محمد رسن
الحوار المتمدن-العدد: 8492 - 2025 / 10 / 11 - 08:39
المحور:
كتابات ساخرة
حسب مشاهداتي لترشيحات برلمان 2026، يبدو أننا أمام مشهد سياسي هجين، لا يشبه أي مشهدٍ سابق، بل أقرب إلى عرضٍ مباشر على “اللايف”.
مزيجٌ عجيب من ليبراليات محافظات! يرفعن شعارات الحرية ويمارسن الوصاية، ومن تيكتوكريات وتيكتوكرية لا يفرّقن بين المنبر التشريعي وواجهة التطبيق، بين الخطاب الوطني وفلتر “القلوب الطائرة”.
جيلٌ جديد من المترشحين لا يدخل السياسة ببرنامجٍ أو مشروع، بل بـ"متابعين"، وعددٍ من المشاهدات كفيلٍ بجعلهم يشعرون أنهم قادة رأي.
يظنون أن الجدل السياسي يشبه “الترند”، وأن صوت المواطن مجرد “تعليق” يمكن حذفه أو تجاهله إن لم يعجبهم.
هؤلاء، حين يؤدّون اليمين الدستورية، لن تكون أول قراراتهم تشريعاً لإنقاذ وطنٍ أو محاسبة فاسد،
بل التصويت على إلغاء (جاكوج) رئيس المجلس، لأن صوت الانضباط ثقيلٌ على قلوبهم، ولأن النظام في نظرهم “لا يليق بالعصر الرقمي”.
فزمن المطرقة ولى،
وجاء زمن “التكبيس والفلاتر”،
زمن تُدار فيه القوانين كما تُدار الحسابات،
ويُقاس فيه نجاح النائب بعدد “الإعجابات”، لا بعدد المواقف.
في هذا البرلمان القادم، قد نرى النقاشات تُدار بالابتسامات الاصطناعية،
والتصويت يُعلن على شكل بثّ مباشر مع موسيقى حماسية،
وربما تُمنح الثقة للحكومة عبر “تحدي جديد” بعنوان: #صوت_وابتهج!
إنه زمنٌ تتراجع فيه هيبة الدولة أمام كاميرا الهاتف،
وتُستبدل فيه قاعة البرلمان باستوديو للتصوير،
ويُختزل الوطن في لقطةٍ بفلتر ناعمٍ يخفي التجاعيد السياسية.
فأي مستقبل ينتظرنا حين يصبح “المحتوى” أهم من المضمون،
وحين تتحوّل السياسة إلى تطبيقٍ مفتوحٍ على كل عبث؟
ربما لا نحتاج إلى محللٍ سياسي بعد اليوم،
بل إلى خبير ترندات...
يفسر لنا شكل الوطن في زمن التكبيس والفلاتر.
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟