أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبد المنعم عجب الفَيا - مراجعات في قاموس اللهجة العامية في السودان (٣)















المزيد.....


مراجعات في قاموس اللهجة العامية في السودان (٣)


عبد المنعم عجب الفَيا

الحوار المتمدن-العدد: 8431 - 2025 / 8 / 11 - 19:20
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


هذه هي الحلقة الثالثة من سلسلة مقالاتنا حول معجم الدكتور عون الشريف قاسم الصادر سنة ١٩٧٢ تحت عنوان (قاموس اللهجة العامية في السودان) وهو معجم ضخم في مجلد واحد. وهذه المراجعات و الاستدراكات، كما سبق القول، تضيف ولكنها لا تقلل باية حال من الأحوال من القيمة العالية لهذا المعجم الفريد.

برمة :
يقول: "برمة سودانية فصيحة جرة من خزف. وتسمى في كردفان كلول".
ونضيف، وتسمى في كردفان أيضا برمة. وكلول اسم لنوع منها في بعض المناطق، والبُرمة وجمعها البرام، أواني تصنع من الفخار (الطين المحروق) وتستعمل في أغراض مختلفة منها الطبخ وحفظ الماء وتخمير العجين وصنع المريسة، وهي أنواع منها الدوراية والبوشة والكنتوش والكلول. والبوشة وهي البرمة الكبيرة، تسمى في بعض مناطق بحر النيل تيبار. وبرمة اسم علم مذكر، وكذلك بريمة. وأم بريمة اسم علم مؤنث، وبريمة تصغير برمة.
جاء في لسان العرب: "البُرمة: قِدر من الحجارة والجمع بُرم وبِرام وبُرم. وفي حديث بريرة: رأى بُرمة تفور، البُرمة القدر مطلقا، وهي في الأصل المتخذة من الحجر المعروف بالحجاز واليمن".

حش:
يقول في مادة حش:"سودانية فصيحة، العشب قطعه. نقول الحشاش يملا شبكته. وفلان حشاش بدقنو، للرجل الكسول الحالم. وحش يده قطعها. والحشاشة والمحش، منجل الحش".
ومحل المراجعة انه لم يذكر الحش بمعنى الحرث وفلاحة الأرض اي نظافة المحصول المزروع من الحشائش والطفيليات وذلك باستعمال الحشاشة يدويا. وهي عملية اساسية في الزراعة المطرية التقليدية. وتأتي مرحلة الحش بعد بذر البذور فيما يعرف بالتيراب وبعد قيام الزرع المتيرب من التربة. والآلة التقليدية اليدوية المستعملة في الحشّ تسمى الحشَّاشة (شمال كردفان) ومناطق أخرى، كما تسمى جراية وملود في بعض المناطق. وكل ذلك كان قبل إدخال الالات الزراعية.
جاء في كتاب الطبقات بسيرة الشيخ عبد الله بن دفع الله العركي: "فساله الشيخ دفع الله عن عبد الله ولده قال له: يحشَ القش لخيل شيخه". ص 252
وأصل الحشّ مشتق من الحَشيِش وهو العشب. جاء في لسان العرب: "الحشيش: يابس الكلأ. والعشب جنس والحشيش يابسه. وقال بعضهم: الحشيش أخضر الكلأ ويابسه. وأحشتْ الأرض كَثُر حشيشها..أحشتْ أي أمكنت أن تُحشّ. وحش الحشيش يحشه حشا: جمعه. وحششت الحشيش: قطعته". انتهى.

ختا يختي:
كلمة خطأ يخطئ تنطق في اللهجة السودانية بالتاء ختا بالكسر ويختي اي أخطأ ويخطئ، وخاتي مخطئ. ويقول عون الشريف: "الخاتي أيضا الخاطئ في الفصحى. قال الشيخ فرح :ان ختيت خمارة دريشك* الدناعة ما بتعيشك".
ومحل المراجعة هو أن كلمة" ختيت" بالكسر، في القول المنسوب للشيخ فرح، لا تعني أخطأت. وإنما تعني تركته وتخليت عنه، اي دريشك. والدريش هو دقيق الذرة والعيش أو الطحين وهي فصيحة. والدناعة كما مرت بنا في الحلقة السابقة تعني هنا مد اليد الي الآخرين طلبا للاحسان وتزلفا لنيل المنح والعطايا. ومجمل قول الشيخ فرح دعوة الي ان ياكل الإنسان عمل يده وان يعتمد على نفسه في المعيشة.
والدريش هو الجريش في المعجم، حدث فيها إبدال. نقول في كلامنا: طحين دريش أي لم ينعم دقه أو طحنه. جاء في لسان العرب: "والجريش دقيق فيه غلظ يصلح للخبيص المرمل".
ومن معاني "خاتي" التي ذكرها المؤلف، مجانب ومفارق. يقولون: خاتي العيب، مجافي العيب، عديمه. ونضيف إلى ذلك قولهم: خاتي النقة: اي لا مطعن عليه، ما فيه كلام. وقولهم: خاتي الدرب، اي مفارق، غير مألوف.

صفاح:
يقول: "صافح العروس سودانية: عقد عليها. والاسم صفاح، العقد، لان ولي العريس يصافح ولي العروس" .
واقول الصفاح بالضم وهو عقد النكاح في اللهجة السودانية، ليس مشتقة من المصافحة. وقوله لان ولي العروس يصافح ولي العريس ليس بشئ، لان هذا يحدث في العقد ايا كانت التسمية نكاحا أو صفاحا أو غيرها. والصحيح الصفاح والفعل منه صافح، مشتقة من الصفحة وهي جنب الإنسان وشقه. يقولون، في التبكيت الشديد: ما خلى له صفحة يرقد عليها، ويقولون: فلان راجل صفحة فقط اي انه رجل فراش ولا يعبا بالالتزامات الزوجية الأخرى.
جاء بمعجم لسان العرب: "الصفح :الجنب، وصفح الإنسان جنبه، وصفح كل شئ جانبه. وفي حديث الاستنجاء: وحجرين للصفحتين، اي جانبي المخرج ".

صاغ:
يقول: صاغ شامية وتعني تام كامل، تركية الأصل. صاغ سليم، مكتمل معافى. قال الشكري: طريت الصاغ سليم ماه المكرب".
واضف ان صاغ تعني أيضا قرش، العملة المعروفة. يقال: في مصر عشرة صاغ اي عشرة قروش. واما محل المراجعة فهو انه لم يشرح قول القائل: طريت الصاغ سليم ما هو المكرب. وهي عندي إشارة رمزية بليغة الي ختان الاناث. والمكرب المختون المخاط، من كرب بالتشديد يكرب بمعنى ربط.
وكان الطيب صالح قد استخدم هذا التعبير المجازي صاغ سليم، في رواية موسم الهجر الي الشمال. حيث يعبر ود الريس عن استنكاره لعادة الختان الفرعرني في السودان: "على اليمين يا حاج أحمد لو ذقت نساء الحبش والفلاتة، كنت رميت مسبحتك. وتركت صلاتك..كانه الصحن المكفي، صاغ سليم، بكامل خيره وشره. عندنا هنا يقطعونه ويخلونه مثل الأرض الخلاء".

ام ضباية:
يقول في مادة ضبية: "الصبية غرب ماعون مصنوع من الجلد. قال الحمري: ما بشيل دقيق في ضبية. وضبية فصيحة. وابوضباية. الذرة الشامي".
واقول المشهور في شمال كرفان ان يطلق على الذرة الشامي، اسم ام ضباية اي ذات الضباية جمع ضبية وهي الجراب المصنوع من جلد الظبية اي الغزال ويحمل فيه الدقيق أو الطحين، شبهوا غلاف القندول (سنبل) الذرة
الشامي بجراب الضبية. وتسمى الذرة الشامي في السودان أيضا عيش الريف، والريف هنا مصر الدولة العربية الشقيقة. يسمون مصر في السودان بلاد الريف. انظر مفردة ريف بمعجم لسان العرب.

ضراء:
يقول: "الضرى سودانية فناء الدار ونواحيها وكل ما استترت به. ضرى مجمع سمر أو عشاء. والضرى الجزء من الفريق يسكنه العوائل والأسر المنتسبون لجد واحد في الغالب". انتهى
واقول الصحيح الضراء وليس الضرى (بالمد لا القصر)، وهو لفظ فصيح، ينطق في اللهجة السودانية ضرا باسقاط الهمزة وهي ظاهرة عربية قديمة. والضراء في القرى والفرقان والحلال هو فسحة من أرض فضاء تتوسط عددا من البيوت تتخذها مجموعة من الجيران مكانا للتجمع يوميا لتناول طعام العشاء في جماعة وللمسامرة وعقد الجوديات وحل الخلافات. وفي رمضان يصير الضراء مكانا للفطور الجماعي.
جاء بمعجم لسان العرب :"الضَرَاء: الفضاء. والضراء المستوي من الأرض. قال: ونزلنا بضراء من الأرض أي أرض مستوية". والضراء في السودان بالمفهوم السابق ذكره أرض فضاء أي خالية ومستوية.
وأما قوله إن من معاني ضراء، "الجزء من الفريق تسكنه عدد من الأسر ترجع إلى جد واحد". الصحيح هو ان الأقرباء يسكنون متجاورين في فريق واحد ذلك يلتقون في ضراء واحد. فيقال: ضراء عيال فلان. وعيال فصيحة من عال يعول عولا ومنها عائلة".
ومن معاني ضراء في الفصحى واللهجة السودانية، الستر والحماية. فكل ما اتخذته من ساتر وحامي فهو ضراء. فحوش البيت مثلا ضراء.
يقول معجم لسان العرب في هذا المعنى: "والضراء ما وراك من الشجر وغيره. والضراء: الشجر الملتف في الوادي. يقال: تواري الصيد منه في ضراء". والضراء في السودان، ليس فقط مكانا للتجمع والتناول الجماعي للوجبات بل هو المكان الذي يلجأ إليه الفرد للإستقواء بالجماعة والإحتماء بهم واتخاذهم سندا وسترا وحمى من عوادي الدهر.

ظق وزق:
يقول في مادة ظق :"ظق: تغوط. يقولون: ود ام ظق". واقول الظق وتنطق زق، في اللهجة السودانية، هو سلح (خراء) الدجاج حصرا. وود ام زق، عبارة سودانية في التنابز أو المعايرة، وام زق تعني ذات الزق.

ظهرة وزهرة:
يقول: "الظهرة سودانية، مادة زرقاء تبيض بها الثياب وهي من الدخيل
azure. اقول اصل هذه اللفظة زهرة بالزاي، ولكنها تنطق في اللهجة السودانية ظهرة، بالظاء. وتستعمل هذه الزهرة في السودان في غسل الملابس البيضاء إذ يضاف محلولها الي الهدوم وهي في الماء وقبل شرها مباشرة، فهي لا تبيض الثياب وإنما تجعلها تحافظ على ببياضها ورونقها. جاء بالمعجم الوسيط لمجمع القاهرة: "زهرة الغسيل مادة زرقاء توضع في ماء الغسيل لتزيد اللون الأبيض إشراقًا ".
وأما قول المؤلف ان الظهرة من الدخيل وأنها هي auzer في اللغات الافرنجية. فاقول ان اللغات الأوربية والتي تعني الازرق السماوى، هي التي اخذت هذا اللفظ من اللغة العربية وهذه حقيقة مقررة في كل المعاجم والمراجع الإنجليزية التي أطلعنا عليها. غير ان هذه المصادر تخطئ في تحديد الأصل العربي للكلمة حينما تقول ان هذا الأصل هو كلمة "لازورد" الحجر الكريم المعروف. ولكني بخلاف ما انتهت اليه المصادر الأوربية اخلص الي ان الأصل العربي للكلمة auzer هو كلمةزهرة ذاتها في صيغة التذكير "ازهر"، والأزهر من الألوان هو المشرق الصافي الناصع. وانه ليس هناك ما يجمع بين اللازورد والزهرة سوى اللون الأزرق. وربما هذا هو سبب وقوع المصادر الأجنبية في توهم اشتقاق "ازهر "من مفردة لازورد.
وكان السودانيون قبل تاثرهم بالإعلام العربي الحديث، يسمون اللون الأزرق "زهري" تبعا للون زهرة الغسيل زرقاء اللون. يقولون: لون زهري، اي ازرق سماوي. وذلك لأن اللون الازرق عندهم هو الأسود الداكن. وهذه خاصية لغوية انفردت بها اللهجة العامية السودانية دون سائر اللهجات العربية الأخرى. ولكن هذا المعنى للون الازرق له اصل في اللغة العربية وقد ورد في القرآن الكريم في قوله تعالى: "ونحشر المجرمين يومئذ زرقا". سورة طه- ١٠٢. زرق هنا تعني سود. وهذا بخلاف ما ذهب اليه كل المفسرين. والحديث عن تداخل مسميات الألوان في اللغة العربية ذو شجون ولكن المقام لا يتسع.

ما العدوك:
يقول في مادة عدو: "يقولون مال عدوك: ما شانك (خاصة شمال)". واقول العبارة الصحيحة هي: ما العدوك، وليس مال عدوك. والمعنى ما الذي الم بك، تقال لك حينما تشكو من علة أو مرض. والمرض عدو عندهم. واذكر حين كنا أطفالا صغارا، ونشكو من علة ما، كانت امهاتنا تقول لنا: "ما العدوك يا ود بطني".

عرضان :
يقول في مادة العرض: "عرضان (غرب) الذي لا يستحي". واقول العكس هو الصحيح. عرضان المستحي المتحشم الذي يكره ان تقع عينه أو يطلع على اعراض الآخرين وخصوصياتهم.

العطن والعطينة:
يقول: "العطن والمعطن مبرك الابل ومربض الغنم حول الماء".
ونضيف والعَطِينة مكان تجمع الغنم والبقر والإبل قبل اخذها للمرعى ويكون عادة مليء بالروث والبعر ومنتن. يقول لسان العرب في ذلك: "العَطَن للإبل كالوطن للناس وقد غلب على مبركها حول الحوض. والمَعطن كذلك والجمع أعطان. والاسم العَطَنَة. وقال الليث: كل مبرك يكون ألفا للابل فهو عَطَن له بمنزلة الوطن للغنم والبقر، قال ومعنى مَعاطِن الإبل في الحديث مواضيعها".
ومن معاني العطن في اللهجة السودانية قولهم: عطن الجلد أو الثوب في الماء جعله فيه حتى ينضح ويتشرب به. ويقولون: عجوة معطونة في عسل، أي تركت مغموسة فيه حتى تنضح.
جاء بلسان العرب: "وعَطِنَ الجلد بالكسر، يعْطَن عَطنا فهو عَطِنٌ وانعطن: وُضِع في الدباغ وترك حتى فسد وانتن".

عَزَب وعزبة:
يقول في مادة عزب: "عزب سودانية فصيحة لم يتزوج فهو عازب وعزب. المؤنث عازبة وعزبة".
واقول يقال في اللهجة السودانية للذي لم يتزوج عزب ولا يقال أعزب. وعزب في الفصحى هي الاصح. يقول معجم لسان العرب: "رجل عَزَب لا أهل له (لا زوج له). ولا يقال رجل أعزب، واجازه بعضهم".
جاء في كتاب الطبقات في سيرة عبد الله بن صابون: "وإنه عزبا لم يتزوج". ص 292. وللمرأة يقال في كلامنا عزبة ولا يقال عازبة.
يقول لسان العرب: "وامرأة عَزَبة وعَزب لا زوج لها. والجمع أعزاب، والعُزاب الذين لا أزواج لهم من الرجال والنساء". ونحن نجمع :عزابة للرجال، وعزبات للنساء.
غير أن عزبة تطلق أيضا في لغتنا على المرأة التي تزوجت وطُلقت ثم ظلت بلا زوج بعد طلاقها، وهو الاستخدام الغالب. وقد ورد ذلك في كتاب الطبقات: "قالت له: أبوك طلقني ثلاثا، مكثت عزبة ثمانية سنين، فرجعني له ابوي صغيرون، فحملت بك". 237

عنقل وتعنقل:
يقول: "عنقل وتعنقل، جلس في طمأنينة. والعنقالي الرجل ليس بذى شرف. من عامة الناس. قالت العبدلابية: وفرسك تلعب الترسي مع العنقيل: ضرب من رقص الخيل مع النحاس".
واقول العنقلة والعنقيل، متعلقة بوضع اليدين والرجلين وحركتها. عنقل ساعده ثناه. وتعنقل لا تعني جلس في طمأنينة، وإنما تعني جلس معلقا ومكرفسا بان يرفع رجليه قليلا ويضمهما اليه وينثيهما حتى تبدو ركبتيه في وضع قريب من ذقنه، وهي جلسة غير مريحة في كل الاحول. يقولون لا اريد الجلوس في هذا المقعد لأنه يجعلني جالسا متعنقلا. متعنقل يعني معلق ومكرفس.
وأما قول العبدلابية: وفرسك تلعب الترسي مع العنقيل". العنقيل هنا إشارة إلى وصف رقصة الفرس برفع رجليه الأمامية وثني سنابكها. وأما العنقالي فهو الشخص الذي يقوم بعمل وهو ليس له به دراية ومعرفة أو ليس متخصصا فيه. وصف بذلك لانه يعتمد فقط على يده وقوته البدنية.

فج:
يقول: "فج (غرب) بحث في الرمال". ولم يزد.
واقول فج فعل عام لا يقتصر على فج الرمال. والفج هنا هو إحداث فرجة أو مسافة بين أشياء مكومة أو متراكمة بعضها فوق بعض. وفج التراب هو ازالته للكشف عما تحته أو لنظافة المكان لغرض ما. وفج حشد أو جماعة من الناس، شقهم للعبور من خلالهم. ويفج له، يفسح له مكانا.

فر:
يقول في مادة فر : "فر فصيحة سودانية، هرب..، قلبي فر وفراني اضطرب فجأة خوفا وهذا المعنى نوبي من فر طار النوبية والبجاوية. قال الحاردلو: قعدت قلبي تطويه وكل ساعة تفرو". انتهى.
واقول اللفظ فر بمعنى طار يعد من الأفعال التي يحاكي لفظها معناها مثل طق وكش واز وغيرها. وهذه الألفاظ وغيرها تعد من المشترك العام بين اللغات ويتعذر القول إن لغة ما اخدت هذا الصوت أو اللفظ من هذه اللغة أو تلك. فضلا عن ذلك أن الفعل فر بمعنى طار، كما في الأمثلة المذكورة، يدخل ضمن معنى الفعل العربي فر بمعنى هرب.
وأما قول الشاعر القومي الحاردلو :قعدت قلبي تطويه وكل ساعة تفره". تفر هنا لا تعني فر بمعنى طار، وإنما لها معنى مختلف هو الفر ضد الطي، اي تنشره وتبسطه. يقولون في اللهجة السودانية: فر الثوب يفره فرا اذا نشره. وهو تعبير فصيح. جاء بمعجم لسان العرب: "فر الدابة يفرها فرا كشف عن اسنانها لينظر ما سنها. وفي حديث ابن عمر، رضي الله عنهما، أراد أن يشتري بدنة، فقال: فرها".

فردل:
يقول: "فردل (م غردل) لعلها تصحيف". ولم يزد. واقول فردل (فتحة ثم سكون) صحيحة ولا يوجد تصحيف. والفردل معروف في مناطق الزراعة المطرية (شمال كردفان). ويتكون من عدد من الحفر التي تدفن فيها بذور التيراب. وجمعه فرادل وهي خطوط طولية متوازية بينها مسافات محفوظة تضيق وتتسع بحسب نوع المحصول المراد تيرابه اي زراعته. وتستعمل الطورية وتسمى في بعض المناطق السلوكة، في حفر الحفر التي يتكون منها الفردل. وكل لك في الزراعة اليدوية التي لا يستخدم فيها المحراث الآلي.

فسخ:
لم يذكر في هذه المادة من جملة ما تحمله من معاني، في اللهجة العامية السودانية معنى: زاغ وراغ لتفادي ضربة أو شئ مقذوف موجها اليه.

فسل:
يقول: "الفسل الرذل ومن لا مروءة له. وقال الأرباب ناصر: الليلة يا ارابيب فسلتو، اي خبتم".
واقول الفسل والفسالة بالتحريك، في كلامنا، الجفاء واللؤم "وشيل وجه القباحة". والفسل بكسر الراء، الإنسان اللئيم الذي لا يراعي العشرة ولا الجيرة ولا قرابة النسب. يقول ود ضيف الله في الطبقات: "ثم ان الرفاعيين تفسلوا فيهم، وقطعوا آذان عجولهم، فرحلوا منهم". ص 67. تفسلوا فيهم اساؤا معاملتهم وتجاسروا عليهم. وأما الشاهد الذي أورده وهو قول الأرباب ناصر: "الليلة يا ارابيب فسلتو، اي خبتم". فسلتوا تعني هنا تجاسرتم وتطاولتم.
جاء في لسان العرب:" فسل: الفَسْل: الرذل النذِل الذي لا مروة له ولا جلد. وفَسِل فَسالة وفُسولة. والجمع فسلاء".

فقهه وفهقه:
يقول في مادة فقهه: "فقهه سودانية ضرب في راسه. وفي الفصحى فهقه، اصاب فهفته".
واقول اهل بحر النيل ينطقونها فقهه، بتقديم القاف على الهاء، وهو مفقوه. وهكذا جاءت في كتاب الطبقات. يقول في سيرة محمد بن مدني دشين: "وبلغ من ورعه انه اذا مشى لا يلتفت بل نظره الى الأرض حتى ان رقبته انفصلت من بعضها وسموه المفقوه". ص 331. قال: مفقوه.
وأما في كردفان وربما مناطق اخرى، فينطقونها كما في الفصحى مفهوق، يقولون: فهق يفهق فهو مفهوق. وهي كذلك في المعجم. يقول بلسان العرب: "فهق: الفَهْقَة: أول فقرة من العنق تلي الرأس، وقيل: هي مركب الرأس من العنق. والفهقة: عظم عند فائق الرأس مشرف على اللهاة والجمع من كل ذلك فِهاق وهو العظم الذي يسقط على اللهاة فيقال فُهق الصبي. وفهقت الرجل إذا أصبت فهقته".

فك:
لم يذكر في هذه المادة، من جملة ما تحمله من معاني، عبارة: فك الحرف. وهي تعني محو الأمية الأبجدية. يقولون: فلان بفك الحرف، اي يستطيع القراءة والكتابة.

فانع وفناعة :
يقول: "فناعة (غرب) شجاعة". ولم يزد. واقول فنع يفنع فناعة عاند وتجاسر. يقولون: الولد دا فانع فناعة شديدة. اي عنيد، راسه قوي. واللفظ فنع فناعة وفانع، فصيح معجمي وله معاني مختلفة.

فولة :
يقول: "فولة سودانية حفير تجمع فيه المياه". واقول الفولة ليست حفير، وإنما منهل طبيعي للماء تمتلئ تلقائيا بمياه الأمطار في الخريف، وتنضب في مواسم الجفاف. وهناك الي جانب الفولة التب وجمعه تبوب. والتب أصغر قليلا من الفولة. وأما الحفير فهو مستودع أو خزان لتجميع مياه الأمطار يحفر حفرا بالأيادي أو بالآليات مثل الكراكة ونحوها.

قرض وقرظ:
يقول: "قرض سودانية وفي الفصحى قرظ، ثمر السلم يدبغ به". واقول القرض أو القرظ هو ثمر شجر السنط وهو غير السلم. والسلم والسنط من الاشجار المعروفة في السودان. صحيح انه ورد في المعاجم العربية القديمة ان القرظ ثمر السلم. ولكن السودانيين يميزون بين السلم والسنط والأخير هو الذي يستعمل ثمره عندهم لدبغ الجلود، ويسمونه القرض وهو القرظ نفسه في الفصحى. جاء في المعجم الوسيط لمجمع القاهرة: "االسنط شجر من فصيلة القرنية، ثمره القرظ، ينمو في الأقاليم الحارة، ويكثر في مصر، واحدته : سنطة". ويستخدم القرض في السودان، في علاج الكثير من الأمراض لا سيما نزلات البرد والكحة أو القحة كما ينطقونها. وكل من السلم والسنط والطلح والهشاب (شجر الصمغ العربي) تنتمي إلى فصيلة واحدة تسمي acacia اكاسيا

قصة:
في مادة قصة بالضم، ذكر من معانيها، انها "من مراسم الزواج يضع العريس يده على رأس العروس ويقرا سورة من القرأن".
ونضيف أن الاسم الكامل لهذا الطقس هو: "لمس القصة" بضم القاف. ويصاحب هذا الطقس البخ باللبن والمسح به على الجبهة. ولمس القصة مرتبط بطقس ما يسمى بقطع الرحط (الرهط في الفصحى) تجري كلاهما معا. والقُصَّة في لغتنا الجبهة او ناصية الراس وهي ايضا الخُصلة من شعر الراس. وهي كذلك في المعاجم العربية. جاء في لسان العرب: "والقُصة: الخُصلة من الشعر. وقُصة المرأة: ناصيتها". والشيخ الصوفي موسى ابو قُصة، ولي مشهور ورد ذكره في كتاب الطبقات.

قطيع:
يقول: "القطيع سودانية، مخزن صغير خلف البيت ويسمى أيضا القاطوع". ونضيف والقطيع أيضا الفاصل الذي يفصل البيت الي قسمين، قسم للنساء وقسم للرجال وهو الذي به الديوان أو صالون الضيوف.

قمح وقمحان:
يقول في مادة قمح بالتحريك: "القمح الخسارة. يقولون: ولادة قماح". واقول القماح والقمحان هو الاحساس بالندم وخيبة الأمل في الحصول على شئ. ويستخدم هذا التعبير أكثر ما يستخدم في التعبير عن خيبة امل فريق القنص أو القنيص عند عودتهم بلا صيد. يقولون: جوا قمحانين. وأما قولهم الذي استدل به :"ولادة قماح". فتعني ولادة ندامة. وهذه المادة فصيحة معجمية وردت بمعاني مختلفة.

قواء:
في مادة القوى بالفتح يقول: "القوى فصيحة سودانية تعني الجوع. بات القوى فصيحة سودانية جائعا".
واقول اللفظ الصحيح القواء وليس القوى، بالمد لا بالقصر. وتلفظ في العامية السودانية أيضا بالمد القوا باهمال الهمزة. واسقاط الهمزة في اللهجة السودانية عادة حجازية قديمة أُخذ بها في قراءة ورش للقرآن.
وبات القوا، نام جوعان بدون عشاء. وعبارة بات القوا من العبارات السودانية التي جرت مجرى المثل السائر وذلك لأهمية وجبة العشاء عندهم في الزمان القديم، حتى اتخذوا العشاء رمزا على الجود والمرؤة. وتجري عبارتهم : "عشا البايتات" اي من يوفر القوت لمن لا يملكه. وتقول الاغنية التراثية في التوصية بالخصال الحميدة ":بوصيكم على ضيف الهجوع عشوه".
يقول معجم لسان العرب: "وبات فلان القَواء، اذا بات جائعا على غير طُعم. قال حاتم طيء: وإني لأختار القَوا طاوي الحشى* محافظةً من أن يُقال ليئم. القوا ههنا بمعنى الطَوَى. وأقوى الرجل: نفذ طعامه وفني زاده ومنه قوله تعالى: (ومتاعا للمقوين). وفي حديث سرية عبد الله بن جحش: قال له المسلمون إنا قد أقوينا فأعطنا من الغنيمة أي نفدت أزوادنا. وأقوى الرجل اذا جاع فلم يكن معه شيء وان كان في بيته وسط قومه". انتهي.
وردت عبارة بات القوا، نحو ثلاث مرات في مواضع مختلفة بكتاب طبقات ود ضيف الله. غير ان المحقق البروفسور يوسف فضل حسن أثبتها في النص "القوى" بالقصر لا المد، مع انه يذكر في الحاشية انها: "رسمت القوا في سائر النسخ الخطية". وما ورد بنسخ المخطوطة هو الرسم الصحيح وما اثبته المحقق خطأ.
يقول ود ضيف الله في سيرة الشيخ بدوي ود ابو دليق: "قال ولد ابو عريف الجعلي نحن طلاب نقرا القرآن في خلوات الشيخ بدوي، ختت جلابة بين المغرب والعشاء فيها ستماية جمل..، قلنا الليلة البوابين يبيتوا القوى من كثرة الأضياف، بعد العِشا بقليل سمعت الجلابة ينهروا الكلاب من الفضلة". 120.
أراد بهذا الخبر الإشارة الى كرم الشيخ. وكلمة جلابة تعني هنا التجار مطلقا وقد وردت كثيرا في الطبقات وحيثما وردت فهي تعني جماعة التجار دون زيادة او نقصان. إذ لم تكن الكلمة تحمل في ذلك الزمان الدلالات التي غدت تحملها في هذا العصر.


المراجع والمصادر:
١ عون الشريف قاسم، قاموس اللهجة العامية في السودان، المكتب المصري الحديث، القاهرة، ط٢ ١٩٨٥
٢محمد النور ود ضيف الله، كتاب الطبقات في خصوص الاولياء والصالحين والعلماء والشعراء في السودان، تحقيق وتعليق وتقديم: الدكتور يوسف فضل حسن، دار التاليف والترجمة والنشر- جامعة الخرطوم، الطبعة الرابعة 1992.
٣ ابن منظور المصري، معجم لسان العرب، دار احياء التراث العرب، بيروت، الطبعة الثالثة.
٤ الفيروزآبادي، معجم القاموس المحيط، دار المعرفة، بيروت، الطبعة الثالثة 2008.
٥ اسماعيل بن حماد الجوهري، معجم الصِحاح، دار المعرفة، بيروت، الطبعة الأولى 2005.
٦ جلال الدين السيوطي، المزهر في علوم اللغة وانواعها، دار الفكر الطباعة والنشر، بدون تاريخ
٧ المعجم الوسيط، معجم اللغة العربية بالقاهرة.
٨ ابراهيم السامرائي، درس تاريخي في اللغات المحكية، دار العلم الملايين، ٢٠٠٠



#عبد_المنعم_عجب_الفَيا (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مراجعات في قاموس اللهجة العامية في السودان (٢)
- مراجعات في قاموس العامية السودانية
- أمبرتو ايكو: التمييز بين التأويل واستعمال النص
- أمبرتو إيكو : آليات القراءة وحدود التاويل
- نظريات القراءه وجماليات التلقي
- معاداة السامية : تعني معاداة العرب وكل شعوب الشرق الأوسط!
- مكانة افلاطون وارسطو في تاريخ الفلسفة
- انجلز والدفاع عن فلسفة هيجل
- ذكريات د. إحسان عباس في السودان (١٩٥١ ...
- د. يوسف ادريس : حين داهمنا البوليس السياسي في بيت السودان وق ...
- الدور السياسي في نشاة خطاب ما بعد الحداثة
- نظرية -الفوضى- والعلم -ما بعد الحديث-
- حداثة القديم: بين المتنبي وإليوت
- جوته والإفادة من تكنيك السرد في -ألف ليلة وليلة- والتناص معه ...
- رمزية زليخا وحاتم في شعر جوته
- قصيدة -النثر- والبلاغة الكلاسيكية*
- عصف ذهني: تأسيس الشعر الأوربي في بداياته على الشعر العربي بن ...
- عصف ذهني: تأسيس الشعر الأوربي في بداياته على الشعر العربي بن ...
- عصف ذهني: تأسيس الشعر الأوربي في بداياته على الشعر العربي بن ...
- عصف ذهني: تأسيس الشعر الأوربي في بداياته على الشعر العربي بن ...


المزيد.....




- ترامب عن قمته مع بوتين: ربما خلال دقيقتين سأعرف ما إذا كان س ...
- بقيمة 7.7 مليار دولار.. -باراماونت- تبرم عقداً لبث -يو إف س ...
- جورجينا تستعرض خاتما.. هل تتزوج رونالدو أخيرا؟
- ليبيا: خليفة حفتر يعين نجله نائبا له - فما هي مهامه؟
- دوجاريك: إسرائيل تقتل الصحفيين لمنعهم من نقل ما يحدث بغزة
- كيف حاولت إسرائيل تبرير جريمة استهداف صحفيي غزة؟
- القوات السودانية تصد هجوما واسعا للدعم السريع على الفاشر
- مقترح إسرائيلي أميركي بإنهاء أو تمديد محدود لليونيفيل في لبن ...
- إسرائيل تعلن تسريع خطة احتلال غزة وسط تحذيرات وانقسام داخلي ...
- ألبانيزي: إسرائيل تقتل الصحفيين بوقاحة والحكومات تساعدها على ...


المزيد.....

- السيرة النبوية لابن كثير (دراسة نقدية) / رحيم فرحان صدام
- كتاب تاريخ النوبة الاقتصادي - الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب الواجبات عند الرواقي شيشرون / زهير الخويلدي
- كتاب لمحات من تاريخ مملكة الفونج الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب تاريخ سلطنة دارفور الاجتماعي / تاج السر عثمان
- برنارد شو بين الدعاية الإسلامية والحقائق التاريخية / رحيم فرحان صدام
- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبد المنعم عجب الفَيا - مراجعات في قاموس اللهجة العامية في السودان (٣)