|
مراجعات في قاموس اللهجة العامية في السودان (١٠)
عبد المنعم عجب الفَيا
الحوار المتمدن-العدد: 8488 - 2025 / 10 / 7 - 23:19
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
هذه هي الحلقة العاشرة من مراجعاتنا لمعجم الدكتور عون الشريف قاسم الموسوم (قاموس اللهجة العامية في السودان) الصادر في سنة ١٩٧٢ في مجلد واحد ضخم، ويعد المرجع العمدة في بابه، وهذه المراجعات تزيد ولا تنقص من قيمته شيئا.
رباط: يقول في مادة ربط:" ربط فصيحة سودانية : أوثق وشد. رباط الطريق سودانية : لص الطريق وهي شامية. يقولون ربط لفلان الدرب. لعلها من ربض في الفصحى، وتربص به: انتظر به خيرا أو شرا". وأقول لا أدري ما يقصد بقوله رباط بمعنى لص الطريق شامية. ولكن الثابت أن رباط من ربط يربط رباطا فهو رباط، وربط من أكثر الألفاظ شيوعا في اللهجات السودانية، فهو يسود على لفظ شد وكرب واوثق بمعنى ربط. وقد قمت ببحث في اللهجات الشامية فلم أجد في اي منها كلمة رباط بمعنى قاطع الطريق. وحتى لو وجدت هناك فلا معنى لقوله ان رباط شامية، ما دام ربط كلمة عربية وشائعة ومتجذرة في اللهجة السودانية. ومهما يكن من أمر ، أرى أن رباط (بالتشديد) في اللهجة السودانية بمعنى قاطع الطريق ليلا، مستعارة من مرابطة الجنود وحرس الحدود في الثغور وملازمتهم لمراقبة العدو. يقول لسان العرب: "والرِّباطُ والمُرابَطةُ: مُلازمةُ ثَغْرِ العَدُوِّ ، وأَصله أَن يَرْبِطَ كلُّ واحد من الفَريقين خيلَه ، ثم صار لزومُ الثَّغْرِ رِباطاً ". يقولون في السودان: ربط لهم الدرب أو الطريق اي كمن لهم وقطعه عليهم وسد عليهم منافذه وثغوره ليلا، وذلك بغرض النهب والسلب. وقد يقول قائل ان رباط السودانية تقابلها في اللهجة المصرية كلمة بلطجي، وفي اللهجة السورية تقابلها كلمتا شبيحة وقبضاي، ولكن هذا غير صحيح، فمعاني هذه الكلمات في اللهجات المذكورة لا تطابق معنى رباط. غير انه هناك كلمة كانت سائدة في عدد من البلدان العربية منها مصر والشام والعراق، إبان الحكم التركي العثماني، وهي كلمة "عايق" اي عائق فهي التي تطابق كلمة رباط في اللهجة السودانية.
رتيلة: يقول: "قال الحمري: ان جات عديلة وان مشت رتيلة. بالكسر. اي تسير بتمهل ودلال. وقال ود سوركتي: وكتين شالوا الخيل متلمة * يفرتكو أم رتيلا عاوي. رتل في الفصحى: حسن تناسق الشيء. رتلي (غرب) بالفتح، مشية منتظمة. قال الحمري: اسمك آمنة، ومشيتك رتلي". واقول لمزيد من الايضاح، ترد كلمات رتل وترتيل ورتيلة بالمعاني المشار إليها هنا، في شعر الدوبيت السوداني وقصائد اغنية (الحقيبة). فعلي سبيل المثال جاء في اغنية (جوهر صدر المحافل) للشاعر صالح عبد السيد ابو صلاح قوله: الفرع البتنى راتل* طيره ينوح في غصونه حاتل شبه قامتها اللدنة بالفرع الذي يتثنى في حركات موزونة وموقعة. ويقول ابو صلاح أيضا في اغنية (وصف الخنتيلة): رويحتي قتيلة قليبي يشابي حسب ترتيلا وضيبها زميلا تقوده يتاكى القامة يميلا كتيفو نزل طاوع ترسيلا ضمير أهيف صحفاتو نحيلة صدير يرجع وأرداف رِحْيِلهْ قوله "قليبي يشابي حسب ترتيلا" أي ترتيلها والترتيل هنا إيقاع مشيتها والمعنى أن دقات قلبه تزيد وترتفع كلما زادت هي في مشيتها تهيا ودلالا "وتقليبا". جاء بمعجم لسان العرب في معنى الرتل والترتيل: "الرَّتَلُ : حُسْن تَناسُق الشيء. وثَغْرٌ رَتَلٌ ورَتِلٌ: حَسَن التنضيد. وكلامٌ رَتَل ورَتِلٌ أَي مُرَتَّلٌ حسَنٌ على تؤدة. وقوله عز وجل: ورَتَّلْناه ترتيلا ، أَي أَنزلناه على الترتيل، وهو ضد العجلة والتمكُّث فيه. وترتّل في الكلام: تَرَسَّل، وهو يترتل في كلامه ويترسل. والرَّأْتَلَةُ: أَن يمشي الرجل مُتَكَفِّئاً في جانبيه كأَنه متكسر العظام". أضف إلى ما ذكره صاحب اللسان الترتيل في المشي، وقارن بين قول المعجم، الترتيل: الترسل، وقول الشاعر: "قليبي يشابي حسب ترتيلها"، وقوله "كتيفها نزل طاوع ترسليها ".
رتى: يقول: "رتى، بالكسر، سودانية، وفي الفصحى، رثى : اشفق وحن عليه". واضف، للمزيد من الايضاح، يقولون في السودان: ما ترتي ليهو، اي لا تترفق به، بل خده بالشدة والحزم، و لا تحن عليه وترفع منه. ومن ذلك ما ورد في اغنية (الحقيبة): "اندب حظي أم آمالي" للشاعر أحمد حسين العمرابي حيث يقول: اندب حظي أم آمالي * دهري قصدني ماله ومالي شوف الخيرة يا رمالي* تقول كاتبني عند عمالي إلى أن يقول: دوام أيات محاسنك تالي * زيد في هجري لا ترتا لي قوله : "لا ترتا لي" يعني لا ترثى لي، اي لا ترثى لحالي ولا تأخذك الشفقة بي ، بل زيدني من نيران هجرانك. يقول لسان العرب: "ورَثَيْتُ له: رَحِمْتُه. ويقال: ما يَرْثِي فلانٌ لي أَي ما يَتَوَجَّع ولا يُبالِي. وإِنِّي لأرْثِي له مَرْثاةً ورَثْياً. ورَثَى له أَي رَقَّ له .وفي الحديث: أَنّ أُخْتَ شَدَّادِ بن أَوْسٍ بَعَثَتْ إليه عند فِطْرِه بقَدَحِ لَبَنٍ وقالت: يا رسول الله ، إِنما بَعَثْت به إِليكَ مَرْثِيةً لكَ من طُول النهارِ وشِدّة الحرِّ أَي تَوَجُّعاً لكَ وإِشْفاقاً، من رَثَى له إِذا رَقّ وتوجع".
رحط: يقول: "رحط سودانية أو الرهط في الفصحى وغرب: نقلة من جلد احمر مشقق سيورا، له حجرة ولا ساقان، يشد كما تسد السراويل تلبسه الجواري قبل ادراكهن. وهو عام في جميع السودان، وكانت العرب تلبسه ويسمونه الرهط. قال في اللسان: وكانوا في الجاهلية يطوفون عراة والنساء في ارهاط. قال ابن الاعرابي: الرهط يشقق سيورا، عرض الشبر أربع أصابع أو شبر تلبسه الجارية الصغيرة قبل أن تدرك وتلبسه أيضا وهي حائض. قطع الرحط سودانية: أحد طقوس العرس، وذلك بداية الحياة الزوجية". انتهى. ويقول عبد الله عبد الرحمن في (العربية في السودان) 1922: "الرهط: بالهاء في لغة كردفان وبالحاء في لسان غيرهم". ص 55. وأقول ليس كل قبائل كردفان تنطقه رهط كما في الفصحى، فبعضها ينطقه رحط. وقد وردت كلمة رحط في كتاب الطبقات في سيرة الشيخ حسن ود حسونة: "قال الشيخ: البنت المرضانة جيبوها رقدوها تحت الدكة قال لأمها البسيها رحطها". ص 140. وأما عن عادة "قطع الرحط" في ليلة الزفاف، فأقول كانت العروس في الماضي تاتي في احتفال زفافها ليلة الدخلة وهي لابسة رحط فيقوم العريس بقطعه حقيقة كناية عن الدخول. ولكن اليوم أصبحت العادة رمزية فقط حيث يقوم العريس بقطع سير أو عقد أو غصن أو جريد نخل يلف حول خصر العروس. ويصف الدكتور عبد الله الطيب في كتابه (العادات المتغيرة في السودان النيلي النهري) عادة قطع الرحط كما كانت تمارس في الأعراس قديما بقوله: "تلبس العروس الرحط تحت الفستان. والرحط عبارة عن لباس داخلي من السيور الجلدية المتفرقة تلبسه الفتيات، ويقوم العريس بقطع الدائرة المحيطة بهذه السيور فيقع الرحط فيقذف به العريس فتتناثر سيوره فتقوم الفتيات بالاحتفاظ بها اعتقادا منهن بأنها تجلب الحظ". ص 107و108.
رُشاش: يقول في مادة رش: "رش الماء فصيحة سودانية: نفضه وفرقه. الرش فصيحة سودانية: المطر القليل. والرشاش أيضا أول الخريف ". واقول لمزيد من الايضاح، يقول عبد الله عبد الرحمن في (العربية في السودان) 1922: "الرشاش بالضم في لغتنا أول المطر. يقال كان ذلك زمن الرشاش أي أول المطر. ويقال راششت الأرض إذا جاء أول الخريف". ص 56. ويبدأ الرُشاش في كردفان في اواخر مايو واوائل شهر يونيو بعد "البطين" ومغيب "الثريا" واحيانا لا ياتي الا في اوائل يوليو. يقول المغنى: "مطر الرُشاش الرشَ فوق دار كردفان الهشة". وقد وردت كلمة رشاش بهذا المعنى في كتاب الطبقات وذلك بابيات يمدح فيها احدهم الشيخ حمد النحلان بقوله: "وجهه كالقمر والشاش* شبه مطر وابل رُشاش". ص 163 والمعنى ان الممدوح يشبه مطر الرُشاش الذي يبشر الناس بحلول الخريف. والرُشاش من الرًش وهو المطر القليل. يقولون: البارح جاتنا رشة اي مطرة خفيفة. فإذا كانت غزيرة، يقولون: جاتنا مطرة روية. وفي ذلك يقول لسان العرب: "والرش: المطر القليل والجمع رِشاش. وقال ابن الاعرابي: الرش أول المطر. ورشت السماء ترش رشا ورِشاشا وأرشت أي جاءت بالرش". ونحن نقول في كلامنا رش الماء يرشه رشا. والرَّشة المطرة الخفيفة. يقول لسان العرب: "الرش للماء والدم والدمع، والرش: رشك البيت بالماء، وقد رششت المكان رشا وترشش عليه الماء".
رشم: يقول: "والرشمة والرشيم سودانية: وشم في الخدين. قال المغني: الرشيم الأخضر، في الخديد الانضر. وقال الحارلو: تلقاها ام رشوم الليلة مرقت برا. اي الصيدة". واقول للمزيد من الايضاح الرشم وتصغيره رشيم هو، كما قال وشم، ولكنه في خد واحد وليس في الخدين وهو عبارة عن فصد طولي في منتصف احد الخدين في شكل "درب الطير" ويأخذ لون الشفة (الشلوفة) المدقوقة فهو دائماً أخدر (أخضر) اي أسود. لذلك يقول شاعر اغنية الحقيبة محمد بشير عتيق: الرشيم الأخضر، * في الخديد الانضر * هم سبب الامي ومن القاب هذا الرشم في اللهجة السودانية: النقرابي. يقول ود شوراني: النقرابي والشف في ام فنايد خايل وارى ان (النقرابي) نسبة إلى النقرة بالضم وهي الحفرة الصغيرة على وجه الأرض وهي فصيحة. ويقول في هذا الرشم النقرابي، عبد الرحمن الريح، آخر شعراء أغنية الحقيبة، في قصيدة (الشادن الكاتلني ريدو): فاق السلاح وكسر حديده نقرابي في صفحة خديده كذلك يصف الطنباري الكردفاني الجامعي هذا الرشيم النقرابي بقوله: "النقرابي العامل حرف دو/ دا مخلوق معاك ولا مجروح". وذلك في أغنية من أغاني الطنبور (الكَرِيْر) كانت رائجة أيام طفولتنا بشمال شرق كردفان. وحرف الدو هنا إشارة إلى رموز لعبة الورق، والدو اشارة الي الرشم الذي في شكل "درب الطير" . وأصل الرشم في اللغة الختم الذي يختم به أو ما يعرف بالماركة أو العلامة التي يعلم بها الشىء لتمييزه عن غيره. وفي ذلك يقول لسان العرب: "والرَّشْم: خاتم البُر وغيره من الحبوب، وقيل: رَشْمُ كل شيء علامته، رَشَمَه يَرْشُمِه رَشْماً، وهو وضع الخاتم على فراء البُر فيبقى أَثره فيه ، وهو الرَّوْشَمُ، سوادية. قال أبو تراب: سمعت عَرَّاماً يقول الرَّسْمُ والرَّشْمُ الأثر . ورَسَمَ على كذا ورَشَمَ أي كتب ويقال للخاتم الذي يختم البُرَّ: الرَّوْشَمُ والرَّوْسَم والرَّشْم: مصدر رَشَمْتُ الطعام أَرْشُمُه إذا ختمته. والرَّوْشَمُ : الطابَعُ ، لغة في الرَوْسَمِ" انتهى. ورشم بهذا المعنى معروفة في لهجات عربية أخرى منها اللهجات الخليجية. فقد جاء بمعجم الألفاظ الاماراتية: "رشم: الختم يختم به، وهي فصيحة". وقد تأتي كلمة رشم في اللهجة السودانية مونثة رشمة (انظر اصل رشمة أدناه). وهذا ما استعمله الشاعر صالح عبد السيد أبو صلاح في قصيدة (بدور القلعة) حيث يقول: الرشيم والرشمة الخَدّرة * زي فريع في موية منضدرة. شبّه الشاعر صورة الرشيم أو الرشمة المرسومة في صفحة خد الفتاة بالفريع الصغير المرسوم على وجه المُنْضرة على سبيل التشبيه التمثيلي أي تشبيه صورة بصورة. والمُنْضرة في الأصل المِنْظَرة بالظاء، من النَظر والمَنظر. والمُنضرة في اللهجة السودانية هي المِرآة (المراية). وكانت المُنضرة هي الكلمة السائدة حتى نهاية السبعينيات من القرن الماضي، وحلت محلها الآن كلمة (مراية). والمرآة من الفعل رأى.
رشمة: يقول: "رشمة سودانية: سلسلة دقيقة من الذهب يقلد احد طرفيها بالزمام والطرف الآخر يشد على شعر الراس امام الأذن. وأم رشوم: الحسناء". ونحن نضف الي ذلك، ويسمى الزمام المشغول بسلسلة الذهب هذه "الزمام أبو رشمة"، وقد ورد وصفه بذلك في إحدى أغنيات المطرب عبد الرحمن عبد الله. وقد تأتي رشمة بمعنى رشم، كما في أغنية صالح عبد السيد (بدور القلعة) على النحو الذي تقدم.
رعف: يقول: "رعف بالكسر، سودانية، ورعف بالفتح في الفصحي: سال الدم من أنفه. رعافا بالكسر سودانية، رعافا بالضم في الفصحى ". واقول صحيح الفعل رعف يكسر أوله في اللهجة السودانية، غير أن الاسم رعاف، يأتي بالكسر والضم. يقال: رعاف بالضم، في لغة البوادي الارياف كما في الفصحى، ويقال: رعاف بالكسر في لغة المدن. يقول لسان العرب: رَعَفَ ورَعِفَ: خَرَجَ من أنفِهِ الدَّمُ رَعْفاً ورُعافاً. رُعاف: الدَّمُ بِعَيْنِه". ويقول القاموس للمحيط: "الرُّعَافُ الدم يخرج من الأنف، وقد رَعَفَ يرعف كنصر ينصر، ويرعف أيضا كيقطع". اذكر ذات مرة كنت استمع الى مباراة محلية في كرة القدم، فاصيب احد اللاعبين بالرعاف ولكن المذيع، تعلثم ثم اخد يردد: نزيف، نزيف الى أن قال اخيرا: أو زي ما بقولوا رعاف!! فهو لم يشأ ان ينطق كلمة رعاف منذ البداية ظنا منه أنها عامية أو أنه لم يسمعها من غيره من المذيعين العرب أو ربما سمع مذيع عربي يصف الرُعاف بالنزيف فأراد ان يقلده.
راعى مراعاة : يقول: "راعى (غرب): رأي. قالت الحمرية: اني نبقى ليك ساعة * في ايدك نتراعى. وقال الحمري: منراعي لي دابي* تحت الفروع كابي. ". واقول في شمال كردفان، يعبرون عن النظر والمعاينة بالفعل: راعى يراعي مرعاة، بمعنى عاين يعاين معاينة. يقولون: راعِي هنا. أي انظر وعاين وشوف. بتراعي وين: اين تنظر. بتراعي لي مالك؟: لماذا تنظر إلى هكذا. ومعنى قول الحمرية: اني نبقى ليك ساعة * في ايدك نتراعى. اريد ان ابقي مثل الساعة في يدك لكي تنظر الي باستمرار. وأما قول الحمري المستشهد به: "بنراعي لي دابي* تحت الفروع كابي". معناه انه شاف دبيب ثعبان على أغصان الشجرة، وكابي: شديد السواد. واقول راعى يراعي مراعاة فصيحة. جاء في لسان العرب: "المراعاة: المناظرة والمراقبة. يقال: راعيت فلانا مراعاة إذا راقبته وتأملت فعله، وراعيته : لاحظته". واورد في هذا السياق قول الشاعر الراعي النميري: أبِيتُ بِهَا أُرَاعِي كُلَّ نَجْمٍ وَشَرُّ رِعَايَة الْعَيْنِ النُّجُومُ وتأتي المراعاة عندهم ايضا بمعنى الاعتبار والحسبان. يقولون: والله انا لو ما براعِي لأبوك كنت ضربتك. اي لولا أنني اراعي لمكانة ابوك. ويقال في التعبير المعاصر: مع مراعاة كذا اي مع الأخذ في الحسبان كذا.
رعاوية: يقول في مادة رعي: "الراعي، سودانية فصيحة، راعي الماشية: القائم برعيها وحفظها. وتجمع رعاوية ". وأقول جمع راعي له صيغتان في اللهجة السودانية هما: رعاوية ورواعية، ويستعملان بالتبادل في المنطقة الواحدة (كردفان على سبيل المثال). وقد وردت صيغة الجمع رواعية في كتاب الطبقات حيث يقول: "رواعية الضأن قال لهم بَهمي لا تضيعوه اطلقوا أُماته، احلبوا الفضلة". ص 140. فكيف صارت رعاوية ورواعية جمعا لراعي والمشهور في اللغة رعاة؟ واقول: رواعية منسوبة الي رواعي وهي البهائم المرعية، يقال في الفصحى: ابل رواعي. وأما رعاوية فمنسوبة الي رعاوي وهي أيضا في الفصحى البهائم التي ترعى. جاء في معجم لسان العرب: "وإبل راعية والجمع رواعي، والرعاوى: الإبل التي ترعى حوالى القوم وديارهم". الجدير بالوقوف عنده ان المعجم المذكور تضمن كلمة رعاوية، لكنه قال عنها: "الرَّعَاوِيَّة: الماشية المرعية"! والرعاوية في لغتنا جمع راعي نسبة إلى رعاوي كما تقدم.
رَقَد: يقول: "رقد فصيحة سودانية: نام. ورقد سودانية: انبطح على ظهره. ورقد سودانية: كثر ووجد. الخير راقد : موجود بكثرة. والشيء رقد هبطرش: اي كثر". واقول لمزيد من الايضاح، للرقاد في كلامنا معنيان: الأول النوم، والثاني الاستلقاء على الظهر أو الجنب للاسترخاء بلا نوم، ويحدد المعنى بحسب سياق الكلام، ومعلوم ان المعنى الثاني للرقاد من لوازم النوم. والرقاد في معنى النوم يكثر استخدامه في البوادي الارياف، والنوم هي الشائعة في لغات الحضر والمدن. هذا إضافة إلى المعاني والدلالات المجازية للمفردة في كل جهات السودان على النحو الذي ذكره المؤلف. وقد ورد الرقاد بمعنى النوم في القران الكريم، ومن ذلك قوله تعالي: (وتحسبُهُم أيقاظاً وهُم رُقُودٌ). الكهف-18. رقود اي نيام. جاء في لسان العرب: "رقد: الرقاد النوم. والرقدة النومة. الرقاد والرقود يكون بالليل والنهار عند العرب، ومنه قوله تعالى: (قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا). ورقد يرقد رقودا ورقادا: نام. وقوم رقود". وأما استعمال رقد المجازي في العامية السودانية، فيأتي بمعنى كثُر وفاض عن الحاجة، على النحو الذي اورده عون الشريف. وقد أشار لسان العرب الي الاستعمالات المجازية بقوله: "رقدتْ السوق: كسدت، وهو كقولهم في هذا المعنى نامت". وفي اللهجة السودانية يقولون: السوق نايم نوم، اي راكد.
رقراق وخلال: يقول: "الرقراق سودانية ما يتناثر من ضوء الشمس من خلال الستور والسقوف أمثال الدراهم والدنانير، ويعني أيضا السراب في البطانة". واقول للمزيد من الايضاح الرقراق في بعض مناطق بحر النيل هو شعاع الشمس الذي يتخلل ظل المباني وظل الأشجار وينفذ عبر الشقوق والثقوب وما بين فرجات الاغصان. وابلغ ما يشرح المعنى ما لقصيدة للشاعر قاسم ابو زيد يصدح بها مصطفى سيد أحمد، تقول: ادفقي ما تبقى رقراق ابقي يا ظل يا شمس يقول لسان العرب: "والرقراق: ترقرق السراب، وكل شيء له بصيص وتلألؤ، فهو رقراق، وسراب رقراق ورقرقان: ذو بصيص. وترقرق جرى جريا سهلا. وترقرق الشيء: تلألأ أي: جاء وذهب . ورقرقت الماء فترقرق أي: جاء وذهب، وكذلك الدمع إذا ترقرق، وسيف رقراق: براق". واورد قول العجاج : ونسجت لوامع الحرور * برقرقان آلها المسجور واقول: الال هو السراب. وقال: "رقرقان: ما ترقرق من السراب أي: تحرك، والمسجور هاهنا: الموقد من شدة الحر". ويسمى الرقاق في شمال كردفان: الخلال بالفتح. وهو شعاع الشمس الذي يتخلل ثغرات القش والخوص ويتسلل الي داخل البيوت (القطاطي) والرواكيب (العشش) وظلال الأشجار. ومن اقولهم في كردفان: البيت كما دخلته ما بتعرف خلاله. اي انك لا ترى الخلال أو الرقاق الا من داخل البيت. والمعنى ليس من راي كمن سمع. والخِلال بهذا المعنى فصيحة. يقول لسان العرب: "والخَلَل: مُنْفَرَج ما بين كل شيئين. والجمع الخِلال مثل جَبَل وجبال. والخَلَّة الخَصَاصةُ في الوَشِيع، وهي الفُرْجة في الخُصِّ . والخَلَل: الفُرْجة بين الشيئين. وتَخَلَّله : ثَقَبه ونَفَذَه ، والخِلال : ما خَلَّه به ، والجمع أَخِلَّة . والخِلال: العود الذي يُتَخَلَّل به". وقول لسان العرب:" والخَلَّة الخَصَاصةُ في الوَشِيع، وهي الفُرْجة في الخُص". يشرح معنى والوَشِيع بقوله: "هو ما يَبْنِيَ جَدارَه بقَصَبٍ أَو سعَف يُشَبِّكُ الجِدارَ به". وما ينفذ من شعاع الشمس من خلال الوشيع يسمى في كردفان خلال، بالفتح، اي رقراق.
الرك: يقول: "رك: الرك على كذا: ذو أهمية في الشيء، قال أحمد أمين لا نعرف أصلها. فلان عليه الرك: واقعة عليه المسؤولية. وفي الفصحي: رك الأمر في عنقه اي الزمه اياه". واقول كان الكاتب الكبير الأستاذ أحمد أمين قد أورد الكلمة في كتابه: (قاموس العادات والتقاليد والتعابير المصرية) ومما قاله فيها :" فلان عليه الرك: واقعة عليه المسؤولية، ولا نعرف أصلها في اللغة". ولا ادري لماذا أورد المؤلف قول أحمد أمين، ما دام قد اهتدى هو بنفسه إلى أصلها في اللغة بقوله: "رك الأمر في الفصحى الزمه اياه"، وهو ما ورد في معجم لسان العرب حيث يقول: "والرَّكّ: إلزامُك الإنسانَ الشيء، تقول: رَكَكْتُ الحق في عنقه ، ورَكَّ هذا الأمرَ في عنقه يَرُكُّه رَكَّاً". واقول بمعنى أوضح، الرك هو الاعتماد التكلان والسند. يقال في اللهجة السودانية : دا الكلام ال عليه الرك. والرك على فلان. وفلان ما عليه رك. اي اعتماد وتكل. والكلمة موجودة بهذا المعنى في عدد من اللهجات العربية الي جانب السودانية والمصرية. فهي معروفة في اللهجة السورية على سبيل المثال، فقد سمعتها من زميل عمل سوري الجنسية، قال ذات مرة: (فلان) عليه الرك، فقلت نحن أيضا نقول: فلان عليه الرك.
رك: ويقول في ذات السياق: "رك سودانية: استقر وهبط. رك الصقر على الشجرة. قال في محبوبته: تقع بردلب من ركة الضبانة. وفي الفصحى رك الشيء: طرح بعضه على بعض". واقول إن معنى الفعل رك ماخوذ من الرك على النحو الذي تقدم. فقولنا في اللهجة السودانية: رك الصقر على الشجرة، يعني نزل على غصن من اغصانها واعتمد عليه واتكل واستقر. ويستعمل الفعل رك في كلامنا لاي طائر يطير فإذا هبط ونزل نقول عنه: رك. والتعبير موجود في اللهجات الخليجية على سبيل المثال. جاء بمعجم الألفاظ الإماراتية: "ركت الدجاجة: إذا جثمت في مكانها ولبدت". ولكنا في اللهجة السودانية لا نستعمله الا لما يطير من الطيور.
رك وركرك : وفي مادة رك نفسها يقول: "رك سودانية: حرك. اترك سودانية: اضطرب. ركيك سودانية فصحى: من الكلام: السخيف الالفاظ والمعاني. مركرك سودانية: غير متماسك". واقول الأكثر دقة ان رك في هذا السياق تعني خلط وساط ورج، كأن يرك مشروبا بغرض إحسان خلطه أو لتذويب السكر فيه مثلا. ويقال عن الشيء اترك، اذا اختلط بعضه ببعض وانفرط عقده. يقال في وصف حالة أو وضع اجتماعي ما: "اذا ما اتركت واتصفت واتجلت ما بتنعدل". فهي مركوكة وهو مركوك. والركركة في كلامنا الفوضى والاختلاط وانعدام الترتيب في نظام الأشياء. يقال: ركاها، اي افسد نظامها. جاء في معجم لسان العرب: "والرَّكْرَكةُ: الضعف في كل شيء". وأما ركيك فهي من الركاكة في الفصحى. يقول لسان العرب: الركيك الضعيف في عقله ورأيه، والركاكة الضعف والنقص". واقول ومن ذلك ركاكة الأسلوب في الكلام والكتابة.
روبة : يقول: "روبة سودانية: الشعر. وتلقى الحسناء بأم روبة. وقال الشاعر : لاوية الروبة في ضهيرها طارحاها. وتستعمل مجازا بمعنى اطراف الأشجار. والروبة في الفصحى القطعة من الليل، والأرض الكثيرة النبات ". واقول العكس هو الصحيح، الروبة في الأصل النبات الكثيف وفروع الشجر المخضرة، واستعير هذا مجازا اسما لشعر المرأة الحسناء الغزير، وبخاصة أعلى الرأس إلى الوراء حيث يتجمع الشعر وينسدل وفي ذلك يقول لسان العرب: "والرُّوبةُ: مَكرمَةٌ من الأرض، كثيرة النبات والشجر ، هي أَبْقَى الأرضِ كَلأ، وبه سمي رُوبةُ بن العَجّاج". الشاعر المعروف. يقول إبراهيم ود الفراش أحد أساطين فن الدوبيت السوداني وهو معاصر للحاردلو : ماها السمينه عناق التوتو الخضر عسينا تقرد الديس على الروبة الدهينه بتسّند تقول ماسكاها طينه التوتو اسم مكان والعناق في الأصل السخلة الماعز التي حال عليها الحول يشير بها إلى الظبية كنايةعن المحبوبة. والعسين النبات والعشب المخضر الطوال الكثيف. ويقول صالح عبد السيد في قصيدة (وصف الخنتيلة): الروبة ظليلة طايلة * معتمة لاخمة دليها ومن مترادفات روبة التي يكنى بها عن شعر المرأة ة: ديس وعسين ووضيب، وكلها اسماء للنبات والعشب الكيثف الأخضر النديان والطوال. ونجد جميع هذه الكلمات ترد في شعر الدوبيت السوداني وشعر اغاني الحقيبة السودانية. يقول إبراهيم العبادي في قصيدة (بلابل الدوح): يا الديسها حاكيت حظي الزرقن * يا شموس أفراحي متى تشرقن والديس في الأصل العشب الطوال الناعم الملتف، والشاعر هنا يشبه شعرها (ديسها) بسواد حظه. وزرقن من أزرق في اللهجة السودانية بمعنى اسود. وأما الوضيب فهو أصلا جريد النخل استعير للشَّعر لقرينة المشابهة. يقول إبراهيم الفراش: ضاقت لي فرج يا ربي جيبو اشوف نخلا يحت في النيّل وضيبو وقد استخدم صالح عبد السيد كلمة "وضيب" بمعنى شَعر في أكثر من قصيدة منها قوله في قصيدة (وصف الختيلة): وضيبها زميلها يقودها * يتاكي القامة يميلها وكذلك وردت الكلمة عند ود الرضي وذلك في أغنية (نسايم الليل كلمي) حيث يقول: الوضيب طوله نص متر * والوريد ما هو منبتر أما عسين فقد وردت في صيغة الجمع عند خيل فرح في قصيدة (في الضواحي) حيث جاء: قوموا خلوا الضيق في الجناين شوفوا عز الصيد في العساين والعساين النباتات والحشائس حيث مكمن الصيد.
ريحة: يقول:"الريحة سودانية، وفي الفصحى الرائحة. وقد تطلق على العطور عامة في اللهجة السودانية". ولمزيد من الايضاح نقول الريحة في اللهجة السودانية، لها معنيان: معنى عام ومعنى خاص. فهي بالمعنى العام كل رائحة طيبة كانت أم منتنة. وبالمعنى الخاص: العطر. فكل عطر في لهجتنا ريحة. وقد ورد هذان المعنيان لكلمة ريحة في شعر المتنبي، يقول: وتركتَ أنتنَ ريحةٍ مذمومةٍ * وسلبتَ أطيبَ رِيحةٍ تتضوع نلاحظ اننا ابدلنا الهمزة في رائحة الي ياء فصارت ريحة. واسقاط الهمزة أو تبديلها ياء أو واوا أو ألف مد، أصل أثيل في لغة العرب الذين نزل فيهم القرآن. ولكن درج الناس ان ينظروا إلى هذا النهج في الكلام بمظنة أنه من ابتداع العامة، فأسقطوه في لغة الكتابة. وتجمع كتب اللغة والقراءات، ان قبائل غربي الجزيرة العربية (الحجاز) مثل قريش وهذيل كانت لا تهمز، بينما قبائل نجد بشرقي ووسط جزيرة العرب مثل تميم وقيس وأسد كانت تثبت الهمزة في كلامها. وقد أثبت ابن منظور صاحب معجم (لسان العرب) في حديثه عن حرف الهمزة، أن أهل المدينة، لا يهمزون: "فقال ابو زيد: أهل الحجاز وهذيل وأهل مكة والمدينة لا ينبرون، وقف عليها عيسى بن عمر فقال: ما آخذ من قول تميم إلا بالنبر وهم أصحاب النبر، وأهل الحجاز إذا اضطروا نبروا." اي همزوا. وقد أورد لسان العرب في مادة "نبر" الحديث: "نحن معشر قريش لا ننبر". اي لا نهمز. وقد أخذت القراءات القرآنية بهذه الخاصية اللغوية لا سيما قراءة نافع المدني برواية ورش. فمثلا نقرأ برواية ورش: "وأخاف أن ياكله الذيب" بابدال الهمزة ياء في ذئب، واسقاطها في يأكله. ونقرأ: "وبير معطلة وقصر مشيد". ابدال الهمزة ياء في بئر. ونقرا: "إنها عليهم موصدة" من غير همزة على موصدة. ونقرأ أيضا "كعصف ماكول" من غير همزة على الألف. وتأتي: يؤمن ويؤمنون ومؤمن ومؤمنين، جميعها حيثما وردت من غير همزة. وغير ذلك كثير. (انظر : القرآن الكريم برواية ورش عن نافع).
دار الرِّيح: يقول: "دار الرِّيح (غرب) شمال كردفان حيث يسكن الكبابيش وغيرهم". وأقول الصحيح ان منطقة دار الرِّيح في شمال كردفان، تشمل المناطق الواقعة شمال أم روابة، وشمال الأبيض، وشمال بارا وشمال النهود. وأما بادية الكبابيش والكواهلة وبني جرار والهوارير وغيرهم، فتقع أقصى شمال دار الريح في كردفان. ولا يزال هذا الاسم متداولا في كردفان بين عامة الناس في الدلالة على هذه المناطق. والرِّيح جهة الشمال في كردفان، ويسمى الجنوب عندهم صعيد، والشرق صباح، والغرب غرب. ولعله سمي الشمال ريح، نسبة إلى ريح الشمال التي تهب في الشتاء وجزء من الصيف. وربما خصت بذلك كونها تهب من الشمال معظم شهور السنة ما خلا شهور الخريف. وارتباط أسماء الجهات بالرياح تقليد قديم في العربية. فالجنوب والشمال كانت عندهم أسماء رياح. يقول لسان العرب: “الجَنوب: ريح تخالف الشَّمال تأتي عن يمين القبلة. وقال الأصمعي: إذا جاءت الجنوب جاء معها خيرٌ وتلقيح، وإذا جاءت الشَّمال نشَّفتْ”. انتهى. وهذه هي صفة الريح عندنا بالسودان حيث تهب الرياح الجنوبية الشرقية رطبة فتأتي بالمطر في الخريف، بينما تأتي الرياح الشمالية في الشتاء وأول الصيف، جافة بلا مطر.. (للمزيد: انظر مقالنا: اسماء الجهات في اللهجات السودانية وأصولها في اللغة، سودانايل، ٢٠ أكتوبر ٢٠١٨). وقد ورد اسم "دار الرِّيح" بذات المعنى في كتاب الطبقات في كل من ترجمة الفقيه جودت الله، وكذلك ورد بترجمة مختار بن محمد جودت الله الذي يقول عنه: "ولد في الزلطة في دار الرِّيح من كردفال". ص ٢٤٥. وكردفال هي كردفان، هكذا كان ولا يزال ينطقها باللام عامة الناس هنالك. والزلطة كما يقول يوسف فضل محقق الكتاب: "موضع يقع شمال شرق الأبيض، في مجلس ريفي شرق كردفان". ص 130 وهذا صحيح فموقع الزلطة، شرق الأبيض وشمال أم روابة، بالقرب من بلدة أم دم حاج أحمد بدار الجوامعة ولعلها سميت الزلطة لوجود تل صخري صغير بها. وتعرف عند أهل البلد بزلطة الفقرا نسبة الى الشيوخ والفقرا الذي وردت اسماؤهم بالطبقات وغيرهم. وكان كتاب الطبقات قد ترجم لسير عدد من فقهاء وشيوخ كردفان منهم جودت الله، ومختار بن محمد بن جودة الله، وجودة، وغانم ابو شمال الجامعي، والشيخ عبد الله ود العجوز، والشيخ مختار ود اب عناية الجامعي الذي اخذ عليه طريق الصوفية عدد من المشايخ منهم الشيخ اسماعيل صاحب الربابة، وغيرهم.
ريد: يقول: "ريد: راد الشيء في الفصحى: طلبه. وفي اللهجة السودانية: احبه، وهي من أراد الشي. الريد في الفصحى: الطلب. الريد سودانية: الحب. المريد فصيحة سودانية: المحب في المصطلح الصوفي". واقول للمزيد من الايضاح، تنفرد اللهجة السودانية من بين اللهجات العربية الأخرى باستعمال كلمات عربية فصيحة في معاني مخصوصة لا نظير لها في اللهجات العربية المعاصرة الأخرى. ومن ذلك على سبيل المثال كلمات: سمح وسمحة وسماحة بمعنى: جميل وجميلة وجمال. وكذلك كلمة "ريد" من أراد يريد بمعنى الحب والعشق والمحبة. يقولون: انا بريدك اي احبك، فلان بريد فلانة اي يحبها. ويقول المغني: حبيب بريدك ريدة * ريدة الحمامة لوليدها. والريدة المحبة. والمريود: المحبوب. ومريود من أسماء الإعلام في السودان. ومنه اسم رواية الطيب صالح "مريود".
رِيف: يقول: "ريف، فصيحة سودانية: أرض فيها زرع وخصب ومنه ريف مصر المشهور ". واقول من المعلوم ان مفردة ريف اليوم ليس في السودان وحسب، بل في كثير من البلدان العربية يقصد بها المناطق التي تقع خارج المدن والتجمعات السكانية الكبيرة. وتشمل هذه المناطق البوادي والقرى والحلال والفرقان. يقولون: ريف العاصمة وارياف المدينة الفلانية، والمجلس الريفي الخ. وفي معنى الريف جاء بلسان العرب: "الرَّيف: ما قارب الماء من أرض العرب. والريف ارض فيها زرع وخَصب. والجمع أرياف وريوف". وكان السودانيون في الماضي يطلقون اسم الريف على مصر. يسمونها بلاد الريف. ويقولون للمصري ود الريف، واولاد الريف: المصريون. واذكر ان هذه التسمية كانت شائعة في السودان حتى في فترة دخولنا مراحل التعليم العام. وقد ورد اسم الريف علما على مصر في كتاب الطبقات المخطوطة سنة ١٧٥٣م أكثر من مرة. يقول: "ومن كرمه أن رجلا هواري جاء من الريف". ص 59. ويقول محقق الكتاب الدكتور يوسف فضل في شارحه لكلمة ريف هنا: "معناها في اللهجة السودانية العربية: مصر". وجاء بكتاب (العربية في السودان) 1922 لعبد الله عبد الرحمن قوله: "الريف في لغتنا علم لمصر. ومن أحاجيهم: مديت إيدي بتحت الصريف جبت تراب الريف. يريدون الكذب". ص 62. راوية: يقول: "الري سودانية غرب: الرواية وقربة الماء. الراوية فصيحة سودانية: القربة بلغة كردفان. الري الجمال تحمل الماء والقرب. قال الحمري: جيت عشان دفقت الري". واقول الصحيح ان الراوية والري مترادفان في اللهجة السودانية. يقال راوية، ويقال ري، من روى يروي رواء. والراوية الدواب التي يحمل عليها الماء وتشمل ما يحمل عليه الماء من قِرب وسقا وصفائح وغيرها. وتسمى أيضا الري. جاء في لسان العرب: "الرَّاوية: المزادة فيها الماء، ويسمى البعير راوية على تسمية الشيء بغيره لقربه منه". وقد وردت كلمة راوية بكتاب الطبقات، يقول: "انه كان يرِد بالرَّاوية بالقميص بلا رداء". ص 67. ويقول عبد الله عبد الرحمن بكتاب (العربية في السودان)1922: "الراوية في لغتنا القربة وهي لغة كردفانية يقال: أعدل الراوية على الحمار. وكذلك تقول العرب وربما أطلقوها على ما يحملها من البعير والبغل والحمار مجازا". ويضيف في هذا السياق: "والسودان أيضا تسمى جماعة الحمير أو الابل عليها الماء: ريا، إما تسمية بالمصدر أو محرفة". ص 61. قوله الري ربما محرفة عن راوية غير صحيح، والصحيح ان الري هنا تستعمل مرادفا لكلمة رواية. يقولون: ري وراوية بذات المعنى. وراوية معروفة في بعض اللهجات العربية ومنها اللهجات الخليجية. جاء بمعجم الألفاظ الإماراتية : "راوية: الحمارة الراوية، هي الحمارة التي يحمل عليها كان السقاءون يحملون الماء على ظهرها بالصفائح لبيعه إلى الناس".
المراجع والمصادر: ١ عون الشريف قاسم، قاموس اللهجة العامية في السودان، المكتب المصري الحديث، القاهرة، ط٢ ١٩٨٥ ٢محمد النور ود ضيف الله، كتاب الطبقات في خصوص الاولياء والصالحين والعلماء والشعراء في السودان، تحقيق وتعليق وتقديم: الدكتور يوسف فضل حسن، دار التاليف والترجمة والنشر- جامعة الخرطوم، الطبعة الرابعة 1992. ٣ ابن منظور المصري، معجم لسان العرب، دار احياء التراث العرب، بيروت، الطبعة الثالثة. ٤ الفيروزآبادي، معجم القاموس المحيط، دار المعرفة، بيروت، الطبعة الثالثة 2008. ٥ اسماعيل بن حماد الجوهري، معجم الصِحاح، دار المعرفة، بيروت، الطبعة الأولى 2005. ٦ جلال الدين السيوطي، المزهر في علوم اللغة وانواعها، دار الفكر الطباعة والنشر، بدون تاريخ ٧ المعجم الوسيط لمجمع القاهرة للغة العربية. ٨ ابو عمرو الداني، التيسير في القراءات السبع (مجلد واحد) مكتبة الصحابة، الشارقة، طبعة 2008 ٩ القرآن الكريم برواية ورش عن نافع، مؤسسة الايمان، طبعة 2004، ٨ سعيد محمد اللحام، فيض الرحيم في قراءات القرآن الكريم، القراءات السبع بروايات عدة، عالم الكتب، بيروت طبعة 1995
٧ أكتوبر ٢٠٢٥
#عبد_المنعم_عجب_الفَيا (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مراجعات في قاموس اللهجة العامية في السودان (٩)
-
مراجعات في قاموس اللهجة العامية في السودان (٨)
-
مراجعات في قاموس اللهجة العامية في السودان (٧)
-
مراجعات في قاموس اللهجة العامية في السودان (٦)
-
مراجعات في قاموس اللهجة العامية في السودان (5)
-
مراجعات في قاموس اللهجة العامية في السودان (٤)
-
مراجعات في قاموس اللهجة العامية في السودان (٣)
-
مراجعات في قاموس اللهجة العامية في السودان (٢)
-
مراجعات في قاموس العامية السودانية
-
أمبرتو ايكو: التمييز بين التأويل واستعمال النص
-
أمبرتو إيكو : آليات القراءة وحدود التاويل
-
نظريات القراءه وجماليات التلقي
-
معاداة السامية : تعني معاداة العرب وكل شعوب الشرق الأوسط!
-
مكانة افلاطون وارسطو في تاريخ الفلسفة
-
انجلز والدفاع عن فلسفة هيجل
-
ذكريات د. إحسان عباس في السودان (١٩٥١
...
-
د. يوسف ادريس : حين داهمنا البوليس السياسي في بيت السودان وق
...
-
الدور السياسي في نشاة خطاب ما بعد الحداثة
-
نظرية -الفوضى- والعلم -ما بعد الحديث-
-
حداثة القديم: بين المتنبي وإليوت
المزيد.....
-
كحبيبين سابقين ودودين.. جينيفر لوبيز وبن أفليك معًا مجددًا ع
...
-
ماذا قال نتنياهو في الذكرى الثانية لهجوم 7 أكتوبر؟
-
المدن الداعمة للديمقراطيين في مرمى ترامب.. الحرس الوطني ينتش
...
-
غرق قارب مهاجرين قبالة جزيرة ليسبوس ومصرع أربعة أشخاص
-
بعد عامين على هجوم 7 أكتوبر... ترامب يرى -فرصة حقيقية- لإنها
...
-
ما الجديد الذي يحمله المبعوث الأميركي في زيارته إلى سوريا؟
-
-ما وراء الخبر- يناقش اتفاق حكومة دمشق و-قسد-
-
الجنرال بريك: إذا لم يُوقَّع الاتفاق ستكون العواقب وخيمة على
...
-
مسيّرات تضرب العمق الروسي وبوتين يستخف ويباهي بمكاسبه في أوك
...
-
12 شهيدا في غزة والاحتلال يواصل غاراته على القطاع
المزيد.....
-
كتاب دراسات في التاريخ الاجتماعي للسودان القديم
/ تاج السر عثمان
-
كتّب العقائد فى العصر الأموى
/ رحيم فرحان صدام
-
السيرة النبوية لابن كثير (دراسة نقدية)
/ رحيم فرحان صدام
-
كتاب تاريخ النوبة الاقتصادي - الاجتماعي
/ تاج السر عثمان
-
كتاب الواجبات عند الرواقي شيشرون
/ زهير الخويلدي
-
كتاب لمحات من تاريخ مملكة الفونج الاجتماعي
/ تاج السر عثمان
-
كتاب تاريخ سلطنة دارفور الاجتماعي
/ تاج السر عثمان
-
برنارد شو بين الدعاية الإسلامية والحقائق التاريخية
/ رحيم فرحان صدام
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
المزيد.....
|