أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبد المنعم عجب الفَيا - مراجعات في قاموس اللهجة العامية في السودان (5)















المزيد.....


مراجعات في قاموس اللهجة العامية في السودان (5)


عبد المنعم عجب الفَيا

الحوار المتمدن-العدد: 8446 - 2025 / 8 / 26 - 00:54
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


هذه هي الحلقة الخامسة والأخيرة من مراجعاتنا لمعجم الدكتور عون الشريف قاسم الموسوم (قاموس اللهجة العامية في السودان) والصادر في مجلد واحد ضخم سنة ١٩٧٢ وهذه المراجعة كما ظللنا نؤكد تضيف ولكنها لا تقلل باية حال من الأحوال من القيمة العالية لهذا المعجم الفريد في بابه والعمدة في مجاله.

دفيق:
يقول: في مادة دفق: "دفيق سودانية نوبية، البلح الضامر الذي توقف نموه. والكلمة النوبية دفي: التمر غير الناضج. ودفيق صيغة المفعول فيما ذكر امبروستر في قاموسه".
اقول حقيقة الأمر ان امبروستر نفسه ذكر صراحة في قاموسه للغة النوبية، ان دفيق عربية سودانية. يقول:
Diffeg, diffek Sudan Arabic.
دفيق: سودانية عربية."
ويقول في دفي:
Diffe unripe dates at summit of palm.
دفي : التمر غير الناضج في أعلى النخلة".
ودفيق العربية السودانية، من دفق اندفق فهو دافق ومندفق. ودفيق: التمر الذي يتدفق عسله.
وكان عون الشريف قد أورد في هذه المادة قول الشاعر القومي الكبير الحاردلو:
"وفوق القوز لقن دفيق برم سلمات".
وسلمات جمع قلة من سلم، الشجر المعروف. والبرم بالتحريك، نوار السلم والطلح، وهو الاكل المفضل للظباء، والبرم فصيحة. ودفيق هنا، ما تدفق أو اتحت من نوار شجر الطلح على الأرض. كما اورد عون الشريف،في السياق نفسه، قول الآخر: عارف الدنيا ما بدوم، سمح دفيقها". وسمح صفة من السماحة تعني حسن وجميل. ودفيقها اي ما تجود به من ثمرات وملذات. والسماحة في كلامنا الجمال. يقولون: سمح وسمحة بمعنى جميل وجميلة.

غادي:
يقول: "غادي سودانية، بعيد: امشي غادي. وهذه الكلمة وردت في شعر الفرزدق؟ :عقرها حتى ترحل غاديا. وكانها مفعول مطلق لكلمة مشى. وهي كذلك في اللهجة الليبية. قال المادح: أجد السير غادي غادي".
واقول ان مفردة غادي بمعنى بعيد ومعاني أخرى موجودة في جل اللهجات العربية فهي مستعملة بكثرة في لهجات المغرب العربي الكبير وليبيا وفي لهجات العراق والخليج العربي ولهجات فلسطين والاردن. ولا تعني غادي في العامية السودانية بعيد وحسب، كما ذكر المؤلف، بل تعني أيضا بهناك أو من هناك. يقولون: امش غادى، اي ابعد. ويقولون: تعال بغادي، اي من هناك. امشي أو رح بغادي يعني اذهب بتلك الجهة أو الناحية. قال الشاعر السوداني القومي الحاردلو:
شمباني ام نعيم ضارباني به في فؤداي
قبله معضعضاه وشبرين مرق بغادي
شمباني في لغة البحة تعني رمح أصغر من الحربة. ومرق بغادي يعني اخترق قلبه وخرج من جنبه الآخر بمقدار شبرين.
وأما غادي في الفصحى اسم فاعل من غدا يغدو غدوة وغداة. والغدوة والغداة النهار من اول الصباح والضحى كله إلى الزوال. واغتدى ذهب في الصباح أو الضحى. قال امرؤ القيس: وقد اغتدي والطير في وكناتها. ويقول تعالى: "الذين يدعون ربهم بالغداة والعشى". والعشى و العشية وقت الأصيل. العشية سودانية وتنطق أيضا بالإمالة العشى. ويقول تعالى: "يسبح له فيها بالغدو والاصال " .

منايح وممانح:
يقول في مادة منح: "منح فصيحة سودانية أعطاه الشيءَ. منحة: عطية. المنيحة سودانية بادية الناقة التي تسلف للمنتفعين بها. الممانح سودانية بطانة البهيمة وغيره لم تعشر. قال الحاردلو: هاج فحل ام صريصر والممانح بشت: لغزارة المطر هاج ذكر الصراصير ودرت الشاة اللبن".
واقول محل المراجعة قول الحاردلو: الممانح بشت، هل هي الممانح كما اثبتها عون الشريف، ام المنايح كما اثبتها كل من المبارك ابراهيم وعبد المجيد عابدين في كتابهما المشترك، (الحاردلو شاعر البطانة).
فإذا كانت المنايح، فهي جمع منيحة، والمنيحة كما اثبته عون الشريف هنا: "المنيحة هي الناقة التي تسلف للمنتفعين بها".
وقد ورد هذا المعنى في معجم لسان العرب في قوله :" والمنيحة منحة اللبن كالناقة والشاة تعطيها غيرك يحتلبها ويردها عليك. وفي الحديث: افضل الصدقة المنيحة تغدو بعشاء نصيب له إلا أن يمنح صاحبه شيئا".
وأما اذا كانت ممانح كما اثبتها عون الشريف، فهي وفقا لما جاء بلسان العرب:" الممانح من النوق هي التي تدر في الشتاء بعد تذهب البان الابل، وقد مانحت ممانحة. الممانح من المطر الذي لا ينقطع. والممانح من الابل التي يبقى لبنها بعد أن تذهب البان الابل، وقد سمت مانحا ومنيحا".
وبذا نرى ان كلا المفردتين: منايح وممانح، يؤديان مراد الشاعر في التعبير عن فرحته بحلول موسم المطر وهو الخريف في السودان. ولذلك فإن قوله: هاج فحل ام صريصر، ام صريصر بخلاف ما ذهب اليه عون الشريف ومن سبقه من الشراح، هي إشارة إلى الشاة التي انصر ضرغها وانقطع لبنها وغدت مستعدة للتعشير اي التلقيح لأجل ذلك قال: هاج فحل ام صريصر، وهو الكبش الفحل. وأما الشاة التي لم تغرز اي لم ينقطع لبنها فبشت وكثر لبنها. وبشت من البشاشة والانطلاق التي سرت في قوى الطبيعة بفضل نزول المطر واخضرار الأرض.
وحتى تكتمل الصورة نورد فيما يلي النص الكامل لرباعية الحاردلو:
الخبر الأكيد قالوا البطانة اترشت
سارية تبقبق للصباح ما انفشت
هاج فحل ام صريصر (والمنايح) بشت
وبت ام ساق على حدب الفريق اتعشت.
قوله: اترشت من رشاش المطر. والسارية المطرة الليلية وهي فصيحة وتنطق أيضا في العامية السودانية سراية من سرى يسري ليلا. والبقبقة صوت الماء وخرير السيل. وما انفشت، اي لم تفش، بمعنى لم تخرج كل ما في جوفها من ماء على الرغم من استمرارها في الهطول طول الليل حتى الصباح. وام الساق، الناقة، وبنتها البكرة. وعلى حدب الفريق اتعشت: رتعت حتى شبعت بطرف الفريق الذي يكون كعادة العرب الرحل في الحدب أو الحدبة، وهو المكان المرتفع ويسمى الظهر أو الضهة (الظهرة) مقابل الباطن أو الوادي حيث المرعى الغزير.

كرتوب:
يقول في مادة كرتوت: "كرتوت سودانية الثور الصغير". واقول بل كرتوب بالباء، وهو العجل الصغير الاعجف التويان من التوى، فصيحة، وهو الجوع المهلك.

نجهه:
يقول في مادة نجهه: "نجهه سودانية: نجهه بالكلام نجيهة. ازعجه به. وفي الفصحى نجه الرجل بالكلام، رده أقبح الرد واستقبله بما يكره".
واقول نجه في العامية السودانية لها معنيان متداخلان: الأول الدعاء على الشخص الحاسد بأن يصد الله حسده ويرده كقولهم: الله اكبر عليك، نجهتك بالله القاهر والنبي الطاهر. والمعنى الآخر هو أن تغدق الثناء على شخص حتى يخشى على نفسه من ان يصيبه مكروه، فيقول لك: يا اخي كفى اطراء، لا تنجهني. اي لا تجلب لي العين والحسد بكثرة ثنائك. فإذا حدث له مكروه بسبب ذلك فسوف يقول لك: نجهتني، فحدث لي كذا وكذا.

نش:
يقول: "نش فصيحة سودانية، طرد. من أقوالهم: الطير في عشه ما تنشه. نش غرب ذهب".
واقول لم يذكر معنى آخر لكلمة نش وان كان قد أشار اليه ضمنا بقوله نش تعني ذهب. ولكن ذهب هكذا على اطلاقها لا تعني نش، ولا بد من التخصيص. نش هنا تعني تور أو ثور البهائم من مرابضها ومراقدها وساقها لتذهب الي المرعي أو الورود. يقولون: الغنم نشن اي نهضن وذهبن إلى المرعى. ويقولون: نش الغنم، اي تورها واجعلها تنهض من مراقدها لتذهب الي المرعي. وفي هذا المعنى يقول معجم لسان العرب: "النش: السوق الرقيق".

نقرابي:
يقول: "نقرابي سودانية ضرب من الشلوخ لعله منسوب الي النقراب. قال الحمري: ما بفوتني ناس ام تيلة والنقرابي".
واقول النقرابي ليس من الشلوخ بالمفهوم السوداني، وإنما فصد صغير في صفحة احد الخدين تتخذه الفتيات علامة للزينة، ويسمي ايضا رشم ورشيم تصغيرا. يقول الشاعر عبد الرحمن الريح، آخر شعراء أغنية الحقيبة، في قصيدة (الشادن الكاتلني ريده):
فاق السلاح وكسر حديده
نقرابي في صفحة خديده".
ويقول فيه الطنباري الكردفاني الجامعي:
النقرابي العامل حرف دو
دا مخلوق معاك ولا مجروح".
ويقول فيه شاعر (الحقيبة) محمد بشير عتيق: "الرشيم الأخدر في الخديد الأنضر/ هم سبب آلامي".
وأما قول عون الشريف: لعل النقرابي منسوب إلى النقراب، فاني بخلافه، اميل الي انه منسوب الي كلمة نقرة، والنقرة بالضم، الحفرة الصغيرة، في وجه الأرض، وهي سودانية فصيحة.

ناس ينوس:
يقول: "ناس ينوس فصيحة سودانية: تحرك وتدلى. يقولون في الفصحى ناس شعره على كتفه. قال الهنباتي: وختيت تايتي في التقر الوضيبه بنوس. اي شعره يتدلى وينسدل".
واقول تفسيره لقول الهنباتي، أن شعره يتدلى وينسدل، غير صحيح. فهو قد فهم مفردة وضيب هنا بمعناها المجازي اي الشعر. والصحيح ان الشاعر استعمل وضيب في معناها الحرفي بمعنى فروع شجرة السدر المخضرة التي تنوس مكتنزة بالنبق. والتقر بضم القاف في اللهجة السودانية، شجرة السدر وهي شجرة النبق. وختيت حطيت اي وضعت. والتاية الشجرة أو الشجيرات التي يعرشها الرعاة أو المسافرون ويتخذونها مقيلا ومبيتا لهم. والتاية سودانية فصيحة.

هجس:
يقول في مادة هجس: "هجس، فصيحة سودانية هجس بباله: خطر. هجس فصيحة سودانية: ارتاح. قال الحاردلو: بت للازمان جا بالقماح قناصك لا بهجس ولا بضوق الغميض جساسك".
واقول لم يذكر من معاني هجس: غفا يغفو غفوة اي نام ينوم نومة خفيفة. وهي السنة من النوم. وذلك على الرغم من أن كلمة هجس في الشاهد الذي أورده للحاردلو تعني غفا ونام ولا تعني ارتاح مجرد الارتياح وكفى.
وقول الحاردلو: ولا بضوق الغميض، اي لا يذوق غمض العيون، هو تأكيد لقوله: ولا بهجس، بمعنى لا يغفو. وأما قوله: جا بالقماح قناصك، تعني عاد من اراد اقتناصك واصطيادك بالخيبة وانكسار الخاطر. وقد سبق شرح مفردة قمحان في الحلقات السابقة من هذه المراجعات. وقد وردت كلمة هجسان بمعنى نائم في قول ابراهيم العبادي بقصيدة (سايق الفيات) :
شوف النهر مار بخشوع تقول هجسان
أو مر المنام بمقلة النعسان.

هجليج وهجليداي:
يقول في مادة هجليج: "هجليج سودانية شجر اللالوب". ويقول في مادة هجلداي: "هجلداي غرب ضرب من الشجر".
واقول الهجليج والذي يسمى ثمره لالوب، الواحدة لالوبة، ينطق أيضا هجليد بقلب الجيم الاخيرة دالا، والتبادل بين الجيم والدال معروف في اللغة واللهجات العربية المعاصرة. ولذلك فان قوله: هجلداي ضرب من الشجر، فغير صحيح. والصحيح ان الهجليداي أو الهجليداية، على وزن غنماية، هي الشجرة الواحدة من الهجليد أو الهجليج.

هدرب:
يقول: "هدرب سودانية: تحدث في نومه. وهي في الفصحى هذرب".
واقول قلب الذال دالا قاعدة مطردة في اللهجة السودانية. ففي ذهب المعدن المعروف، يقال دهب. وقس علي ذلك ولكن هناك حالات تقلب فيها الذال ضاد. مثل: ضيل في ذيل، وضنب في ذنب. يقال هدرب ويهدرب هدربة. وفي بعض مناطق السودان تقلب دال هدرب ضاد، فيقال: هضرب يهضرب هضربة. انظر: هلوس أدناه.

هس:
يقول: "هس غرب صوت تنهر به الماعز". واقول لزجر الماعز صوتان مختلفان. الأول هس بالفتح، وهو للحث على التوقف أثناء الحلب مثلا. والثاني: تك بفتح التاء وهو للطرد. وهناك صوت ثالث للنداء على الماعز وهو : حي حي. بالإمالة. ونداء الماعز هذا ورد في كتب الأدب والمعاجم العربية القديمة.

هش:
يقول: "هش بالضم سودانية لفظة لزجر الحمير والبقر". واقول هذا غير صحيح. ذلك ان صوت زجر الحمير مختلف عن صوت زجر البقر. الحمار له صوتان مختلفان للزجر. الأول: عر، وهو للحث على السير. والثاني للحث على التوقف، وهما كلمتان: وش بكسر الواو، وحاو. تقول: وش، حاو. أو تقول معا: وش حاو.
وأما صوت زجر البقر للطرد والابعاد فهو "حق" بضم الحاء.

تهردم:
يقول: "تهردم سودانية سقط من الكبر أو الاعياء". واقول تهردم في العامية السودانية تعني انهار وتهدم، تقال في أغلب الأحوال لانهيار الحفر والحفريات. كما تقال لوصف انهيار البناء، يتهدم كله، بعضه فوق بعض.

هرد:
يقول في مادة هرد:" هرده سو انية ضربه ضربا مبرحا. هرد اللحم، فصحى وسودانية: طبخه حتى تهرا وتفسخ. هرد الرقيص سودانية: خففه. قال في الطبقات : تعجبك في الرقيص حين ما تهرده. الرقيص المهرود، الخفيف المتواصل".
واقول محل المراجعة قوله: "هرد الرقيص: خففه". وهذا الوصف ورد في ابيات من الغزل منسوبة للشيخ اسماعيل صاحب الربابة بكتاب الطبقات: "تعجبك في الرقيص حين ما تهردو". ص 94.
واقول هردت الرقيص، لا تعني خففته كما ذكر محقق كتاب الطبقات وعون الشريف في قاموسه، بل العكس هو الصحيح. فهو قد استخدم هرد هنا مجازا. هردت الرقيص: اندمجت فيه اندماجا وانضجته انضاجا ووصلت فيه اقصى درجات الإتقان في الأداء حتى كادت اوصلها ان تتقطع.
يقول الشاعر المفلق حميد في اغنية يصدح بها مصطفى سيد أحمد :"هردت لهاتي بالغنوات". اي مزقتها. وكل هذا يتفق مع معنى هرد في اللهجة السودانية بمعنى إنضاج الشيء او ضربه أو دعكه حتى يهتريء ويتفسخ. تقول الأمهات عندنا حينما تغضب الواحدة من صغيرها: يا ولد هردت كبدتي، يهرد مصارينك". جاء بمعجم لسان العرب: "هرد الثوب يهرده هردا فهو مهرود: مزقه وخرقه. هرد فلان الشيء أنضجه إنضاجا شديدا. وهردت اللحم اهرده بالكسر هردا: طبخته حتى تهرأ وتفسخ". انتهى.

هرع:
يقول في مادة هرع: "الهرع سودانية سحاب بعد المطر. (الشمالية). تجي ام رعود سايقة الهرع قدامة".
واقول الهرع هو السحاب السريع الخفيف الذي يسبق السحاب الممطر. وسرعة حركة هذا السحاب ترى بالعين فهو ينساب مسرعا في مستوى منخفض كما الدخان. والسحاب الهرع معروف على نطاق واسع في السودان. و هرع لفظ فصيح هرع واهرع ويهرع هرعا بمعنى اسرع. والشاهد الذي ذكره يشرح معنى الهرع في العامية السودانية، شرحا حرفيا :"تجي ام رعود سايقة الهرع قدامة". وام رعود هي أم رويق وهو السحاب الكثيف المتراكم روقا فوق روق، وقد مر بما ذكرها في الحلقات السابقة.

هقلة:
يقول: "الهقلة: سودانية، نقول الهقلة للشيء الضخم الكبير". ولم يزد.
وهذا صحيح ولكن كيف؟ هنا نذكر بكلمة الكترابة، والتي تقال للتعبير عن التعجب من كثرة الشي. يقولون : الكترابة! تعجبا من كثرة الشي. ويقولون: الغزالة! وذلك للتعجب من سرعة الشي، سيارة تمر من أمامك مسرعة على سبيل المثال. ويقولون: الهقلة! للتعجب من ضخامة الشي.

هلع:
يقول في مادة هلع:" هلع في الفصحى وفي اللهجة السودانية : الجبن عند اللقاء".
واقول هلع في العامية السودانية فعل متعدي لا لازم، ويعني ادخل الرعب في نفس غيره بأن يباغته. وهو معنى خلع أيضا في العامية السودانية. هلعه وخلعه بمعنى، اثار في نفسه الخوف بغتة، فهو ملهوع ومخلوع. يقولون: دخلته الخلعة، اي سكنه الرعب والخوف وملك قلبه.

همد:
يقول في مادة همد: "همد سودانية فصيحة النار، ذهبت حرارتها. الهامد، الساكن. قال الشيخ فرح: الرجال فيهن الهميدا. اي الهامد الخامل".
واقول ليس هذا ما يعنيه اللفظ همد في اللهجة السودانية، وفي الشاهد الذي أورده. همد في كلامنا تعني لبد واندس واختبأ فهو هامد. وقول الشيخ فرح: الرجال فيهم الهميدا. الهميدا هنا لا تعني الخامل كما ذهب إلى ذلك المؤلف ، بل تعني المختبئ المندس واللابد. والشيخ فرح يتحدث هنا عن أصناف الرجال، ويقول منهم الكريم المضياف، ومنهم البخيل الذي يندس في بيته من الضيوف فإذا سمع من يقول السلام عليكم يا أهل البيت، كما هو عادة السودانيين، يهمد اي يندس ولا يجيبه برد السلام والترحاب خوفا من أعباء الضيافة.

هلوس:
يقول: "هلوس سودانية فصيحة: أصابه داء الهلس وسلب عقله، فهو مهلوس".
واقول هذا معنى المفردة في المعاجم العربية. وأما الهلوسة في اللهجة العامية السودانية فهو إصابة النائم بكوابيس النوم. هلوس يهلوس هلوسة. يقولون: البارح هلوست، اي أصابني كابوس النوم. واب كباس هو كابوس النوم. ومن مترادفات هلوس في العامية السودانية هدرب. انظر :هدرب أعلاه.

هويرة وهور:
يقول: "هويرة سودانية غرب، جمع هور، الحفير الكبير". واقول الهويرة هاوية في الأرض تحدثها عوامل طبيعية كالصواعق وشدة اندفاع السيل. وأما صيغة الجمع هور بالتحريك، فهي مجموعة من الحفر تحفر متجاورة في منهل الماء بعد نضوبه، ولكل منها عين تجم جما، ويمتح منها الماء من مستوى قريب، وتسمى أيضا مشيش. والهور والمشيش، هي غير ابار العد التي ينشل منها الماء بالدلو.

وحم:
يقول: "وحم فصيحة سودانية، الشهوة على الحمل. وحمت المرأة: حبلت واشتدت شهوتها لبعض الماكل". واقول الوحم ليس قاصرا على شدة الشهوة لبعض المأكل، بل هو حالة فسيولوجية وسيكلوجية شاملة تصاحب المرأة في الشهور الثلاثة الأولى من الحمل، وليس التشهي سوى عرض واحد من أعراضها. جاء بلسان العرب: "وحمت المرأة توحم وحما اذا اشتهت شيئا على حبلها". ولا يقال في العامية السودانية وحمت، بل يقال توحمت، وهي تتوحم.

هيم:
يقول :"هيم، بامالة الواو، حكة تصيب الدجاج من حشرات صغيرة".
واقول الهيم اسم لهذه الحشرات نفسها التي تسبب الحكة والمرض للدجاج فتهلكه. في زجرهم للدجاج يقولون: كر، اليتك بالهيم.

وضيب:
يقول: "الوضيب سودانية الشعر". يعني شعر المرأة. واقول الوضيب بفتح الواو، أصالة هو جريد النخل وسعفه، وهو شعر المرأة بالحوالة، اي استعمل كناية عن طول جدائل الشعر . يقول الشاعر الشعبي ابراهيم ود الفراش:
ضاقت لي فرج يا ربي جيبه
زهج فراش وطول من حبيبه
يركب جملا اريابيا خبيبه
يشوف نخلا يحت في النيل وضيبه.
الجمل الاريابي من جمال البجة بشرق السودان المعروفة بكرم أصلها، والتي قال فيها المتنبي: "وكل نجاة بجاوية". النجاة الناقة. والخبيب هو الخبب المعروف في الفصحى. والوضيب جريد وسعف النخل.
وقال احد شعراء الهنباتة (نظراء الشعراء العرب الصعاليك) : وختيت تايتي في التقر الوضيبه بنوس". التاية معروفة في الفصحى والتقر بالضم شجرة السدر وهو شجر النبق، في السودان. الوضيب هنا فروع شجرة السدر المكتنزة بما حملت من النبق.
وقد استعمل شعراء الدوبيت وكذلك شعراء اغنية الحقيبة السودانية، لفظ وضيب بمعنى شعر المرأة كناية عن الطول. وكان الشاعر صالح عبد السيد (ابوصلاح) قد استعمل مفردة وضيب بمعنى شعر في اغنية (بدور القلعة) وغيرها من القصائد، غير ان المطربين المحدثين ينطقونها اليوم شعر، بعد أن صارت كلمة وضيب من نوادر اللغة وغريبها. يقول:
الصدير أعطافك فتّرا
والنهيد باع فينا واشترى
الوضيب أقدامك ستّرا
لقطي بو قلوبنا البعثرا

تمت المراجعة بحمد الله وتوفيقه

المراجع والمصادر:
١ عون الشريف قاسم، قاموس اللهجة العامية في السودان، المكتب المصري الحديث، القاهرة، ط٢ ١٩٨٥
٢محمد النور ود ضيف الله، كتاب الطبقات في خصوص الاولياء والصالحين والعلماء والشعراء في السودان، تحقيق وتعليق وتقديم: الدكتور يوسف فضل حسن، دار التاليف والترجمة والنشر- جامعة الخرطوم، الطبعة الرابعة 1992.
٣ ابن منظور المصري، معجم لسان العرب، دار احياء التراث العرب، بيروت، الطبعة الثالثة.
٤ الفيروزآبادي، معجم القاموس المحيط، دار المعرفة، بيروت، الطبعة الثالثة 2008.
٥ اسماعيل بن حماد الجوهري، معجم الصِحاح، دار المعرفة، بيروت، الطبعة الأولى 2005.
٦ جلال الدين السيوطي، المزهر في علوم اللغة وانواعها، دار الفكر الطباعة والنشر، بدون تاريخ
٧ المعجم الوسيط لمجمع القاهرة للغة العربية.
C.H. Armbruster, Dongolese Nubian, A lexicon, Cambridge University Press, 1965

٢٥ أغسطس ٢٠٢٥



#عبد_المنعم_عجب_الفَيا (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مراجعات في قاموس اللهجة العامية في السودان (٤)
- مراجعات في قاموس اللهجة العامية في السودان (٣)
- مراجعات في قاموس اللهجة العامية في السودان (٢)
- مراجعات في قاموس العامية السودانية
- أمبرتو ايكو: التمييز بين التأويل واستعمال النص
- أمبرتو إيكو : آليات القراءة وحدود التاويل
- نظريات القراءه وجماليات التلقي
- معاداة السامية : تعني معاداة العرب وكل شعوب الشرق الأوسط!
- مكانة افلاطون وارسطو في تاريخ الفلسفة
- انجلز والدفاع عن فلسفة هيجل
- ذكريات د. إحسان عباس في السودان (١٩٥١ ...
- د. يوسف ادريس : حين داهمنا البوليس السياسي في بيت السودان وق ...
- الدور السياسي في نشاة خطاب ما بعد الحداثة
- نظرية -الفوضى- والعلم -ما بعد الحديث-
- حداثة القديم: بين المتنبي وإليوت
- جوته والإفادة من تكنيك السرد في -ألف ليلة وليلة- والتناص معه ...
- رمزية زليخا وحاتم في شعر جوته
- قصيدة -النثر- والبلاغة الكلاسيكية*
- عصف ذهني: تأسيس الشعر الأوربي في بداياته على الشعر العربي بن ...
- عصف ذهني: تأسيس الشعر الأوربي في بداياته على الشعر العربي بن ...


المزيد.....




- ترامب يلمح إلى أنه سيغير اسم -البنتاغون- إلى وزارة -الحرب-
- دمار وحرائق.. حصيلة الغارات الإسرائيلية على العاصمة اليمنية ...
- -سياساته تعرض إسرائيل للخطر-.. وزير خارجية هولندا المستقيل ي ...
- وسط تشدد إسرائيلي.. مصادر تكشف: قطر قدمت مقترحات جديدة لـ -ص ...
- مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي يجتمع اليوم لمناقشة حرب غزة
- إسرائيل تواصل قتل شهود جرائمها بغزة لطمس الحقيقة
- الحرب على غزة مباشر.. تفاقم مأساة التجويع بالقطاع وأغلبية ال ...
- سلطان سوكوتو: العدالة في نيجيريا غدت سلعة قابلة للشراء
- الجفاف يدفع بنحو مليون شخص للنزوح في ملاوي
- جنوب أفريقيا تتولى دعم برنامج الإيدز بعد وقف التمويل الأميرك ...


المزيد.....

- كتّب العقائد فى العصر الأموى / رحيم فرحان صدام
- السيرة النبوية لابن كثير (دراسة نقدية) / رحيم فرحان صدام
- كتاب تاريخ النوبة الاقتصادي - الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب الواجبات عند الرواقي شيشرون / زهير الخويلدي
- كتاب لمحات من تاريخ مملكة الفونج الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب تاريخ سلطنة دارفور الاجتماعي / تاج السر عثمان
- برنارد شو بين الدعاية الإسلامية والحقائق التاريخية / رحيم فرحان صدام
- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبد المنعم عجب الفَيا - مراجعات في قاموس اللهجة العامية في السودان (5)