أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ليث الجادر - لعبة الاستغفال ...لماذا يطالب حزب الله بالاستسلام ..وتلهث دول لمساومة حماس














المزيد.....

لعبة الاستغفال ...لماذا يطالب حزب الله بالاستسلام ..وتلهث دول لمساومة حماس


ليث الجادر

الحوار المتمدن-العدد: 8490 - 2025 / 10 / 9 - 00:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في العقود الثلاثة الأخيرة، بدت القوى الدولية أكثر من أي وقت مضى مستهترة تمامًا بتقييمات الرأي العام، ولا سيما في منطقتنا. فقد غابت، وبشكلٍ فاضح، مقاييس المنطق السليم في تقييم سياساتها، وظهرت عارية تمامًا من أحكام المعقول.
في بدايات هذه الظاهرة، سارع البعض إلى تسميتها بـ«ازدواجية المعايير»؛ وهي تسمية خجولة ومتحفّظة، لسببٍ أو لآخر، لحالة لا يمكن وصفها بدقّة إلا بأنها استهتارٌ قيميّ سافر.

الفرق الجوهري بين «ازدواجية المعايير» و«الاستهتار القيمي» ليس في حجم الفعل، بل في طبيعته. فازدواجية المعايير تفترض وجود مبدأ معلن يتم تطبيقه بشكل انتقائي أو متناقض، بينما الاستهتار القيمي يعني ببساطة أن المبدأ نفسه لم يعد حاضرًا أصلًا في ميزان الفعل السياسي؛ أي أن الفاعل الدولي يتصرف خارج أي إطار قيمي أو منطقي، دون اكتراث حتى بضرورة تبرير أفعاله أمام الرأي العام.

ولنأخذ مثالًا صارخًا على ذلك: العراق.
فقد وُضع تحت طائلة البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة بذريعة امتلاكه أسلحة دمار شامل. فُرض عليه حصار خانق، ثم اجتمعت جيوش عالمية لغزوه وإسقاط نظامه. وبعد الاحتلال، وباعتراف القوة التي قادت الحرب نفسها، لم يُعثر على أي أثر لتلك الأسلحة. ومع ذلك استمر الاحتلال، وفُرض نظام سياسي جديد، وأُعيد تشكيل الدولة والمجتمع على نحو جذري.

أنصار نظرية «ازدواجية المعايير» يرون في هذا المثال مفارقة بين معاقبة العراق بتهمة امتلاك أسلحة لم تثبت، وبين التغاضي عن دول أخرى تمتلك فعلًا ترسانات دمار شامل، بل وقد صُنعت بدعم من القوى نفسها التي غزت العراق، فضلًا عن دعمها أنظمة لا تختلف جوهريًا عن النظام العراقي السابق.
لكن هذا الوصف، من حيث الدقة السياسية، قاصر.
فالنظام العراقي السابق لم يكن حليفًا أو شريكًا استراتيجيًا لأي من القوى العظمى، في حين أن الأنظمة التي يُقارن بها كانت، وما زالت، تقع ضمن مناطق نفوذ تلك القوى أو ترتبط معها بتحالفات راسخة. بالتالي، لا يمكن منطقيًا القول إن هناك ازدواجًا في المعايير، لأن المعيار ذاته لا يُطبّق على خصم وحليف على قدم المساواة؛ بل ما يحدث هو استهتار قيمي صريح: استهتار بعقل الجمهور، وبالمنطق، وبأي التزام معلن بالمبادئ التي يروّج لها الغرب نفسه.

وتبلغ هذه الحالة ذروتها حين نُقارن المسألة العراقية بالملف النووي الإيراني.
فمنذ عقود والمعسكر الغربي يرفع صوته محذرًا من خطر إيران، بينما إيران ماضية بخطى ثابتة في تطوير ترسانتها الصاروخية ونفوذها الإقليمي، وتقترب أكثر فأكثر من العتبة النووية. تضرب هنا وتصفع هناك، والقوى الغربية تواصل – رغم كل شيء – نهج المساومات الدبلوماسية والحذر من المواجهة المباشرة.

السبب بسيط لكنه مغيّب عمدًا: إيران تسند ظهرها إلى تحالفات استراتيجية مع روسيا والصين وكوريا الشمالية، وتؤدي دور وكيل وظيفي في حماية مصالح بكين وموسكو في المنطقة. هذه الحقيقة لا يمكن إنكارها، لكنها لا توضع في صلب النقاش العام، لا في الغرب ولا في منطقتنا.

إذن، ما يجري ليس مجرد انتقائية في تطبيق المبادئ، بل هو استهتار قيمي كامل بوعي الرأي العام، خاصة في منطقتنا. إدراك هذه الحقيقة ليس تمرينًا أدبيًا في النقد السياسي، بل مدخلٌ تحليليٌ أساسي لفهم طبيعة الفوضى والصراعات التي تعصف بالمنطقة، وكيف تُدار السياسات الكبرى بمنطق القوة المجردة لا بمنطق المبادئ المعلنة.

عدم وعي هذا الاستهتار يمكّن القوى الكبرى من استغفال الوعي ومصادرة كل إمكانية لمقاومة نشاطاتها. دعونا نتناول هذه القضية من خلال ما يجري في أيامنا هذه؛ إنها مسألة خطيرة فعلاً إذا لم نطرح السؤال التالي: لماذا يتم الاتفاق، في الرأي والممارسة وبشكل موسع إعلاميًا وسياسيًا، على نزع سلاح حزب الله بطريقة يمكن وصفها بالتطوعية من قبل الحزب، حفاظًا على لبنان وتجريدًا لإسرائيل من ذرائع تبيح لها ضرب لبنان؟

يبدو هذا للوهلة الأولى تفسيرًا مقبولًا، لكنه يبدأ بفقدان قبوليته فور متابعة ما يحدث مع حماس. حينها يتبيّن أن العالم مستنفر؛ وفود من دول مثل أمريكا وتركيا ومصر وقطر تتعاقب على لقاء قادة حماس المتشظين في دول حليفة لأمريكا، بينما تصنّف أمريكا حماس كمنظمة إرهابية. الجميع يسعى لإرضاء حماس كي توقع على اتفاق وقف القتال. أليس هذا المضحك المبكي؟!

حزب الله، الذي ربما فقد نصف عافيته، يُطالَب بتسليم سلاحه خوفًا من إسرائيل، بينما الجميع يلتهث وراء حماس لإيقاف القتال مع إسرائيل، وهي التي تحولت إلى جيوب متفرقة تضرب هنا رصاصة، وتفجّر عبوة هناك. حماس، لمن يريد معرفة الحقيقة، باتت على الأرض مجرد شراذم تفرض سطوتها على أهالي غزة، شأنها شأن أي عصابة مسلحة.

إذن، ما الذي يجري؟ السؤال سبق طرحه، وضمن ما كتبته سابقًا عن حماس وحرب غزة يكفي لتوضيح الجواب: حماس أكبر بكثير من أن تكون مجرد حماس!!؟؟



#ليث_الجادر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثورة من خلف الشاشات: جيل Z المغربي بين المطلبية والغموض القي ...
- الناخب كفاعل مضاد للمصلحة العامة: قراءة في تشوّه الوعي الانت ...
- كوبا: اشتراكية الصمود وتناقضات الواقع الاجتماعي
- في معنى اتخاذ 3 تشرين ..اليوم الوطني للعراق
- تشرين: منتفضون بلا انتفاضة
- هل انتهت فترة إسكات النيران بين إيران وإسرائيل وأمريكا؟
- غزة بين حماس الوظيفية وترامب الوسيط الجلاد
- العدالة بين الليبرالية والماركسية: في التجريد النهائي للمفهو ...
- الازدهار بلا فرص للعمل: ماذا يُحتم؟
- مقاطعة الانتخابات: جهد طبقي ضد الانتهازية
- الحاضر.. الحقيقة المراوغة والطبقية كمعيار
- الوطنية البرجوازية: بين اللاهوت الرمزي والبنية المادية، والم ...
- الوطنية البرجوازية: بين اللاهوت الرمزي والبنية المادية، والم ...
- الوعي الطبقي بين المقاومة والطقس: قراءة في الفخ الايماني...ج ...
- الوعي الطبقي بين المقاومة والطقس: قراءة في الفخ الايماني...ج ...
- الوعي الطبقي بين المقاومة والطقس: قراءة في الفخ الايماني...ج ...
- الوعي الطبقي بين المقاومة والطقس: قراءة في الفخ الايماني...ج ...
- فخ ثوسيديديس.. قناع إغريقي لتبرير الصراع الأمريكي–الصيني
- الحوثيون والدفاعات الإسرائيلية: دقة الهجمات والدعم الدولي
- باراكون..اسمه...عراق


المزيد.....




- بعد دعوة السيسي.. أول تصريح لترامب بشأن إمكانية زيارة الشرق ...
- قصف مستشفى في الفاشر.. عشرات القتلى والجرحى ونكبة إنسانية تت ...
- اختطاف أطفال وقتل معلمة: سوريا تغرق في دوامة انفلات أمني
- ألمانيا: نجاة عمدة هيرديكه من الموت والسلطات تشتبه في ابنتها ...
- ما نعرفه عن الرهائن المحتجزين في غزة
- روسيا: زخم لقاء بوتين وترمب تبدد ونعرف كيف نتعامل مع -توماهو ...
- وصول 200 عنصر من الحرس الوطني إلى مقربة من شيكاغو
- رئيس تايوان يغازل ترمب بجائزة نوبل للسلام
- توقيف 8 عاملين بمنظمة إنسانية بينهم 3 أوروبيين في بوركينا فا ...
- إثيوبيا في رسالة إلى غوتيريش: إريتريا تستعد للحرب


المزيد.....

- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ليث الجادر - لعبة الاستغفال ...لماذا يطالب حزب الله بالاستسلام ..وتلهث دول لمساومة حماس