محمد رسن
الحوار المتمدن-العدد: 8355 - 2025 / 5 / 27 - 07:03
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
محمد رسن:
تحالف المدنيين ومشاركتهم في الانتخابات، ضمن هذا السياق المشوّه، أمر يدعو للحزن. فالتحالف القائم لا يبدو وليدا لحظة وعي، ولا نتاجا لمشروع وطني حقيقي، بل هو انعكاس لحالة من إعادة تدوير سلطة مأزومة تبحث عن غطاء شرعي بأي وسيلة، حتى لو كان ذلك عبر استدعاء الوجوه المدنية وتقديمها كواجهة تجميلية لمشهد لا يحمل من التغيير إلا اسمه.
لقد بات واضحا أن من يمسكون بزمام القرار السياسي لا يسمحون بخروج اللعبة عن قواعدها المرسومة سلفا. فهم لا يكتفون بشل قدرة المدنيين على التأثير، بل يوظفونهم ضمن دائرة مغلقة، يحكمها الإقصاء والتهميش، فيُستخدمون كأدوات لتزيين واجهة مهترئة، لا لقيادة تغيير حقيقي.
كل تجربة مدنية حاولت اختراق هذه المنظومة، انتهت إلى العزل أو الإجهاض. وما جرى مع محمد توفيق علاوي ليس ببعيد، حين جرى تكليفه وسُحب عنه الغطاء في لحظة واحدة، ليعود المشهد إلى مربعه الأول. وكذلك السيد مقتدى الصدر، بعد محاولته الانسحاب من اللعبة، مثّل شواهد تدل على ان السقف مرسوم، والخيارات محددة، وأن التغيير من الداخل ليس سوى وهم تسوقه القوى المتحكمة لتدوير أزمتها.
الحديث عن “التغيير من الداخل” بات مستهلكا، لا سيما حين يترافق مع تحالفات مشبوهة، لا تحمل رؤية، ولا تعكس إرادة جمهور حقيقي. وبدلا من أن تكون هذه التحالفات جسرا نحو مستقبل أفضل، تحوّلت إلى أداة لضرب ذاكرة تشرين وتلويث نضالها، حتى صار مجرد الزج باسمها في هذا السياق فعلا من أفعال الإساءة، لا التخليد.
إن هذا التحالف ليس انحرافا سياسيا عابرا، بل طعنة في جسد تشرين، ومحاولة لطمس معالم ثورة خرجت تطالب بوطن، لا بمقاعد ضمن نظام مهترئ. ومن يظن أن هذا المسار سينتج إصلاحا، يتجاهل عن عمد حقيقة أن جذور الفساد لا تُقتلع من داخل التربة التي أنبتته، بل من خلال مشروع وطني عميق، مستقل، وشجاع، يعيد صياغة العلاقة بين الدولة والمجتمع على أسس جديدة.
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟