أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد دلي - لدغني عقرب , ليلة في حقل ذرة














المزيد.....

لدغني عقرب , ليلة في حقل ذرة


محمد دلي

الحوار المتمدن-العدد: 8484 - 2025 / 10 / 3 - 21:13
المحور: الادب والفن
    


لدغني عقرب
ليلة في حقل الذرة
محمد دلي *
في أواخر صيف عام 1971 كنت قد نجحت إلى الصف التاسع ، وبينما كانت البيادر تفرغ من أكوام التبن وأكياس الحبوب، كنت أنا وأخي يوسف نرعى مجموعة من الخراف التي اشتراها والدي من بازار عفرين بغرض التسمين. تجاوز عددها الستين، وكان علينا أن نرعاها بامتعاض طفولي لا يخلو من التذمر في عطلتنا الصيفية. نمنا تلك الليلة في حقل ذرة استأجره أبي من جميل آغا، شمالي موقع حدودي يدعى كلوشكه Keloşkê، حيث ترعى الخراف على بقايا الحصاد، على أعشاب النجيل والشوفان التي نبتت بين عيدان الذرة الباسق وتسلقت في ظلالها وتشابكت على شقوق التراب.
كان الحقل يودّع أوراقه الخضراء والصفراء شيئاً فشيئاً، والخراف ترعى بشهوة مشية بعد مشية، تقصقص الأعشاب الطرية بنهم يوما بعد يوم، تتمايل بين السيقان التي فارقتها القمم والأكواز. وعلى مقربة منا، كانت صخور البازلت السوداء Qendîlê تراقبنا بصمت، لا نعلم ما تخبئه بين ثناياها، غابت الشمس ببطء، وظهر هلال القمر يعلو ويضيء في السماء، فتمدّدنا على بساط من التراب سبق ان سويناه مبيتا بأيدينا الصغيرة، وتلحفنا برداء خاطته لنا أمي خصيصا، يحمي دفئنا الهش في ليالي الصيف.
هدأت الخراف بعد أن شبعت، وهدأنا نحن أيضاً، مستسلمين للنوم.
لكن في منتصف الليل، لسعة مؤلمة أيقظتني. نهضت باكياً، أيقظت يوسف، وامتطيت الحصان متوجهاً من حقل الذرة نحو بيتنا في شيه البعيدة. كنت أتمايل على ظهره، يعتري رأسي دوار، ويغمرني شعور بالغثيان، بينما كان الحصان يسرع كأنه يشعر بألمي، يشاركني استعجالي إلى البيت وصوله إلى النبعة.
وصلنا إلى البيت، دون ان انزل، ناديت أمي من الخارج. خرجت هي وأبي، والقلق بادٍ على صوت استفهامهما. قلت: "مشط قدمي اليسرى يؤلمني كثيراً، لا أعلم ما الذي حدث." كانت قدمي محمرة، متورمة، منتفخة بشكل مقلق. أمسك أبي إبريق الوضوء، وركب خلفي على الحصان، متوجهاً بنا إلى ساحة النبعة.
أنزلني على الأرض، واحتضنني نحو حوض الماء، ثم رفع قدمي تحت المنهل الأوسط، حيث تتدفق المياه من تحت الكتابة الحجرية على الجدار. قال: "املأ كفك من هذا الماء واشربه على دفعات. هذه الكتابة تبطل سم العقرب. إن كانت اللدغة من عقرب فستشفى، ربما، وإن كانت من أفعى فإلى جنديريس علينا الاستعجال.
ظل الماء يسقط على قدمي، وأبي يمسحها بين حين وآخر وهو يركض بالدعوات كما يقال بالكردي، مستدلاً على مكان اللدغ بضوء القمر الخافت. عبّأ الإبريق من ماء النبعة، وعدنا إلى البيت. شربت من الماء مرات عدة، وتدفأت بالملحفة التي لفّتها أمي حولي في حضنها. شعرت بالنعاس، وغفوت في حنان الطمأنينة.
21 سبتمبر ـ أيلول 2025
• عضو في هيئة تحرير مجلة (الحوار)






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اختاروه باعتباره اهون الشرّين فاصبح شرّا مستطيرا !
- من تاجر عقارات متواضع الى تاجر أسلحة شهير !
- على من تعزف مزاميرك يا زامير؟
- انتخابات العراق والبحث عن بديل قابل للاستخدام المزدوج
- آلية الزناد لمعاقبة الدول واذلال العباد
- نتنياهو في مهرجان الكراسي الفارغة
- أنجاز طال انتظاره 18 عاما...هل نصدّقكم ؟
- خلطة العطّار على الطريقة الامريكية !
- الرئيس ترامب يلقي خطابا نيابة عن بنيامين نتنياهو
- يا بن غفير لا غفر الله لك ذنباً ولا وسّع لك درباً
- اعتراف حقيقي أم مؤامرة كبرى؟
- حلّ الدولتين يتأرجح بين الشكّ واليقين !
- نحن نبيعكم السلاح بشرط ان تقتلوا بعضكم البعض
- فائض الحكمة عند السيد عمّار الحكيم
- رايتُ بعض الرعيان تحت قبّة البرلمان - العراقي !
- أما آن الأوان يا سلطان اردوغان ؟
- قمّة الدوحة وخيرُ الأمور اوسطها...
- دولة ميكرونيزيا العظمى ضد قيام الدولة الفلسطينية ؟
- قمّة طارئة في مستشفى الامراض العربية - قسم الطواريء
- قيّم الرگاع من قمّة قطر !


المزيد.....




- مئات المتاحف والمؤسسات الثقافية بهولندا وبلجيكا تعلن مقاطعة ...
- ساحة الاحتفالات تحتضن حفلاً فنياً وطنياً بمشاركة نجوم الغناء ...
- تهنئة بمناسبة صدور العدد الجديد من مجلة صوت الصعاليك
- انطلاق معرض الرياض الدولي للكتاب 2025
- انطلاق معرض الرياض الدولي للكتاب 2025
- لا أسكن هذا العالم
- مزكين حسكو: القصيدة في دورتها الأبدية!
- بيان إطلاق مجلة سورياز الأدبية الثقافية
- سميّة الألفي في أحدث ظهور لها من موقع تصوير فيلم -سفاح التجم ...
- عبد الله ولد محمدي يوقّع بأصيلة كتابه الجديد -رحلة الحج على ...


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد دلي - لدغني عقرب , ليلة في حقل ذرة