل فيه الحاضر مع الإدراك واللحظة الراهنة. وما نراه نحن الأحياء مجرد جزء محدود بينما هناك وعي أعمق أوسع لا نلمسه إلا عبر لحظات تأمل صامت عبر صمت القلب الذي يلمس الحقيقة بلا كلمات بلا ألوان بلا أشكال.
في هذا الصمت أعي أن الكون ليس خارجًا مني بل ينبض داخلي. إنه ليس مكانًا أو زمانًا بل حالة مستمرة من الوعي من التجربة من الإدراك العميق. وكل نبضة في قلبي وكل فكرة تتشكل في ذهني هي انعكاس لهذا الكون هي مشاركة حقيقية في العملية التي تدعى الحياة.
وهكذا عندما أغمض عيني أو أترك الفكر يهدأ أشعر بأن وجودي ليس محدودًا بالزمان أو المكان. أنا جزء من كل وممثل له وشاهد على نفسه. وأنا هنا بين اللحظة والمطلق بين الوعي والعدم أستشعر جوهر الوجود: أن كل شيء بما فيه أنا هو وعي مستمر هو حضور خالد هو النبض الأبدي للكون الذي نحمله جميعًا في داخلنا.
وفي هذه الحقيقة يكمن السلام يكمن الإدراك ويبدأ الفهم الحقيقي: أنا موجود لا كشيء منفصل بل كامتداد للكون نفسه كحالة وعي تستمر عبر اللحظات لتكون جزءًا من الخلود الذي يتجدد بلا نهاية.



#شينوار_ابراهيم (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطريق إلى الله يمرّ عبر الإنسانية
- العودة إلى الفراغ
- خطوات على جدار الصيف
- الثوبُ الأخير
- المرافئ الغائبة
- موسيقى الغياب
- بكاء الصمت
- رسالة إلى السماء
- يزيدي أنا
- صلاح ناصر خضر ...
- أطفالُ الحُروب
- تشرين ... إله الجمال في الناصريّة
- آدم
- تراجيديا الابادة
- جنون الحرية
- أ---جراس قلبي
- سرداب الأمل
- دينامية المقابلة في نص -عرس الوطن - للشاعر شينوار إبراهيم
- ملحمة ( شينوارية ) ...
- قصص قصيرة جدا


المزيد.....




- لحظة سقوط رافعات شاهقة في باريس وتطاير أسقف المنازل بسبب إعص ...
- ليندسي لوهان تتألق بفستان أبيض بأحدث جلسة تصوير في نيويورك
- صدام حاد بين زهران ممداني وأندرو كومو في مناظرة الترشح لمنصب ...
- وسط الضجة.. كشف أسماء من تبرع لبناء قاعة الرقص لترامب في الب ...
- مشاهد مهيبة.. مصري يستكشف حجرة الحمم في بركان خامد بآيسلندا ...
- كيف تغيّر رعاية الوالدين حياة الشباب؟
- كيف يمكن للعراق أن يحافظ على التوازن بين حليفين خصمين، واشنط ...
- قادة الاتحاد الأوروبي يجتمعون في بروكسل لتأكيد دعمهم لزيلينس ...
- 158 اعتداء على مزارعي الزيتون بالضفة منذ بداية الموسم الحالي ...
- استجواب 3 سجناء هددوا ساركوزي داخل محبسه في باريس


المزيد.....

- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - شينوار ابراهيم - الوعي وصدى الكون في داخلي