محمد حمد
الحوار المتمدن-العدد: 8494 - 2025 / 10 / 13 - 21:15
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من عجائب هذا الزمان أن قدرة الإنسان على الصمود والتضحية وصنع المعجزات في ظروف جميعها ضده، لا حدود لها على الاطلاق. وما نراه اليوم. حيث يتابع ملايين الناس في كل مكان عملية توقيع "اتفاق سلام" بين مدينة صغيرة اسمها غزة والعالم اجمع، بدوله العظمى واممه المتحدة ومؤسساته الأخرى. فما اكبر غزة وما اصغر العالم ! لقد جاؤوا إلى حيث ارغمتهم غزة على المجيء. لم تطلب منهم ولم تتوسل إليهم. ولم ترفع الاصبع عن الزناد وبقت صامدة خلف المتاريس حتى هذه اللحظة. فكان لها ما كان. فقد وجدوا أن لا مفرّ لهم من الرضوخ والذهاب إلى غزة بكل ما يملكون من القاب وصفات وجبروت و"هيبة" لكي يعقدوا معها "وقف إطلاق نار". هم إرادوه بإلحاح ورجاء دون أن تطلبه غزة منهم.
في هذا اليوم، اذلت فيه مدينة صغيرة بحجمها، كيان اسرائيل ومعه أمريكا ومعظم دول الغرب المنافق. دون أن تبدو عليها علامات الانهاك أو التعب أو التردد أو الخوف. هذه المدينة، كما كتب البعض في اوروبا، أعطت الإنسانية دروسا لا تنسى ابدا. دروسا في البسالة والتضحية والصمود والتآخي والتلاحم. وستبقى شعوب كثيرة تنظر إلى بطولة غزة، المدينة المحاصرة من كل مكان، على أنها واحدة من اجمل وأفضل ما قدمه التاريخ الحديث في ميدان النضال والدفاع عن الحقوق والكرامة.
وبالاضافة إلى دويلة اسرائيل لم ترتكب دولة ما هذه الجرائم والمجازر والدمار الهائل والحصار والتجويع غير المانيا النازية. ومع ذلك خرجت غزة مرفوعة الرأس منتصرة على أكثر الأنظمة عنصرية وفاشية وتطرّفا. وما يدعيه مجرم الحرب نتنياهو من أنه انتصر ليس إلا هراء ومحاولة بائسة لخداع "شعب الله المختار " بعد أن عجزت آلته العسكرية الجرارة من اعادة رهينة واحدة على قيد الحياة. ولو كان المنبوذ نتنياهو قد انتصر فعلا لما كان بحاجة إلى قتل آلاف الأبرياء وتدمير كل مقومات حياة آلاف آخرين، رغم شحتها وقلتها. ولم تسلم من عدوانه الهمجي لا المدارس والا المستشفيات ولا المعابد ولا رياض الاطفال ولا دور المسنين ولا الحيوانات ولا الأشجار. فهو إذن انتصر على كل هؤلاء؟
ومع كل هذه الجرائم الموثقة بالصوت والصورة يدعي نتنياهو بأنه انتصر. وأنه أعاد الرهائن إلى عوائلهم. أن ما عجز المجرم نتنياهو عن تحقيقه بواسطة جيشه العرمرم وأسلحته الفتاكة خضع في النهاية لإستعادته عن طريق اتفاق بين طرفين: غزة من جهة وامريكا واسرائيل واوروبا من جهة أخرى.
#محمد_حمد (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟