أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - حجي قادو - الكُرد... من الهويّة إلى الانتماء الكُردستاني














المزيد.....

الكُرد... من الهويّة إلى الانتماء الكُردستاني


حجي قادو
كاتب وباحث

(Haji Qado)


الحوار المتمدن-العدد: 8493 - 2025 / 10 / 12 - 10:18
المحور: القضية الكردية
    


إنّ ما يُرعب أنقرة اليوم لم يعد مجرّد هاجسٍ سياسيٍّ أو خلافٍ حدوديٍّ، بل بات قلقًا وجوديًا يتجاوز الجغرافيا والسياسة معًا، ويمتدّ عميقًا إلى البنية النفسية للنظام التركي منذ أكثر من عقدٍ من الزمن. ذلك أنّ ما يخشاه الأتراك حقًّا هو تنامي الوعي الجمعي الكُردي، وارتقاء فكرة الحرية إلى مستوى استعادة الأرض والكرامة من بين أنقاض الإقصاء والإنكار التاريخيّين.
لقد قدّم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحكومته سلسلةً من التنازلات المتتالية لكلٍّ من روسيا وإيران والولايات المتحدة، بل وحتى لنظام بشار الأسد، في مسعىٍ حثيثٍ لإجهاض أي إنجازٍ كُرديٍّ على الأرض. فالمسألة بالنسبة لأنقرة لم تعد سياسية بحتة، بل مسألة خوفٍ من تحوّل الهوية الكُردية إلى مشروعٍ قوميٍّ جامعٍ يتجاوز حدود الدول التي اقتُطع منها الكُرد.

لم تعد الحكاية كما كانت تُروى في العقود الماضية:
"أنا كردي سوري"
بل غدت أعمق وأصدق تعبيرًا عن الذات:
"أنا كردي كردستاني".
فالكُردي في العراق يقول: "أنا كردي كردستاني"،
وفي إيران يقولها بالمعنى ذاته،
وفي تركيا أيضًا يقولها بثباتٍ واعتزاز: "أنا كردي كردستاني، لا كردي تركي".
هكذا تتوحّد الهويّة الكُردية في وجدان شعبها الممتدّ عبر الجغرافيا، لتعبّر عن انتماءٍ قوميٍّ جامعٍ يتجاوز حدود التقسيمات السياسية المصطنعة التي فرضتها اتفاقية سايكس – بيكو قبل أكثر من قرنٍ من الزمن. ورغم مرور السنين وتعاقب الأنظمة، لم تتمكّن تلك الاتفاقية من طمس الهويّة الكُردية، ولا من القضاء على وجودها المتجذّر في عمق التاريخ والجغرافيا.
إنّ هذا الوعي المتجدّد بالهويّة الكُردية لا يقوم على فكرة الانفصال فحسب، بل على الحقّ في الوجود والكرامة والتنمية والتقدّم. فقيام دولة كردستان الكبرى لم يعد حلمًا طوباويًا بعيد المنال، بل مشروعًا واقعيًا يقترب من التحقّق مع تعاظم الوعي الذاتي للشعب الكُردي، وتنامي دوره الاستراتيجي في المعادلة الإقليمية. لقد تجاوز الكُرد حدود الخوف، وساروا بإرادةٍ راسخة وإيمانٍ عميق بانتمائهم القومي، حتى باتوا رقمًا صعبًا لا يمكن تجاوزه في أيّ حسابٍ يخصّ مستقبل المنطقة.

ومن الحكمة أن تُدرك دول الشرق الأوسط أنّ مصالحة الشعب الكُردي خيرٌ من معاداته، فالعلاقة الودية معه تمثّل ضمانةً حقيقيةً للاستقرار الإقليمي، بينما العداء له لن يجلب سوى التوتر والخسارة لجميع دول جوار كردستان. فعندما تنهض كردستان وتتوحّد أجزاؤها، ستجد الدول التي اقتُطع منها هذا الشعب نفسها دولًا محدودة الموارد والنفوذ، بل وحتى عدد السكان، وستكون بحاجةٍ إلى إقامة علاقاتٍ متوازنة مع الدولة الكُردستانية الناشئة، في مجالات التجارة والطاقة والاقتصاد، بل وفي الأمن الإقليمي أيضًا.

إنّ كردستان تمتلك اليوم واحدًا من أكبر احتياطيات النفط والغاز الطبيعي في الشرق الأوسط، فضلًا عن ثرواتٍ معدنيةٍ نادرة، وسلّةٍ غذائيةٍ واسعةٍ قادرةٍ على تلبية احتياجات جيرانها. ومع ذلك، ما زال التهميش والإقصاء يُمارسان بحقّ هذا الشعب العريق، في تجاهلٍ صارخٍ لواقعه الاقتصادي والسياسي الصاعد.
لكنّ التاريخ لا ينتظر أحدًا، والغد قريبٌ لمن يُبصره بعين الحكمة.
فإقصاء الكُرد اليوم خطأٌ استراتيجيٌّ جسيم، لأنّ من يُهمّشهم الآن سيحتاج إليهم غدًا.
وكما يُقال: الغد لناظره قريب.



#حجي_قادو (هاشتاغ)       Haji_Qado#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مركز أمريكي يكشف فضيحة مدوّية ل-أبو عمشة- وفرقته!
- بين موسكو ودمشق: عودة شبح الوصاية الروسية إلى المشهد السوري
- كردستان: حقّ الوجود والعودة إلى الجذور
- بين البروباغندا التركية وتغييب الوعي الكردي
- لمحة تاريخية عن الكُرد وعلاقتهم بالدول الإقليمية: بين التوظي ...
- حول ما تسرّب من لقاء الشرع وعبدي في دمشق على خلفية أحداث حيي ...
- بين مركزية الدولة السورية ولا مركزيتها: صراع على حساب الفقرا ...
- بين التصعيد والتناقض: قراءة في الخطاب التركي تجاه المسألة ال ...
- الهواجس التركية تجاه مشروع الحكم الذاتي في روج آفا
- عيد نوروز بلا عطلة... والهوية الكردية بلا اعتراف!
- الانتخابات السورية بين -منزلتين-: شرعية مفقودة ومسرحية مكشوف ...
- من يهدّد وحدة الأراضي السورية اليوم؟
- لا تسلموا السلاح... لا تسلموا القضية الكوردية
- قسد… صمام الأمان في وجه الفوضى السورية
- المشروع الاستراتيجي للشرق الأوسط الجديد: خارطة طريق لتحقيق أ ...
- الكورد بين التاريخ والحق: رؤية حقوقية وسياسية
- تركيا بين صراع الأجنحة وتآكل الداخل
- من يهدّد وحدة سوريا؟
- التحولات الجغرافية... وانعكاسات الانفصال على مسار الدول الحد ...
- سورية الجديدة بين غياب القانون وفوضى السلاح


المزيد.....




- حكومة الاحتلال: عملية إطلاق سراح الأسرى ستتم فجر الاثنين
- اتفاق غزة ـ بدء العد التنازلي لتبادل الرهائن ومئات المعتقلين ...
- ترامب يتوجه إلى الشرق الأوسط للاحتفال باتفاق وقف إطلاق النار ...
- السعودية: الداخلية تعلن إعدام مواطن بالمنطقة الشرقية وتكشف ع ...
- المنظمات غير الحكوميّة تدين التصعيد في استخدام عقوبة الإعدام ...
- اتفاق غزة ـ بدء العد التنازلي لتبادل الرهائن ومئات الأسرى ال ...
- انتشال 61 جثة لمهاجرين غير نظاميين في سواحل ليبيا
- نحو تأسيس المحكمة الدولية الخاصة لجرائم الحرب في غزة
- هكذا تلاعبت إسرائيل بقائمة الأسرى الفلسطينيين المقرر الإفراج ...
- إطلاق المحتجزين الإسرائيليين الاثنين واتصالات لتحسين قوائم ا ...


المزيد.....

- “رحلة الكورد: من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر”. / أزاد فتحي خليل
- رحلة الكورد : من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر / أزاد خليل
- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - حجي قادو - الكُرد... من الهويّة إلى الانتماء الكُردستاني