محمد رسن
الحوار المتمدن-العدد: 8390 - 2025 / 7 / 1 - 18:28
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
حين يظلم العقل العربي من طاغوت، قد يتحسر على طغاته السابقين رغم أنهم مهدوا الطريق للجدد، لأن ذاكرته تتشبع بالحنين إلى مرحلة أقل قسوة أو إلى وضع مألوف، حتى وإن كان مرا. هذا الحنين لا ينبع من تبرير الظلم، بل من حاجة نفسية عميقة إلى الأمان والاستقرار، التي تخفي وراءها شعورا بالخذلان والتردد في المواجهة. كذلك يغلب في العقل العربي ثقافة الصبر والتكيف مع السلطة، مما يجعل الماضي القريب يبدو كمرساة وسط عواصف الحاضر العاتية، رغم أنه ذاته كان جذرا في بزوغ الظلم الجديد. وحين تتكرر الوجوه وتتشابه الخطابات، يفقد الإنسان القدرة على التمييز بين نهاية مرحلة وبداية أخرى، ويتحول الحاكم من رمز مؤقت إلى قدر محتوم، ويصبح التغيير ذاته مرادفا للفوضى. إن الخوف من المجهول لا يقل قسوة عن الظلم، بل يدفع الناس إلى اختزال حريتهم في مساحة آمنة من الصمت. وفي بيئة كهذه، تُختزل البطولة في مجرد النجاة، ويُنظر إلى المطالبة بالكرامة كترف لا تحتمله الحياة اليومية. تتحول الذاكرة من أداة مقاومة إلى أداة تخدير، نستلهم منها السكينة لا العبرة، وكلما اشتدت قبضة الحاضر، ازداد وهج الماضي في المخيلة، ولو كان ماضيا مثقلا بالقهر. إنها دائرة مفرغة يغذيها الخوف، ويضمن استمرارها غياب الأمل الجماعي في مستقبل يستحق العيش.
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟