أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية - ضيا اسكندر - لماذا لا ينتسب الشباب إلى الأحزاب؟














المزيد.....

لماذا لا ينتسب الشباب إلى الأحزاب؟


ضيا اسكندر
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 8494 - 2025 / 10 / 13 - 11:57
المحور: التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
    


لطالما اشتكى قادة الأحزاب السياسية في مختلف بلدان الشرق الأوسط من ابتعاد الشباب عن الانخراط في العمل السياسي المنظّم. إذ تكاد عدسات الكاميرا، حين ترصد اجتماعات تلك الأحزاب، لا تلتقط سوى الرؤوس الصلعاء أو الشعر الموشح بالبياض، وكأن السياسة في منطقتنا أصبحت حكراً على جيلٍ لم يعد قادراً على مواكبة دينامية الحياة الحديثة.

صحيح أن وجود القيادات المخضرمة ضرورة سياسية وتنظيمية لما تملكه من تراكم الخبرة والتجربة، إلا أنّ غياب العنصر الشبابي يترك فراغاً أخطر، فالكبار مهما بلغ إخلاصهم، تعيقهم الأمراض الجسدية أو الجمود الذهني أو محدودية التفاعل مع التكنولوجيا والأفكار الجديدة. وأي حزب بلا شباب، أشبه بحديقة بلا براعم، أو جسدٍ يعيش على أنفاسٍ اصطناعية بانتظار لحظة الانطفاء.

يعود عزوف الشباب عن الانتساب إلى الأحزاب إلى جملة من الأسباب المتداخلة، فقد نشأ هذا الجيل وهو يشاهد بأمّ عينيه صور الفساد والانتهازية والصفقات المشبوهة التي حوّلت الأحزاب من مؤسسات سياسية تحمل مشاريع للتغيير، إلى أدوات بيد السلطة أو مراكز ضيقة للنفوذ والمصالح.
وبمرور الوقت، غدت السياسة في نظره مرادفاً للمكر والفساد لا بوابة للإصلاح. يضاف إلى ذلك، أنّ معظم الأحزاب ما تزال تردّد شعارات قديمة تعود إلى خمسينيات وستينيات القرن الماضي، دون أن تقدّم خطاباً يستجيب لواقع شاب يعيش اليوم في عصر الإنترنت والذكاء الاصطناعي والتحولات الاقتصادية الكونية.
يزيد الأمر قتامة، أن الخطاب الحزبي ما يزال يلوك شعارات عتيقة وُلدت في زمن غير زمنه. أحزاب ترفع اللافتات نفسها منذ نصف قرن، بينما هو يعيش في عالم يتغيّر كل دقيقة.
بطالة متفاقمة تطارد الشباب في كل مكان، وذكاء اصطناعي يزاحم الإنسان في عمله، وهجرة صارت حلمه الممنوع. فأيُّ لغة يمكن أن تُقنعه؛ إن لم تتحدث عن عالمه لا عن ماضٍ لم يعشه؟
ولا يقلّ القمع السياسي أثراً في هذا النفور، إذ إنّ الانخراط الحزبي في كثير من البلدان ما يزال كفيلاً بفتح "ملف أمني" يلاحق الشاب في دراسته ووظيفته وحياته اليومية، الأمر الذي يدفعه إلى الابتعاد حفاظاً على مستقبله.
ثم يتسلّل الإحباط من الداخل؛ فالمقاعد القيادية لا تُخلى إلا بغيابٍ قسري بالموت أو العجز، فيما يُغلق الشيوخ أبواب التجديد في وجه الأجيال الصاعدة.
وهكذا تتحوّل الأحزاب إلى مقابر للأفكار، يدخلها الشباب زوّاراً عابرين، ثم يفرّون بلا رجعة وقد ازدادت قناعته بأن لا جدوى من البقاء.
وإلى كل ذلك، يثقل كاهلهم عبء الحياة اليومية؛ فالشاب الذي يلهث خلف لقمة العيش أو يفتش عن فرصة عمل، لا يرى السياسة إلا رفاهية باهظة لا يملك ثمنها.

فما الحل؟
تتطلّب استعادة الشباب انقلاباً جذرياً في التفكير والتنظيم، والابتعاد عن الشعارات الجوفاء عن الحرية والعدالة الاجتماعية، التي لا تسمن ولا تغني عن جوع.
بل لا بد من خطاب جديد يلامس حياتهم المباشرة، عن البطالة، والهجرة، وأزمة السكن، وصعوبة الزواج، والحريات الفردية.
ولا بد أن منحهم دوراً حقيقياً في صنع القرار، لا أن يكونوا مجرد ديكور انتخابي، فقادة الغد يجب أن يُعاملوا من الآن كقادة محتملين، لا كمتدربين أبديين.
ولعلّ ربط السياسة بالعمل التطوعي والخدمي يُعدّ أحد أهم الجسور إلى قلوبهم، إذ عندما يرون الحزب يشارك في تنظيف حيّ أو إطلاق مبادرة تعليمية أو مساعدة متضررين من كارثة، يشعرون أنّ السياسة فعل حيّ ملموس لا تنظيراً أجوف.

ولا يكتمل هذا المسار دون توفير مناخ آمن يحمي حرية الانتماء والعمل السياسي، بعيداً عن شبح الملاحقة والتهميش.
فالحرية والأمان هما الشرطان الأولان قبل أي خطاب أو برنامج، ومن دونهما، ستظل الأحزاب تردد خطاباتها على مقاعد فارغة، فيما المستقبل يواصل السير بعيداً عنها، وسيظل الانخراط الحزبي مجازفة لا يجرؤ عليها إلا القليل.
السياسة ليست ملكاً للشيخوخة ولا حِكراً على خبرة الماضي. هي حقل يحتاج دائماً إلى دماء جديدة وأفكار متدفقة. والأحزاب التي لا تفتح أبوابها للشباب، لن تجد يوماً من يحمل رايتها حين يرحل جيلها العجوز.
السؤال إذن ليس "لماذا لا ينتسب الشباب؟"، بل "متى تدرك الأحزاب أن بقاءها مرهونٌ بأن تكون بيتاً حقيقياً للأجيال الجديدة؟".



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معضلة الرأي والرأي الآخر في الأنظمة الاستبدادية
- حين تُخلع الأقنعة وتتكلم الغرائز.. كيف نُلغي الطائفية؟
- حين كانت الشاشة تبكي معنا
- خطة ترامب لغزة ومأزق حماس: بين مطرقة الرفض وسندان القبول
- التاريخ يعيد نفسه.. من الأسد إلى الشرع
- الطبيب الذي أحالني إلى الذكاء الاصطناعي
- من القبيلة إلى الدولة.. تحوّلات مفهوم الوطن عبر الزمن
- من وعود بلفور إلى وعود الأمم.. نكبة تاريخية مستمرة
- من الجهاد إلى البروتوكول.. حين يرتدي السيف ربطة عنق
- اللوحة التي لا تُفهم.. سرّ نجاة الفنان التشكيلي
- مناف طلاس وإحياء القرار 2254.. بداية واقعية أم وهم جديد؟
- بين أفول النجم الأمريكي وبزوغ التعددية: هل ودّعنا القطب الوا ...
- مجلس الأمن... ومجلس العار العربي
- حرية التعبير... بفضل قلة العناصر الأمنية
- مجزرة جديدة؟ لا بأس، لدينا بيان جاهز!
- دور الاستبداد في تشويه أخلاق العباد
- نداء إلى مَن لم تتزوج بعد
- جعلوني انفصالياً!
- تأملات في خطوة المجلس التأسيسي لوسط وغرب سوريا
- الوجه الخفي لبريطانيا في الأزمة السورية


المزيد.....




- جيل- زد والمقاومة بالحيلة
- الفاشية الجديدة والإمبريالية والحرب والثورة في الشرق الأوسط ...
- جريدة المناضل-ة الشهرية تعود للصدور
- كاتبة بريطانية: شباب الغرب أصبحوا يفضلون اليمين المتطرف على ...
- الصين والإبادة الجماعية في غزة: نأي إستراتيجي
- لقاء تشي غيفارا مع ارنست ماندل
- انبعاث اليسار الجذري والسياسة العمالية
- معادلة أبو بكر الجامعي المستعصية عن الحل
- الحركة الشيوعيّة المصريّة: تاريخ من الفرص الضائعة
- بلاغ صحفي للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية


المزيد.....

- محاضرة عن الحزب الماركسي / الحزب الشيوعي السوداني
- نَقْد شِعَار المَلَكِيَة البَرْلَمانية 1/2 / عبد الرحمان النوضة
- اللينينية والفوضوية فى التنظيم الحزبى - جدال مع العفيف الأخض ... / سعيد العليمى
- هل يمكن الوثوق في المتطلعين؟... / محمد الحنفي
- عندما نراهن على إقناع المقتنع..... / محمد الحنفي
- في نَظَرِيَّة الدَّوْلَة / عبد الرحمان النوضة
- هل أنجزت 8 ماي كل مهامها؟... / محمد الحنفي
- حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى ( المخطوط ك ... / سعيد العليمى
- نَقْد أَحْزاب اليَسار بالمغرب / عبد الرحمان النوضة
- حزب العمال الشيوعى المصرى فى التأريخ الكورييلى - ضد رفعت الس ... / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية - ضيا اسكندر - لماذا لا ينتسب الشباب إلى الأحزاب؟